كتابة : إيمان السعيد
آخر تحديث: 22/09/2023

متى تسقط صلة الرحم ومتى يكون وصلها ضرر؟

متى تسقط صلة الرحم ولماذا يهجر البعض وصل رحمه، أليس الأمر يستحق البحث وإيجاد السبب والحل؟! لقد زادت في الآونة الأخيرة حالات لقطع الأرحام بين الأخوة وبين الأبناء والآباء وغيرها، لكن الخطورة تكمن في تزايد المسألة إلى حد أنه يمكن مقابلة رحمِك في مكان عام ولا تمد يدك لمصافحته، سنجيب على هذا التساؤل من خلال موقع مفاهيم وسنوضح أمورًا عديدة تتعلق بصلة الأرحام.
متى تسقط صلة الرحم ومتى يكون وصلها ضرر؟

متى تسقط صلة الرحم؟

تعد صلة الرحم واجبة وفرض على كل مسلم ومسلمة، ما لم يكن هناك مفسدة من وراء هذه الصلة، ولعلنا نلاحظ أن قطع صلة الأرحام باتت سهلة بين الناس دون أي شعور بالذنب من أن يهجر الأخ أخيه أو الابن يقطع رحمه بأبيه وغير ذلك مما شابه، وقد حثّنا القرآن الكريم على صلة الرحم في

قوله تعالى: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوٓا۟ أَرْحَامَكُمْ أُو۟لَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰٓ أَبْصَٰرَهُمْ". (سورة محمد: 22،23)

ولكن ما هي الحالات التي يجوز فيها قطع الارحام؟

1. مشاكل على الميراث أو الأنساب

  • في غالب الأحيان قد تسقط صلة الرحم بين الناس لمشاكل تتعلق بالميراث أو بالأبناء أو بالأزواج مع أنسابهم، إلا أنه لا يجوز هجر صلة الرحم لمدة تزيد عن 3 أيام لحديث رسول الله صل الله عليه وسلم قال: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث". رواه مسلم في صحيحه.

2. التعرض لضرر ملحوظ من الوصل بالأرحام

  • وقد يكون لهجر صلة الرحم ضرر على الشخص، فيجوز قطع الصلة لتأديب الطرف الآخر المسبب للأذى أو للفساد مع إيجاد حل مناسب لإصلاحه مرة أخرى حتى تعود صلة الرحم من جديد.

3. خشية الوقوع في المعاصي والموبقات

  • وإذا كان هناك مشاكل أو أخطاء من قبل أقارب الشخص، فلا عليه إلا أن يُفارق المجلس ويتجنب البقاء معهم إذا كانوا على مفسدة تؤذي الشخص مثل التحدث بالغيبة والنميمة أو التواجد في أماكن يحدث فيها المعاصي والموبقات، وإذا أصر هؤلاء على الاستمرار في أفعالهم يمكن ترك هذه الصلة.

4. مع الأشخاص غير المقربين

  • كما تسقط صلة الرحم مع الأشخاص غير المقربين أو الأصول من الأقارب والابتعاد عنهم إذا وجد الشخص منهم نقص في الدين يجرّك إلى مفسدة، أو أن من بينهم ما يسبب الضرر البالغ على سلامك النفسي، فهكذا تسقط صلة الرحم.

من هم صلة الرحم بالترتيب؟

تختلف درجات صلة الرحم حسب درجة القرابة الأعلى إلى الأدنى، فهذه هي صلة الأرحام بالترتيب:

  • الأمهات والآباء.
  • الأجداد والجدات.
  • الأبناء وأبنائهم من الإناث والذكور.
  • الإخوة وأبنائهم من الإناث والذكور.
  • الأعمام والعمات.
  • الأخوال والخالات.
  • أبناء العموم وأبناء العمات.
  • أبناء الأخوال والخالات.

أدنى درجات صلة الرحم

لقد حثّنا رسول الله صل الله عليه وسلم على صلة الرحم، وهناك من الآيات والأحاديث النبوية ما يؤكد على أهمية صلة الرحم بين الناس، ومنها:

في حديث النبي صلوات الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى لمّا خلق الخلق ففرغ منه قامت الرحم فأمسكت بساق العرش، فقالت: يا رب هذا مقام العائذ بك من القطيعة، فقال: أما ترضين أن أصِلَ من وصلِك وأقطع من قطعك؟"، هكذا توعّد الله تعالى من قطع صلة الرحم بعدم قبوله وتوفيقه.

  • وكما أشرنا إلى متى تسقط صلة الرحم وأقرب درجاتها، نأتي الآن لمعرفة أدنى درجة من صلة الرحم وهي العشيرة التي ينتمي إليها الشخص بعيدا عن الأرحام الواجب صلتها كما ذكرنا في السطور السابقة أعلاه.

