مكانة الصبر في الإسلام: وتعريفه وفضله وحكمه
تعريف الصبر
- الصبر في اللغة: يدل على المنع والحبس والجلد، وهو لفظ بمعناه اللغوي ضد الجزع ونقيضه.
- أما في الاصطلاح فهو: يدل على خلق قويم يشير إلى نهى النفس وحبسها عن كل ما يسخطه الله وينهى عنه من أقوال وأفعال، وذلك النهي والمنع يقع على القلب واللسان والجوارح.
- حكم الصبر في الإسلام: أوجبه العلماء بما أشار القرآن الكريم والسنة النبوية فعلى المسلم أن يتحلى به في كل نائبة تنزل به وكل قضاء يحل عليه.
فضل الصبر في الإسلام
- حض الإسلام وأمر بالصبر لما فيه من طاعة لله وأمثال للرسول صلى الله عليه وسلم فقد كان قدوتنا خير مثال على الصبر منذ أن بعثه الله، فقد صبر على الأذى الذي ناله من المشركين، حتى كانوا يلقون في طريقه الشوك، وحاصروه وأهله في شعاب مكة دون طعام ولا شراب، وصبر على الغربة فهاجر من وطنه غريباً، وصبر على أذى أهله وأعمامه فيه.
- وصبر على طعنهم في عرض السيدة عائشة وش فها وكانت أحب الناس إلى قلبه، وطالما كانت حياة رسولنا الكريم أكبر مثالاً على الصبر، ولم يرد لنا فيه قولاً لو حديثاً يشكوا فيه لمخلوق أو لعبد من عباد الله، فقد جعل كل ما يصيبه عند الله له الأجر عليه ويحتسبه أجراً مخزوناً، لذلك فكان حقاً على المسلم أن يتحلى بخلق نبيه، وأن يكون فيه بعضاً من فضائل محمد صلى الله عليه وسلم.
ويتمثل فضل الصبر في الإسلام فيما يلي:
- احتساب الأجر والثواب عند الله عزو وجل.
- الإيمان بالقضاء والقدر وهي مراتب الإيمان.
- تهذيب النفس وتقبل الأمور والتكيف معها.
- الحصول على مرضاة الله عز وجل.
- الصبر هداية للإنسان.
- الصبر تكفير للذنوب والسيئات والمعاصي.
- الصبر يجعل الإنسان يستشعر مكان ومعية الله.
- إن الصبر على الابتلاء يجزى عليه الإنسان في الدنيا والأخرة.
مكانة الصبر في الإسلام انه ربع الإيمان
- إن الحديث عن مكانة الصبر بالإسلام لا ينتهي بين القرآن والسنة وأقوال الصحابة ووصف الشعراء، فقد أمر الله بالصبر وجعل له جزاء عظيماً، والصبر ألوان وأنواع، منها فيما وجب على العبد فيه الرضا بما قسم الله تعالى، وخير مثالاً بعدما أوردنا عن نبي الإسلام في الصبر سيدنا أيوب، والذي ابتلى في جسده فما من مرض إلا وأصحابه، ولم يشكو أبداً وظل كلما أصابه أذى يشكر الله، فكان خير الصابرين.
- فنجد أن القرآن الكريم يحتوي على الكثير من الأمثال والقصص في الصبر عن الأنبياء والرسل فيما عانوا وجدوا خلال دعوتهم للعبادة والتوحيد من أذى من أقوامهم، حتى قال الله للنبي صلى الله عليه وسلم "فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل" فكان الرسول خير الصابرين والمحتسبين.
حكم الصبر في الإسلام ومكانته
وله فضل كبير فقد جعله الإمام أحمد ابن حنبل نصف الإيمان، فالإيمان عنده صبر وشكر، فإن شكر المسلم في السراء ولم يصبر في الضراء ذهب إيمانه، فكل ما يصدر الإنسان من عبادات أصله صبر، وحكم الصبر وأشكاله يشمل:
- الصلاة صبر من الجوارح، والزكاة صبر في أنفاق ما تميل النفس الاحتفاظ به، والصوم صبر عن الشهوات فيما تريد النفس ولا تناله، والحج صبر فيما أنفق وأدى وجمع كل الأركان في ركن واحد.
- السماحة في الإسلام والعفو صبر وأنساك وحبس للنفس عن الانتقام، وكظم الغيظ صبر عن الرد في القول والفعل، فكل ما يفعله المؤمن من حسن إسلامه هو صبر ومجاهدة للنفس.
