آخر تحديث: 02/04/2022
أنواع الإحسان في الإسلام، وأهم الأمور التي تعين المسلم على الإحسان
اليوم نقف وقفة جليلة مع خلق عظيم، وعمل من أعمال البر والخير، خلق من أخلاق المقربين، وصفة من صفات العابدين، بهذا الخلق العظيم تتقدم الأمم، وتجتمع النفوس وتتماسك المجتمعات، وسبيل إلى قبول الأعمال وتحسن الأحوال، ألا وهو خلق الإحسان، وفي هذه الأسطر المقبلة في موقع مفاهيم نقدم لكم تفصيلا محترما عن هذا الخلق الجليل... فتابعوا معنا القراءة.
مفهوم الإحسان ومعناه
تتعدد مفاهيم الإحسان كما وردت في اللغة والشرع، وتشمل ما يلي:
- الاحسان لغة: الإتقان، ويقال فعلت الشيء على وجه الإحسان أي على وجه الإتقان.
- والاحسان شرعا: القيام بما أمر به شرع الله بالمطلوب في الشرع على وجه حسن، والإحسان أيضا كل قول وفعل ومال وجاه قدم للمسلمين على وجه المعروف، وأن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تراه فهو يراك.
- الإحسان هو فعل كل ما هو حسن وجميل، وهو ضد الإساءة والقبح، وقال بعض السلف عن الإحسان وحقيقته "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وأن تبذل ما تستطيعه من النفع والخير للبلاد والعباد".
مكانة الإحسان وفضله
للإحسان مكانة عظيمة في شرع الله تبارك وتعالى، فمقامه مقام العابدين الزاهدين أحباب الله، وجاء ذلك في عدة مواضع تشمل الآتي:
- يقول تعالى "والله يحب المحسنين" فهو غاية الداعين لرحمته سبحانه، ومنتهى قصد السالكين.
- يعتبر الإحسان من بين أكبر العلامات على نبل المرء واعترافه بالفضل والحرص على الواجب والسعي وراء تقديم الخير والجميل للغير، طريق معبد لكسب قلوب العباد واستعباد الأفئدة، والإحسان عطاء بلا حدود. فمَن أحسن مع الله أحسن مع الناس، ووجد في قلبه سهولة الإحسان إليهم.
- كما قال تعالى: ﴿ وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 34،35].
الإحسان صفة من صفات الله عز وجل
الله جل وعلا محسن إلى مخلوقاته، وهو الذي خلقنا فأحسن صورنا، وله الحمد وإليه يرجع الفضل والحسن كله قال سبحانه وتعالى عن نفسه، في عدة آيات قرآنية تشمل ما يلي:
- ﴿ ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾ [السجدة: 6 - 9].
- وقال سبحانه: ﴿ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [غافر: 64].
- وقال سبحانه: ﴿ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ ﴾ [الملك: 3، 4].
- وقال سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ [المؤمنون: 12 - 14].
- وقال سبحانه: ﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: 88].
- وهو جل وعلا المحسن المتفضل على عباده، فنعمه علينا كثيرة لا تعد ولا تحصى، ومن أبين ثور إحسان الله على خلقه، إحسانه للعاصين والمذنبين ورحمته لهم، ويقبل توبة كل من عاد وأناب إليه قال تعالى ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الشورى: 25].
أنواع لخُلق الإحسان
هناك أكثر من صورة يمكن من خلالها توضيح معنى وشكل الإحسان، وتشمل ما يلي:
الإحسان في العبادة
- إن من الأمور التي يدعى المسلم إلى الإحسان فيها، عبادته لربه، فعليك أن تعبد ربك وتتقرب إليه على الوجه الذي يرتضيه لك سبحانه بلا زيادة ولا نقصان، بإتقانك لصلاتك وزكاتك وحجك وصيامك، تكون قد دخلت في مفهوم الإحسان في العبادة.
- والطريق إلى ذلك هو ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم في جوابه عن سؤال جبريل عليه السلام، حين سأله: مَا الإحسان؟ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ».
الإحسان في القول والعمل
- المسلم مطالب بالإحسان والإتقان، في جل أقواله وأفعاله، سواء التعبدية أو الحياتية الدنيوية، لقوله عليه الصلاة والسلام: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء". إذ ما من أمر في حياة العباد إلا ولله فيه حكم وشرع.
- قال سبحانه: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163].
الإحسان إلى الفقراء والمحتاجين
- من أهم صور الإحسان أن نشعر بالفقراء والمحتاجين ونُحسن إليهم بالمعروف، والسؤال عنهم هي من صفات المسلم المؤمن، الذي يخاف أن يخالف شعر الله.
- لذا من الضروري منح هؤلاء أحب ما تملكه يعود ثماره عليك في الدنيا والأخرة، حيث قال الله تعالى(( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)).
أمور تعين على الاحسان
استحضار مراقبة الله عز وجل
- وذلك باستشعار العبد مراقبة الله له في السر والعلن، في الخلوة وفي النجوى، وأن ربه سبحانه مطلع عليه وهو الذي يعلم السر وأخفى. قال سبحانه: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا﴾.
- وقال عز وجل: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 7].
- فمن عرف قدر الله عليه وقدرته على خلقه، وأنه سبحانه ناظر إليه فلا شك أنه سيخافه وسيتقيه ويحسن في عمله.
تذكر العبد ليوم الحساب
- فالذي أيقن بيوم الحساب والجزاء، وعلم أن الله تعالى جامع الناس لذلك اليوم لا ريب فيه، فإن ذلك سيقع على قلبه ويذكره بالعمل الحسن والإحسان في كل حركاته وسكناته.
- قال سبحانه: ﴿ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا * وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا * مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ﴾ [الإسراء: 12 - 15].
- وقال عز وجل: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7، 8].
بعد كل ما ذكرناه أعلاه، فلابد لك أيها الأخ الكريم أن تستشعر نعمة الله عليك وإحسانه إليك ليكون ذلك مدعاة لإحسانك لعباده وله عز وجل في القول والعمل.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_2816
تم النسخ
لم يتم النسخ