ما هو الصبر وأنواعه وتعريفه وفوائده وفضائله على الإنسان؟
ما هو الصبر لغةً واصطلاحاً؟
- فالتساؤل المطروح دائمًا ما هو الصبر؟ والذي يعرف لغة على أنه المنع والحبس، وهو نقيض الجزع. أما اصطلاحًا فهو خلق فاضل من أخلاق النفس، يمتنع به المرء من فعل ما لا يحسن ولا يجمل.
- وحقيقة الصبر شرعا هي الامتناع عما حرم الله والعمل على أداء فرائضه. و كذا حبس النفس عن كل ما يتجاوز حدود الله سواء كان بالقلب أو اللسان أو الجوارح.
معنى الصبر وانواعه
- معنى الصبر هو الصمود المستمر على الأشياء المؤلمة نفسيًا. وتحملها بروح عالية ونفس طيبة دون إظهار لملامح الاستياء على الوجه.فالحياة فيها ابتلاءات ومتاعب لذا فالإنسان يحتاج دائمًا للصبر عليها من أجل تجاوزها.
- ويشتمل الصبر على عدة أنواع، فإما أن يكون على طاعة الله وعبادته، وإما أن يكون بالصبر على أقدار الله وقضائه. ثم إن يكون على اجتناب محارم الله ونواهيه.
وفي ما يلي تفسير لهذه الأنواع:
1. الصبر على أقدار الله
- وهي أحد أنواع الصبر، فالمسلم يصبر على ما يصيبه من أقدار خارجة عن إرادته. ويتمثل الصبر على أقدار الله بالرضى بما كتب الله سبحانه وتعالى وعلى العبد أن يؤمن بالله إيمانا مطلقا.
- فالرضا بالقضاء والقدر من الدرجات العليا من الصبر يصل إليها العبد حين يعلم أن ما أصابه كله من الله تعالى، وأن كل ما يصيب العبد من أمور الدنيا مقدرة عليه، فالابتلاء يكون من الله سبحانه وتعالى.
2. الصبر على طاعة الله وعبادته
- فالصبر على طاعة الله وعبادته يكمن في تأدية الإنسان للعبادات من صلاة وصوم وغيرها بالشكل والكيفية التي أمره بها الله عز وجل، و محققا فيها شروطها من اتباع لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- وإخلاص ونية في التأدية، فعلى المسلم أداء الطاعات بشروطها وأن لا يتهاون في الأداء والله تعالى كلف عباده بالعديد من الطاعات ومن المعلوم أن التكليف لا يخلو من المشقة خاصة عند المداومة على الطاعة والمحافظة عليها.
3. الصبر بإخلاص النية
- يكون فيها الصبر قبل الطاعة وذلك بإخلاص النية لله والصبر أثناء الطاعة وذلك بأدائها بالشكل الصحيح.و الصبر عند الانتهاء منها بالدعاء على أنها تمت بفضل الله تعالى.
4. الصبر على اجتناب محارم الله ونواهيه
- والتي تتمثل في حبس النفس ونهيها عن ارتكاب المعاصي وكل ما حرمه الله تعالى. سواء كان في حقه تعالى أو في حق عبد من عباده. ومما يساعد على فهم ما حرمه الله تعالى وعلى الإنسان بالعقاب الذي ينتظر كل من تجاوز ما حرمه الله تعالى.
معنى الصبر في القرآن
- إن فلسفة الصبر في القرآن الكريم والسنة المطهرة قائمة على مقاومة الإنسان لكل الدوافع النفسية التي تقوده نحو ارتكاب الرذيلة ومنع المنكرات وعدم الانسياق وراء المغريات الدنيوية، وهناك أكثر من سبعون آية قرانية تصف الصبر وتؤكد على مكانة الصابرين عند الله عز وجل.
- كما أن الصبر في القرآن الكريم والأحاديث النبوية هو تحمل الشدائد والصعوبات والسيطرة على النفس من خلال العمل الجيد وانتظار الأجر والثواب، وقد أمر المولى عز وجل عباده بضرورة الصبر، وقد أوضح النتائج المبشرة للصابرين.
