إضاءات على طريق الفهم تساعد الإنسان على استيعاب الأمور
إضاءات على طريق الفهم
- هناك تجربة بسيطة جداً يمكنك من خلالها أن تعرف أن لكل إنسان فهمه الخاص الذي يجب أن ينميه، وأن الإنسان بدون استيعاب لما يجري حوله، وتأكد من فهمه للأمور واستيعاب لإمكانية الاختلاف بين الناس، فإن الإنسان يعيش عمره كله بدون مقدرة على التطور والنمو العقلي والمعرفي والفكري والثقافي.
- التجربة ببساطة هي أن تكتب رقم 6 وتضعها ما بينك وبين شخص آخر يجلس أمامك، ففي حين تقرأها أنت على أنها رقم 6 فالشخص الآخر يقرأها على أنها رقم 9 باللغة الانجليزية، وبذلك فإن اختلاف الرؤية بين شخص وآخر وطريقة الفهم بين شخص وآخر وارد جداً.
- فما تراه من زاويتك لا يراه غيرك من نفس الزاوية، فلا تتعجب من اختلاف المفاهيم لنفس الشيء، فهناك تعريف من زاوية علم الكيمياء يختلف عن تعريف من زاوية علم النفس.
- وكذلك يختلف الفهم من زاوية علم القانون وغيرها من أنواع العلوم التي قد تناقش نفس الظاهرة بقراءات من قواعد مختلفة لأصول علوم متباينة.
معوقات تكوين فهم صحيح
هناك معوقات كثيرة للوصول لفهم صحيح للظواهر التي تحدث أمامنا، والأحداث التي نعيش فيها، ففي حين أن هناك محاولات حثيثة للوصول لفهم صحيح لتلك الظواهر، يقف الإنسان عاجزاً أمام العديد من المعوقات التي تحتاج لطاقة كبيرة للتغيير، فمن تلك المعوقات :
- ما هو اقتصادي، ومنها ما هو ثقافي، ومنها ما هو طبيعة إنسانية، والسؤال الذي يطرح نفسه هو، هل يمكن لشعب من الشعوب على المستوى الجمعي، أو لفرد من الأفراد على المستوى الفردي في المجتمع أن ينتصر على تلك المعوقات؟
- إن التجارب التي خاضتها شعوب كثيرة تؤكد على أن هناك تجارب نجاح كبيرة جداً في هذا المجال، حيث أصبح أفراد المجتمع على وعي تام ببعض الثوابت والمبادئ التي حافظت على تماسك المجتمع وسط الصراعات المتنوعة واستطاعت تحقيق النمو الاقتصادي والثقافي بشكل كبير.
الفقر الاقتصادي كمعوق من معوقات الفهم
والسؤال الذي يطرح نفسه بشدة في هذا المجال، هل الفقر الاقتصادي يعتبر من معوقات الفهم على المستوى الفردي والجماعي؟ هل الفقر في مصادر الدخل يعد مانعاً من النمو المعرفي والفكري؟
- مؤيدي هذا الرأي والموافقون على أن الفقر الاقتصادي يؤدي إلى فقر في الفهم يستندون في رؤيتهم على أن الفهم يحتاج في إلى تعليم راق وأدوات وكتب وأبحاث وغيرها من العوامل التي تحتاج إلى تكلفة مادية كبيرة جداً.
- ففي حالة وجود فقر اقتصادي لدى الفرد أو الجماعة، يعجز المجتمع عن توفير تلك الأدوات فتتأثر العملية الفكرية والتعليمية في المجتمع.
- والمعارض لتلك الرؤية يرى أن الفقر الاقتصادي لم يمنع دولاً كثيرة من التحليل والفهم وإرادة التعليم والتقدم، فدولة مثل دولة اليابان خرجت من حرب العالمية الثانية وهي في كارثة اقتصادية وإنسانية لم تشهد الإنسانية مثيلاً لها على مر التاريخ، وليست هزيمة عسكرية عادية، بل إنها ضربة بقنبلتين نوويتين.
