اثار الغش, وطرق التصدي له
حكم الغش في الشرع
لقد نهى الدين الأسلامي عن الغش وأعتباره من الصفات السيئة التي ينبغي تجنبها وقد ورد ذلك في القرأن الكريم والسنة النبوية في قوله.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: (أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ مرَّ على صُبرةِ طعامٍ. فأدخلَ يدَهُ فيها. فنالت أصابعُهُ بللًا. فقالَ ما هذا يا صاحبَ الطَّعامِ ؟ قالَ أصابَتهُ السَّماءُ. يا رسولَ اللَّهِ ! قالَ أفلا جعلتَهُ فوقَ الطَّعامِ كي يراهُ النَّاسُ ؟ من غَشَّ فليسَ منِّي).
وكذلك قول الله عز وجل في سورة الأنفال قولُ الله عزَّ وجلَّ: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَخونُوا اللَّـهَ وَالرَّسولَ وَتَخونوا أَماناتِكُم وَأَنتُم تَعلَمونَ).
اثار الغش
تتعدد اثار الغش في كافة النواحي الحياتية وتظهر بوضوح من خلال:
الغش التجاري
وهى المعاملات التجارية من بيع وشراء وتبادل للمنافع والسلع وتبرز اثار الغش به من خلال:
- الغش في تواريخ إنتاج وصلاحية بعض السلع وخاصة السلع الغذائية وما يمكن أن تسببه من أضرار بالصحة العامة والأرواح.
- خلط المنتجات لتضليل المشترى من خلال إخفاء بعض التفاصيل عن المنتج أو تغيرها كالعلامة التجارية وبلد المنشأ والمواد المكونة.
- زيادة الوزن عن الوزن الحقيقي لكسب المال، وهو ما يسمى شرعا بالتطفيف في الكيل والميزان, زيادة أسعار السلع استغلال لعدم دراية المشترى الكافية بأسعار السوق .
- بيع المنتجات المسببة للأمراض أو ما يدخل في مكوناتها من مواد مسرطنة مع علمه بذلك ودرايته بغياب هذه الحقيقة عن المشترى.
- الغش في الخضر والفاكهة كغسلها ببعض المواد المنظفة حتى تظهر بشكل أنها خضروات أو فواكهه طازجة على الرغم من كونها غير ذلك.
- الغش في بيع الماشية والدواجن كمثيل الامتناع عن حلب ألبان الماشية حتى تظهر بوزن زائد وجسم ممتلئ.
- التزييف والتدليس الذى يقوم به بعض السماسرة والمسوقين من المزايدة على سلعة معينة ويوهمون الناس بما لا حقيقة له وتوريطهم في مبيعات لأشياء بأعلى من ثمنها الحقيقي.
الغش في النصيحة
عندما يستنصح شخص آخر فهذا لثقته الكبيرة به وبعلمه بما يريد نصحه بأمره فكيف أذا وجدت من تثق به يخدعك ويغشك وأحرى الناس بإسداء النصيحة هم الآباء، قال ابن القيم: (وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله، وترك تأديبه، وإعانته على شهواته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه، ففاته انتفاعه بولده وفوَّت عليه حظه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء).
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم-: (الدِّينُ النَّصيحةُ قلنا : لمن ؟ قال : للَّهِ ولكتابِهِ ولرسولِهِ ولأئمَّةِ المسلمينَ وعامَّتِهم).
فعن جرير بن عبد الله، قال: ((بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم)) تأمل هنا كلمة بايعت والبيعة لمن لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
الغش في الزواج
لقد جعل الله الزواج ميثاق غليظ بين الرجل والمرأة وكلاً منهما ستر للآخر يفضى كلهما لبعض ما يخفيه عن الناس أجمع، لكننا نرى الكثير من اثار الغش وصور في بداية هذا الميثاق المقدس.
- المغالاة في طلب المهور والذهب بحجة أن هذا ما يتم تداوله.
- التعجل في إتمام الزواج دون السؤال عن المتقدم وهو لا يقوم بقول كل المعلومات عنه صحيحة.
- يخبر الخاطب أهل العروس بأمور غير حقيقية عن وضعه المالي والاجتماعي ويدعى الحسب والنسب.