وهناك العديد من المواضع القرآنية التي ورد ذكر كلمة الصبر والصابرين في القرآن، ومنها ما يلي:
ومن الأحاديث النبوية التي ترغب المؤمنين على ضرورة الصبر، ما يلي:
- واصبرْ وما صبرُكَ إلا باللهِ [النحلُ: 127]
- يا أيها الذينَ آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا اللهَ لعلَّكمْ تفلحونَ [آلُ عمرانَ: 200]
- وجعلنا منهمْ أئمةً يهدونَ بأمرِنا لما صبروا وكانوا بآياتِنا يوقنونَ [السجدةَ:24]
- مرَّ النبيُّ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- بامرأةٍ تبكي عندَ قبرٍ، فقالَ: اتقي اللهَ واصبري. قالتْ: إليكَ عني؛ فإنَّكَ لمْ تصبْ بمصيبتِي، ولمْ تعرفْهُ، فقيلَ لها: إنَّهُ النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ، فأتتْ بابَ النبيِّ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- فلمْ تجدْ عندَهُ بوابينَ، فقالتْ: لمْ أعرفْكَ، فقالَ: إنَّما الصبرُ عندَ الصدمةِ الأولى).
- عنْ صهيبٍ -رضيَ اللهُ عنهُ- قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: (عجباً لأمرِ المؤمنِ إنَّ أمرَهُ كلَّهُ خيرٌ، وليسَ ذلكَ لأحدٍ إلا للمؤمنِ، إنْ أصابتْهُ سراءُ شكرٍ، فكانَ خيراً لهُ، وإنْ أصابتْهُ ضراءُ صبرٍ، فكانَ خيراً لهُ).
تعريف الصبر في علم النفس
الصبر في علم النفس: هو القدرة على التحكم والتزام الهدوء وتجنب ردود الفعل المتصاعدة في انتظار النتائج أو عند معاملة الآخرين أوعند مواجهة مصائب الحياة وصعوبتها، وقد قسم علم النفس الصبر إلى ثلاثة أنواع، وتشمل:
- الصبر الشخصي: هي قدرة الفرد على التحلي بالهدوء والسكينة عند التعامل مع الآخرين ومطالبتهم وإخفاقاتهم، وتوضيح وجهة ننظرك قد يتطلب منك مجهود نفسي وذهني وبدني كبير، للوصول إلى نقطة تفاهم مع الآخرين.
- مشقة الحياة الصبر: قال الله تعالى:" خلق الإنسان في كبد"، فالحياة مليئة بالصعوبات وعلى الفرد ضرورة تحملها جميعا، وهي يشبه انتظار تحقيق أحلام طويلة الأجل وهو ما ينتظر تحمل هذا الوقت.
- الصبر على متاعب الحياة اليومية: لا يرتبط الصبر بالأحداث طويلة الآجل التي تتطلب من الفرد الانتظار والتزام الهدوء للوصول إليها، ولكن يمكن أن يكون الصبر على تحمل المصاعب اليومية التي يتعرض لها الفرد، مثل الصبر على الازدحام المروري، الصبر على غيرة زميل العمل منك، الصبر على الخلافات الزوجية.
في دراسة حديثة توصلت إلى أن الأشخاص الذين يمكنهم الحفاظ على هدوئهم في مواجهة الإحباطات المستمرة والإخفاقات هم أكثر عرضة لأن يكونوا أكثر تعاطفًا وأكثر إنصافًا وأقل عرضة للإصابة بالاكتئاب.
ما هو الصبر القبيح؟
هل هناك صبر جميل، وصبر قبيح، نعم يوجد صبر جميل، في قوله : "فاصبر صبرا جميلًا"، وفي هذا القول القرآني الكريم، يؤكد أن هناك فرق بين الصبر الجميل والصبر القبيح ويشمل ما يلي:
- الصبر الجميل: هو تحمل الشدائد والمصائب والصعوبات مع عدم الشكوى والضيق وعدم تحمل الصبر نفسه.
- الصبر القبيح: هو تحمل الشدائد والأقدار وصعوبات الحياة مع التذمر والشكوى الدائمة والقنوط من رحمة الله، فما فائدة تحمل هذه الشدائد مع الضيق منها، لذا ينبغي أن يكون الصبر مقترن بالرضا على هذا الصبر حتى ينال الفرد الثواب ويحصل على جزاء صبره.
فوائد الصبر في الدنيا والآخرة
- يساعدك على تحمل صعوبات الحياة والمضي قدما نحو تحقيق الأحلام وتخطى كافة المعوقات.
- كلما كان الصبر طويل وصعب كلما كان ثوابه ونتائجه مبشرة للخير.
- يساعد على التحكم في النفس وعدم الانسياق وراء الشهوات والمعاصي.
- يُكسب ثقة واحترام الآخرين، ويجعلنا نحظى بالقبول الاجتماعي.
- الاستماع بلذة الإيمان وطاعة الله في أوامره "فاصبر لحكم ربك".
