كتابة :
آخر تحديث: 10/08/2020

الذكاء العطفي في مكان العمل

يشير الذكاء العاطفي، الذي يشار إليه أحيانًا باختصار (EQ" (emotional quotient"، إلى قدرة الشخص على التعرف على العواطف وفهمها وإدارتها وإغنائها. إنها قدرة حاسمة عندما يتعلق الأمر بالتواصل بين الأشخاص.
وهو موضوع جوهري، ليس فقط في علم النفس ولكن أيضا في عالم الأعمال. المصطلح نفسه صاغه علماء النفس في التسعينيات.
ولكن انتشر استخدامه بسرعة في مجالات أخرى بما في ذلك الأعمال والتعليم والثقافة الشعبية. من خلال الأسطر القادمة، نتناول موضوع الذكاء العطفي في مكان العمل، قراءة ممتعة!
الذكاء العطفي في مكان العمل

ما هو الذكاء العاطفي؟

عالما النفس "بيتر سالوفي" و"جون د. ماير"، وهما من الباحثين الرائدين في هذا الموضوع، يعرّفان الذكاء العاطفي على أنه القدرة على التعرف على العواطف وفهمها في الذات ولدى الآخرين.

تنطوي هذه القدرة أيضًا على استخدام هذا الفهم العاطفي لاتخاذ القرارات وحل المشكلات والتواصل مع الآخرين.

وفقًا لسالوفي وماير، هناك أربعة مستويات مختلفة للذكاء العاطفي:

  • إدراك العواطف
  • التفكير في العواطف
  • فهم العواطف
  • إدارة العواطف

في الماضي، غالبًا ما كان يُنظر إلى العواطف والذكاء على أنها تتعارض مع بعضها البعض. لكن في العقود الأخيرة، أصبح الباحثون الذين يستكشفون علم النفس العاطفي.

مهتمين بشكل متزايد بعلاقة العواطف وتأثيرها على الإدراك. وبالتحديد كيف تتفاعل العمليات والعواطف وتؤثر على الطرق التي يفكر بها الناس.

مثلا كيف تؤثر المشاعر والحالات المزاجية مثل السعادة والغضب والخوف والحزن على سلوك الناس واتخاذهم للقرارات.

لماذا الذكاء العاطفي مهم للنجاح؟

إن الاهتمام بعلم النفس العاطفي ومفهوم الذكاء العاطفي لم يبرزا بشكل كبير، حتى عام 1995 مع صدور كتاب دانيال جولمان "الذكاء العاطفي: لماذا يمكن أن يهم أكثر من الذكاء المنطقي".

في هذا الكتاب الشعبي، جادل جولمان بأن الذكاء العاطفي يمكن أن يكون بنفس أهمية مفهوم الذكاء التقليدي، الذي يحيل غالبا إلى الذكاء المنطقي والرياضي.

وأكد على أن الكفاءات العاطفية لعبت وتلعب دورًا جوهريا ورئيسيا بشكل خاص في مكان العمل.

سرعان ما لفت هذا المفهوم انتباه الجمهور، بما في ذلك مديري الموارد البشرية وقادة الأعمال.

خاصة وأن المتخصصين في هذا الباب أقروا بأن الذكاء العاطفي يؤثر على مدى تفاعل الموظفين مع زملائهم. وأنه يلعب دورًا مهما في كيفية إدارة العمال للضغوط والتحديات.

وقد أظهرت الدراسات أن الموظفين الذين حصلوا على درجات أعلى في مقاييس EQ يميلون أيضًا إلى الحصول على تصنيف أعلى على مقاييس الأداء الشخصي، وقدرات القيادة، وإدارة الإجهاد.

وقد ربطت دراسات أخرى الذكاء العاطفي العالي بالرضا الوظيفي وكذلك مستوى أفضل الأداء الوظيفي العام.

اقترح جولمان أنه بينما كان الذكاء التقليدي صفة مرتبطة بنجاح القيادة، إلا أنها لم تكن كافية. فالأشخاص الناجحون في العمل ليسوا أذكياء فحسب، بل يمتلكون أيضًا قدرًا كبيرًا من الذكاء العاطفي.

لكن الذكاء العاطفي ليس شيئًا فقط للمدراء التنفيذيين والقادة. إنها سمة مهمة على جميع المستويات، سواء كنت طالبًا جامعيًا تبحث عن تدريب، أو موظف متمرس تتولى دورًا قياديًا، فعليك اكتسابها وتطويرها.

إذا كنت ترغب في النجاح في مكان العمل والارتقاء في السلم الوظيفي، فإن الذكاء العاطفي أمر بالغ الأهمية لنجاحك.

لماذا يهم الذكاء العاطفي في مكان العمل؟

لماذا يعتبر الذكاء العاطفي مهارة قيمة في مكان العمل؟ وفقًا لأحد الاستطلاعات التي أجريت على مديري التوظيف، اقترح 75 بالمائة تقريبًا من المجيبين أنهم يقدرون الذكاء العاطفي EQ، للموظف أكثر من معدل ذكائهم IQ.

