كتابة :
آخر تحديث: 28/06/2025

لماذا منع النقاب في الحج؟

يُعدّ الحج أحد أركان الإسلام العظيمة التي شرعها الله لعباده، وجعل لها أحكامًا مخصوصة تميزها عن سائر العبادات، ومنها ما يتعلق بلباس الإحرام للرجال والنساء. ومن المسائل التي كثيرًا ما تُثار بين الناس: لماذا منع النقاب في الحج أثناء الإحرام، وهو أمر مبني على توجيهات نبوية صريحة، تُظهر الحكمة في التفريق بين اللباس المحظور والتغطية المشروعة. فما هو سبب هذا المنع؟ وما حكم تغطية الوجه بغير النقاب أثناء الإحرام؟ هذا ما نتناوله في السطور التالية في موقع مفاهيم.
لماذا منع النقاب في الحج؟

لماذا منع النقاب في الحج؟

منع النقاب في الحج للنساء هو مسألة شرعية تتعلق بأحكام الإحرام، وليس من باب المنع الأمني أو الإداري. والسبب في ذلك يعود إلى ما ورد في السنة النبوية، حيث نهى النبي ﷺ المرأة المُحرمة عن تغطية وجهها بالنقاب أو اليدين بالقفازين أثناء الإحرام.

الدليل الشرعي:

ورد عن النبي ﷺ في الحديث الصحيح:

"ولا تنتقب المرأة، ولا تلبس القفازين" رواه البخاري (رقم: 1838)

التوضيح:

  • الإحرام هو حالة يدخل فيها الحاج أو المعتمر ويكون له لباس معين وشروط خاصة، ومن بينها أن المرأة لا تلبس النقاب ولا القفازين.
  • النقاب هو غطاء مخصص للوجه يُفصل على مقاس العينين، وقد نهى النبي عنه أثناء الإحرام.
  • لكن المرأة المحرمة يجوز لها أن تسدل شيئًا على وجهها عند وجود الرجال الأجانب، بشرط ألا يكون هذا الغطاء مفصلًا كنقاب أو ملتصقًا بالوجه.

أقوال العلماء:

  • ابن قدامة في "المغني":

"المرأة لا تنتقب ولا تلبس القفازين في الإحرام، فإن احتاجت إلى ستر وجهها سترته بثوب تسدله من فوق رأسها".

  • اللجنة الدائمة للإفتاء (السعودية):

"لا يجوز للمرأة لبس النقاب حال الإحرام، لكن إذا مرت برجال أجانب فلها أن تغطي وجهها بغير النقاب".

منع النقاب في الحج هو التزام بحكم شرعي متعلق بالإحرام، وليس منعًا عامًا أو أمنيًا. ويجوز للمرأة تغطية وجهها بسدل الخمار أو غيره إذا كانت في موضع يُخشى فيه الفتنة، بشرط أن لا يكون مفصلاً كنقاب.

ملخص كلام ابن تيمية عن منع النقاب في الحج

يُظهر شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في "مجموع الفتاوى" (ج26 ص112) فهماً دقيقاً ومفصلاً لحكم تغطية وجه المرأة في الإحرام، ويضيف توضيحًا مهمًا للحديث النبوي "ولا تنتقب المرأة، ولا تلبس القفازين" رواه البخاري وهو:

  1. إذا غطت المرأة وجهها بما لا يلامس الوجه مباشرة، فهو جائز باتفاق العلماء.
  2. وحتى لو لامس الغطاء وجهها، فالصحيح عنده أنه جائز أيضًا، ولا يجب عليها أن تترك الغطاء أو ترفعه بأي وسيلة (مثل العصا أو اليد).
  3. النبي ﷺ لم يقل: "إحرام المرأة في وجهها"، وهذا القول هو من أقوال بعض السلف وليس حديثًا مرفوعًا.
  4. النهي النبوي هو عن لبس النقاب والقفازين، وهي ألبسة مصنوعة خصيصًا لتغطية الوجه واليدين.
  5. كما أن المحرم من الرجال يُنهى عن القميص والخف، ومع ذلك يجوز له ستر بدنه بما لا يُعدّ من محظورات الإحرام، فكذلك المرأة.
  6. المرأة يمكنها أن تستر وجهها بسدل الخمار أو الثوب، كما كانت تفعل أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، دون الحاجة للمجافاة (أي إبعاد الغطاء عن الوجه بعصا أو غيرها).

