معلومات عامة حول أسباب ازمة الهوية وحلولها
ما هي أزمة الهوية؟
- ظهر مصطلح "أزمة الهوية" في أول الأمر مع المحلل النفسي إريك إريكسون الذي تحدث عن أزمة الهوية لدى المراهقين وأشخاص في منتصف العمر ليخلص إلى أن الشخصية أو الذات تتطور من خلال التعرض التعرض للأزمات ومحاولة حلها.
- يقصد بأزمة الهوية ذلك الشعور المتذبذب بالذات وذلك التساؤل المحير حول معنى الشخصية أو الهوية، وقد يكون ذلك نتاج ضغوطات الحياة أو عوامل أخرى كالتحول من مرحلة إلى أخرى؛ قد تكون من مرحلة دراسية إلى أخرى أو من مستوى وظيفي إلى آخر أو من مرحلة عمرية إلى ما بعدها.
أزمة الهوية إريكسون
- إن نظرية إريكسون قد أوضحت أزمة الهوية من خلال منظور نفسي اجتماعي نمائي يشهد مراحل تطور ونمو الإنسان، إذا تعالج هذه النظرية الأزمات النفسية التي تنمو لدى المراهق، والتي تحدد مدى تصالح المراهق مع ذاته، أو مدى تشتته وانفصاله عن ذاته وفقدان الهوية بالنسبة له.
- الهوية الناضجة هي التي تتخطى العقبات والمشكلات، أما اضطراب الهوية يجعل المراهق يشعر بالشك وعدم اليقين بنفسه وبالآخرين.
أزمة الهوية الثقافية
الهوية الثقافية هي مجموعة المعارف والخبرات والأفكار والعادات والتقاليد والعرف الاجتماعي، التاريخ والتراث الثقافي، التي تشكل هوية الإنسان الثقافية، والجدير بالذكر أن هناك العديد من العوامل الدخيلة التي تسببت في التأثير السلبي على ثقافة الإنسان، ومنها:
- تقييد الحرية الفكرية الثقافية للأفراد.
- خلق محتوى إعلامي موجه يؤثر على الرأي العام ولكن يخدم مصالح مؤسسات أو أشخاص دون نقل الحقائق بموضوعية.
- تأثير العولمة والانفتاح العالمي على طمس معالم الهوية الثقافية للمجتمع واستبدالها بثقافات مغيرة.
- الانبهار بالثقافة الغربية، يجعل العديد من الأفراد يرغبون في التقليد الأعمى دون مراعاة الهوية الثقافية الإسلامية للمجتمع.
- عجز الثقافة العربية الملتزمة على الوقوف أما الثقافة الغربية التي تكتسح المجال بقوة، وتؤثر على الأفراد.
مقياس أزمة الهوية
يعتمد مقياس أزمة الهوية على دراسة بحثية اعتمدت على المنهج الوصفي في الحصول على آراء الطلبة نحو أزمة الهوية ومدى الرضا عن الحياة، وتوصلت الدراسة إلى أن:
- الأشخاص الذين ينعمون بالسعادة والراحة النفسية هم أكثر الناس تفاعلا مع المشكلات ويستطيعون حلها بسهولة، لأنهم لديهم استقلالية ذاتية، وأن الشعور بالهوية متوقف على عدة عوامل بعضها مرتبط بشخصية الفرد والآخر مرتبط بالعوامل الخارجية، مثل البيئة المحيطة والأشخاص المحيطيين، والعادات والتقاليد، التأثيرات الأيديولوجية وغيرها.
- بينما الأشخاص الذين يعانون من أزمة الهوية، توصل مقياس الهوية، أنهم أشخاص يعانون من الضياع عند التعامل مع الآخرين، انخفاض المستوى التعليمي والثقافي، يجدون صعوبة في التعبير عن أفكارهم، الخوف من مستجدات الأحداث، يشعرون أن الحياة بلا معنى، لا يعرفون أي طريق يسلكون، هذا إلى جانب العزلة والتوتر النفسي والشك وعدم الشعور بالأمان.
ما هي أعراض أزمة الهوية؟
من الطبيعي أن يحاول الواحد منا تحديد مفهوم الذات أو هدفه من الحياة خصوصا وأننا نتغير بتغير الحياة، لكن ما ليس طبيعيا هو أن يوثر ذلك في أفكارنا أو أفعالنا مما يسبب أزمة هوية وهذه بعض أعراضها:
- تساؤل عن الوجود الذاتي بشكل عام أو عن جانب من جوانب الحياة الشخصية كالعمر أو الوظيفة أو العلاقات مع الغير.
