كتابة : إيمان السعيد
آخر تحديث: 04/03/2024

مفهوم الكلمة الطيبة وأثرها في القلوب

مفهوم الكلمة الطيبة وأثرها على الفرد والمجتمع ومدى أهميتها في القرآن، فالكلمة قد ترفع صاحبها أعلى الدرجات وقد تهوى به في النار، ولا يظن أحدا أنه إذا تفوّه بكلمة مع شخص ما على سبيل المزاح وكان في باطنها ما يتسبب في إيذاء هذا الشخص نفسيا ومعنويا، بأنه لن يُحاسب على هذه الكلمة، لذا يجب انتقاء الكلمة قبل أن تخرج على اللسان، ومم خلال موقع مفاهيم سنشرح معنى الكلمة الطيبة وصورها في القرآن الكريم وآثارها وغير ذلك من التفاصيل المنوعة.
مفهوم الكلمة الطيبة وأثرها في القلوب

ما هو مفهوم الكلمة الطيبة

  • تتعدد معاني الكلمة الطيبة وفقا لمضمونها، إلا أن المقصود الرئيسي للكلمة الطيبة هو كلمة الإخلاص "لا إله إلا الله"، وقال رسول الله صل الله عليه وسلم: "حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله".
  • فكلمة لا إله إلا الله هي الشهادة التي تثمر كافة الأعمال الصالحة ما ظهر منها وما بطن، كما أنها الكلمة التي تسعد وتسُر من يستمع إليها وتنفعه.
  • والكلمة الطيبة تحدث أثرا طيبا في نفس وقلب المرء، ولا يوجد بها ما يؤدي إلى الشر أو الأذى، فغايتها النفع، ونتيجتها الأثر الطيب.

الكلمة الطيبة في القرآن

لقد أوضح القرآن الكريم مفهوم الكلمة الطيبة في معانٍ مختلفة وآيات متنوعة لحثَّ المؤمن على ألا يقوا إلا القول الطيب الذي تُرفع به الأعمال الصالحة، فمن بين هذه الآيات قوله تعالى:

  • "مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّٰلِحُ يَرْفَعُهُ ۥ ۚ وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ۖ وَمَكْرُ أُو۟لَٰٓئِكَ هُوَ يَبُورُ". (فاطر: 10).
  • " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِى ٱلسَّمَآءِ تُؤْتِىٓ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍۭ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ". (إبراهيم: 24).
  • "وَقُولُوا۟ لِلنَّاسِ حُسْنًا". (البقرة: 83).

خطبة عن الكلمة الطيبة

  • من خلال مفهوم الكلمة الطيبة نجد أن أهميتها ودورها لا يقل عن الدعاء والعبادات، لأنها أصل العمل الصالح، فبالكلمة خرج إبليس من الجنة لقوله تعالى: " قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ ۥ مِن صَلْصَٰلٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ".
  • وبالكلمة قد يخسر الإنسان دنياه وآخرته، ففي سنن أبي داود، قال أبو هريرة رضي الله عنه، سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول: "كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين، فكان أحدهما يذنب والآخر مجتهد في العبادة، فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول: أقصر، فوجده يوما على ذنب فقال له: أقصر، فقال: خلني وربي، أبعثت على رقيبا؟ فقال: والله لا يغفر لك، فقبض أرواحهما، فاجتمعا عند رب العالمين، فقال لهذا المجتهد: أكنت بي عالما؟ أو كنت على ما في يدي قادرا؟ وقال للمذنب: اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر اذهبوا به إلى النار".
  • والكلمة الطيبة صدقة مثلها كسائر الصدقات التي تتم، وبها يدخل المؤمن الجنة، فعن علي قال: قال النبي صل الله عليه وسلم: "إن في الجنة غرفا تُرى ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها"، فقام أعرابي فقال: لمن يا رسول الله؟، قال: لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وأدام الصيام، وصلَّى لله بالليل والناس نيام". رواه الترمذي.

