آخر تحديث: 21/03/2023
كيف تتخذ القرارات الصحيحة؟
حياة الإنسان ما هي إلا مجموعة قراراته المتراكمة يوما بعد يوم، ولا تدري إذا كان أي قرار قد تتخذه، سيحدد مسارا مختلفا كليا لحياتك، عنه لو اخترت القرار الآخر. إذن كيف تتخذ القرارات الصحيحة؟ هذا ما سنتناوله عبر ثنايا الأسطر المقبلة في موقع مفاهيم . قراءة ممتعة!
الأسباب المؤدية إلى اتخاذ القرارات السيئة
- كم متوسط عدد القرارات التي تعتقد أنك تتخذها خلال اليوم؟ العشرات؟المئات، ربما؟ يعتقد علماء النفس أن العدد في الواقع بالآلاف.
- بعض هذه القرارات لها آثار مدوية على مدار حياتنا (مثل الذهاب إلى الكلية أم لا، الزواج، أو إنجاب الأطفال)، في حين أن البعض الآخر تافه نسبيًا (مثل ما إذا كان عليك الاختيار بين الدجاج أو لحم الخروف لتناول طعام الغداء).
- بعض هذه الخيارات يتبين أنها جيدة حقًا (مثل أن تختار تخصصًا جامعيًا يؤدي بعد ذلك إلى مهنة مجزية)، بينما تنتهي خيارات أخرى بالندم والحسرة(مثل أن تكون شطيرة الديك الرومي التي اخترتها مروعة وتسببت لك فيما بعد في ألم المعدة).
- حتى وأنت تنظر إلى الوراء في حياتك، ستجد الآلاف من القرارات السيئة التي قمت بها، وستجد نفسك متسائلا، لماذا تزوجت من الشخص غير المناسب؟ لماذا اشتريت تلك السيارة الصغيرة باهظة الثمن.
- بينما أملك أربعة أطفال وأحتاج إلى سيارة أكبر؟ما الذي كنت أفكر به عندما اشتريت هذا الجينز القبيح في الخريف الماضي؟
- في حين أنه من نافلة القول أنك ستستمر على الأرجح في اتخاذ قرارات سيئة، لكن يمكنك اكتساب فهم أعمق للعملية وراء هذه الخيارات غير العقلانية في بعض الأحيان.
هناك عدد من العوامل التي تساهم في القرارات السيئة ومعرفة كيفية عمل هذه العوامل وكيفية تأثيرها على تفكيرك يمكن أن تساعدك على اتخاذ قرارات أفضل في المستقبل، ومنها:
الاختصارات العقلية
- غالبًا ما تكون مشكلات صنع القرار، ناتجة عن الاعتماد المفرط على الاختصارات العقلية، التي تستحضر القرارات المماثلةالتي نجحت في الماضي، وتستدل بها على الوضع أو الموقف الراهن.
- يأتي هذاالاستدلال باعتماد الاختصارات العقلية مع بعض المزايا الرئيسية.أولاً، يسمحلنا بالتوصل إلى استنتاجات بسرعة.ثانيًا، يوفر الاستدلال أيضًا كلا من الطاقة والمجهود العقلي.
ولكن كما هو الحال مع جميع أنواع الاختصارات، قد يكون لها في بعض الأحيان عيوب.قد تقودنا أحيانًا إلى ارتكاب الأخطاء وسوء تقدير للمواقف، هناك نوعان شائعان من الاختصارات العقلية هما:
1. الاستدلال التمثيلي
- وهو الحكم على احتمال وقوع حدث بناءً على مدى تشابهه مع نموذجنا السابق والمتوفر لدينا لمثل هذا الحدث.على سبيل المثال.
- غالبًا ما يحكم المقامرون على احتمال فوزهم في مباراتهم التالية بناءً على ما إذا كانوا قد فازوا في المباراة الأخيرة أم لا. لكنفي الواقع، لا تعتمد هذه الألعاب على بعضها البعض، والفوز أو الخسارة متروك تمامًا للصدفة.
2. توفر المعطيات
- يتضمن هذا الحكم على احتمالية وقوع حدث ما، بناءً على مدى السرعة التي يمكننا بها استدعاء أحداث مشابهة للعقل.على سبيل المثال.
- قد تعتقد أن حوادث تحطم الطائرات أكثر شيوعًا مما هي عليه في الواقع ببساطة لأنه يمكنك التفكير بسرعة في العديد من الأمثلة على حوادث الطائرات البارزة.
الثقة العمياء
- المشكلة الأخرى التي يمكن أن تؤثر على صنع القرار هي ميلنا إلى المبالغة في تقدير معرفتنا أو مهاراتنا أو حكمنا.
