كتابة :
آخر تحديث: 10/10/2021

سن المراهقة والوسواس تعرف عليها

هناك بحوث أجريت على علاقة سن المراهقة والوسواس، تلك الأبحاث أثبتت أن هناك مشكلة كبيرة قد تحدث للمراهقين من سيطرة بعض الأفكار الهدامة عليهم في شكل وسواس لا يستطيعون الهروب منه ويكون قهرياً، أو يستطيعون الخروج منه ولكن يعودون إليه مرة أخرى بمحض إرادتهم.
والحقيقة أن سن المراهقة يعتبر من المراحل التي تشكل عبئاً كبيراً على كل أب وكل أم بل وكل من يقوم بأدوارهم في دور الرعاية البديلة، وذلك لما في سن المراهقة من تحولات في شخصية الطفل إذا لم يتم فهمها واستيعاب أبعادها من جانب الطفل نفسه ومن جانب المتعاملين معه فقد تؤدي إلى مشاكل نفسية ترافق الطفل باقي سنوات عمره، وقد تؤدي إلى كوارث مثل إقدامه على الانتحار أو الجنوح إلى انحرافات سلوكية.
سن المراهقة والوسواس تعرف عليها

سن المراهقة والوسواس

في البداية يجب أن نعرف أولاً ما هو الوسواس، إنه فكرة تتكرر باستمرار، وربما كررها الطفل رغبة منه في استمرار النقاش فيها بينه وبين نفسه، وفي تلك الحالة لا تكون الفكرة قهرية ولكن حين يفكر فيها الطفل بشكل لا إرادي منه، وبشكل لا دخل له فيه، بل تدخل عليه وتقتحم أفكاره، فهذا يعد وسواساً قهرياً.

ولكي نعرف أولاً الأفكار وكيفية نشأتها في قلب وعقل المراهق يجب أولاً أن نتفهم بعض الملاحظات عن المراهق حتى ندرك خطورة الأفكار السلبية وأهمية تدعيم الأفكار الإيجابية لدى نفسية المراهق.

فكثير من المراهقين لا يستطيعون الفكاك أو الهروب من أفكار هدامة تسيطر عليهم، مثل شعورهم بالاكتئاب بشكل مستمر وبدون سبب، وشعورهم بعدم الانتماء لأسرتهم ورغبتهم في الانتقام من الشخصيات الوالدية لفك القيود المفروضة على المراهق منهم.

وقد تكون الوساوس عبارة عن مشاعر غيرة من الإخوة ورغبة في الإضرار بهم، وعدم استطاعة الطفل الاقتناع بعدم معقولية تلك الأفكار مهما حاولنا التقريب بينه وبين إخوته، فتلك الوساوس تنمو بشكل كبير منتصرة على أي فكرة إيجابية.

المراهقة والاستعداد للبلوغ

ربما لم نسمع تلك المقولة من قبل، ولكنها الحقيقة التي يجب على كل أب وكل ام أن يعيها كل منهم، فمن استعد للبلوغ من وقت مبكر استطاع أن يعبر مرحلة المراهقة بأمان كبير، ومن لم يستعد للبلوغ بتنشئة سليمة وزرع للأفكار الواعية في عقل الطفل وقلبه، فإنه يكون في مرحلة المراهقة في عمل شاق لإدراك ما فاته في مرحلة الطفولة المبكرة.

ويجب التنويه على أنه ما من داء إلا وله دواء، وما من مشكلة إلا ولها خطوات للحل، ولكن في البداية يجب أن ندرك أهمية التنشئة المبكرة السليمة للوقاية من بعض الوساوس التي قد تصيب المراهق.

النقاش من مرحلة الطفولة وأهميته

كثير من الآباء والأمهات لا يعطون أبنائهم الفرصة للنقاش وعرض ما بداخلهم من أفكار، ففي بعض الأحيان يكون الآباء والأمهات منهمكين في توفير عناصر الحياة المادية، متجاهلين احتياجات الطفل المعنوية، الأمر الذي يؤدي إلى شعور الطفل بفقر شديد معنوياً، هذا الفقر الذي يمتد معه لسن المراهقة ويسبب له العديد والعديد من المشكلات.

فكل طفل يحتاج إلى العديد والعديد من الاحتياجات المعنوية، تلك الاحتياجات التي لا غنى لأي إنسان عنها، ولا تعوضها أي تعويضات مادية، مهما بلغت قيمة الماديات، فاحتياج الطفل للأمان واحتياجه للشعور بالاهتمام والانتماء، وشعوره بأن والديه دائماً بالقرب منه لحمايته وتدعيمه بكلمات التقدير.

تلك الاحتياجات التي قد لا يجدها الطفل في بيئته الأصلية، فيتجه لأسرة بديلة ربما كانت غير آمنة لتلبية تلك الاحتياجات، فتزرع في قلبه ووعيه الأفكار الضارة التي تعطل نمو المهارات النفسية والعضوية لديه.