ما هي انواع الكلمة الطيبة؟

إن مفهوم الكلمة الطيبة متشعب المعاني والأشكال، فباختلاف المعنى يختلف النوع، وقال ابن عثيمين رحمه الله تعالى أن الكلمة تنقسم إلى قسمين:

  • كلمة طيبة بذاتها كالذكر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الحمد لله، لا حول ولا قوة إلا بالله، وأفضل الذكر قراءة القرآن الكريم.
  • وكلمة طيبة بغاياتها وهي الكلمة المُباحة، كالتحدث بقصد إدخال السرور على الناس وأن تُهوّن عليهم ما أصابهم أو تشاركهم ما يسُّرهم بقول طيب ما يجعلك تتقرب إلى الله عز وجل. (شرح رياض الصالحين).
  • وفي قوله تعالى: " إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّٰلِحُ يَرْفَعُهُ ۥ"، قال ابن كثير: وقوله: " إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ"، أي الذكر والتلاوة والدعاء.
  • وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "إن العبد المسلم إذا قال: سبحان الله وبحمده، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، تبارك الله"، أخذهم ملك فجعلهن تحت جناحه، ثم صعد بهن إلى السماء، فلا يمر بهن على جمعٍ من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن حتى يجيء بهن وجه الرحمن عز وجل، ثم قرأ عبد الله: " إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّٰلِحُ يَرْفَعُهُ". (تفسير ابن كثير).
  • كذلك قوله تعالى: " تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِى ٱلسَّمَآءِ". (سورة إبراهيم: 24) وهي: لا إله إلا الله.

ما أثر الكلمة الطيبة على الشخص؟

باطلاعنا على مفهوم الكلمة الطيبة وأنواعها، يتبقى لنا أن نوضح أثر الكلمة على الشخص على النحو الآتي:

  • تحجيم الغضب بين الناس في العلاقات الاجتماعية مما يقلل الأفكار السلبية تجاه بعضنا البعض.
  • الكلمة الطيبة مفتاح القلوب حيث يمكنها، إزالة الحزن والهم والضيق بمجرد أن يسمع الشخص كلمة طيبة تسر قلبه وتدعم ثقته بنفسه.
  • تؤثر الكلمة الطيبة على الشخص بتهذيبه وجعله ينطق ألفاظا حسنة يراعي بها من أقل منه في المستوى المعيشي ولا يحرجه لمجرد أنه بسيط في حياته.
  • يظهر أثر الكلمة الطيبة على سلوكيات الشخص، فتجده طيب في أسلوبه ومعاملاته الحياتية لا يبالغ في كلامه ولا يُنقِص من أحد بكلامه أيضا.

فوائد الكلمة الطيبة

  • الكلمة الطيبة لها أثرا بالغ وفائدة عظيمة في الإسلام، فبالكلمة يُرفع شخص إلى أعلى الدرجات، أو يهوى إلى الدرك الأسفل في النار أعاذنا الله وإيَّاكم، وهذا يوضح خطورة الكلمة وما ينطق اللسان به.
  • شعبة من شعب الإيمان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أ ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه". متفق عليه.
  • تعد الكلمة الطيبة صدقه، لحديث رسول الله صل الله عليه وسلم قال: "والكلمة الطيبة صدقة". متفق عليه.
  • تآلف القلوب والمودة بين الناس لقوله تعالى: "وَلَا تَسْتَوِى ٱلْحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّيِّئَةُ ۚ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ ۥ عَدَٰوَةٌ كَأَنَّهُ ۥ وَلِىٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُوا۟ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ". (فصلت: 34-35).
  • انتصار على المفاسد التي يريدها الشيطان لعباد الله لقوله عز وجل: "وَقُل لِّعِبَادِى يَقُولُوا۟ ٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ ٱلشَّيْطَٰنَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ ٱلشَّيْطَٰنَ كَانَ لِلْإِنسَٰنِ عَدُوًّا مُّبِينًا". (الإسراء: 53).
  • تساعد الكلمة الطيبة على المغفرة بل وتحققها لحديث رسول الله صل الله عليه وسلم قال: "إن من موجبات المغفرة بدل السلام، وحسن الكلام".
  • أيضا نجاة للمؤمن من النار، فعن عدي بن حاتم قال: ذكر رسول الله صل الله عليه وسلم النار فأعرض وأشاح، ثم قال: "اتقوا النار"، ثم أعرض وأشاح حتى ظننا أنه كأنما ينظر إليها، ثم قال: "اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة". (رواه البخاري ومسلم).
إلى هنا انتهى مقالنا بالتعرف على مفهوم الكلمة الطيبة وكيف ذُكِرَت في القرآن الكريم والأحاديث النبوية حتى نتعلّم أن نُحسن اختيار الكلمة قبل نُطقها مخافة الله وخشيته، ولا أخفي عليكم سرا بأن أفضل القول الطيب وأصدقه حديثا هو الباقيات الصالحات، فلنطهر ألسنتنا بذكر الله تعالى ابتغاء مرضاة الله ورسوله.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