يُعرف الذكاء العاطفي على نطاق واسع كمهارة قيمة تساعد على تحسين الاتصال والإدارة وحل المشكلات والعلاقات داخل مكان العمل. وهي أيضًا مهارة يعتقد الباحثون أنه يمكن تحسينها من خلال التدريب والممارسة.

الذكاء العاطفي المرتفع يعني:

  • اتخاذ قرارات وحل المشكلات بشكل أفضل.
  • الحفاظ على الهدوء تحت الضغط.
  • حل النزاعات.
  • تعاطف أكبر.
  • الاستماع إلى النقد البناء والتأمل فيه والرد عليه بشكل إيجابي.

الذكاء العاطفي المنخفض يعني:

  • لعب دور الضحية وعدم تحمل المسؤولية الشخصية عن الأخطاء.
  • امتلاك أساليب تواصل سلبية أو عدوانية.
  • رفض العمل كفريق.
  • انتقاد الآخرين بشكل مفرط وعدم الانفتاح عليهم.

كيف تصبح أكثر ذكاء عاطفيا؟

في حين أن المهارات العاطفية قد تكون فطرية لدى بعض الناس، إلا أن هناك أشياء يمكن لأي شخص القيام بها للمساعدة في تحسين قدرته على فهم وإدارة العواطف. يمكن أن يكون هذا مفيدًا بشكل خاص في مكان العمل، حيث غالبًا ما تعتمد العلاقات وقرارات العمل على التفاهم والعمل الجماعي والتواصل.

تميل عوامل مثل التنشئة والشخصية إلى لعب دور كبير في تطوير الذكاء العاطفي، ولكنها مهارة يمكن تحسينها بالجهد والممارسة.

وجدت إحدى الدراسات في عام 2011 أن المشاركين الذين تدربوا على الكفاءات العاطفية الرئيسية، لم يظهروا فقط تحسنا واضحا في معدلات الذكاء العاطفي.

بل عرفوا أيضًا تحسنا جليا في الصحة البدنية والعقلية، كما توفرت لديهم علاقات اجتماعية أفضل، ومستويات هرمون الكورتيزول الأقل.

وفيما يلي بعض التوجيهات لتطوير الذكاء العاطفي في مكان العمل:

كن أكثر إدراكا بذاتك

إحدى الخطوات الأولى نحو استخدام مهارات الذكاء العاطفي في مكان العمل، هي أن تكون واعيا بذاتك بشكل واضح وجلي. يتضمن الوعي الذاتي إدراك الجوانب المختلفة لنفسك.

بما في ذلك دوافعك وعواطفك. إنه أحد المكونات الأساسية للذكاء العاطفي.

تذكر دوما هذه الجملة "من أجل التعرف على مشاعرك وفهم الأسباب وراءها، عليك أولاً أن تكون واعيًا تماما بذاتك."

انتبه إلى عواطفك

كيف تؤثر عواطفك ومشاعرك على كيفية استجابتك للأحداث والمواقف المختلفة؟ وهل تؤثر على القرارات التي تتخذها، أو على تفاعلك مع الآخرين؟

بينما تقضي المزيد من الوقت في التفكير في هذه الأسئلة، ستجد أنك أصبحت أكثر إدراكًا لمشاعرك الخاصة والدور الذي تلعبه في حياتك اليومية.

تقييم نقاط القوة والضعف العاطفية

إلى أي مدى تتواصل مع الآخرين؟ هل تعاني من نفاد الصبر أو الغضب أو الانزعاج في كثير من الأحيان؟ ما هي بعض الطرق التي يمكنك من خلالها التعامل مع هذه المشاعر بفعالية؟

يسمح لك التعرف على نقاط ضعفك بالبحث عن طرق للتعامل مع هذه العيوب.

تذكر أن العواطف عابرة

قد يزعجك زميلك في العمل أو قد يعطيك رئيسك مهمة محبطة لإكمالها. قبل أن تقوم بأي رد فعل، تذكر أن هذه الأشياء مؤقتة وعابرة، لذا فإن اتخاذ قرارات متهورة، بناءً على العواطف الثائرة واللحظية، يمكن أن تضر بشكل كبير أهدافك ونجاحك على المدى الطويل.

اكتسب سمة ضبط النفس

جعل "جولمان" سمة ضبط النفس جزءًا مهمًا من الذكاء العاطفي. لأن إدراك عواطفك هو بالفعل خطوة أولى مهمة، لكنك تحتاج أيضًا إلى أن تكون قادرًا على إدارة الأشياء التي تشعر بها، فهذا في النهاية هو بيت القصيد.

الأشخاص الذين يمتلكون سمة ضبط النفس بشكل جيد قادرون على التكيف بشكل ممتاز مع المواقف المتغيرة. فهم ينتظرون الظروف المناسبة للتعبير عن عواطفهم، بدلاً من مجرد التفاعل بشكل متهور في الوقت الحالي.

