آخر تحديث: 12/04/2020

أهم مفاتيح فن الاستماع

يقول ستيفان كوفاي "يستمع أغلب الناس ليس بهدف الفهم، ولكن بهدف الرد" تدل قولة كوفاي هذه على أن أغلب الناس يسمعون فقط ولا يستمعون. الكثير من الناس لا يتقنون حقا فن الاستماع. إذن هناك فرق بين السماع و الإستماع كما أن الاستماع هو فن و مهارة.
أهم مفاتيح فن الاستماع

ما هو الاستماع الفعال؟

الاستماع الفعال ليس مجرد استماع بل هو استماع بانتباه وتركيز، استماع يطبعه تأمل و تدبر لخطاب المتكلم بهدف تقييمه، كما أن المستمع الفعال يظهر اهتماما وفضولا في أفكار وآراء الآخر من أجل فهم قصده. كما يقوم بطرح أسئلة من أجل الحصول على توضيح للكلام بكل حيادية وبدون أحكام مسبقة.

الاستماع الفعال لا يعني صمتا مؤدبا يطبعه تأهب و انتظار لاصطياد عيوب المتكلم والتمكن من الرد على حججه و دحضها حينما تتاح فرصة الرد. لكن أن تكون مستمعا فعالا يعني ببساطة أن تعيش مع المتكلم تجربته لترى الحقائق بعينه هو وليس بمنظورك أنت وبهذا تصل إلى مستوى التعاطف.

ما هو الفرق بين السماع و الاستماع؟

السماع هو مجرد استقبال الصوت عبر الأذن دون أي اهتمام أو تركيز، فحينما تصدر السيارة صوتا نكون قد سمعنا هذا الصوت فقط، إذ لا نبذل أي جهد في فهم ذلك الصوت وقد لا نعير له اهتماما. أما الاستماع فهو سيرورة من عمليات استقبال واستجابة رسائل منطوقة وغير منطوقة في بعض الأحيان.

الاستماع ليس مجرد سماع ما يقال وإنما هو " اهتمام إنساني قوي بما يقال." كما تعرفه الشاعرة أليس ديوور ميلر. ففن الاستماع هو مهارة تقتضي بذل الجهد من أجل فهم ما يقال والتفاعل معه وتجنب سوء الفهم ما أمكن.

عناصر الاستماع

تنقسم عناصر الاستماع إلى أربعة عناصر أساسية كما يقدمها الكاتب مارفين كوتلييب:

الانتباه

هو الاستقبال أو الإدراك المركز للمحفزات اللفظية (الكلمات) والبصرية (كلغة الجسد).

السماع

يقصد به كما سلف الذكر ذلك الفعل الفسيولوجي الذي يتجلى في فتح الأذنين من أجل استقبال الصوت والتقاط المحفز.

الفهم

أي ربط المعنى بالأصوات المستقبلة لاستخلاص الرسائل.

التذكر

يعني تخزين المعلومات ثم استرجاعها أو استدعاءها لفهم الكلام .

مستويات فن الاستماع

هناك خمس مستويات لفن الاستماع تجعل مستوى الادراك يختلف من شخص لآخر ودرجة الفهم تزداد من مستوى لآخر. هذه المستويات هي كالتالي:

التجاهل

قد نتجاهل المتكلم في بعض الأحيان ولا نصغي إليه أبدا، وقد يلفت شيء ما أسماعنا ونحن بصدد الاستماع مما قد يعطي الشخص انطباعا بأننا نتجاهل كلامه. الأمر يشبه تماما حينما تنشغل بهاتفك وأنت تتحدث مع شخص ما، لا شك أن هذا الفعل يؤثر على صورتك كمستمع.

التظاهر

قد نمارس التظاهر بتحريك الرأس أو بإيماءات لفظية أو جسدية أخرى أو عن طريق الابتسامة، لكن يكون من السهل جدا على المتكلم إدراك تظاهرك وعدم استماعك له.

