آخر تحديث: 13/02/2023

ما الفرق بين المرض والابتلاء؟ ولماذا يبتلى الله الإنسان بالمرض؟

الفرق بين المرض والابتلاء وكيفية التعامل الصحيح مع الابتلاء، وهل المرض ابتلاء أم بلاء، تساؤلات عديدة تتبادر إلى الأذهان عندما يتعرض المرء إلى أمرٍ قاسٍ من أمور الدنيا ولا يستطيع الصمود أو الصبر على ما وقع عليه، ولعل في ذلك حكمة قد لا يعقِلها العبد لكن الله تعالى يحكم بين عباده كيفما شاء، فلنتعرف من خلال موقع مفاهيم على أهم الفروق بين المرض والابتلاء وكيف تحدّث القرآن الكريم والسنة النبوية عن الابتلاء وغيرها الكثير من المعلومات.
ما الفرق بين المرض والابتلاء؟ ولماذا يبتلى الله الإنسان بالمرض؟

الفرق بين المرض والابتلاء

  • إنَّ الإنسان جزوع بطبعه ولا يستطع الصبر على ما أصابه، إلا أن التمسّك بالله والإيمان به مُسكنات ربانية تساعد على الصبر عند الابتلاء والشِدّة.
  • ويعد المرض أحد أنواع الابتلاءات المختلفة وهو من السنن الإلهية التي لا تتغير ولا تتبدل، أي أنه الابتلاء الذي يُخبِر النَفس عن مدى صدقها الإيمانيّ مع الله عند وقوع الابتلاء سواء كان مرض أو فقدان عزيز أو غير ذلك.
  • وقد أبلغ رب العرش العظيم في قوله تعالى: "كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرَّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ"، أي نمتحن المؤمنين بالابتلاء تارة، وبالنعم تارة أخرى لننظر من يصبر ويحتسب ومن يقنط ويقل صبره.

وربما يكون ابتلاء العبد بشيء ظاهره شر، إلا أن باطنه خير عظيم كما في قوله تعالى:

"وَعَسىَ أَنْ تَكرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيِرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُوا شَيئًا وَهُوَ شَرٌ لَكُمْ وَالله يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ".

  • ويعد المرض من الابتلاء وليس هناك فروق بينهما إلا أن يكون العبد صابرًا مُحتسبًا أجره عند الله فيما نزل به من بلاء وكرب عظيم، فالله تعالى يبتلي المؤمن بالسراء والضراء وبالشدة والرخاء لرفع درجته في الدنيا والآخرة ومضاعفة حسناته.
  • فالمؤمن الصالح سيتجه إلى العبادات ويؤدي ما عليه أمام الله سبحانه وتعالى ليُسكَن قلبه وعقله بالله على ما أصابه.
  • أما إذا كان العبد غير قادر على التحمل والصبر، فلن ينجح في الامتحان وستجده في كل وقت مضجر وحزين ولسانه قليل الذِكر بالله عز وجل، ولن يُجزَى الجزاء الحَسن، أما الصالحين من العباد سَيُجزون على صبرهم.

كما جاء في رواية عن ابن ماجة عن مُصعَبِ بن سعد، عن أبيه قال: "قُلت: يا رسول الله، أيُّ الناس أَشدُّ بلاء؟، قال: الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، فَيُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلبًا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقه، ابتليَ على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعيد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة".

وقد يكون المرض أو الابتلاء بالمرض عقوبة مُعجلة في الدنيا لتخفيف المعاصي والذنوب كما جاء في قوله تعالى:

"وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصيبةِ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعفُو عَنْ كَثِيرٍ".

وليس شرطًا أن يكون العقاب بالمرض وحسب بل هناك ابتلاءات عديدة كالهموم والكرب والحزن وغيرها، كل هذا لتعظيم الأجر والثواب والدرجات وكذلك ليكون عِبرة لغيره من العباد بعدم التقصير والامتثال لأوامره سبحانه وتعالى.

الفرق بين المرض والابتلاء وهل المرض دليل على غضب الله؟

إن الفرق بين المرض والابتلاء لا يكون إلا بقوة الإيمان بالله والصبر على ما نزل بالمرء، فيما أن هناك أسباب للابتلاء بالمرض، ومنها:

  • قد تكون تكفير عن المعاصي والخطايا، كما جاء في قوله تعالى: "وَمَا أَصَابكُمْ مِنْ مُصيبةِ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْديكُمُ وَيَعفُوا عَنْ كَثِيرٍ".
  • وربما لرفع الدرجات وزيادة الحسنات، ففي الحديث الصحيح: "ما من مسلم يُشاك شوكة، فما فوقها إلا كُتِبت له بها درجة وَمُحيت عنه بها خطيئة" ولا نغفل أن المرض له قيمة وفضل كبير يجعل المرء في تقرُّب دائم إلى الله تعالى بالذكر والاستغفار والدعاء، كذلك دخول الجنة.