ما هي الحالات التي يجوز فيها قطع الأرحام؟

لا زلنا نتحدث عن متى تسقط صلة الرحم وبعض الحالات التي يجوز فيها هجر الأرحام، وتشمل:

  • فإذا كان في الأقارب كفارًا فلا داعي إلى وصلهم عدا أن يكون أبًا أو أمًا، إذ أن الأب والأم أولى درجات صلة الرحم التي لا يسقط فيها حق الصلة والإحسان والبرّ لقوله تعالى: "وَصَاحِبْهُمَا فِى ٱلدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ".
  • إذن تكفي هذه الآية في توضيح أحقية صلة الرحم للآباء حتى ولو كانوا كفارًا، إلا بقية الأقارب الأدنى المسيئين فلا صلة معهم، وإن عاملهم بالمعروف فهو خير ولا بأس من ذلك، ففي كل أحوالك انت مأجور على معاملتك حتى وإن لم يحسنوا إليك بالمثل.

هل يجوز هجر الأقارب المؤذيين؟

  • إذا كانت القرابة من الدرجة الأولى الواجب صلتها، فلا بأس بأن تبذل جهد لأدائها حتى وإن كانت بإحدى وسائل التواصل الحديثة كالإنترنت أو الهواتف الذكية، كما يمكن إرسال الهدايا أو البرقيات.
  • أما إذا كان الأقارب من الدرجات الأدنى في القرابة، فلا إثم في هجر صلة الرحم المؤذية إذا كان في وصالهم ضرر وأذى مبالغ فيه على حياتك ونفسك، وإن كان من الأحسن التواصل معهم والصبر على الإساءة لزيادة الأجر والثواب.

هل لعن الله قاطع الرحم؟

نعم، إن الله تعالى أوجب صلة الرحم وعدم قطعها وجاء ذلك في كثير من الآيات القرآنية التي تؤكد على صلة الأرحام، ففي قوله تعالى: "وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَآءَلُونَ بِهِ ۦ وَٱلْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا".

وقد لعن الله تعالى كل قاطع رحم لقوله تعالى: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوٓا۟ أَرْحَامَكُمْ أُو۟لَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰٓ أَبْصَٰرَهُمْ"، حيث تؤكد الآية جزاء قاطع الرحم عظيم وهو لعن الله عليه الذي يوجب الاستغفار والعودة إلى فعل صلة الرحم.

متى تكون صلة الرحم غير واجبة؟

استكمالًا لموضوعنا متى تسقط صلة الرحم، نتطرق أيضا إلى وجوب صلة الأرحام من عدمها، فهناك أحكام أوضحها أهل الدين والفتوى حول صلة الأرحام الصالحة أو الفاسدة فمثلا:

  • صلة الرحم المؤمنة الصالحة التي قد تضر دنيويًا غير واجبة لقول الحافظ أبو عمر بن عبد البر: "أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصا على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه، فرُب هجرٍ جميلٍ من مخالطة مؤذية". انتهى.
  • أما صلة الأرحام المؤمنة الصالحة المؤذية دنيويًا، فليس لها وجوب الصلة عدا الوالدين، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، إن رجلا قال: "يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأُحسِن إليهم ويُسيئون إليّ، وأحلُم عنهم ويجهلون عليّ، فقال النبي صل الله عليه وسلم: فإن كان هذا كما تقول لكأنما تُسفهم المَلُّ، ولا يزال معك من الله ظهيرٌ".

كفارة قطع صلة الرحم

مما لا شك فيه أن قطع صلة الرحم لأمرٌ عظيمٌ وجاء فيها الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة في الصحيحين واللفظ للبخاري عن أبي هريرة أن النبي صل الله عليه وسلم، ومنها:

قال: "خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك، قالت: بلى يا رب، قال: فذلك لك".

  • لذا فإن كفارة قطع صلة الرحم هو الاستغفار من ذنب قطعها والعودة إلى صلة الأرحام بالتودد والكلام الطيب واسترضاء من هم أولى درجات صلة الرحم، أما بقية الأقارب أو العشيرة فيكفي حسن معاملتهم بالمعروف والإحسان.
وبذلك نصل لختام موضوعنا بالإجابة عن متى تسقط صلة الرحم وإلى أي حد يمكن أن يقطع المرء صلته بمن يتسببون في إيذاءه نفسيًا أو اجتماعيًا لحديث رسول الله صل الله عليه وسلم قال: "لا ضرر ولا ضرار"، وجميعنا يعلم بأن هناك درجات من القرابة لا يمكن للمرء معاشرتها لسوء ألفاظها وأخلاقها، وما علينا إلا أن نتجنب مثل هذه العلاقات المؤذية دون قطيعة تامة أو هجرها إذا كانت تنتقص من الدين وتبغي الفساد في الأرض، والله تعالى أعلى وأعلم.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