كتابة :
آخر تحديث: 11/02/2022

تأثير اكتئاب الوالدين عليهم وعلى الأسرة بأكملها، وأهم أسبابه

اكتئاب الوالدين من أنواع الاكتئاب التي يعاني منها الكثير، ‏ويحاول جاهداً الأبناء أو الأصدقاء التخفيف عن الوالدين في ‏هذا الاكتئاب دون جدوى في بعض الأحيان. نقدم لكم في موقع مفاهيم‏
اكتئاب الوالدين له خصائص مميزة تخصه وحده، نحاول في ‏تلك المقالة إلقاء الضوء عليها حتى نتمكن من السيطرة على ‏هذا الاكتئاب بالنسبة لهم، والعودة بالحياة لمسيرتها الطبيعية ‏لهم،
ولكن لكي يتحقق ذلك يجب أولاً أن نتفهم لماذا هذا ‏الاكتئاب بالنسبة للوالدين تحديداً، هذا ما سنحاول النظر إليه ‏بدقة في السطور القادمة.‏
تأثير اكتئاب الوالدين عليهم وعلى الأسرة بأكملها، وأهم أسبابه

إكتئاب الوالدين وأسبابه التاريخية

في البداية يجب أن نفهم ما هو الاكتئاب قبل أن نتحدث عن ‏اكتئاب الوالدين، والاكتئاب هو:

  • شعور متواصل بالحزن قهري ‏يشعر به في معظم الأوقات بمبرر أو بدون مبرر، وقد يشعر ‏المريض في نفس الوقت بمشاعر دونية مثل احتقار النفس أو ‏احتقار الآخرين.‏
  • وكبار السن عادة ما يصابون بهذا المرض لأسباب عديدة، ‏غالباً ما تكون بسبب الأحداث الأليمة والإخفاقات التي تعاملوا ‏معها بشكل غير سليم عند حدوثها فلم يتمكنوا من عبور تلك ‏الأحداث السلبية وظلت معهم بآثارها حتى سنوات متقدمة من ‏العمر.‏
  • ومن الصدمات النفسية التي قد تكون قد تركت آثارها على ‏الوالدان ولم يتمكنوا من عبورها، تلك الصدمات الخاصة بفقد ‏الحبيب،
  • أو فقد المجتمع المحبب الذي كان يشعر الإنسان ‏بالانتماء إليه، مثل التهجير أوقات الحروب، أو الخروج على ‏المعاش إذا كان الإنسان ينتمي بشدة للعمل الوظيفي الذي ‏ينتمي له.‏
  • فالتاريخ المرضي للوالدان له أهمية كبيرة للنظر في كيفية ‏عبور الاكتئاب وعلاجه، فبدون معرفة التاريخ المرضي لهم ‏فسيكون علاج الاكتئاب درب من دروب الخيال.‏

أنواع الصدمات النفسية التي يمر بها الوالدان

من الصدمات النفسية التي قد تتسبب في حالة الاكتئاب هو:

  • ‏توقع حالة معينة من الأبناء طمح الآباء في أنهم سيتمتعون بها ‏عند كبر الأبناء، ولكن الصدمة تأتي عندما يجد الآباء أن ‏الأبناء لا يشاركوهم نفس الهدف عند الكبر.
  • فمثلاً قد يطمح ‏الأب في أن يشاركه ابنه تجارته، أو يطمح الأب الذي يعمل ‏في الطب أن يشاركه ابنه مهنته، ولكن يكبر الابن ويختار ‏مجالاً مغايراً عن توقعات الأب.
  • حينها تحدث صدمة كبيرة ‏للأب، وفي حالة عدم تمكن الأب من التعامل مع تلك الصدمة ‏النفسية بشكل سليم، فقد يظل يشعر بالمشاعر السلبية الحزينة ‏لفترات طويلة.‏
  • وقد تكون الصدمة النفسية عند الآباء ناتجة من عوامل وراثية ‏فعند البحث في التاريخ المرضي للوالدين نجد أن آباؤهم أو ‏أجدادهم كانوا يعانون من نفس الحالة في مرحلة الكبر،
  • وهي ‏في تلك الحالة تكون لأسباب غير مكتسبة ولكن لأسباب جينية ‏خارجة عن عوامل البيئة.‏

تأثير اكتئاب الآباء على الأسرة

إن استسلام الآباء لحالة الاكتئاب وعدم رغبتهم في علاج تلك ‏الحالة المرضية له آثار قاسية ليس عليهم فحسب، ولكن على ‏كافة أفراد الأسرة، وتتمثل فيما يلي:

