تعريف الغزل وأنواعه مع خاصية كل نوع وأشهر أبياته
تعريف الغزل
- إنه أحد أنواع الشعر العربي المعروف بشكل كبير ومنتشر أيام الجاهلية، حيث كان الشعراء يتخذون التغني بجمال محبوبتهم موضوعًا لأبيات شعرهم الغزلية.
- في شعر الغزل يركز الشاعر على وصف جمالِ الحبيبة وتسليط الضوء على مواطنِ الجمال فيها، كأن يَتغنى بِجمال جَسدِها، أو جمال عيونها، أو إشراقة وَجهِها.
- يمكن أن يتخذ الشاعر من شعر الغزل كذلك متنفسًا حيث يعبر فيه عن شكواه من ألم فراق الحبيبة، وابتعادها عنه أو سَفرها.
- غالبا ما كانت بداية القصيدة في شعر الغزل تشمل التغني بالمحبوبة وجمالها، كما كانوا يتحدثون عن المكان الذي رحلت إليه حزنًا على فراقها، ومن قصائد الغزل الأكثر شهرة على الإطلاق نجد مُعلقة امرؤ القيس التي كان مطلعها أبيات يتغزل في محبوبته ويحزن على بُعدها، وظلت مقدمة القصائد الشعرية عبارة عن غزل فقط حتى في عصر صدر الإسلام، إذ تضمنته قصيدة مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كتبها كعب بن زهير في أول أبياتها، وكانت الكلمات التي تُذكر في هذا النوع من الشعر يغلب عليها العفة والأدب والطهر مما تناسب مع الأفكار الإسلامية.
أنواع الغزل
ينقسم شعر الغزل إلى نوعين رئيسيين وهما:
1. تعريف الغزل العذري
- في هذا النوع الشعري من الغزل يحرص الشاعر على التغني ووصف المحاسن الجمالية لحبيبته، محاسن معنوية فقط من قبيل ذكر أحاسيسه تجاهها وشوقه لها بعد الفراق وعن عذابه عقب صعوبة اللقاء بها ورؤيتها، مبتعدًا بشكل كلي عن وصف جمال جسدها أو مفاتنها.
- هذا النوع الشعري، الغزل العذري، كان سائدًا بشكل أكبر في العصر الأموي، وتعود أصل التسمية إلى بني عذرة، الذي كانت لديهم سمعة شائعة من الإخلاص الشديد للحبيب، لدرجة أن البعض منهم يموت من العشق والوله.
- من أكثر الشعراء الذين اشتهروا بالغزل العذري نذكر قيس بن المُلوح المعروف باسم مجنون ليلى وجميل ابن عبد الله المعروف بجميل بثينة كناية لاسم محبوبته.
من أشهر أبيات مجنون ليلى في الغزل العذري:
خليـليَّ لا واللهِ لا أملكُ الذي قضى اللهُ في ليلى ولا مَا قَضى لِيَا
قضَاهَا لِغيري وابتلاني بِحُبِّها فهلّا بشـيءٍ غير ليـلى ابتلانيا
من أشهر ابيات جميل بثينة:
تَقولُ بُثَينَةُ لَمّا رَأَت فُنوناً مِنَ الشَعَرِ الأَحمَرِ
كَبِرتَ جَميلُ وَأَودى الشَبابُ فَقُلتُ بُثَينَ أَلا فَاِقصُري
أَتَنسينَ أَيّامَنا بِاللِوى وَأَيّامَنا بِذَوي الأَجفَرِ
أَما كُنتِ أَبصَرتِني مَرَّةً لَيالِيَ نَحنُ بِذي جَهوَرِ
لَيالِيَ أَنتُم لَنا جيرَةٌ أَلا تَذكُرينَ بَلى فَاِذكُري
قصيدة لِعَزَّةَ هاجَ الشَوقَ فالدَمعُ سافِحُ
لِعَزَّةَ هاجَ الشَوقَ فالدَمعُ سافِحُ
مَغانٍ وَرَسمٌ قد تَقادَمَ ماصِحُ
بِذي المَرخِ وَالمَسروحِ غَيّرَ رَسمَها
ضَروبُ النَدى قَد أَعتَقَتها البَوارِحُ
لِعَينيكَ مِنها يومَ حَزمِ مَبَرَّةٍ
شَريجانِ مِن دَمعٍ نَزيعٌ وَسافِحُ
أَتيٌّ وَمَفعومٌ حَثيثٌ كَأَنَّهُ
غُروبُ السَواني أَترَعَتها النَواضِحُ
إِذا ما هَرَقنَ الماء ثُمَّ اِستَقينَهُ
سَقاهُنَّ جَمٌّ مِن سُميحَةَ طافِحُ
لَيالي مِنها الوادِيانِ مَظِنَّةٌ
فَبُرَقُ العُنابِ دارُها فَالأَباطِحُ
خصائص الغزل العذري
- من خصائص الشّعر العُذري العِفَّة والتزام معجم عربي لا يخدش حياء القارئ، حيث لا يَتم ذِكر أيّ مفاتن جسدية، بالإضافة إلى الإخلاص لِمحبوبة واحدة؛ حيث تَشتهر هذه الفتاة، ويشيع ذكر اسمها بين الناس وينادى الشاعر باسمها، وهناك العديد من الشّعراء الذين ارتبطت أسماؤهم بأسماء محبوباتهم مثل: كُثير عزة، ومجنون ليلى، وجميل بُثينة.