حدود الصبر في الإسلام
في الإسلام، يُعتبر الصبر من الفضائل العظيمة التي يُحث المسلمون على التحلي بها، وهو جزء مهم من الإيمان. ومع ذلك، هناك حدود للصبر في الإسلام تتعلق بتجاوزات تتعارض مع تعاليم الدين أو حقوق الأفراد. بعض النقاط الرئيسية التي تحدد هذه الحدود تشمل:
- عدم الصبر على الظلم: يُحث المسلم على الصبر في مواجهة الابتلاءات والمحن، ولكن الإسلام لا يدعو إلى الصبر على الظلم. بل يُحث المسلم على السعي لرفع الظلم بالطرق المشروعة.
- الصبر في الحدود المعقولة: الإسلام يدعو إلى التوازن في الأمور، فإذا أصبح الصبر عبئًا يؤدي إلى الضرر الجسدي أو النفسي للفرد، فإن هذا يتعارض مع مبدأ الحفاظ على النفس. يقول الله تعالى: "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" (البقرة: 286).
- الصبر على الطاعة والمعصية: يُحث المسلم على الصبر في الطاعات والابتعاد عن المعاصي، ولكن إذا كانت هناك محرمات أو ضرر واضح، فلا يجب الصبر عليها.
- السعي للتغيير: إذا كان هناك وضع يستدعي التغيير أو الإصلاح، فإن الصبر لا يعني الاستسلام له. بل يُحث المسلم على اتخاذ خطوات إيجابية للتغيير. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" (رواه مسلم).
فضائل الصبر في الكتاب والسنة
فالصبر يعود على صاحبه بالعديد من الثمرات والفضائل منها ما يتعلق بالدنيا ومنها ما يتعلق بالأخرة، ويمكن إجمالها في ما يلي:
- الفوز بالثواب والأجر في الأخرة بقول الله تعالى "أنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب."
- الصبر طريق لنيل مغفرة من الذنوب.
- محبة الله فالله يحب الصابرين.
- الصبر وقاية للمسلم من الوقوع في المعاصي.
- تحصيل الطمأنينة في القلب والرضا عن النفس والحال.
- نيل محبة الله تعالى.
- عدم اليأس والقنوط من رحمة الله سبحانه.
- الاستعانة بالله واللجوء إليه في جميع الأمور.
- ومن أعظم فضائل الصبر الاستقامة على شرع الله والثبات على دينه. والحذر من سوء الخاتمة والوقاية من الانحرافات والمعاصي وكذا السلامة من الشرور.
صور الصبر
إن صور الصبر ومجالاته كثيرة في حياة الإنسان. فالصبر لا يستغنى عنه أحد بحال من الأحوال، ومن المجالات التي ينبغي للإنسان أن يضبط فيها نفسه ويصبر عليها نجد منها:
- ضبط النفس عن الخوف من غير الله تعالى.ضبط النفس لتحمل المتاعب والمشقات.
- ضبط النفس عن الاندفاع وراء الشهوات والغرائز.ضبط النفس عن الغضب والطيش.
- ضبط النفس عن السأم والملل لدى القيام بأعمال تتطلب الدأب والمثابرة.
- ضبط النفس عن الطمع لدى مثيرات الطمع فيها.
كيف أُرزَق الصبر؟
أن الصبر لا يأتي بين عشية وضحاها، ولكن يتطلب من الفرد المجاهدة للتحلي بالصبر الجميل، وذلك من خلال عدة طرق، ومنها ما يلي:
- التضرع والدعاء إلى الله يمنحك القدرة على تحمل صعوبات الحياة، وتخفيف المصائب أو ردها عنك. وهذا الدعاء بمثابة البلسم الذي يجعل قلوبنا تتحمل الأقدار بصدر رحب.
- اجعل صبرك جميلًا وتقبله قبول حسن، من خلال التحلي بسكينة النفس والروح وعدم الحزن أو الجزع على ما فاتك أو ما آتك.
- التعرف جيدا على قصص وحكايات الصبر وجزاء أصحابها لتتعلم أن الصبر حتما نهايته فرج ورحمة ومكافأة.
- حسن الظن بالله، واليقين أن فرج الله قادم لا محال وما عليك سوى الانتظار.
- المؤمن مبتلى، ويجازى كل مبتلى على مدى صبره على هذا الابتلاء.
- إن الحياة الدنيا متاع الغرور واليقين أن هذه الحياة مرحلة انتقالية للأخرة الدائمة، فلا تضجر أو تحزن أن النعيم فالجنة لا يوصف فابشر بالخير يأتيك، وإليك من الجزع والقنوط من رحمة الله.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_4909