تعريف الانتحار وكيفية الوقاية منه
تعريف الانتحار
سنحاول في السطور القادمة تقريب المعنى وتبسيط الحالة التي يكون عليها الشخص المتخذ لقرار إنهاء حياته بنفسه.
ولن يكون التعريف هو تعريف أكاديمي يتناوله الدارسون المتخصصون لمجال علم النفس، لكنه تعريف نهدف به إلى المعنى اللفظي لكلمة تعريف، وهو تعريف القارئ بخطورة المشكلات النفسية، وخطورة تجاهلها وأهمية التعامل معها بحكمة وروية.
فالانتحار هو أقسى أنواع اليأس، هو اليقين أن لا نهاية للآلام النفسية التي يعانيها الإنسان، وتتعدد أسباب الآلام النفسية التي يعانيها الإنسان، كما تتعدد أساليب الشعور بها من شخص لآخر بحسب اختلاف تاريخه وأساليب رؤيته لأحداث حياته المختلفة.
ما هو الانتحار المفاجئ؟
تكمن مشكلة الانتحار المفاجئ في وجود قرارات بالانتحار من أشخاص من المفترض أنهم ينعمون بحياة خالية من الآلام النفسية ومحاطة بكافة أنواع النعيم المادية.
ولكن الحقيقة أن الغنى المادي لا يقابله بالضرورة غنى نفسي، فالغنى المادي مثل ركوب أفخم أنواع السيارات ووجود تأمين مادي لكل الاحتياجات الصحية والغذائية لا يعني بالضرورة أن الإنسان المحاط بكل ذلك لا يعاني فقراً نفسياً حاداً قد يؤدي به إلى الموت بطريق الانتحار.
الآلام النفسية آلام خفية
نعم تلك هي المشكلة الكبرى التي يعاني منها أي إنسان، ففي حين أن الظاهر من الإنسان السعادة والسرور وحب الضحك والسخرية وحضور الحفلات، فقد يكون كل ذلك محاولة يائسة من صاحب هذه التصرفات للهروب من آلام نفسية خفية قاسية بل قاتلة، لا يتوقع ولا يتصور أي إنسان أنه يعانيها وحده وأنه لا يجد الطريق لوضع نهاية حقيقية لها.
- فالآلام النفسية هي آلام داخلية قد تظهر في شكل طيش وعشوائية في اتخاذ القرارات المصيرية، أو قد يترجمها الجسم على شكل ظواهر مرضية، مثل: مرض ارتفاع نسبة السكر في الدم، أو مرض ارتفاع ضغط الدم.
- وهناك ثقافات وجماعات لا تعترف بالآلام النفسية، وتعتبرها مجرد أوهام، وتعتبر من يمر بها مجرد إنسان يعاني من الرفاهية، وأن الحياة العملية لا تعترف بالمشاكل النفسية.
- ولكن تلك النظرة تدفع صاحبها للغوص في الحياة المادية وهي لا تكفي احتياجات الإنسان الحقيقية، حيث أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، وذلك حسبما تؤكده نظريات علم الاجتماع والنفس، حيث أن الإنسان دائماً يكون في احتياج لمجتمع يقدره ويحترمه ويعطيه حقوقه النفسية والمادية، فحرمان الإنسان من حقوقه النفسية قد يؤدي به إلى الموت.
أسباب حقيقية للانتحار
إن الآلام النفسية التي يشعر بها الإنسان ليست حكراً على عمر معين، ولا فئة معينة من المجتمع، ولكنها آلام قد يتعرض لها أي إنسان ولأي سبب من الأسباب.
- فقد سجلت سجلات الانتحار أسباباً كثيرة، منها من اتخذ قراراً بالانتحار بسبب رسوبه في الامتحان وخوفه من عقاب عائلته، وللأسف من يتخذ هذا القرار يكون عمره في سن صغيرة، فقدراته النفسية والعقلية صورت له أن آلام الموت أخف وأهون عليه من آلام عقاب عائلته عند معرفتهم بخبر رسوبه في الامتحان.