- ويؤجر المسلم على الصبر إن كان بدون مِنة أو أذى فالصبر أصله أن لا تشكو وان ترضا واطمئن بالقلب واللسان والجوارح.
فلا تقول يا رب لما حدث كذا وكذا، وإنما يقول الإنسان إنا لله وإنا إليه راجعون، ولله ما أخذ ولله ما أعطى، فإن ضاقت به الأرض بما رحبت، فوض أمره لله وقال ربي دبر لي أمري فإني لا أحسن التدبير، وجعل كل أمره لله يقضي عنه ما هو فيه خير له، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصبته سراء شكر، فكان خير له وإن أصابته ضراء صبر فكان خير له"، فعلى المسلم أن يكون صبره صبراً جميلاً أي فيه حسن الظن بالله، وأن ما كان تدبير ربه له إلا خير ودفع بلاء عنه لا يعلمه إلا الله.
- وقد عظم الله مكانة الصبر في الإسلام حتى جهل أجره الجنة وبشر من يتحلى بالصبر بأن له الجنة ففي الكثير من الآيات نجد مكانة الصبر والصابرين، فقد جعله سبحانه له الثواب العظيم جزاءً له.
قال عز وجل: "وإنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب".
- فيكون اجر المؤمن في الحياة الآخرة قدر صبره وجعل الله مكافئة الصبر عنده، وقد جعل رب العباد من يتحلى بالصبر ويجعله من خلقه في معيته الكريمة، قال سبحانه "واصبروا إن الله مع الصابرين"، وقد بشر الله عباده من صبر منهم ببشرة عظيمة وجزاء كبير، فقال سبحانه" وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدين".
ومكانة الصبر في الإسلام تتعدد وتعظم، بتعدد أحكامه الواردة، ومنها:
- الصبر على الطاعة وصبر النفس عن الحرام وكل ما يصيب العبد من مصائب وأذى واجب على المسلم كما قال العلماء، وأما في الصبر عن المستحب للنفس فعله، فهو مندوب ومستحب للمسلم، حتى لا تتعلم النفس الميل ففيه تدريب له.
- وأما من عظيم رحمته بالعباد فقد جعل الصبر عن حرام أي لا يجوز للمسلم أن يصير على ما فيه هلاك نفسه كالجوع حتى الموت، وجعله صبراً حراماً لأن الإنسان يستطيع دفعه.
- وقد كره العلماء الصبر عن الطعام. والشراب لكي يلحق الإنسان بنفسه ضرراً، وأما الصبر الجميل الذي يترك فيه الإنسان الإلحاح والسخط والشكوى، ويخلص لله ويرتضي قضاءه كما قال النبي للمرأة "إنما الصبر عند الصدمة الأولى" فهو الصبر المحمود العظيم عند رب العباد.
أمثال عن الصبر والصابرين (جزاء الصبر)
أن القرآن والسنة عظم الصبر وجعل أنا أمثلة في الأمم السابقة فقد كان الأنبياء أول الصابرين، ونذكر منهم:
- إبراهيم عليه السلام وإسماعيل: لما رأى سيدنا إبراهيم في منامه أن يذبح ابنه وكانت رؤيا تمثل الوحي والأمر فاخبر سيدنا إسماعيل فأطاع أمر الله وامتثل وتجهز للذبح وما أشقه من بلاء واختبار لكلا النبيين فلما رأى الله منهما الطاعة والصبر فداه بذبح عظيم، فالصبر لا يعقبه إلا رحمة وفرة، فنحن نمتثل لبلاء ويخفي الله فيه خيراً كثيراً.
- يوسف عليه السلام: من أعظم الأمثلة في الصبر على البلاء قصة سيدنا يوسف عليه السلام فقد ابتلاه الله بغدر إخوته، ثم إلقاءه في البئر وحيداً ثم بيعه عبداً ثم مراودة امرأة العزيز واتهامها له ثم السجن عشر سنوات، توالت عليه الابتلاءات، فلم يسخط ولم يشكوا ولم يقل يا رب لما أنزلت بي ولما حلّ بي ولو أقسم على الله لأبره وكشف عنه، لكنه احتسب الأجر والثواب عند الله حتى أتاه فرج الله فأصبح عزيز مصر وفي أعظم مكانة، فقد يكون الابتلاء ما هو إلا خطوة لأقدار عظيمة.
- سيدنا يعقوب عليه السلام: والذي اختفى عنه أحب ولده إليه وجاؤوه بقميصه وأنه قد أكله الذئب وكان يعلم أنهم يكذبون عليه ظل صابراً وفوض أمره لله قائلاً "فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون" سورة يوسف.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_16473