- عدم وصف الملامح الجسدية للحبيبة.
- صدق الشاعر في كلامه والعفة في ذكر المحبوبة بشكل عام.
- الألفاظ المستخدمة تتميز بالرقة والعذوبة.
- حرارة المشاعر بسبب الحالة التي يعيشها الشعراء بعيدًا عن الحبيبة.
- من مميزات هذا النوع الأسلوب المباشر، فقد كان يبدأ الشاعر بذكر المحبوبة على الفور.
- إظهار ألم الفراق وعذابه الذي كان يعاني منه الشعراء.
- الابتعاد تمامًا عن الأوصاف الجسدية والجنسية وما يشابهها.
- لا يذكر الشاعر سوى حبيبة واحدة، ولا تزيد عن ذلك ويكون الغزل كله لها.
- بساطة المعاني وصفائها في توضيح الحب هو ما يقدمه الغزل العذري.
2. تعريف الغزل الصريح
- يمكن فهم تعريف الغزل الصريح من خلال اسمه "الصريح" حيث أنه وبالصريح يخاطب الشعر محبوبته ويتغنى بمفاتنها الجسدية من ملامح وجه وشكل الجسم والبشرة ومشيتها وأعضائها وغير ذلك.
- هو نوع من الغزل يعتمد فيه الشاعر على وصف أوقاته مع النساء، ومن الأمور التي تميزه أن الشاعر لا يذكر اسم امرأة واحدة فقط، بل يُلاحظ الكثير منهن كما يتحدث عن الجواري
- ومن أكثر الشعراء الذين اشتهروا في ذلك النوع من الغزل هو عمر بن أبي ربيعة، حيث أنه عند النظر في قصائده تصل عشيقاته إلى 42 واحدة.
من أشهر أبيات الغزل الصريح قصيدة عمر بن أبي ربيعة:
قصيدة ليتَ هِنداً أنجزتنا ما تَعِد
لَيتَ هِنداً أنجَزتنا ما تَعدْ وشَفَتْ أنفُسَنا مِمَّا تَجِدْ
واستَبدَّتْ مرةً واحدةً إنَّما العَاجزُ مَن لا يَستبِدْ
زَعَموها سَأَلَت جاراتِها وَتَعَرَّت ذاتَ يَومٍ تَبتَرِدْ
أكَما يَنعَتُني تُبصِرنَني عَمرَكُنَّ اللهَ، أَم لا يَقتَصِدْ؟
طَفلَةٌ بارِدَةُ القَيظِ إِذا مَعمَعانُ الصَيفِ أَضحى يَتَّقِدْ
سُخنَةُ المَشتى لِحافٌ لِلفَتى تَحتَ لَيلٍ حينَ يَغشاهُ الصَّرَدْ
حَدَّثوني أَنَّها لي نَفَثَت عُقَداً يا حَبَّذا تِلكَ العُقَدْ
كُلَّما قُلتُ مَتى ميعادُنا ضَحِكَت هِندٌ وَقالَت بَعدَ غَدْ
قصيدة هروبٌ بعد الوصال
فَما راعَني إِلّا مُنادٍ: (تَرَحَّلوا)، وَقَد لاحَ مَفتُوقٌ مِنَ الصُبحِ أَشقَرُ
فَلَمّا رَأَت مَن قَد تَنَبَّهَ مِنهُمُ وَأَيقاظَهُم، قالَت: أَشِر كَيفَ تَأمُرُ
فَقُلتُ: أُباديهِم فَإِمَّا أَفوتُهُم، وَإِمّا يَنالُ السَيفُ ثَأراً فَيَثأَرُ
فَقالَت: أَتَحقيقاً لِما قالَ كاشِحٌ عَلَينا وَتَصديقاً لِما كانَ يُؤثَرُ (كاشح: فتى كان يشك في علاقة عمرٍ، بهند، فدارت قصتهم على لسانه)
فَإِن كانَ ما لا بُدَّ مِنهُ فَغَيرُهُ مِنَ الأَمرِ أَدنى لِلخَفاءِ وَأَستَرُ