- في تجربة كلاسيكية تبحث في هذه الظاهرة، قدم الباحثون:"باروخ فيشهوف، وبول سلوفيك، وسارة ليختنشتاين" للمشاركين مجموعة متنوعة من العبارات مع احتمال إجابتين مختلفتين.
- طُلب من المشاركين اختيار الإجابة التي يعتقدون أنها صحيحة ثم تقييم مدى ثقتهم في إجاباتهم.عندما صرح الناس بأنهم واثقون بنسبة 100٪ في إجاباتهم، كانت إجاباتهم الصحيحة لا تتعدى نسبة 80٪.
فلماذا يميل الناس إلى الثقة المفرطة في أحكامهم؟
- في الكثير من الحالات، قد لا يدرك الناس مدى عدم معرفتهم بموضوع معين.بعبارة أخرى: نحن لا نعرف ما لا نعرفه.
- في حالات أخرى، قد تكون المعلومات التي لدينا حول موضوع معين خاطئة ببساطة، أو قد تأتي من مصادر غير موثوقة.
- أحد الأمثلة على هذه الثقة المفرطة هو نوع من التحيز المعرفي المعروف باسمتأثير Dunning-Kruger.هذا التحيز يجعل الناس يبالغون في تقدير ذكائهم وقدراتهم، مما يعميهم بشكل أساسي على عدم كفاءتهم.
- بغض النظر عن السبب، فإن هذا الميل إلى المبالغة في تقدير معرفتنا يمكن أن يؤدي إلىقرارات سيئة.تخيل أنك تسافر إلى القاهرة مع صديق.
- لقد كنت هناك عدة مرات من قبل، لذلك تفترض أنك تعرف الطريق الذي يجب أن تسلكه، وتطلب من صديقك أن يأخذ مخرجًا معينًا تعتقد أنه هو الصحيح.لسوء الحظ.
- لقد أخطأت في تذكر المسار واتضح أن المخرج هو الطريق الخاطئ.أدت هنا ثقتك المفرطة في قدرتك على معرفة الطريق، إلى الاختيار الخاطئ وأضاف وقتًا طويلاً إلى رحلتكما.
انحياز هندسايت
- بعد حدوث شيء ما، هل نظرت إلى الحدث، وشعرت أنه كان عليك أن تعرف ما ستكون النتيجة من قبل؟في علم النفس، يُعرف هذا الميل بانحياز "هندسايت" أو "تحيز ما بعد فوات الأوان".
- وهذا الاتجاه يمكن أن يقودنا إلى الاعتقاد أنه يمكننا بالفعل توقع النتائج، في مواقف تعتمد تماما على الصدفة.
- على سبيل المثال، قد يعتقد المقامر خطأً أنه يمكنهم التنبؤ بدقة بنتيجة لعبة البطاقات.في الواقع، لا توجد طريقة يمكن أن يعرف ما سيحدث لأن اللعبة تقوم على الاحتمال.
- يمكن أن يتسبب التحيز ما بعد فوات الأوان، في حدوث مشاكل عندما يقودك إلى الاعتقاد أنه كان يجب أن تكون قادرًا على توقع نتائج المواقف الغير قابلة للتوقع.ونتيجة لذلك.
- قد تتخذ قرارات مستقبلية بناءً على المعلومات التي تعلمتها من أخطاء الماضي.بدلاً من الاعتماد على العوامل المتعلقة بالوضع الحالي، وقد تجد نفسك تحاول تخمين النتيجة بناءً على تجارب أخرى، ربما لا علاقة لها.
الربط الوهمي
- عند اتخاذ القرارات، نرى أحيانًا علاقات غير موجودة بالفعل.على سبيل المثال، قد نعتقد أن حدثين غير مرتبطين على الإطلاق، لهما علاقة ترابط لمجرد أنهما حدثا في نفس الوقت تقريبًا.في حالات أخرى.
- قد يقودنا الارتباط لمرة واحدة بين متغيرين مختلفين إلى افتراض أن الاثنين مترابطان بطريقة أو بأخرى.على سبيل المثال، إذا كانت لديك تجربة سيئة مع نادلة وقحة، فقد تعتقد خطأً أن جميع النادلات وقحة.
- هذا الميل لرؤية العلاقات في حين ليست هناك أية علاقة، معروف في علم النفس بمسمى الارتباط الوهمي.بالإضافة إلى أنه يؤدي إلى معتقدات الخاطئة.
- يمكن أن تسبب الارتباطات الوهمية أيضًا مشاكل في عملية صنع القرار.على سبيل المثال، تخيل أنك مهتم بالحصول على حيوان أليف جديد ولكنك لست متأكدًا من نوع الحيوان الأليف الذي قد ترغب فيه.