- صراع ذاتي ناتج عن هذا التساؤل عن الوجود أو التشكيك في الأدوار الاجتماعية للشخص.
- حدوث تغيير كبير في حياة الإنسان لسبب من الأسباب (كالطلاق) يؤثر في شعوره بمعنى الذات.
- تشكيك واستفهام حول القيم والاعتقادات والاهتمامات الشخصية أو المسار المهني مما يسبب تذبذبا لنظرة المرء لذاته.
- تساؤل مستمر للشخص عن مغزى حياته وبحثه مبالغ فيه عن معنى أو دافع ليعيش تلك الحياة.
مظاهر أزمة الهوية العربية
هناك بعض المظاهر التي توضخ اضطراب الهوية العربية لدى العديد من الأفراد، ومن هذه المظاهر ما يلي:
- الشعور بالغربة، واللامبالاة، والانعزال.
- سرعة معدلات التغيير الاجتماعي وعدم التأقلم مع العادات والتقاليد في المجتمع والنفور منها.
- عدم القدرة على تحديد الخطط المستقبلية.
- ضعف تقدير الذات.
- ضعف التواصل الاجتماعي مع الآخرين.
- عدم القدرة على الاستفادة من أوقات الفراغ.
- الشعور بعد الرضا عن الحياة.
- تجنب الإنجاز وتفضيل التقاعد والوقوف على حال ثابت.
- التأثير على تماسك الشخصية وثباتها.
- ضعف الانتماء الوطني.
- شيوع الثقافة السطحية.
- انتشار مبدأ الاتكالية والاستهتار والاعتماد على الآخرين.
- تزايد المشكلات الاجتماعية كالخيانة والطلاق، والعنف والتحرش الجنسي، وغيرها.
ما هي أسباب أزمة الهوية؟
قد تكون أزمة الهوية مرتبطة بأعمار دون أخرى كما برهن على ذلك إريكسون إلا إنها يمكن أن تحدث لأي شخص في أي مرحلة عمرية من حياته. وذلك لأن أزمة الهوية تنتج عن ضغوطات كبيرة في الحياة.
قد لا تكون هذه الضغوطات سيئة جدا لكنها كافية لتجعل المرء يتساءل عن ماهية حياته وقيمته في الوجود. من بين هذه الضغوطات ما يلي:
- الزواج.
- الطلاق.
- الانتقال من مكان إلى آخر أو من مرحلة إلى أخرى.
- التعرض إلى صدمة.
- فراق الأحبة.
- ضياع الوظيفة أو الحصول علي وظيفة جديدة.
- مشاكل صحية (جديدة).
- انتشار النزاعات الانشطارية الانفصالية بين أفراد المجتمع.
- تصدر الهوية الدينية أو الطائفية أو القومية.
- الاضطرابات والتوترات داخل الدولة أو البيئة المحيطة.
هذه إذن بعض الأسباب، لكن تبقى الإشارة إلى أن بعض الدراسات خلصت إلى أن عوامل الدعم الاجتماعي ومستويات الضغط والمشاكل الصحية غالبا ما تؤثر في نمو وتطور الأشخاص في منتصف العمر.
أزمة الهوية عند الشباب
- يعتبر مشكلة الهوية لدى الشباب في الآونة الأخيرة نشأت نتيجة تعدد واختلاف العوامل التي تؤثر في تشكيل الهوية، فلا يوجد مفهوم واحد يوضح موضوع الهوية، قد تؤدي تعدد الهويات والانتماءات الفكرية والطائفية والدينية إلى شعور الشباب بالتشتت وعدم القدرة على التركيز على تكوين هوية ذاتية محددة ذات ميول واتجاهات وقناعات يتمتع بها كل شاب.
- كما أن الانفتاح على الثقافات والهويات الأخرى على مستوى العالم في ظل عصر العولمة أصبح الشباب لديهم تطلع نحو تكوين هويات مغيرة عما تدعو إليه الهوية الوطنية أو القومية.
نتائج أزمة الهوية
لفقدان الهوية أو ضعفها تأثير كبير على الفرد والمجتمع، وتشمل نتائج أزمة الهوية، ما يلي:
نتائج أزمة الهوية على المجتمع
- مع التطور التكنولوجي واستخدام اللغة الإنجليزية كلغة أساسية في التعامل أدى إلى فقدان اللغة العربية ودورها كعامل اجتماعي ضروري لثقافة الفرد.
- وقف عجلة التقدم والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
- الصراع الثقافي وتهميش المجتمعات العربية.
نتائج أزمة الهوية على الفرد
- عدم الاستقرار النفسي وتزايد نوبات الإحباط الانفعالي.
- انتشار العنف والاستغلال.
- انخفاض الطاقة والتحفيز.
