كيف تتعامل مع المدير العنيد ؟
المدير العنيد وصورة الفريق الذي يديره
إن المدير العنيد صاحب الرأي الواحد الذي لا يسمع إلا صوت نفسه، ولا يقتنع إلا برأيه فقط، كل من حوله لا يملكون الخبرة والحنكة التي يمتلكها، هو وحده صاحب الرؤية وصاحب القرار.
ولك أن تتخيل عزيزي القارئ نفسك وأنت ترى بنفسك سيارة مسرعة في الطريق الخاطئ، وأنت تركبها وتجلس بجانب السائق، وعندما تقول للسائق أنت على الطريق الخاطئ، لا يعيرك أي اهمام، وينظر إليك بنظرة تعالي وغرور.
حين تكرر التنبيه على هذا السائق عدة مرات، وهو على حاله لا يسمع، يصر على السير في الطريق الخاطئ، صف لي مشاعرك في تلك اللحظة.
تلك المشاعر هي نفس المشاعر التي يكون عليها أحد أفراد الفريق الذي يديره المدير العنيد، فهو يشعر أن رأيه بلا قيمة، وأنه مجرد أداة في يد المدير يحركها كيف يشاء.
فإذا كانت قراراته صائبة فهو ليس بعنيد ولكن بحكيم، ولكن لا يوجد شخص على وجه الأرض كل قراراته صائبة وحكيمة، فالكمال لله وحده، فأي إنسان يحتاج دائماً لمن يكمل له معلوماته، ويرشده إلى ما قد يسقط من اهتماماته سهواً.
والمدير الناجح هو الذي يوظف كل عضو في الفريق في المكان المناسب له، أن يشعر كل عضو في الفريق أنه صاحب مكان، أنه منتمي جداً له لدرجة كبيرة جداً.
ولكن هذا المدير العنيد لا يحقق هذا الهدف، فهو لا يعترف بمساعدة من حوله، ويعتبر أن مساعديه مجرد أدوات لتحقيق رؤيته ورغباته.
أعضاء الفريق التابعين له لا يكترثون ولا يهتمون حين يرون الآثار المدمرة للقرارات الخاطئة، فإنهم يعلمون جيداً أنه لن يسمع لهم، ولن يستمع لنصائحهم، وأنه لا يسمع إلا لنفسه فقط.
كيف تتعامل مع المدير العنيد؟
المدير العنيد مدير يملك من الذكاء ما يجعله يفرق بين النفاق وبين الضعفاء وبين أصحاب الخبرة.
وهو في الحقيقة يتابع كل ما حوله عن كثب، ولكن لا يريد أن يظهر نتائج ما يتابعه لمن حوله، فهو يعتبرها أسرار تخصه وحده.
لذا حاول دائماً أن تظهر حسن نيتك وإتقانك لعملك أمامه، وحين تقترح الاقتراحات الخاصة بالعمل عليك أن تقترحها وأنت منفرداً به وحده وليس أمام أفراد الفريق، لأنه وببساطة شديدة لا يريد أن يظهر أمام أفراد الفريق بمظهر السائل أو المستفسر أو المتلقي للنصيحة، ويريد دائماً أن يكون هو وحده صاحب القرار وصاحب الرؤية والنصح ولا يوجه له أحد النصح والإرشاد.
كن حذرا وأن توجه له النصيحة..
فكر ألف مرة قبل أن توجه له اقتراح أو نصيحة، فكر في الطريقة المناسبة له، أشعره وأنت تنصحه بأنك تأخذ من خبرته ومن رؤيته الثاقبة، تناقشه لكي تنهل من علمه الفائض الفائق.
فالمدير العنيد يحب دائماً من يعترف بقدراته ويتخذه قدوة ومثل، فتلك الحالة قد تجعله يستمع إليك جيداً وقد يجعلك الشخص المقرب منه.
ولكن لا تكرر حالة النصح له بإسراف، فهي حالة مجهدة جداً للناصح والمنصوح، ولا تكرر نفس النصيحة مرتين إن وجدت أن المدير العنيد لم يضعها موضوع التنفيذ.