- وهناك من اتخذت قراراً بالانتحار بسبب خوفها من ظهور حملها الذي حملته سفاحاً، وهروب المسؤول عن ذلك من تحمله نتائج أفعاله، فهي لم تتحمل قدراتها النفسية والعقلية والإنسانية تحمل صعوبات وآلام تلك المشكلة وحدها، ووجدت في الانتحار نهاية لتلك الآلام النفسية والعقلية.
الوقاية تبدأ من زيادة القدرات النفسية والعقلية
إن الوقاية من الوقوع في براثن هذا القرار الخاطئ عزيزي القارئ تبدأ من زيادة القدرات النفسية والعقلية لدى الإنسان.
- فالإنسان الذي تربى تربية نفسية وعقلية واعية يكون قادراً على التعامل مع المشكلات الحياتية بكفاءة أكبر من غيره.
- فقد سجلت أحداث الحياة قائمة للمنتحرين الذين كانت تحسبهم المجتمعات من الناجحين، مثل هذا الذي ضاعت كل أمواله في البورصة، فهو قبل خسارة أمواله الطائلة كان يحسب من الأغنياء الناجحين في مجاله، ولكنه رغم نجاحه وغناه فإنه لم يتحمل آثار خسارة أمواله.
- ولكنه إن كانت تربيته النفسية والأسرية التي حصلها وأسس عليها شخصيته قد تغذت من البداية بأسس نفسية وعقائدية سليمة، سيعلم أن كل داء وله دواء، وأن ما من مشكلة إلا وعند ربه حلها في طرفة عين.
- فهو لن يقدم على قتل نفسه فقط، بل على قتل أطفاله أيضاً ظناً منه أنه بقتلهم سيحميهم من الفقر الذي ينتظرهم بعد خسارة أمواله.
- فكم من الأسر التي أعادت بناء نفسها بعد الكوارث والحروب، وهناك من فر بنفسه هو وأسرته بعد الحروب ونجح في بناء الحياة من جديد في وقت قياسي.
- الفارق بين هذا وذاك هو التأسيس النفسي والعقائدي السليم، فالتأسيس النفسي والعقائدي السليم لا يعد من الرفاهيات، بل هو من الأساسيات التي تحمي الإنسان من اتخاذ القرارات الطائشة الخاطئة ومنها قرار الانتحار.
الانتحار بسبب الآلام المرضية المزمنة
هناك من يقدم على الانتحار بعد معرفته بإصابته بأمراض قاسية مثل الإصابة بمرض السرطان والإصابة بمرض الإيدز، وغيرها من الأمراض.
والمفاجئة التي يتعرض لها الإنسان بعد معرفته لهذا الخبر عن نفسه تجعله ينتقل من حالة السكينة لحالة المرض في جزء من الثانية، فذلك التحول السريع قد لا تتحمله بعض الشخصيات التي لم تتلقى مثل تلك الصدمات من قبل.
وهنا تجدر الإشارة إلى أهمية التدرج في عرض الخبر على أصحابه، فليس من المتصور أن نلقى على قلب وعقل المريض بخبر صعب بسرعة شديدة، ثم نسأل ما سبب انهياره نفسياً أو اتخاذه لقرار الانتحار.
فإننا عندما نفعل ذلك، نكون كمن يلقى بحجر كبير على رأس إنسان ثم نسأل لماذا كسرت رأسه!
وهناك من اتخذ قراراً بالانتحار بإلقاء نفسه من ارتفاع كبير بسبب سوء معاملة معلم يحترمه، وجه إليه العبارات القاسية.
وهنا نؤكد على أن الكلمة الطيبة صدقه، وأن الكلمة الطيبة قد تنقذ إنساناً من الموت، والكلمة القاسية قد تدفع دفعاً إلى اتخاذ قرارات بالموت، فالموت حينها يكون أخف ألماً من آلام الكلمات القاسية التي تتكرر في قلب وعقل الإنسان رغماً عنه.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_8785