من يمتازون بهذه السمة، يفكرون أيضًا في كيفية تأثير تعبيراتهم العاطفية على الآخرين. وهذه بعض طرق البدء في تحسين هذه المهارة في مكان العمل:

ابحث عن تقنيات للتخلص من ضغوط العمل

تعتبر ممارسة الهوايات والتمارين الرياضية خارج العمل وسيلة جيدة.

فكر في جميع الاحتمالات

يمكن للعواطف أن تربكك بسرعة، ولكن يمكنك أن تتخذ خيارًا أكثر هدوءًا وعقلانية، إذا أعطيت نفسك القليل من الوقت للنظر في جميع الاحتمالات.

حسن مهاراتك الاجتماعية

تشير البحوث في علم النفس العاطفي أيضًا إلى أن الأشخاص الذين يملكون معادلات EQs مرتفعة، لديهم أيضًا مهارات اجتماعية قوية. لأنهم بارعون في التعرف على عواطف الآخرين.

وعليه فهم قادرون على الاستجابة بشكل مناسب للموقف. ولاريب في أن المهارات الاجتماعية تحظى بتقدير كبير في مكان العمل، لأنها تؤدي إلى تواصل أفضل وجو عمل أحسن.

يمكن للموظفين والقادة ذوي المهارات الاجتماعية العظيمة بناء علاقة مع الزملاء وإيصال أفكارهم بفعالية. بل إن الأشخاص الذين يتمتعون بمهارات اجتماعية جيدة ليسوا فقط أعضاء رائعين ضمن افريق العمل.

بل هم قادرون أيضًا على تولي أدوار قيادية عند الحاجة.

استمع لما يقوله الآخرون

هذا لا يعني فقط أن تصيخ أذنيك وتستمع للمتحدث. فالاستماع الفعال يتضمن إظهار الاهتمام وطرح الأسئلة وتقديم الملاحظات. سواء كنت في دور إداري أو كنت عضوًا في فريق.

يمكن أن يُظهر الاستماع الفعال أنك متحمس وعلى استعداد للعمل بجد لمساعدة المجموعة على تحقيق أهدافها.

انتبه إلى التواصل غير اللفظي

يمكن للإشارات التي يرسلها الناس من خلال لغة جسدهم أن تنقل الكثير عن ما يعتقدونه حقًا.

كن أكثر تعاطفًا

الأشخاص الأذكياء عاطفيًا يجيدون فهم ما يشعر به الآخرون. ولكن التعاطف هو أكثر من مجرد فهم، بل هو إبراز تقديرك وتفهمك لهذه المشاعر.

انظر للأشياء من وجهة نظر الشخص الآخر

قد يكون الأمر صعبًا في بعض الأحيان، خاصةً إذا كنت متأكدا من أن الشخص الآخر هو المخطئ. ولكن بدلاً من ترك الخلافات تتحول إلى صراعات كبرى.

اقضِ بعض الوقت في النظر إلى الموقف من منظور الآخر. يمكن أن تكون خطوة أولى كبيرة نحو إيجاد نقاط التقاء مشتركة بين وجهتي النظر المتعارضتين.

انتبه إلى كيفية ردك على الآخرين

هل تتيح لهم فرصة مشاركة أفكارهم؟ هل تقدر مساهماتهم وآرائهم، حتى لو كنت لا توافقهم عليها؟ إن تقدير الآخرين وشكرهم على مجهوداتهم، يوفر أجواءا أفضل للتواصل وتبادل الأفكار، وبالتالي الخروج بأفضل النتائج.

اعمل على تحفيز نفسك

عنصر رئيسي آخر في الذكاء العاطفي هو شيء يعرف باسم الدافع الداخلي.

يميل الأشخاص الأذكياء عاطفيا، إلى أن يكونوا أكثر حماسًا لتحقيق الأهداف من أجل أنفسهم في المقام الأول، وليس للبحث عن مكافآت خارجية، يريدون أن يفعلوا ما يفعلونه، ببساطة لأنهم يجدونه مُرضيا، وبالتالي فهم متحمسون للقيام به.

المال، والمكانة، والإشادة، كلها أهداف محفزة.. لكن الأشخاص الذين يحققون نجاحًا كبيرًا في مكان العمل عادة ما يكون لديهم دافع لشيء أكثر من ذلك.

هم متحمسون لما يفعلونه، ويحبون مواجهة تحديات جديدة، كما أنهم قادرون على إلهام الآخرين للعمل بجد وإصرار من أجل تحقيق أهدافهم.

يلعب الذكاء العاطفي دورًا مهمًا ليس فقط في الرفاهية ولكن أيضًا في نجاحك في مكان العمل. لحسن الحظ، هناك عدد من الدروس التي يمكنك أخذها من علم النفس العاطفي والتي ستسمح لك بتعزيز الكفاءات العاطفية لديك، وبالتالي تحسين أداء عملك ومعدل نجاحك الوظيفي.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