إلتمس له العذر في بعض الأوقات..
اعلم عزيزي القارئ أن المدير العنيد لم يصل لتلك المرحلة من فراغ، فقد وصل لتلك المرحلة بعد مراحل شديدة القسوة من الصدمات في العمل أو في الأسرة أو في غير ذلك، تلك الصدمات التي أقنعته بأن لا يشعر بالأمان إلا مع نفسه فقط، فكل من حوله قد يسببون له الصدمات الجديدة.
وقد يكون لدى المدير العنيد من الأسرار التي لا يملك الإفصاح عنها أو الإعلان عنها، حيث أن الإعلان عنها يؤدي إلى حالة من القلق وانخفاض معدلات الأداء.
لذا قد يضطر المدير إلى إصدار قرارات قد تظهر أنها غير مرحب بها من الفريق، ولكنها في الحقيقة هي وحدها المناسبة ولكن لا يعلم ذلك إلا من يملك الأسرار التي يعلمها المدير.
طاعة المدير العنيد وتحميله المسئولية..
هناك من القوانين واللوائح التي تحمي الموظفين من آثار القرارات الخاطئة التي قد يصدرها المدير العنيد، حيث أن قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 بجمهورية مصر العربية، قد أكد على أن الموظف له أن يمتنع عن تنفيذ قرار رئيسه ويعرض عليه الآثار السلبية الناتجة من هذا القرار ومخالفته للنظم واللوائح، فإذا أصر المدير على قراره رغم المذكرة المقدمة من الموظف، فإنه لا يتم محاسبة الموظف عن الآثار المترتبة على ذلك القرار، وتحميل المدير وحده المسؤولية القانونية عن تلك القرارات.
فالقانون في هذا الشأن قد حمل المدير العنيد الآثار المترتبة على العند الذي أدار به العمل، حيث أنه وحده المسؤول عن أي قرار لم يقبل فيه مشورة أو نصح.
المدير العنيد في المنزل وكيفية التعامل معه..
إن رب الأسرة العنيد يعتبر أشد قسوة من مدير العمل العنيد، فمدير العمل العنيد يمكن انتظار تغييره أو ترقيته أو حتى ترك العمل له والعمل في إدارة أخرى.
أما رب المنزل العنيد، فيبقى وقت أطول في المنزل، ويبقى متابعاً لكل القرارات التي يصدرها، فلا يقبل أن يترك متابعة قراراته لأحد غيره، فهو لا يثق إلا في نفسه فقط.
ورب الأسرة العنيد ينتج أبناء لا ينتمون للأسرة، ويبحثون عن تحقيق الذات وإثباتها في دوائر اجتماعية أخرى بخلاف المنزل، حيث أن المنزل لا يسمح إلا بإثبات ذات شخص واحد فقط وهو رب الأسرة العنيد.
وهنا ننصح بأن يحترس أبناء هذا الأب من محاولة إثبات شخصياتهم بطرق سلبية، فهم يفتقرون للتقدير والإحساس بأنهم يشاركون في القرار وينظر لهم بنظرة تقدير واحترام، وحين لا يجدون هذا الشعور في المنزل، فإنهم يبحثون عنه في أي مكان آخر.
وهناك من يحاول الدخول في تجارب خطيرة لإثبات ذاته، فالبعض ينضم إلى رفاق السوء الذين يتخذون القرارات بمشاركته، ولكنها قرارات سلبية، مثل اختيار المخدر الذي يحصلون عليه، أو اختيار الطريقة التي يهربون بها من المدرسة.
فيجب على الإنسان أن يثبت ذاته بطرق إيجابية من خلال تنمية مهاراته ومواهبه، بل وصناعة الفرص الجيدة في الحياة ومحاولة الوصول إليها بكل طريقة.
ذلك فقط هو الطريق الإيجابي للوصول لإثبات الذات خارج المنزل في حالة الفشل في الحصول عليه داخل المنزل لوجود الأب العنيد.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_9179