أبرز طرق التحكم في النفس
محتويات
التحكم في النفس
غالبًا ما يستخدم الناس مجموعة متنوعة من المصطلحات للتعبير عن مفهوم التحكم في النفس، بما في ذلك الانضباط والتصميم وقوة الإرادة والثبات.
يحدده علماء النفس عادة على النحو التالي:
- القدرة على التحكم في السلوكيات لتجنب الإغراءات وتحقيق الأهداف
- القدرة على تأخير الإشباع ومقاومة السلوكيات أو الحوافز غير المرغوب فيها
- مورد محدود يمكن استنفاده
ويعتقد بعض الباحثين أن ضبط النفس هو موضوع يتدخل فيه علم الوراثة جزئيا، لكنه يبقى موضوعا في علم النفس بشكل رئيسي.
أهمية ضبط النفس
ما مدى أهمية ضبط النفس في حياتك اليومية؟ وجد استطلاع أجرته جمعية علم النفس الأمريكية أن 27 في المائة من المستطلعين حددوا نقص الإرادة وضبط النفس كعامل أساسي يمنعهم من تحقيق أهدافهم.
سواء كان هدفك هو إنقاص الوزن، أو الحصول على شهادة جامعية، أو الإقلاع عن التدخين، فمن البديهي أن تحقيق الهدف هو ببساطة مسألة تحكم في السلوك وضبط للنفس.
ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين يتمتعون بتحكم ذاتي أفضل يميلون إلى أن يكونوا أكثر صحة وسعادة.
في إحدى التجارب، حصل الطلاب الذين أظهروا انضباطًا ذاتيًا أعلى، على درجات أفضل وعلامات اختبار أعلى، وكانت لهم فرصة أكبر للقبول في برنامج أكاديمي تنافسي.
ووجدت الدراسة أيضًا أنه عندما يتعلق الأمر بالنجاح الأكاديمي، كان ضبط النفس عاملاً أكثر أهمية من درجات الذكاء.
لا تقتصر فوائد ضبط النفس على الأداء الأكاديمي. وجدت دراسة صحية طويلة الأجل أن الأشخاص الذين تم تصنيفهم على أنهم يتمتعون بمستويات عالية من ضبط النفس خلال مرحلة الطفولة لا يزال لديهم مستويات عالية من الصحة البدنية والعقلية في مرحلة البلوغ.
تأخير الإشباع
القدرة على تأخير الإشباع، أو الانتظار للحصول على ما تريد، هو جزء مهم من ضبط النفس. غالبًا ما يكون الناس قادرين على التحكم في سلوكهم عن طريق تأخير إشباع رغباتهم.
على سبيل المثال، قد يحاول الشخص الذي يتبع نظامًا غذائيًا معينًا، تجنب إغراء الأطعمة غير الصحية. هذا الشخص يؤخر إشباعه، حتى يتمكن من الاستمتاع بصحة أفضل.
يتضمن تأخير الإشباع تأجيل الرغبات قصيرة المدى لصالح المكافآت طويلة المدى. لقد وجد الباحثون أن القدرة على تأخير الإشباع مهمة ليس فقط لتحقيق الأهداف.
ولكن أيضًا تلعب دورًا مهمًا في الرفاهية والنجاح العام في الحياة.
أجرى عالم النفس "والتر ميشيل" سلسلة من التجارب الشهيرة خلال السبعينيات بحثت في أهمية تأخير الإشباع. في هذه التجارب، عُرض على الأطفال خياران:
يمكنهم اختيار تناول وجبة واحدة على الفور، أو يمكنهم الانتظار لفترة وجيزة من الوقت للحصول على وجبتين خفيفتين. عند هذه النقطة، يترك الباحث الطفل وحده في غرفة مع الوجبة الواحدة.
ليس من المستغرب أن يختار العديد من الأطفال تناول الوجبة الواحدة في اللحظة التي غادر فيها المجربون الغرفة. ومع ذلك، كان بعض الأطفال قادرين على الانتظار والحصول على المكافأة الأكبر.
وجد الباحثون أن الأطفال الذين تمكنوا من تأخير الإشباع، كانوا أكثر قابلية للحصول على أداء أكاديمي أفضل، من الأطفال الذين استسلموا للإغراء على الفور.