أَقُصُّ عَلى أُختَيَّ بِدءَ حَديثِنا وَما لِيَ مِن أَن تَعلَما مُتَأَخَّرُ
لَعَلَّهُما أَن تَطلُبا لَكَ مَخرَجاً وَأَن تَرحُبا صَدراً بِما كُنتُ أَحصُرُ
فَقامَت كَئيباً لَيسَ في وَجهِها دَمٌ مِنَ الحُزنِ تُذري عَبرَةً تَتَحَدَّرُ
فَقامَت إِلَيها حُرَّتانِ عَلَيهِما كِساءانِ مِن خَزٍّ، دِمَقسٌ وَأَخضَرُ
خصائص الغزل الصريح
- وجودُ أسلوبِ الحوارِ بشكلٍ لافت للنّظر وطاغي حيث تكثر فيه عبارةُ (قالت) و (قلت لها).
- رقةُ الألفاظ والكلمات الموجودة فيها وبساطتها. الالتزام ببحورِ الشّعر القصيرة. مَدح الشّاعر لِنفسِهِ، وتغزله بمحاسنه.
- لا يذكر فيه الشاعر حبيبة واحدة، كما يحدث في الغزل العذري، ومما يدل على ذلك هو الأسماء العديدة التي وردت في أبياتهم.
- تصوير المرأة بهيئة الجريئة التي ترغب في معشوقها، وليست محبوبة تحتفظ بحيائها مثلما يحدث في العذري.
- وصف جسد ومفاتن المرأة بشكل صريح وبجرأة.
- التباهي بالعلاقات العاطفية المتعددة وسرد المواقف المشوقة مع المعشوقة بفخر، وهو ما يعطي قصائدهم الطابع السطحي، الذي يخلو من العواطف.
في الشِعر الحديث، لقي الشاعر نزار قباني ما لقيه عمر بن أبي ربيعة، من هجوم، وتقريع، على تفصيله لمفاتن المرأة، وتفاصيل الاتصال الجسدي، إلا أن للقباني في الغزل المعنوي، مثل ما له في الصريح، فهل يشفع له ذلك؟
ما هو الغزل المباح؟
- لم يقل العلماء بمدح الشعر مطلقًا ولا بذمه مطلقًا، بل حملوا المطلق على المقيد أو العام على الخاص، فقالوا: ما كان منه حسنا فهو حسن، وما كان منه قبيحًا فهو قبيح، ويحدد الحسن والقبيح من الشعر قول ابن حجر في فتح البارى: ج 13 ص 155 ـ والذي يتحصل من كلام العلماء في حد الشعر الجائز أنه إذا لم يكثر منه في المسجد وخلا عن هجو وعن الإغراق في المدح والكذب المحض والتغزل بمن لا يحل.
- وقد نقل ابن عبد البر الإجماع على جوازه إذا كان كذلك، وبناء على هذا يكون ما سمعه النبي صلى الله عليه وسلم من الشعر هو ما كان حسنا، وشعر كعب بن زهير وإن كان فيه تغزل فهو تغزل حلال.
- وقد تحدث العلماء في الغزل الحلال، وخلاصة كلامهم: أن الشاعر إذا لم يقصد بالتشبيب امرأة معينة، أي كان مرسلًا، أو اختلق لها اسمًا كسعاد وسلمى غير مقصود به معينة فهو جائز، فإن قصد به امرأة معينة وكانت على قيد الحياة فهو حرام إن كانت أجنبية عنه، لأنه يهيج إليها.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_20496