الاختيار

يقصد بالاختيار الاستماع فقط لما يهمنا واختيار الأجزاء التي تعنينا من خطاب المتكلم، فإذا ما تحدث الشخص عن شيء آخر غير ذلك نعود إلى مستوى التظاهر أو التجاهل وبذلك يقل الاستماع و ينعدم.

التركيز

يكون ذلك عن طريق تركيز اهتمامنا على كل كلمة تقال، إلا أن هذا المستوى ليس بالمستوى المثالي للاستماع لأننا نستمع إلى الكلام ونحاول أن نفهمه من منظورنا نحن ولا نحاول فهم قصد المتكلم. فنقوم بذلك بما يسمى بغربلة أو تصفية الخطاب وفق معاييرنا الخاصة وتماشيا مع اهتماماتنا الشخصية.

غير أن الأمر لا يعني أنه يجب علينا أن نتخلى عن قناعاتنا وعقائدنا واهتماماتنا من أجل أن نكون مستمعين جيدين، لكن المقصود هو محاولة فهم خطاب المتكلم ضمن سياق واسع وليس تحين الفرص للرد على هذا الخطاب.

التعاطف

قلما نصل إلى هذا المستوى من الاستماع وهو أعلى مستويات فن الاستماع. هو استماع من أجل الفهم، أي أنك تضع نفسك مكان المتكلم وتتعاطف مع خطابه وذلك من أجل الفهم وليس من أجل الشفقة عليه. في هذا المستوى تحاول أن ترى العالم بمنظور المتكلم وتفهم اهتماماته و أحاسيسه.

التعاطف هو مستوى قوي من الاستماع إذ يوفر لك المعطيات الدقيقة لتبدأ رحلة الفهم الصحيح. فعوض أن تفترض حقائق عن المتكلم، أنت تتعامل مع هذه الحقائق.

مفاتيح فن الاستماع

لتكون مستمعا فعالا نسرد عليك بعض مفاتيح الاستماع الفعال :

  • تواصل بصريا (بالعين) مع المتكلم ما أمكن لكي تقرأ مشاعره وأحاسيسه.
  • ركز واستمع للأفكار بأذن عقلك ولما لا قلبك.
  • ابحث عن الأشياء المهمة في الخطاب ولا تتصيد النقائص.
  • اهتم بالمضمون وليس الشكل، فأحيانا قد لا يوصل الشكل الرسالة كاملة.
  • كن صبورا ولا تقاطع، فطول استماعك يتمخض عنه عمق فهمك.
  • لا تبدي آرائك أو انتقاداتك حينما يتكلم الآخر؛ انتظر الوقت المثالي للقيام بذلك.
  • قاوم التشويش، ولا تسمح لأي شيء أن يشغلك عن الاستماع.
  • ركز على المعلومات غير المنطوقة؛ فلغة الجسد أحيانا أبلغ من الكلمات.
  • كن منفتحا ومرنا ما أمكن ولا تنتظر أن يتفق معك الجميع.
  • اطرح أسئلتك أثناء توقف المتحدث عن الكلام ثم قدم ردودك.
  • ارتقي الى مستوى التعاطف لتفهم قصد المتكلم ولا تنزلق في منزلق التأويلات الخاطئة، فقد يقودك ذلك إلى سوء الفهم.
  • استنبط، لخص، و اقرأ بين السطور، ثم حاول أن تقيم حجج الشخص المتحدث.
فن الاستماع أو مهارة الاستماع هي كباقي المهارات، يمكن لأي شخص أن يكتسبها وينميها بل ويتميز فيها. لذلك لابد لك من تدريب نفسك على الاستماع للآخر وتجنب مقاطعته وليس السماع له و انتظار الفرصة للرد عليه. فبذلك تتجنب سوء الفهم، بل تكسب احترام الغير وتقديره لك. فكن صبورا واسأل نفسك دائما " لماذا سأتكلم؟". وكما يقول سكوت جينسبورك " الاستماع ليس هو انتظار التكلم."

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