بناء على بحثه، اقترح ميشيل ما أسماه بنظام "الساخن والبارد" لشرح القدرة على تأخير الإشباع. يشير النظام الساخن إلى جزء من قوة إرادتنا، يتميز بالعاطفية والاندفاعية، ويحثنا على العمل وفقًا لرغباتنا.
عندما نسمح لهذا النظام بتولي السيطرة، قد نستسلم لرغباتنا اللحظية ونتصرف بتهور دون النظر إلى الآثار المحتملة على المدى الطويل.
النظام البارد هو جزء من قوة إرادتنا، يتميز بالعقلانية والتخطيط، بحيث يتيح لنا النظر في عواقب أفعالنا، قبل القيام بها. يساعدنا النظام البارد في البحث عن طرق للإلهاء عن دوافعنا الساخنة، وإيجاد طرق أكثر ملاءمة للتعامل مع رغباتنا.
نضوب الأنا
وجدت الأبحاث أن ضبط النفس هو مورد محدود. على المدى الطويل، كلما قمت بضبط نفسك والتحكم في استجاباتك، كلما تمكنت من تحسينه وتقويته. ولكن على المدى القصير، فضبط النفس يعتبر موردا محدودا. فتركيز كل رصيدك من التحكم في النفس على شيء واحد يجعل من الصعب ضبط النفس مع المهام اللاحقة على طول اليوم.
يشير علماء النفس إلى هذا الأمر باسم "نضوب الأنا Ego Depletion". ويحدث عندما يستخدم الأشخاص كامل قدرتهم على ضبط النفس في مهمة واحدة، مما يجعلهم غير قادرين على أي ضبط ذاتي لإكمال المهمة التالية..
الفوائد الصحية
ضبط النفس مهم أيضًا للحفاظ على السلوكيات الصحية. ما تأكله على الفطور، وعدد المرات التي تمارس فيها الرياضة، وما إذا كنت تذهب إلى الطبيب بانتظام، هي جميعها قرارات تتأثر بمستويات التحكم في نفسك، ولها القدرة على التأثير على صحتك.
وجد الباحثون أن ضبط النفس يمكن أن يكون له عدد من التأثيرات المحتملة على الصحة والرفاهية:
- في إحدى الدراسات، كان الأطفال الذين لديهم مستويات أعلى من ضبط النفس أقل عرضة لزيادة الوزن أثناء المراهقة.
- وقد أظهرت الدراسات أيضًا أن الأطفال الذين يعانون من نقص في ضبط النفس أثناء الطفولة هم أيضًا أكثر عرضة لتعاطي المخدرات والكحول في الدراسات الثانوية.
بينما من الواضح أن ضبط النفس أمر بالغ الأهمية للحفاظ على السلوكيات الصحية، يعتقد بعض الخبراء أن الإفراط فيه يمكن أن يكون ضارًا.
فالاعتقاد بأن ضبط النفس وحده يمكن أن يساعدنا في الوصول إلى أهدافنا، يؤدي إلى الشعور ب"العجز المكتسب"، حيث يشعر الناس أنه لا يمكنهم فعل أي شيء للتغلب على الإغراءات التي تواجههم. نتيجة لذلك، قد يستسلم الناس بسرعة أو يتوقفوا ببساطة عن المحاولة.
وفقًا لعالم النفس والباحث روي بوميستر، فإن الافتقار إلى ضبط النفس ليس العامل الوحيد الذي يؤثر على تحقيق الهدف. بل هناك ثلاثة مكونات حاسمة:
- يجب أن يكون هناك هدف واضح ودافع للتغيير. يمكن أن يؤدي وجود هدف غير واضح مثل فقدان الوزن، إلى التخبط والفشل. لكن هدفًا محددًا بوضوح مثل فقدان 10 أرطال خلال ثلاثة أشهر، أكثر قابلية للإنجاز.
- تحتاج إلى تتبع أفعالك لتحقيق الهدف. ببساطة تحديد الهدف ليس كافيا. تحتاج إلى مراقبة سلوكك كل يوم للتأكد من أنك تفعل الأشياء التي يجب القيام بها من أجل الوصول إلى هدفك.