ففي الحديث القدسي: "إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر، عوضته منهما الجنة".

  • أيضًا للنجاة من النار وعذاب جهنم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنه عاد مريضا، ومعه أبو هريرة من وعك به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبشر فإن الله يقول: هي ناري أُسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا، لتكون حظه من النار في الآخرة"، وعن عائشة رضي الله عنها: "الحمى حظ كل مؤمن من النار".
  • كما أن سبب المرض والابتلاء رد المرء المؤمن إلى ربه وتذكيره بما فعله من ذنوب ومعاصي وتنبيهه من غفلته.

ففي قوله تعالى: "وَلقدْ أَرْسَلنَا إِلىَ أُمَمٍ منْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأسَاءِ وَالْضَّرَّاءِ لَعَلّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ".

  • ويوجد مسكنات إلهية حثّنا بها الرسول صلى الله عليه وسلم تفيد صاحب الابتلاء بالمرض بفعلها، حيث جاء في السنة النبوية الشريفة بأن الدعاء بهذه الكلمات يُشعِر المُبتلى بالراحة والتخفيف عن الألم حين يقول:

"بسم الله ثلاثا، وقل: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر" سبع مرات.

  • لذلك ينبغي على من ابتلاه ربه بالمرض أن يُحسن الظن بالله ويهدئ في جزعه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "إن الله جل وعلا يقول: أنا عند ظن عبدي بي، إن خيرا فله، وإن شرا فله".
  • كما أن الإكثار من الدعاء وأن يكون العبد لحوحًا على الله تعالى من أفضل ما يجب الحرص عليه ما لم يعجل، يقول: "دعوت فلم يُستجب لي"، فما على العبد إلا أن يكون لديه يقين بالشفاء العاجل بإذن الله تعالى، وأن يصبر ويحتسب وألا ييأس من رحمة الله به وبما نزل عليه من ابتلاء.

أحاديث نبوية عن الابتلاء بالمرض

ورد في السنة النبوية المطهرة الكثير من الأحاديث التي أوضحت الفرق بين المرض والابتلاء وكيف يصبر المؤمن على الابتلاء بالمرض لرفع درجته في الدنيا والآخرة، وكانت هذه الأحاديث كالآتي:

  • ثبت عن أبي سعد الخدري رضي الله عنه قال: "دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فوضعت يدي عليه، فوجدت حرة بين يدي فوق اللحاف، فقلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاء، قال: الأنبياء، قلت: يا رسول الله ثم من، قال: ثم الصالحون إن كان أحدهم لَيُبتلى بالفقر حتى ما يجد أحدهم إلا العباءة يحويها، وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء".
  • قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة لم يبلغها بعمله، ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده ثم صبَّرهُ على ذلك، حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله تعالى".
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن العبد إذا مرض أوحى الله إلى ملائكته: أنا قيّدت عبدي بقيد من قيودي، فإن أقبضه أغفر له، وإن أعاقبه فحينئذ لا ذنب له".
  • ثبت عن أم العلاء رضي الله عنها قالت: "عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريضة، فقال: أبشري يا أم العلاء، فإن مرض المسلم يذهب الله به خطاياه، كما تُذهِب النار خَبثَ الذهب والفضة".
  • قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من مصيبة تُصيب المسلم إلا كفَّر الله بها عنه، حتى الشوكة التي يُشاكُها".
ختاما نصل إلى نهاية موضوعنا الفرق بين المرض والابتلاء وأن المرض أحد أنواع الابتلاء وكلاهما واحد، فمن أصابه ابتلاء فعليه بالصبر وألا يجزع، وإن كان ابتلاءه بالمرض فلا يجزع أيضًا ففي هذا الأمر فضلٌ عظيم وأجرٌ على ما أصاب العبد المؤمن من قيّد لجسده لحكمة أرادها الله عز وجل لعبده ليرفع أجره ويلقى جزاءه العظيم من تكفير للسيئات أو زيادة حسنات أو تذكير بالله على ما أنعم به عليه وقت الصحة.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