- خواطر عن الموت والانتحار.
- فقدان الاهتمام بالأنشطة الممتعة.
- اضطراب النوم أو فقدان الشهية أو الوزن.
- ضعف الانتباه والتركيز واتخاذ القرار.
حلول أزمة الهوية
من بين الأشياء التي يمكن للشخص الذي يعاني من أزمة الهوية القيام بها من أجل التغلب على هذا النوع من الأزمات ما يلي:
1. استكشاف دواخل النفس
يقصد بذلك الوقوف مع الذات وقفة تأمل يطرح من خلالها الشخص أسئلة استكشاف للذات. من بين الأسئلة التي يمكنك أن تسأل نفسك:
- ما هي مميزات وخصائص شخصيتك؟ وكيف تغيرت مع مرور السنين؟
- هل طرأ تغيير جذري في حياتك ؟ كيف ساهم ذلك في تغيير شخصيتك؟ هل أنت راض بذلك التغير؟ وكيف يمكنك التأقلم معه؟
- ما هي قيمك؟ هل من شيء مخالف لها في حياتك؟
- ما هي اهتماماتك وهواياتك؟ هل تستمتع بما تفعله؟ إذا لم تكن كذلك فلماذا؟
- هل يمكنك فعل شيء ما لتزيد من تقديرك لذاتك؟
2. البحث عن السعادة وأشياء أخرى للتأقلم
- من أجل أن تتجنب الإحساس بأنك في أزمة لا بد من أن تبحث عن السعادة ولكي تحس بالمتعة ليس من الضروري أن تحصل على وظيفة مثالية بل يمكنك التأقلم والاستمتاع من خلال أشياء أخرى مثل التطوع، التواصل مع الآخرين أو ممارسة أنشطة وهوايات جديدة.
3. البحث عن الدعم والأنس
- يمكن للدعم الاجتماعي والأسري (الأقرباء، الآباء، الأصدقاء، الحي، المسجد، جمعية أو ناد رياضي أو ثقافي)، أن يساعدك على التأقلم مع التغييرات المهمة والضغوط الكبير في الحياة كما سيساعدك ذلك لتتغلب على أزمتك.
4. تجاهل الأحكام المسبقة (سواء كانت منك، أو من غيرك)
- قد تتأثر كثيرا بتوقعات الآخرين، وكذا توقعاتك لكن يجب ألا تخضع لإملاءات المجتمع في ما يخص هويتك، كما لا يعني أنه يجب أن تتبع وتستسلم لمعايير اجتماعية بمجرد أنك في عمر معين، أو من جنس مختلف أو لأنك تنتمي إلى ثقافة مغايرة.
- بل الشيء الأهم لراحتك هو تصورك لذاتك، وليست إضاعة الوقت في الأحكام المسبقة. كما ستكون سعيدا في المدى الطويل عندما تكون صادقا مع نفسك، وسيلاحظ أحباءك هذا التغيير مع مرور الوقت.
5. اطلب المساعدة من الغير
- إذا ما كثرت عليك الضغوطات، واشتدت بك الأزمات، فليس عيبا أن تطلب المساعدة من غير. لكن في نفس الوقت تمهل في اختيار من تطلب منهم تلك المساعدة، فتختار مثلا صديق وفيا أو قريب من أقربائك أو أخصائي الصحة النفسية لتحدثهم ويحدثوك عن ما يجري من أجل أن تتجاوز أزمتك.
كيفية الحفاظ على الهوية الإسلامية؟
إن ضياع الهوية الإسلامية وتبني الشباب للثقافة الغربية في ظل زمن العولمة، دع إلى ضرورة التماسك والحفاظ على الهوية الإسلامية من التأثر بهذه التغييرات الثقافية التي طرأت على المجتمعات، ويمكن الحفاظ عليه من خلال الآتي:
- غرس الشعور بالانتماء الإسلامي الوطني لدى الأفراد.
- تقوية الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع الإسلامي.
- ضرورة نشر القيم والعادات والتقاليد الخاصة بالمجتمع من خلال وسائل الإعلام المختلفة.
- التمسك بالدين والسنة النبوية، وترسيخ المعاني الإيمانية في نفوس الأبناء.
- دور المؤسسات الدينية في تربية وغرس الهوية الإسلامية لدى الأفراد من خلال الخطب والمواعظ والحكمة.
- دور المدارس والجامعات في الحث على وحدة الشعوب الإسلامية ومعاني والمفاهيم التي تسعى لتحقيقها.
- استشعار الإنسان قيمته ذاته ومدى انتماء الدينة من خلال العمل الصالح والتمسك بالدين الحنيف.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_3258