- أنت بحاجة إلى ضبط النفس: فالقدرة على التحكم في سلوكك هو جزء مهم من تحقيق أي هدف. لحسن الحظ، تشير الأبحاث إلى أن هناك خطوات يمكن للناس اتخاذها لتحقيق أقصى استفادة من رصيد ضبط النفس المتاح لهم.
نصائح لتحسين ضبط النفس
في حين تشير الأبحاث إلى أن ضبط النفس مورد محدود، فقد وجد علماء النفس أيضًا أنه يمكن تعزيزه عبر عدد من الاستراتيجيات الفعالة مثل:
تجنب الإغراء
هذه طريقة فعالة، حيث يتيح لك تجنب الإغراء عدم "استخدام" رصيد التحكم في النفس المتاح لديك قبل الحاجة إليه حقًا.
سواء كانت الرغبة في الأكل أو الشرب أو الإنفاق أو القيام ببعض السلوكيات الأخرى غير المرغوب فيها، فإن إحدى طرق تجنبها هي إيجاد مصدر إلهاء مفيد. اذهب في نزهة على الأقدام، أو اتصل بصديق.. افعل كل ما يلزم لإبعاد عقلك عن الشيء الذي يجذبك في الوقت الحالي، وستذبل تلك الرغبة مع الوقت.
خطط مسبقا
فكر في المواقف المحتملة التي قد تغريك. وفكر في الإجراءات التي ستتخذها لتجنب الاستسلام.
وجدت الأبحاث أن التخطيط المسبق يمكن أن يحسن ضبط النفس حتى في الحالات التي يكون الإنسان قد استنفذ فيها رصيده.
على سبيل المثال، إذا كنت تعلم أنك تواجه إغراءا أمام الوجبات السريعة بعد الظهر، فتناول قبيل الظهر، غداءًا متوازنًا مليئًا بالكثير من الألياف والبروتين والحبوب الكاملة بحيث ستبقي معدتك ممتلئة لفترة أطول.
تدرب على التحكم في النفس
في حين أن قدرتك على ضبط النفس، قد تستنزف على المدى القصير، فإن الانخراط بانتظام في السلوكيات التي تتطلب منك ممارسة التحكم في النفس سيحسن من هذه القدرة بمرور الوقت.
فكر في ضبط النفس كعضلة. ففي حين أن العمل الشاق قد يستنزف طاقة العضلات على المدى القصير ـ أثناء التمرين ـ فإن العضلات ستصبح أقوى بمرور الوقت مع استمرارك في العمل عليها.
ركز على هدف واحد في كل مرة
عادة ما يكون تحديد الكثير من الأهداف والعمل عليها في وقت واحد نهجًا غير فعال. من الأفضل اختيار هدف واحد محدد وتركيز طاقتك عليه. بمجرد تحويل "السلوكيات اللازمة" للوصول للهدف إلى "عادات".
لن تحتاج إلى تكريس نفس الجهد للحفاظ عليها. يمكنك بعد ذلك استخدام قدرتك على ضبط النفس لتحقيق أهداف أخرى.
التأمل
التأمل طريقة رائعة لتقوية قدرة التحكم في نفسك. فالتأمل طريقة ممتازة لتكون أكثر وعيًا بالذات حتى تتمكن من مقاومة الإغراءات بشكل أفضل. يمكن أن تساعدك هذه التقنية أيضًا على تعلم إبطاء أفكارك.
والتي يمكن أن تساعدك في تجنب الاستجابة الفورية والاستسلام لأي تحد أو إغراء دون مقاومة.
ذكر نفسك بالنتائج
ضبط النفس يمكن أن يساعدك على تحقيق أهدافك وتحسين صحتك الجسدية والعقلية، في المقابل يمكن أن يكون لعدم التحكم في النفس آثار سلبية.
على مدى احترامك لذاتك وتعليمك ووظيفتك وقدراتك وعلاقاتك وصحتك العامة ورفاهيتك.. يمكن أن يساعدك تذكير نفسك بهذه العواقب الوخيمة، في الحفاظ على التحفيز والانضباط الذاتي.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_4955