  • في حالة اكتئاب أحد الآباء وليس كلاهما، فإن الشريك الآخر ‏الغير مصاب بالاكتئاب يكون في حالة من حالات توتر الشديد ‏وعدم المقدرة على حل المشكلة.‏
  • فشعور الزوج مثلاً بالاكتئاب المستمر يجعل زوجته في حالة ‏من حالات النفور الشديد من الحياة، ويشعرها بالعجز تجاه ‏حل تلك الأزمة، لأنها تقوم بمحاولات عديدة لإسعاد الطرف ‏المريض دون جدوى،
  • فالشعور بالحزن لديه مستمر دون ‏انقطاع ودون اهتمام لما يفعله الشريك الآخر من محاولات ‏مستميتة لإخراجه من حزنه.‏
  • كذلك فإن اكتئاب الآباء له تأثير كبير مدمر على الأبناء، لأن ‏الأبناء يكونون في حاجة إلى الشعور بالراحة والاطمئنان ‏والأمان مع آبائهم، وعند شعور الآباء بالحزن المستمر دون ‏انقطاع،
  • فإن الرسائل الوحيدة الصادرة من الآباء ويستقبلها ‏الأبناء هي رسائل الحزن والتوبيخ والاتهام دون غيرها، ولا ‏يستقبل الأبناء أي رسائل من الآباء بالاطمئنان والثقة ‏والأمان، فيخرج الأبناء تاركين أسرتهم الطبيعية باحثين عن ‏الحاجات النفسية الأساسية في أسر بديلة بعيداً عن الآباء ‏المكتئبين.‏
  • فالأبناء يكونون في حاجة دائمة للشعور بالتقدير والاهتمام ‏والحب وأنهم مركز القرار في الأسرة، وأنهم سبب السعادة ‏لآبائهم، كل تلك المشاعر إن لم يحصل عليها الابن بشكل ‏كاف من والديه،
  • فإنه يكون له آثار سلبية وخيمة على ‏شخصيته، فينشأ شخصية ضعيفة لأي كلمة حب، حتى وإن ‏كانت كاذبة أو مجاملة،
  • يشعر بالدونية واحتقار نفسه، لأن ‏أبواه لم يقوموا بتشجيعه بالعبارات الرائعة، بل كان أبواه ‏دائمي الحزن والاكتئاب، ولا يهتمون بتزويده بعبارات التأييد ‏والتشجيع.‏

تأثير أكتئاب الوالدان على أعمالهم الوظيفية

إن المكتئب الحزين يكون في أدنى درجات طاقته الوظيفية، من خلال:

  • هو لا ينتج في عمله بالشكل المناسب، ذلك لأن الحزين دائماً ‏ما يتوقع النتائج السلبية في العمل.
  • فلماذا يعمل إذا كانت عائد ‏العمل سيذهب إلى من لا يستحق، ولماذا يعمل وفي النهاية ‏العمل لن يحقق السعادة والاطمئنان؟.
  • تظل تلك الأفكار الهدامة تسيطر على المكتئب لحين أن يعالج ‏اكتئابه، فحين يعالج الاكتئاب فإن النظرة العامة للحياة تعود ‏للمنطق المستقيم السليم.‏

كيف يعبر الوالدان عن صدماتهم؟

هناك مراحل للصدمة متعارف عليها في علم النفس، تلك ‏المراحل يجب أن يمر بها أي إنسان عند تعرضه للصدمة ‏النفسية، وتتمثل في:

  • المرحلة الأولى تبدأ بالحزن الشديد من الحدث ‏الصادم.
  • ثم الإنكار لنتائج الصدمة، ثم المساومة فيقبل بعض ‏نتائجها ويرفض البعض الآخر، ثم يقبل بالحدث الصادم ‏وتعامل معه.‏
  • وهناك بعض الأفكار الخاطئة التي تظن أن كتمان الانفعالات ‏وقمع الانفعالات وعدم التعبير عنها يعد من مظاهر القوة، بل ‏هو على العكس من ذلك تماماً،
  • فإن التعبير عن الحزن ‏والتفريغ الآمن للحزن يعد من أهم عوامل عبور الحزن، وفي ‏حالة كبت مشاعر الحزن وعدم تفريغها بشكل سليم، فإنها ‏تبقى مع الإنسان طوال حياته، فيبقى في مرحلة الحزن حتى ‏السنوات المتقدمة من العمر.‏
  • أو أن يبقى في مرحلة الإنكار، فينكر حزنه وينكر الحدث ‏الصادم، ولكن الحقيقة أن الحدث الصادم يسيطر عليه، ويجب ‏أن يعترف بهذا التأثير ويعالجه حتى يصل لمرحلة القبول ‏للحدث والتعايش معه.‏

فارق مهم بين الحزن العادي والحزن المرضي

هناك فارق مهم جداً يجب التعرف عليه عند النظر في ‏موضوع اكتئاب الوالدين، وتتمثل في:

  • وهو أن الاكتئاب المرضي أو ‏الحزن المرضي هو الحزن المستمر بدون انقطاع لفترة طويلة ‏من الزمن.
  • أما الحزن العابر الذي يأخذ وقتاً قصيراً ويمضي ويشعر ‏الإنسان بعده بمشاعر أخرى، فهو في الحقيقة ليس اكتئاباً وهو ‏حزن عادي تماماً، طبيعي جداً أن يشعر به أي شخص، ‏خاصة إذا كان هناك ما يبرره مثل فقد الحبيب أو فقد فرصة ‏أو غير ذلك.‏
  • فلا تتسرع عند الحكم على أحد بأنه مريض اكتئاب ولكن ‏يجب أن يتم العرض على الطبيب المتخصص حتى يشخص ‏التشخيص السليم الذي يجزم بأن هذا الإنسان مريض اكتئاب ‏أم لا، لأن الفارق كبير بين هذا وذاك، وخطوات العلاج ‏تختلف بينهما أيضاً.‏
وأخيراً..‏ اكتئاب الوالدين من الأمراض النفسية التي يمكن التعامل معها ‏وعلاجها ولكن بخطوات مدروسة يقوم بها الأبناء، ويجب أن ‏لا يستسلم الأبناء لحالة اكتئاب آبائهم، بل يجب أن يقوموا ‏بعلاجهم مهما كلف الأمر.‏

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