ما هو علم النفس الصوفي وما الفرق بينه وبين علم النفس الغربي؟
جدول المحتويات
علم النفس الصوفي
التصوف ممارسة روحية تهدف إلى رحلة داخلية للعثور على الذات الحقيقية، ومن أهم المفكرين والفلاسفة المرتبطين به الرومي وحافظ الشيرازي من إيران.
يعتقد بعض الناس أن الصوفية تتماشى مع الرؤية النفسية لإدراك الذات والتحرر من القيود التي تشكل تصورات خاطئة عن الذات مثل القيود التي يحصل عليها المرء من الوقوف مع المحيط والآخرين.
إنه الإيمان بأننا إذا وصلنا إلى جوهر وجودنا، فسنكون في وئام مع الكون وخالقه ونكون قادرين أن نرتقي اكثر بروحنا.
التصوف هو التزام بمعرفة الذات، ليس فقط البعد المادي لكيان المرء، والذي يتضمن شخصية الفرد ومشاعره وجسده وهويته الاجتماعية.
ولكن أيضًا البعد الروحي، أجزاء من أنفسنا التي نتجمع فيها قوتنا وشجاعتنا وعطفنا، الجزء الثابت منا الذي لا يتغير أو يتأثر بأي شيء على الرغم من كل الأبعاد المادية المتغيرة، هذا الجزء الذي يجعلك ما أنت عليه حقًا.
أما علم النفس الصوفي هو تطبيق التعاليم والقوانين الصوفية على علم النفس الغربي أو ما يعرف بعلم النفس الغربي، ومن وجهة النظر هذه، فإن كل إحباطاتنا وآلامنا ناتجة عن نقص معرفتنا بأنفسنا.
فنحن منغمسون في القصص والحدود التي نفرضها على أنفسنا، بالطريقة التي نتأثر بها بماضينا أو معتقداتنا حول المستقبل، كل هذا يحدث لأننا لا نعرف أنفسنا وقدراتنا.
لذا من الأمور التي يسعى إليها هذا العلم هو تذكيرالأفراد بالجوانب الروجية فيهم، وأنهم قادرين على أن يبعدوا التأثيرات البيئية عنهم، ويتعمقوا في معرفة أنفسهم.
وبهذا الشكل يمكنهم الوصول إلى الجزء الثابت فيهم، الذي لن يتغير، وبالتالي تقل احتمالية أن يتشتت انتباهم عن متغيرات الحياة المختلفة.
كيف يختلف علم النفس في الصوفية عن مجالات علم النفس الأخرى؟
علم النفس الغربي يركز بشكل أساسي على أبعاد الشخصية المادية التي تساعدنها على تنظيم الأفكار والعوتطف والعلاقات الاجتماعية الخاصة بنا، وبالطبع هي مهمة، ولكن على الجانب الآخر تهتم الصوفية بالجانب الروحي أكثر من الجانب المادي.
لنلقي مثالًا على المصباح فعلم النفسي الغربي سيركز على الجوانب المادية له، مثل الأسلاك بالية؟ هل الأجزاء تتوافق مع بعضها؟ هل المصباح مناسب للغرفة؟ أما في التصوف يركز على مصدر الضوء، أي روح المصباح.
كيف تختلف الصوفية عن الفلسفات الشرقية الأخرى؟
كل تمرين له صيغته الخاصة، وهذه الصيغة تناسب مختلف الأشخاص بطرق مختلفة، من أجل مقارنتها، يجب فصل بعض جوانبها لأغراض المقارنة.
وهنا يصبح الفكرة مختزلة أكثر ولا توفر فهم شامل لأي جانب من حوانب الشخصية، ويمكن تلخيص هذه النقطة أن التصوف يبحث عن المعرفة.
لا يمكننا الاكتفاء بمراقبة أنفسنا، لكن يجب أن نعرف أنفسنا ونتواصل معها، تمامًا كما تمحو قطرة ماء الحدود التي نفترض أنها البحر، يمكن هنا استخدام استعارة مفادها أن معرفة النهر يختلف عن السباحة فيه.
العناصر الأساسية في علم النفس الصوفي
كما ذكرنا سابقًا أن علم النفس في التصوف يركز على الروحانية والجوهر أكثر من الأمور المادية التي يركز عليها علم النفس الغربي، لذا في هذه الفقرة سنعرفك العناصر الأساسية في علم النفس الصوفي:
-
الذات أو النفس
"النفس" (الأنا) هي جانب من جوانب الروح يمكن رؤيته على طول سلسلة متصلة، ولديه القدرة على العمل من الإجمالي إلى الأعلى.