- قد تقودك تجربة الطفولة السيئة مع الكلب إلى الاعتقاد الخاطئ بأن جميع الكلاب عدوانية وتميل إلى العض.يمكن أن يؤثر ذلك عليك وأنت تقوم باختياراتك بشأن الحيوانات الأليفة التي يمكنك الحصول عليها.
- وقد يؤدي بك إلى رفضك الحصول على جرو، على الرغم من أن الكلب من المحتمل أن يكون حيوانًا أليفًا رائعًا لك.
كيف تتخذ القرارات الصحيحة؟
- عندما تواجه بعض القرارات، قد تميل إلى قلب عملة معدنية وترك الفرصة ليد القدر لتحديد مصيرك.لكن في معظم الحالات، نتبع استراتيجية معينة أو سلسلة من الاستراتيجيات من أجل التوصل إلى القرار المناسب.
- بالنسبة للعديد من القرارات البسيطة نسبيًا التي نتخذها كل يوم، فإن تقليب العملة المعدنية لن يكون مسألة كبيرة. لكن بالنسبة لبعض القرارات المعقدة والمهمة، فمن المرجح أن نستثمر الكثير من الوقت والبحث والجهد والطاقة العقلية للوصول إلى الاستنتاج الصحيح.
فكيف تعمل هذه العملية بالضبط؟ فيما يلي بعض استراتيجيات صنع القرار الرئيسية التي قد تستخدمها:
1. استراتيجية الميزة الواحدة
- تحيل هذه الاستراتيجية على تعليق قرارك على ميزة واحدة فقط.على سبيل المثال، تخيل أنك تشتري الصابون.في مواجهة مجموعة متنوعة من الخيارات في متجر محلي.
- ثم تقرر أن تبني قرارك على السعر وشراء أرخص نوع متاح.في هذه الحالة، تجاهلتم تغيرات أخرى(مثل الرائحة والعلامة التجارية والسمعة والفعالية) وركزت على ميزة واحدة فقط وهي الثمن.
- يمكن أن يكون نهج الميزة الواحدة فعالًا في المواقف التي يكون فيها القرار بسيطًا نسبيًا وتكون مضغوطا بالوقت.ومع ذلك، فهي ليست أفضل استراتيجية بشكل عام عند التعامل مع قرارات أكثر تعقيدًا.
2. استراتيجية الميزات الإضافية
- تتضمن هذه الطريقة مراعاة جميع الميزات المهمة للخيارات المحتملة ثم تقييم كل خيار بشكل منهجي.وتعتبر طريقة أفضل عند اتخاذ قرارات أكثر تعقيدًا.
- على سبيل المثال، تخيل أنك مهتم بشراء كاميرا جديدة. تقوم بإنشاء قائمة بالميزات المهمة التي تريد أن تمتلكها الكاميرا، ثم تقوم بتقييم كل خيار ممكن على مقياس من -5 إلى +5.
- قد تحصل الكاميرات التي لها مزايا مهمة على تصنيف +5 لهذا العامل، بينما قد تحصل تلك التي لها عيوب كبيرة على تصنيف -5 لهذا العامل.بمجرد إلقاء نظرة على كل خيار، يمكنك بعد ذلك حصر النتائج لتحديد الخيار الذي حصل على أعلى تصنيف.
- يمكن أن يكون نموذج الميزات الإضافية طريقة رائعة لتحديد الخيار الأفضل لمجموعة متنوعة من الخيارات.كما يمكنك أن تتخيل، ومع ذلك، يمكن أن تكون مستهلكة للوقت وقد لا تكون أفضل استراتيجية لاتخاذ القرار إذا كنت مضغوطا بالوقت.
3. استراتيجية الإزالة والاختزال
- تم اقتراح نموذج الإزالة والاختزال لأول مرة من قبل عالم النفس Amos Tversky في عام 1972. في هذا النهج، تقوم بتقييم كل خيار حسب خاصية واحدة.
- في كل مرة تبدأ بأي ميزة تعتقد أنها الأكثر أهمية.عندما يفشل عنصر ما في تلبية المعايير التي حددتها، فإنك تزيله من قائمة الخيارات. وتصبح قائمة الاختيارات المحتملة أصغر وأصغر،حتى تصل في النهاية إلى بديل واحد فقط.
هذه إذن كانت أهم النصائح والتوجيهات التي يمكنك اتباعها حول كيف تتخذ القرارات الصحيحة، وتذكر بأن الطبيعة الإنسانية تتأرجح بين الخطأ والصواب، ولكن الأهم من هذا هو أن تعرف كيف تتعلم من أخطاء الماضي، وتدرك تماما كم من الجهد والوقت ينبغي أن تمنحه لأي قرار في حياتك، وبعدها تطلب التوفيق من الله.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_4929
تم النسخ
لم يتم النسخ