كتابة : سميرة
آخر تحديث: 12/09/2021

كيف ظهرت نظرية المحاكاة؟ وما مفهومها؟

كان كتاب أفلاطون الذي يدعي المدينة الفاضلة أول ما أدى إلى ظهور نظرية المحاكاة بسبب فلسلفة أفلاطون في ذلك الكتاب، ومن بعده آراء أرسطو في كتابه فن الشعر.
لذا سنتعرف في هذا المقال عن ما المقصود بـ نظرية المحاكاة بالنسبة أفلاطون وأرسطو، وأيضاً بعض الفلاسفة العرب، وكذلك ما هو امتداد هذه النظرية بالنسبة للأدب.
كيف ظهرت نظرية المحاكاة؟ وما مفهومها؟

المعنى اللغوي للفظ نظرية المحاكاة وأيضاً الاصطلاحي

المعنى اللغوي

أولا يعتبر أول من استخدم كلمة المحاكاة بالمعنى واللفظ الذي سنتعرف عليه هم اليونان ومن بعدهم العرب، إذ كانوا في بداية الأمر يستخدمون لفظ حكاية، ولكن مع بداية ظهور كثرة المترجمين ونشأ عصر المترجمين عند الرومان واليونانيين قديماً أصبح يستخدم لفظ المحاكاة وهو المصدر الميمي لكلمة حكاية.

  • كلمة محاكاة مصدر من فعل حكي بمعنى فعل نفس الشي الذي يفعله شخص آخر قول أو فعل بمعنى إنها المماثلة أو المطابقة لذلك الأمر بالنسبة للقواميس العربية.
  • أما بالنسبة للأخرى الأجنبية فهي بمعنى التقليد بمعنى تقليد الأصل بصورة طبق الأصل منه مع الحصول على نفس التأثير من الشي المقلد.

المعنى الاصطلاحي

على الرغم من أن المعنى اللغوي للفظ المحاكاة عمل به بشكل كبير في اليونان، إلا أن المعنى الاصطلاحي تأخر في الظهور وكذلك العمل به.

  • سبب هذا التأخر هو أن المعنى الاصطلاحي تعرض للدراسة من قبل المفكرين والفلاسفة بشكل كبير لتحديد المعنى المناسب، وعلي الرغم من هذا الحيز الكبير من الدراسات إلا انه اختلف في تحديد معنى واحد، وأصبحت تختلف فيري أفلاطون إنها تصوير للواقع من خلال محاكاة الشعر.
  • يرى البعض الآخر أنها المماثلة والمطابقة والتشابه كما أنه عند الآخرين، تمثل نقل لصورة الواقع كما هو لتصبح صورة أخرى عنه.
  • ومن كثرة الربط والجمع بين المحاكاة والتقليد، أصبح الأمر فيه لبس كبير وأصبح هناك صعوبة في التفريق بين محاكاة عمل أدبي وبين سرقته.
  • وعلى ذلك يمكن تعريف المحاكاة نظراً إلى المعنى اللغوي أنها العمل الفني الذي ينقل صورة الواقع كما هو ولكن بشكل يتمتع بحيوية والتميز في هذا العمل حتى لا يكون نسخ، وإذا تم مراعاة هذه الأمور في المحاكاة تكون فريده عن غيرها وأيضاً رائدة ومتميزة.

كيف ظهرت نظرية المحاكاة في الأدب؟

  • يجد أفلاطون -الباحث في نظرية المحاكاة من حيث تاريخها وخصوصاً فيما يتعلق ببداية ظهورها- أن المحاكاة متصلة كل الاتصال بالأدب، وليس هذا فقط بل بجذور الأدب، ويعتبر هذا الاتصال بدايته عندما قال أفلاطون أن الشعر فن معتمد كل الاعتماد على التقليد، واعتبرت هذه بداية اهتمام الأدباء والنقد والباحثين بالأدب، نظرا إلى أن بالنسبة إليهم يتمتع بقدر عالي من الثقة والمصداقية فيما يتعلق بالواقع وصورته وأيضاً نقله فهو من أكثر الفنون اتصالا بالولوعين بالأدب.
  • بين أفلاطون أن الشعر الذي يعتمد على المحاكاة والتقليد هو شعر متميز بسبب تأثيره الذي يكون بالغ الأثر في نفوس المتلقين وبذلك هو شعر أو سلاح خطير، وهذا هو السبب الذي يستدعي مرقابه وملاحظة هذا النوع من الشعر مرقابه دقيقة.
  • ومن الأمور التي بينها أفلاطون أن كثير يعتقد أن الشعر الذي يتم محاكاته لا يحتاج إلى مجهود، وهذا غير صحيح بل هو بالعكس يحتاج إلى مجهود كبير وخاصة في التفكير وكذلك جهد وتعب نفسي وجسدي، فكل هذه الأمور هي التي تستدعي أن يتم تقديره ومقابلته باحترام واهتمام.
  • نستطيع بذلك أن نتأكد أن أفلاطون هو الذي وضع بذره المحاكاة في الأدب ونتيجة لذلك كثرة الآراء والدراسات حولها وأصبحت منها ما يتماشى مع أراء أفلاطون ومنها ما يتم مخالفته ويتم الرد عليه بالحجج والدليل.
  • ومن الجدير بالذكر أن المحاكاة في بداية ظهورها في الأدب كانت تمثل المذهب الكلاسيكي للشعر من حيث المعنى اللغوي، لكن أدى هذا المذهب إلى حدوث خلل في الشعر الذي يعتمد على الخيال إلى حد الإضعاف والتقليل من فن الإبداع في كتابه الشعر وعدم الاهتمام بالشاعر أو بحاله أو باي جزء متعلق به حتى لو اهتمام بسيط كل ذلك سببته المحاكاة في الشعر، ولتصحيح ذلك تم ملاحظة أن الآراء الجديدة وأيضا النظريات تهتم اهتمام كبير بالشاعر وحاله نظراً إلى اعتبار الشاعر العامل المهم والأساس اللازم لإنتاجه.

