كيف تحقق الراحة النفسية
كيف تحقق الراحة النفسية بتلبية الاحتياجات النفسية؟
والراحة النفسية لا تتحقق إلا من خلال تلبية الاحتياجات النفسية، فكيف لنفس لا يتم تغذيتها نفسياً أن تشعر بالراحة والاطمئنان، فيجب على الإنسان أن يسعى دائماً إلى تلبية الاحتياجات النفسية بشكل واعي، وذلك لتحقيق أكبر قدر من الحماية النفسية ضد الأمراض النفسية.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، كيف تحقق الراحة النفسية من خلال تلبية الاحتياجات النفسية؟ وبمعنى آخر، كيف تحقق الكفاية الحقيقية من الاحتياجات النفسية؟ إن الواقع به العديد من التحديات النفسية التي تمنع الإنسان من تلبية العديد من الاحتياجات النفسية على النحو الذي سنذكره في هذه المقالة.
وسنلقى الضوء في هذا المقال على بعض الاحتياجات النفسية وكيفية تلبيتها بطريقة تحقق الراحة النفسية.
فكل إنسان لديه احتياج نفسي يشتاق إلى إكماله ولكن لا يستطيع تحديد هذا الاحتياج بدقة، ولا يستطيع تحديد الطرق التي يلبي بها هذا الاحتياج، وفي السطور القادمة سنحاول المساعدة للوصول لبداية الطريق في هذا الشأن.
الاحتياجات النفسية تبدأ من الصغر
نعم عزيزي القارئ، فالاحتياجات النفسية يتم تلبيتها من اللحظات الأولى لوجود الإنسان في هذه الحياة، ويقع العديد من الآباء في خطأ كبير عندما يقومون بتلبية الاحتياجات الجسدية للطفل من مأكل ومشرب وملبس ومسكن، ولا يلبون الاحتياجات النفسية للطفل مشغولون عنه بجمع المال أو المشاغل الأخرى، فإذا بالحرمان من الاحتياجات النفسية يؤدي لكارثة كبيرة في حياة الطفل حيث ينشأ طفلاً فقيراً من الناحية النفسية لا يملك أبسط أنواع الغنى النفسي من الثقة بالذات أو تقبلها أو حمايتها من الأفكار الهدامة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الاحتياجات النفسية من الممكن أن يتم تلبيتها في أي سن، ومن الممكن علاج الآثار المترتبة على الحرمان منها في أي سن، فلكل داء دواء، ولا يوجد استحالة نفسية من علاج أي مرض نفسي، ولكن كل ما نحتاجه هو الوعي بطرق العلاج، والتدريب عليها، والصبر على النتائج حتى تؤتي ثمارها المرجوة.
احتياج الطفل إلى معرفة البيئة المحيطة
يمتلك الطفل ذاكرة خارقة تسجل كل شيء حولها، حتى طرق الحركة والكلام لكل المحيطين به، وذلك يستتبعه رغبة كبيرة في اكتشاف كل شيء حوله، فتجده يقلد الكلمات والأصوات والحركات.
ويخطئ الآباء في وضع قيود صعبة على الأطفال في الحياة التي يعيشونها، فيمنعونهم من الاكتشاف خوفاً من عواقب هذا الاكتشاف العشوائي للأشياء، فيخافون أن يحاولوا اكتشاف موقد النار فيصابوا بأذى، أو اكتشاف مقبس الكهرباء خوفاً من المخاطر التي قد يتعرضوا لها.
وهنا ننوه على أن إفساح المجال للطفل لكي يكتشف الحياة والبيئة المحيطة لا يعني مطلقاً عدم متابعتهم وإرشادهم لمعاني الأشياء وخطورتها، فهناك فارق كبير جداً بين وضع القيود التي تؤدي إلى تأخر نمو الطفل العقلي والنفسي، وبين القيود التي ترشد الطفل وتحميه.
فالطفل الذي يدخل التجربة في وجود أسرته ومتابعتها يكون في منتهى السعادة بتلك المتابعة، ويكون في انتظار لإرشاداتهم وإجاباتهم على تساؤلاته، فهي لغة حوار تبدأ من أول يوم.