أمثلة لبعض الأفكار الهدامة وعلاقتها بالوسواس

  • تعد الحماية الزائدة والبيئة الصارمة بيئة خصبة لنمو الأفكار الهدامة، خاصة تلك البيئة التي يعتقد فيها الطفل أنه بلا قيمة، وأن رأيه لن يكون فاعلاً في أسرته، فيتظاهر الطفل بطاعة وهمية لوالديه، وبمجرد أن يخرج من سطوة المنزل للشارع يتعلم الكذب والخداع ويحاول الوصول لأقران سوء يشعر معهم بالأمان لأنهم يعطونه الشعور بالتقدير والاهتمام.
  • بل إنهم لا يفعلون شيئاً إلا من بعد أن يشاورونه فيه، كما لو كان هو الزعيم، ولكن تعاونهم لم يكن في الأمور الإيجابية، بل كان في أمور سلبية جداً، في السرقة، في الإدمان، في العديد من العادات السيئة.
  • هذا الطفل في هذه البيئة لنا أن نتخيل الصراعات السلبية التي يدخل فيها مع تلك الصحبة، ولنا أن نتخيل التشوهات الفكرية والوساوس التي يتأثر بها نتيجة تلك التنشئة الخاطئة.
  • ولو أن أباه وأمه أعطوه الفرصة للتعبير عن نفسه، وأعطوه الشعور بالتقدير والأهمية، لما بحث عنه في أماكن غير آمنة.

الوسواس ودور الضحية لدى المراهق

هناك استجابة مغايرة للخطأ السابق قد يتخذها المراهق مع الشخصيات الوالدية المتسلطة، فهو لن يخرج من سطوة الشخصيات الوالدية بالهروب لخارج المنزل، ولكن يقوم بالهروب بالحيل الدفاعية لداخل نفسه.

إن المراهق الذي يعاني من قسوة الشخصيات الوالدية في هذا السياق يسيطر عليه شعوراً كبيراً بالضعف وانعدام الثقة بالنفس، هذا الشعور ينتج من أن تاريخه كله خال من أي نجاحات تدعم ثقته بنفسه، فكل القرارات المصيرية في مرحلة الطفولة كانت مفروضة عليه من الشخصيات الوالدية.

فتسيطر عليه وساوس وأفكار هدامة مفادها أنه عديم القيمة في تلك الأسرة، وأنه لن يشعر أي أحد بوجوده إلا عندما يموت، حينها فقط سيشعرون بأنه كان موجوداً يوم ما.

المشكلة في هذا الشعور أن الطفل قبل سن المراهقة يتكون تقديره لذاته من معاملة الشخصيات الوالدية له، فإن أهملت الشخصيات الوالدية الطفل ولم يتم تزويده بالمبادئ النفسية السليمة عن نفسه والمجتمع، فإن الطفل ينشأ ضعيفاً أمام أي فكرة سلبية عابرة.

المناعة النفسية القوية الأساس أمام الوساوس

إن الأفكار والوساوس الهدامة تمر على قلب وعقل الإنسان كل يوم ولكن مناعته النفسية تجعله قادراً على صدها وعدم الانصياع لها، فوجود تلك الأفكار في العالم المحيط بنا شيء، واستجابتنا نحن لتلك الأفكار شيء آخر.

والمناعة النفسية القوية تنشأ من وعي الشخصيات الوالدية بالاحتياجات النفسية للطفل، فإذا ما نجحوا في تدعيم تلك الاحتياجات، كانت المناعة النفسية قادرة على صد الوساوس الهدامة.

وعلى كل أب وكل أم تعويض سنوات الحرمان النفسية التي عاشها أطفالهم وآباؤهم منشغلين بتدعيم الجانب المادي على حساب الجانب المعنوي، فإذا بالجانب المادي لم يغن عنهم شيئاً.

والمصارحة والمكاشفة في تلك المرحلة هامة جداً جداً لكي يضع كل أب يده على نقاط الضعف في نفسية المراهق ومحاولة فتح أبواب النقاش لكي يعبر المراهق عن أفكاره كلها بدون خوف.

وهنا يجب أن يتسم كل أب وتتسم كل أم بالشجاعة الكافية لكي تسمع كل المشاعر السلبية دون غضب أو لوم، ولكن نلتمس العذر لهذا المراهق الذي تعرض لأوبئة الأمراض النفسية دون مناعة نفسية تذكر، إنه في الحقيقة ضحية تستحق العلاج.

وأخيراً.. فإن سن المراهقة والوسواس حين يجتمعان تضع كل أب وكل أم أمام مسئولياتهم لتحويل الوساوس السلبية في قلب المراهق إلى أفكار إيجابية بناءة يفيد بها المراهق نفسه وأسرته ومجتمعه.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