كفارة لبس النقاب في الحج

إذا لبست المرأة النقاب أثناء الإحرام بدون عذر شرعي، فإن عليها فدية، لأنها ارتكبت محظورًا من محظورات الإحرام، وهي ما يُعرف بـ فدية الأذى، وحكمها كما يلي:

قال الله تعالى: ﴿فمن كان منكم مريضًا أو به أذًى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نُسك﴾ البقرة: 196

وهذه الفدية تشمل محظورات الإحرام عند ارتكابها بدون عذر، ومنها لبس النقاب.

أنواع الفدية (يُخيّر فيها الشخص):

  1. ذبح شاة (وتوزع على فقراء الحرم).
  2. أو إطعام 6 مساكين: لكل مسكين نصف صاع (حوالي 1.5 كجم من الطعام مثل الأرز أو التمر).
  3. أو صيام 3 أيام.

ملاحظة: يُخيَّر الشخص بين هذه الثلاثة، ويجب إخراجها في مكة أو الحرم إذا أمكن.

متى تلبس المرأة النقاب في الحج؟

  • إذا كانت بين الرجال الأجانب أو تخشى الفتنة، تغطي وجهها بسدل الخمار أو الثوب على وجهها، وليس بنقاب مفصل.

قالت عائشة رضي الله عنها: "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله ﷺ محرمات، فإذا حاذونا أسدلت إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه." رواه أبو داود وصححه الألباني

هل يجوز لبس النقاب في العمرة بسبب ضعف النظر؟

نعم، يجوز للمرأة المُحرمة أن تغطي وجهها – حتى بالنقاب – في العمرة أو الحج إذا وُجد عذرٌ معتبر شرعًا، مثل ضعف النظر أو الضرورة الطبية، بشرط أن يكون ذلك بقدر الحاجة.

الأصل في الإحرام للنساء:

  • لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين، كما في الحديث: «ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين» – رواه البخاري

لكن: إذا كان هناك عذرٌ أو ضرورة، كأن تعاني المرأة من:

  • ضعف شديد في النظر وتحتاج للنقاب لحماية عينيها من الغبار أو الشمس،
  • أو تحتاجه لارتداء نظارة طبية لا تثبت إلا بالنقاب،
  • أو وجود مرض جلدي أو حالة طبية خاصة في الوجه...

ففي هذه الحالات يجوز لها لبس النقاب للحاجة، ولا إثم عليها، كما نص على ذلك كثير من العلماء، ومنهم:

  • النووي: أشار إلى أنه يجوز فعل ما هو محظور في الإحرام عند الضرورة، مع الفدية.
  • ابن قدامة في "المغني": قال إنه إن احتاج إلى المحظور، فلا إثم عليه، وعليه الفدية إن لم يمكن الاستغناء.

إذا لبست النقاب لعذر ضروري مستمر، فيستحب لها الفدية (إطعام 6 مساكين أو صيام 3 أيام أو ذبح شاة)، كما في عموم محظورات الإحرام عند الضرورة.

بعد التعرف على إجابة سؤال لماذا منع النقاب في الحج، يتضح من خلال النصوص الشرعية وأقوال أهل العلم أن منع النقاب في الحج للمرأة المحرمة هو منع تعبّدي، متعلق بخصوصية الإحرام، وليس منعًا مطلقًا للتغطية. إذ يجوز لها أن تغطي وجهها عند الحاجة بغير النقاب المفصل، كما فعلت أمهات المؤمنين، دون تكلف أو مجافاة. ويُظهر هذا الحكم دقة التشريع الإسلامي في الموازنة بين أوامر العبادة وضرورات الحشمة والعفة.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