أما المبالغة في وضع القيود ومحاولة جعل الطفل في حالة من الطاعة العمياء بدون محاولة للعب واكتشاف الحياة يؤثر ذلك على نموه العقلي بشكل كبير، لأن ذلك يقضي على الشغف في اكتشاف المجهول.
كذلك عدم وجود حوار بين الآباء وأطفالهم يؤخر نمو قدراتهم في الحصيلة اللغوية لديهم، فكيف سيتم تنمية قدراتهم اللغوية بدون محاولة للاكتشاف والفهم لمعاني الكلمات بالبيئة المحيطة للطفل.
كيف نحقق الراحة النفسية في هذا الاحتياج؟
في البداية يجب أن نعرف علامات النقص في هذا الاحتياج، إنه احتياج لحرية اكتشاف الواقع، نجد الإنسان في حياة روتينية يشعر فيها بالملل واليأس من وجود شيء جديد في الحياة.
قد يؤدي هذا إلى عدم شعور الإنسان بذاته، فكيف سيشعر بذاته وحياته خالية من اكتشاف للقدرات والمهارات، فالمهارات يتم اكتشافها من التجريب، هذا التجريب الذي ينمي خبرة الإنسان بذاته وبالبيئة المحيطة.
وهنا يمكن للإنسان أن يحقق لنفسه الراحة النفسية من خلال تشجيع الذات على المغامرة من جديد، مهما كانت المغامرة بسيطة في البداية، حتى وإن كانت المغامرة للحظات في شيء جديد اشتاق إليه الإنسان.
إن تلك التجربة حتى وإن انتهت إلى نتائج سلبية فهي في حقيقتها خطوة مهمة جداً في اتجاه تكوين خبرات إيجابية على المدى الطويل، فالمتعة في التجربة وليس في نتيجتها.
الحاجة إلى إثبات الذات في مجال من المجالات
هناك حاجة نفسية يحتاج إليها الإنسان وهي الشعور بالسعادة في مجال يشعر فيه الإنسان بأنه أفضل إنسان في هذا المجال، فكثيراً ما نجد كثيرين ينجحون في مجالات عديدة ولكن لا يشعرون بالفخر من هذا النجاح، بل وينظرون إلى هذا النجاح على أنه أمر روتيني لا طائل منه.
إن الإنسان في تلك الحالة يكون في حالة من حالات نقص تلبية تلك الحاجة النفسية، حيث أن خبراته الحياتية لم تؤهله لاكتشاف مكان مواهبه الحقيقية، ولكنه قبل أي عمل حياتي لا يلبي احتياجاته النفسية وربما لبى احتياج مادي، ولكن الاحتياج النفسي شيء آخر.
كيف تحقق الراحة النفسية في هذا الاحتياج؟
إن هذا الاحتياج يحتاج إلى مهارة كبيرة في مراجعة الإنسان لمهاراته وقدراته، كذلك مراجعة تاريخه المهني، بحيث أنه يحصل على معلومات صادقة عن العوامل التي اختار بناء عليها مهنته الحالية، والوصول إلى النقطة الفارقة التي يكتشف فيها المهنة التي تناسب قدراته.
وهنا لا ندعوا إلى تغيير فجائي للمهنة التي يمتهنها الإنسان، فهو أمر غير وارد، ولكن المقصود هو دخول الإنسان ولو من باب الزيارة والفضول إلى العالم المهني الذي يحبه، فربما قام بتقوية علاقاته في هذه المهنة، وربما قام بعمل تدريب سريع مبدئي عليها.
كل تلك الخطوات ليست بهدف تغيير المهنة، ولكن بهدف تلبية الاحتياج إلى إثبات الذات في المجال الذي يرى الإنسان نفسه مناسباً له، فتلك التجربة في حد ذاتها تحقق راحة نفسية كبيرة بصرف النظر عن نتائجها.
كما أن الوقت الذي ينفق فيها لا يقدر بثمن، لأن الإنسان عندما يشعر بالغنى النفسي من هذا الاحتياج سيكون قد حقق خطوة هامة تجاه اختفاء العديد من المتاعب النفسية والجسدية.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_7013