المحاكاة بالنسبة لأرسطو

  • من المعروف أن أرسطو كان تلميذ لدي معلمه أفلاطون ولذلك فهو اخذ منه المحاكاة ولكن أرسطو أعطاها معنى مغاير لمعنى أفلاطون، وذلك الاختلاف سببه أن لكل واحد منهم نظره فلسفيه مغايره للآخر فيما يتعلق ب المحاكاة.
  • بسبب أن أرسطو كان يتمتع بنظره علمية تجريبية فكان يرى أن الفن نفسه هو محاكاه بشكل عمومي وفي نفس الوقت لم يربط الفن أو الأدب بروابط فلسفية كما فعل أفلاطون في المحاكاة.
  • بسبب هذا المفهوم العلمي المسيطر لدي نظره أرسطو كان يرى الفنون بصفه عامة والشعر بصفه خاصة عباره يربطها منظور فلسفي واحد وهو محاكاة الطبيعة وكل ما يتعلق بحياتها، وبذلك يلاحظ أن أرسطو كان يري أن الهدف من تأليف الشعر وإنتاجه هو سببين أو غريزتين هما رغبه الشاعر في المحاكاة وتقليد ما حوله أو الرغبة في أحداث تناغم وتوازن.

المحاكاة عند ابن سينا أحد فلاسفة العرب قديماً

ابن سينا يتفق مع أرسطو فيما يتعلق بالنظرية من آراء وإبعاد، إذ يرى أن كل جوانب الفنون تعتمد على التقليد أو المحاكاة وإن كان هناك اختلاف في وسيلة هذه المحاكاة وأيضاً طريقة التعبير والأداة التي تستخدم لذلك.

  • ومن الجدير بالذكر أن ابن سينا يرى أن التقليد في الشعر لا يقتصر على اللفظ فقط، بل يوجد أيضاً في جوانب عديدة من الشعر، منها: الوزن والقافية وأيضا اللحن وغير ذلك من الجوانب.
  • وأطلق ابن سينا على محاكاة هذه الجوانب من الشعر اسم الشعر المغني، كما أوضح أنه في حالة وجود تقليد في الشعر من حيث الوزن والكلام فقط دون وجود محاكاة في اللحن، فهذا الشعر يطلق عليه اسم شعر غير مغني.
  • وأكثر ما يميز المحاكاة في وجهة نظر ابن سينا أن المحاكاة عنده لا يقصد بها تصوير الشي أو الفن كما هو بمعنى خلق صورة طبق الأصل منه ولكن رسم صورة مشابهة له لحد قريب.

المحاكاة عن ابن رشد

المحاكاة بالنسبة لوجهة نظر ابن رشد تتعلق فيما هو موجود بالفعل وليس فيما يوجد احتمال لوجوده، ومعنى ذلك هو ابتعاد الخيال والتخيل فيما يخص الأدب بأنواعه واتجه إلى العقل والعقلانية في الأدب والشعر.

  • اتجه ابن رشد إلى استخدام العقل والعقلانية في الشعر بصفه خاصة معنى ذلك انه قصر المحاكاة من حيث الوظيفة في الأدب والشعر على الأخلاق وركز على الوظيفة دون غيرها من الوظائف التي يمكن أن توديها المحاكاة.
  • يرى أن الهدف الأساسي للمحاكاة في الأدب عامة وفي الشعر خاصة هو التخلي عن التخيل والتوجه واستخدام العقل.
تنوعت الآراء حول نظرية المحاكاة من فلاسفة يونانيين وكذلك رومانيين وأيضاً لم يقتصر على هؤلاء الفلاسفة بل تناولها فلاسفة العرب بالبحث والدراسة.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