كتابة :
آخر تحديث: 15/06/2021

الاستقلال العاطفي وكيفية الحصول عليه

الاستقلال العاطفي من الأهداف الهامة جداً لأي إنسان، حيث أنه دون الاستقلال النفسي والعاطفي يكون الإنسان أسيراً لعوامل مختلفة في تحديد أولوياته، بل أنه قد يكون منشغلا بتحقيق أهداف أشخاص آخرين.
والاستعداد للاستقلال العاطفي يبدأ من أولى لحظات النشأة الأولى، فالطفل الذي نشأ في تربية سمحت له بالمناقشة والحوار والحرية في إظهار المعتقدات ومناقشتها، وسمحت له باختيار ألعابه وأصدقاؤه يكون أقدر على الوصول للاستقلال النفسي والعاطفي من طفل آخر عانى من الحصار الأسري والحماية الزائدة من الشخصيات الوالدية التي كانت تقوم بتربيته وتنشئته.
الاستقلال العاطفي وكيفية الحصول عليه

كيف يبدأ الاستقلال العاطفي؟

1. يبدأ من حب الإنسان لذاته ووجوده:

  • فالإنسان يحب أن يرى ذاته ناجحة مؤثرة في الدنيا وفي الناس، والإنسان الذي لا يحقق ذلك في الصغر يظل يبحث عنه في الكبر بوسائل عديدة.
  • فقد يبحث عنها الإنسان بشكل سلبي عن طريق إلحاق الأذى بمن حوله، فيفرح بذكرهم له ولو بتوجيه الانتقاد له.
  • والإنسان الذي لا يشعر بحب من حوله في أسرته يبحث عن الحب والتقدير خارجها، فالشعور بالحب هو غذاء الإنسان العاطفي الذي لا يقوى على الحياة دونه.
  • فالتجارب أثبتت أن الأطفال الرضع الذين لم يحصلوا على الحب والتقدير ماتوا بشكل سريع لأن من يقومون برعايتهم اكتفوا بتزويدهم بالطعام والشراب فقط دون تزويدهم بالحب والحنان.
  • لذا وجب التأكيد على أن تزويد الإنسان بالاحتياجات العاطفية ليس رفاهية أو ترف، بل هو في الحقيقة احتياج إنساني أصيل لا يمكن الاستغناء عنه بأي حال من الأحوال.
  • والآباء الذين يجدون في القسوة قوة، وفي منع التعبير عن الحب والحنان حزم وحسم، هم في الحقيقة يتسببون في فقر عاطفي كبير لأبنائهم، فقر قد يدفعهم للعديد من المشكلات بسبب احتياجهم الشديد للتقدير والحب.

2. أخطاء في التربية يجب تجنبها :

  • هناك أخطاء في التربية يقع فيها المربون تتسبب في وجود نقص شديد في الاستقلال النفسي، تلك الأخطاء يتم ارتكابها دون قصد ظنا من الآباء أنهم يقومون بواجبهم بتلك الطريقة، رغم أن تلك الأخطاء تتسبب في مشاكل كبيرة في الشخصية.
  • ومن يقع في تلك الأخطاء لا يجب عليه إهمالها أو التقليل من شأنها، كما أنه يجب عليه عدم تضخيم المشكلة ولا الوقوف أمامها عاجزاً.، بل يجب عليه دراسة المشكلة والبدء في حلها بعد دراستها جيدا.

3. لا تنفيذ لأبنك كل ما يريد :

  • يشعر كثير من الآباء والأمهات بالفخر لكونهم يقومون بتلبية كل طلبات أولادهم، بمجرد أن يشير الطفل على لعبة من الألعاب يقوم الأب أو تقوم الأم بشراء اللعبة التي أرادها الطفل.
  • وهذا التصرف قد يعتبره البعض طبيعياً ونوع من أنواع الحنان، ولكنه في الحقيقة يقتل الاستقلال النفسي لدى الطفل، ويتسبب في إنشاء طفل مصاب بالتواكل والاعتمادية الكبيرة على كل من حوله.
  • فيجب تعليم الطفل أن هناك رغبات يجب تأجيلها، وهناك رغبات لا يمكن تحقيقها إلا بشروط معينة، فيكون تلبية رغباته نوع من أنواع المكافئة على إنجاز عمل من الأعمال، أو استذكار درس من الدروس.
  • فبتلك الطريقة يتعلم الطفل أن تحقيق الرغبات لا يتم إلا بإتقان العمل، وأن العمل الغير متقن والإهمال فيه يتسبب في عدم تحقيق الرغبات والأمنيات.
  • لذا لا تعطي ابنك كل ما يطلب ففي بعض الأحيان يعتبر المنع هو قمة العطاء، لأنك تمنعه من الانقياد لشهواته لتعلمه وتدربه على قيادة رغباته ليحققها في الوقت المناسب.