في أدنى مستوى، تشير الذات إلى سماتنا وميولنا السلبية، التي تتحكم فيها عواطفنا ورغباتنا وتشبعها.
يحدد علم النفس الطبيعي سبعة مستويات للنفس حددها القرآن، وتعتمد عملية النمو على العمل من خلال هذه المستويات، وهي الذات الاستبدادية، الذات التعيسة، الذات الملهمة، الذات المقنعة، الذات السعيدة، الذات المرغوبة، النفس النقية.
-
القلب
يعني بالقلب ليس العضو المادي الذي يضخ الدم، وإنما القلب الروحي، الذي به أعمق ذكاء وحكمة، وهو ما يصل بالإنسان إلى الروح الإلهية، ويمكنه من معرفة الروح العميقة بداخله.
الهدف في التصوف هو تنمية قلب صادق ومحب ورحيم، وتنمية ذكاء القلب، وهو أعمق وأساسي من الذكاء العقلاني المجرد.
فكما أن القلب المادي يمد الجسد بالدم، فإن القلب الروحي يغذي الروح بالحكمة والنور الروحيين، وينقي الصفات الشخصية العظيمة.
وفقًا للعواطف العنيدة في علم النفس، فهي تأتي من الروح وليس من القلب، القلب هو وسيط الروح والنفس، ووظيفته هي السيطرة على النفس وتوجيه الإنسان نحو الروح.
-
الروح
الروح على اتصال مباشر مع الله، رغم أنها في هذه الحالة غير واعية، للروح سبعة مستويات أو جوانب للروح كلها.
وهذه المستويات هي السرية، والحيوان والبشر، والمعدن، والخضروات، وسر النفوس السرية، والشخصية.
وكل مستوى من المستويات السابقة يمثل مرحلة تطور يمر بها الإنسان، فالروح كلية وتمتد بين كل جوانب الإنسان بما في ذلك العقل، والروح والجسد.
كل مستوى لها نقاط قوة وضعف ومواهب، والهدف هو أن نطور نقاط القوة تلك، وأن نوازن بين كل المستويات، ومحاولة ترك المستويات الأدنى.
في علم النفس التقليدي، يتعامل علم نفس الأنا مع روح الحيوان، ويركز علم النفس السلوكي على الوظائف الشرطية لأرواح النبات والحيوان.
أما علم النفس المعرفي يتعامل مع الوظائف العقلية للروح الشخصية، ويتعامل علم النفس الإنساني مع أنشطة الروح البشرية وعبر الشخصية، يتعامل علم النفس مع وعي الأنا الذي يسمو فوق الأرواح السرية وأسرار النفوس السرية.
تتجاوز الروح الخليقة، يرتبط ارتباطًا مباشرًا بمجال اللاهوت (وحدة الطبيعة والاسم) الذي هو وصية الله، بحيث تعرف الروح بالفعل كل شيء، بما في ذلك مصدره.
-
السعادة في الصوفية
ينمي الصوفيون الطموحون قلوبًا ومشاعر ورحمة، الفهم من خلال "ذكاء القلب" أعلى من الفهم من خلال ذكاء الرأس.
في الواقع ذكاء القلب هو الأداة الوحيدة التي يمكن استخدامها للعثور على الحقيقة المطلقة، بالنسبة للصوفيين فإن العقل محدود في كثير من النواحي ولا يمكن أن يتجاوز حدوده الفطرية.
على وجه الخصوص، عندما ينكر العقل المعرفة البديهية و "يعمي أعين القلب"، يصبح هدفًا للنقد القاسي من الصوفية.
هذا في تناقض صارخ مع التركيز الغربي المعاصر على التفكير المنطقي باعتباره الجسم البشري الأعلى، الذي يجب أن يحكم الشخصية بأكملها.
وبهذا الشكل فإن السعادة لا يمكن أن تتحقق من خلال العقل والفكر، وإنما من وجهة نظر الصوفية يتم الوصول إليها من خلال التجربة والحدس.
مفهوم آخر مهم في الصوفية هو الأنا، فالأنا هي جزء من روحنا يرشدنا باستمرار على الطريق الروحي، وهو جزء الروح الذي يطلب منا أن نفعل الشر.
يمكن للأنا أن تحول دون تحقيق الروحانيات من خلال القلب، ويحدث هذا عندما تعجز عن التحكم في الأنا من قبل الجانب الإلهي في الشخصية.
ولتحقيق السعادة الحقيقية يجب أن تسعى الأنا بنشاط طوال الحياة، وحالة السعادة القصوي هي تدمير الذات للفرد، وتشير هذه الحالة إلى التدمير الذاتي للفرد ليصبح واحدًا مع الكائن الإلهي.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_14650