- من طرف أهل العروس بإخفاء أشياء تخص العروس بوجود بعض العيوب في صورة الوجه أو مرض معين معروف لديهم ويتم إخفاءه عن الخاطب.
- كذلك أن يعد الخاطب بما لا يملك بأن يسكنها أو يوفر لها مستوى معيشي معين هو يعرف أنه لا يقدر عليه.
غش أولى الأمر للشعب
نرى كثيرا ً من هذا بسبب ركض الكثير وراء السلطة والمال وكذلك الشهرة, فنرى وعود الحكام بوضع البلاد على خارطة أخرى وبعد اقتصادي وسياسي ووعد برامج زمنية لا يمكن الوفاء بها.
غش الكثير من نواب الشعب الذين يعدون المواطن البسيط بحل مشاكله الحياتية البسيطة ويطلبون فقط وضع الناس ثقتهم بهم، ولكن تتلاشى جميع الوعود بعد وصول البعض لأهدافهم.
غش المسئولين وأحيانا ً السماح ببعض المخالفات أو الرشاوى لإعطاء الحق لمن ليس له حق.
الغش في طلب العلم
طلب علم فريضة قد حث عليها رسولنا الكريم وكذلك جميع الأديان لقد جعلها رسول الله فريضة لكننا نرى الانتهاكات واثار الغش في هذه الفريضة.
- يحصل البعض على درجات مرتفعة بالغش قد تفوق من هم أفضل منهم.
- يحصل البعض على درجات علمية بالغش قد يتم تعين معيدا ً بالجامعة من خلال الغش يصبح بعد ذلك مدرس بالجامعة يتأهل على يديه طلاب آخرين يحذوا حذوه.
- البعض يصل لمناصب قيادية بالغش كيف لمسئول اقتصادي أو سياسي طبيب أو مهندس وصل لموقعه السيادي أو الوظيفة عن طريق الغش.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من غشنا فليس منا)). ولا يقصد هنا العلوم الدينية فقط بل الدنيوية والدينية على حد سواء، ورأى العلماء واضحا ً جليا ً في هذه الجزئية، قال ابن باز: (الغش محرَّم في الاختِبارات، كما أنَّه محرَّم في المعاملات، فليس لأحدٍ أن يغشَّ في الاختِبارات في أيَّة مادَّة، وإذا رضي الأستاذ بذلك فهو شريكُه في الإثم والخيانة).
التصدي للغش والحد من هذه الظاهرة
يمكننا تنقية مجتمعنا من اثار الغش التي تفتك بهيكل المجتمع وتدمر اقتصاده وأخلاقه وقيمه وتشيع حالة الكره والعداء بين أواصل شعبه، وتشيع إحساس الظلم وعدم تكافؤ الفرص بين أبناءه, من خلال:
- الالتزام بالقواعد الشرعية وتعاليم الدين في المعاملات والإيمان بعدل الله وأن لكل إنسان نصيب قدره الله له ويعلم ماذا سوف يحدث مستقبلاً .
- الاهتمام بتربية الأبناء منذ الصغر وتعويدهم على أن لا ينظر إلى ما ليس في يده وعدم محاولة الحصول على مالا يستحق وأن يستحل أي وسيلة للوصول لهدفه.
- اهتمام جانب المدرسة سواء بثقل أخلاق الطلاب وغرس القيم والأخلاق فيهم أو برفض جميع أنواع مظاهر الغش مما لا يتيح المجال لمن تسول له لنفسه.
- وضع الضوابط القانونية الصارمة والحاسمة تجاه مخالفات الغش والضرب بيد من حديد على مرتكبيها حتى يخاف من تسول له نفسه ويعتبر ما خوله غيره من جريرة ما فعل من أي صورة من صور الغش.
- وعى الجهات السيادية اليقين بأن عدم تكافؤ الفرص جراء آفة الغش يدمر المجتمع ويضرب ركائزه ويشتت جمعه، فلن تتقدم أمم بها كل الأمراض التي تسببها آفة الغش.
- الوعى الثقافي للمجتمع من خلال القنوات الإعلامية المتعددة للوقوف على تداعيات هذه الظاهرة.
- الرزق بيد الله ومقدر إذا قدرت على الغش هناك من يقدر على غشك، فأنت لا يمكن أن تعلم كل شيء.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_7411