لأبنك حق في الخطأ .. احرص عليه :

  • يسعى كثير من الآباء والأمهات إلى جعل كل اختيارات أبنائهم صحيحة ومثالية، وعندما يقوم الطفل باختيار نوع معين من الملبس أو نوع معين من الألعاب الرياضية لا يرضى عنه الآباء، يحاولون الآباء تصحيح هذا الاختيار وتعديله نيابة عن الأبناء.
  • وهذا التصرف يدمر الاستقلال النفسي للطفل بشكل كبير، حيث أن الطفل لن يتدرب على الاختيار الصحيح إلا بعد مروره بعدة اختيارات خاطئة يختارها الطفل بحرية مطلقة.
  • ويؤكد علماء النفس على أن هناك حق للطفل يسمى الحق في الخطأ، أي أن الطفل يجب أن يحصل على حقه في الخطأ بشكل كامل حتى يتدرب عليه ويتعلم الصواب في نهاية المطاف.
  • أما أن يقوم الأب أو تقوم الأم بتصحيح اختيارات الابن بشكل مستمر رغما عن أطفالهم، فإن ذلك يوصل رسالة واحدة مضمونها هو أن الطفل غير مسموح له بتعلم الاختيار، وأن يترك آخرين يقومون بالاختيار نيابة عنه.
  • ثم تتعجب الأم ويتعجب الأب بعد زواج ابنهم من أنه غير قادر على اتخاذ القرار، وأنه يترك زوجته تدير دفة الحياة نيابة عنه، ذلك لأن الأبن لم يتدرب ولم يكتسب ثقة الاختيار والخطأ والصواب منذ البداية.

كيف تدافع عن استقلالك العاطفي؟

والآن وبعد معرفتنا لبعض الجوانب التي تؤدي إلى الإضرار بالاستقلال العاطفي، نتحدث في السطور القادمة عن الوسائل التي يتمكن بها الإنسان من استرداد حقه في الاستقلال العاطفي والنفسي, فكيف يسترد الإنسان حقه في اتخاذ قراره النفسي والعاطفي؟:

  • إن الإنسان الذي يتعرض للتبعية العاطفية يجد نفسه أسيراً لرغبات من يحب، لا يمكنه اتخاذ أي قرار إلا بعد الرجوع لمن يتبعه عاطفياً، ذلك لأنه يعتقد أن هذا الشخص هو الذي يمده بالطاقة العاطفية التي يحتاجها.
  • والحقيقة أن الإنسان الذي يشعر بعدم الثقة في نفسه، واحتياجه الدائم للشعور برضا شخص معين حتى يستقر نفسياً، هو في الواقع يتعرض لآلام نفسية شديدة جداً، لأن راحته النفسية مرهونة برضا أشخاص آخرين.

كيف يسترد الإنسان استقلاله العاطفي والنفسي؟

  • ولكي يسترد الإنسان استقلاله النفسي ويتحرر من التبعية العاطفية لتلك الأشخاص عليه أن يدعم ثقته بنفسه وأن يرى نفسه أهلاً لتحمل المسئولية في الحياة.
  • ويجب أن يعرف أنه ليس عليه أن يعيش بمثالية وأن تكون كل تصرفاته مثالية، فيجب عليه تحمل الاختيارات الخاطئة التي يختارها، وأن لا يلوم نفسه بعدها.
  • إن الأديان السماوية تدعوا إلى الاستقلال العاطفي والنفسي وأن لا يتعلق الإنسان إلا لخالقه سبحانه.
  • وأن يتعلم الإنسان أن كل الناس سواسية ولا يحق لإنسان أن يستعبد إنساناً آخر، وأن العبودية والتبعية كلها لله سبحانه.
وأخيراً ... فإن الاستقلال العاطفي أمر يستحق الدفاع عنه والحرص عليه من كل إنسان عاقل، لأن الإنسان دونه لا يعيش ليحقق أحلامه ومصالحه ولكنه يحقق مصالح الآخرين.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