- ومع ذلك ومع إرادة التعلم استطاع الشعب الياباني التماسك وعبور الأزمة، وفهم مسببات الهزيمة، سواء كانت مسببات عسكرية أو ثقافية أو إنسانية، فقد عاش المجتمع الياباني بعد الهزيمة حالة تدمير لكل العادات التي سببت الهزيمة.
- فالبيت الياباني قبل الهزيمة كان يتجه نحو المظهرية في الحياة، ولكن وبعد الحرب نرى البيت الياباني بيت بسيط ليس به إلا الأساسيات حتى أن أثاث المنزل لا يتعدى سوى بعض المفارش البسيطة على الأرض.
- إن غياب الأدوات ليست مبرراً لعدم التفكير والتقدم والنمو، فهناك دائماً بدائل للأدوات باهظة الثمن، ببدائل أقل تكلفة، وربما كان الفقر الاقتصادي دافعاً لوجود ابتكارات تعوض هذا الفقر الاقتصادي بابتكارات تتسبب في غنى هذا الشعب.
الأفكار السائدة في المجتمع
هناك بعض الأفكار التي تسود في المجتمع والتي تدعوا إلى الركون للأفكار الشائعة وعدم الإقدام على التجديد، فتلك الأفكار تساهم بشكل كبير في عدم إتاحة الفرصة للعقل لكي يقرأ التجارب الجديدة ويحاول التفكير في البدائل الجديدة لتحل محل المستعمل في الوقت الراهن، فمن تلك الأفكار التي تدعوا إلى الخوف من الجديد :
- مثال يقال في المجتمعات العربية (ما تعرفه خير لك مما لا تعرفه) وهو يعني أن الإنسان إذا ما عرض عليه شيء جديد لا يعرفه، عليه تجنبه واختيار ما يعرفه فقط.
- ولنا أن نتخيل مجتمعات لا تقبل كل ما هو جديد، فهل يعقل ذلك؟ إن هناك تغيرات كل يوم في الإبداع البشري، بل أن نتاج المعرفة البشرية كان يتجدد من مائة عام كل خمسين سنة، ولكن في العشرون سنة الأخيرة أصبح النتاج البشري والمعلومات يتجدد كل خمس سنوات بالضعف تقريباً.
- ونعني بالنتاج البشري أي تلك الأنشطة والأبحاث العلمية والمعلومات المتداولة، فبعد أن كانت المعلومات يتم تداولها بين النخبة التي لا تمثل نسبة واحد بالمائة من البشرية، أصبحت المعلومات الموجودة على شبكة الانترنت وحدها تتضاعف للمليارات من المعلومات في سنوات قليلة.
- فاقبل يا عزيزي على كل ما هو جديد، فالتغير أسرع كثيراً مما نظن أو نتصور، فقراءة الجديد يساعدك على فهم عيوب القديم.
حطم أصنام الأفكار التقليدية
نعم يا عزيزي القارئ الهمام، فقد نشأنا في مجتمعاتنا العربية على أسلوب تعليم يعتمد على الحفظ والتلقين وليس الفهم والتساؤل والاستبصار، فهناك أشياء قيل لنا يجب أن نحفظها كما هي دون أن نفهمها، ويرجع ذلك إلى:
- إنها نظريات غير خاضعة للنقاش واستمرت الحياة دون اقتناع منا بما حفظناه، حتى أننا بمجرد أن دخلنا للحياة العملية وجدنا أنفسنا في حاجة لتعلم معلومات جديدة لا علاقة لها بما قيل لنا أنها أهم الأساسيات.
- فإذا بالأساسيات تختلف عما تعلمناه، وتحتاج منها إلى فهم وإدراك جديدين حتى ننجح في الحياة.
- حطم تلك الأفكار الهدامة التي تمسكنا بها لسنوات طويلة، وحاول أن تستخدم أدوات الفهم وهي نفسها أدوات الاستفهام في اللغة العربية.
- ماذا، كيف، متى، أين، من، هل؟ تساءل على كل شيء، وحاول البحث عن الإجابة بكل الطرق المتاحة، اسأل أهل التخصص في كل مجال.
- ستعلم أن هناك أسس جديدة يمكنك أن تبني عليها وعيك وأنت فاهم وواعي بما تقتنع به، بل ومستعداً للدفاع عما تعتقده بفهم ولو بحياتك.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_12902