كتابة :
آخر تحديث: 24/02/2023

ما هي الليلة المظلمة للنفس؟ وما أعراضها؟ وكيفية التعامل معها؟

الليلة المظلمة للنفس ليس معناها ليلة واحدة بل فترة يمر بها الشخص بعد تعرضه لصدمة أو موقف يتخلى فيه عن الإيجو الخاص به دون وعي منه، وأطلق عليها ليلة موت الإيجو، الإيجو هو عبارة عن الأنا المزيفة للإنسان أو الجانب المظلم منه، وهو عبارة عن كل البرمجيات والمعتقدات ومشاعر الخوف والحزن والعار والتأنيب المخزنة في العقل اللاوعي للإنسان، والتي اكتسبتها وخزنها به منذ الصغر نتيجة تعرضه لصدمات في الطفولة، وعلى أساس هذا الإيجو بدأ يتصرف الإنسان في كل جوانب حياته، وفي هذا المقال في موقع مفاهيم نتعرف على علامات الليلة المظلمة للنفس وعلاجها، تابع معنا...
ما هي الليلة المظلمة للنفس؟ وما أعراضها؟ وكيفية التعامل معها؟

ما هي الليلة المظلمة للنفس؟

الليلة المظلمة للنفس Darknightsoul أو الروح لا يمر بها كل إنسان على وجه الأرض، وهي من أصعب التجارب الروحية التي تمر على الإنسان وتعني:

  • حيث يسقط الإنسان في بئر عميق من الفراغ والضياع والألم والخوف، ويشعر أنه منفصل عن باقي البشر، وأنه الوحيد من يحدث معه هذا الأمر.
  • ولذلك تعتبر هذه الليلة نقلوا ومرحلة هامة جدا في حياة الشخص الذي يمر بها، حيث يدخل بعدها فيما يسمى بالصحوة أو الاستيقاظ الروحي.
  • وهي المرحلة التي يترقى فيها الشخص روحيا ليتعرف على ذاته الحقيقية ومن ثم ربه، فكما يقال من عرف نفسه عرف ربه.
  • فلكي يولد الإنسان من جديد أن تتكون لديه نسخة جديدة ويصبح حقيقا وليس مزيفا كما كان في السابق يجب أن يكون ثم يولد من جديد.
  • والموت هنا ليس معناه الموت الفيزيائي المتعارف عليه، ولكن المقصود به هنا هو موت الإيجو أو الأنا المزيفة للشخص.
  • مما يسمح لذاته الحقيقة أن تحل محل الأنا المزيفة له، وهذا لن يحدث في يوم وليلة بل سيأخذ فترة من الزمن.
  • لأن العقل البشري وقتها يعيد ترتيب نفسه مرة أخرى بعد انهيار بعض البرمجيات الأساسية به.
  • والتي كان الإنسان يعبر عن نفسه من خلالها، والتي تشكل جزء كبير من الأنا الزائفة له.
  • ومن ثم يصبح الإنسان بعد مرور هذه الليلة أكثر وعيا بالأمور المخزنة في عقله اللاواعي.
  • ويبدأ في التحرر منها شيئا فشيئا حتى يرتقي في الوعي أكثر فأكثر، ويبدأ في الاتصال بروحه وذاته الحقيقية.
  • والتي ترشده في الحياة إلى كل ما هو جميل ومفيد، ويتعرف من خلالها على شغفه ورسالته في الحياة.

أعراض الليلة المظلمة للنفس

يمكن أن تختلف الأعراض الخاصة بتلك الليلة من شخص لآخر حيث يمكن أن تتوافر جميعها أو بعض منها عندما يمر الشخص بهذه الليلة، كما تختلف درجة آلام وصراعات هذه الليلة المظلمة من شخص لآخر كل حسب درجة مقاومته لخسارة أناه المزيفة أو نسخته القديمة أو شدة تمسكه بها، من ضمن أعراض ليلة موت الإيجو:

أولا: الشعور بالضياع والفقد والفراغ والفوضى

  • ينتج هذا الشعور من شدة تمسك الشخص بالفوضى المظلمة الموجودة بداخله خوفا من تجربة الجديد أو الخوف مما هو قادم.
  • كلما زادت المقاومة لهذا الأمر زاد شعور الفقد والضياع والفوضى بداخل الشخص.
  • بالإضافة إلى زيادة الألم الناتج عن مقاومة هذا الأمر، كما أن هذه الفترة يكون الشخص فيها منعزلا عن المحيطين به.
  • وينقطع الاتصال بينه وبينهم سواء ذلك عن قصد منه أو بدون وعي، مما يجعل الشخص يواجه مخاوفه بمفرده.
  • ويدخله ذلك في حالة من الضياع والانفصال عن البشر، وشعوره أنه هو الوحيد في العالم الذي يحدث معه هذا الأمر، وأنه ضائع ومفقود.

ثانيا: الشعور بالحزن والاكتئاب الشديد

  • يشعر الشخص للوهم خلال تلك الفترة بحزن عميق جدا واكتئاب شديد، ولكنه ليس الاكتئاب والحزن المتعارف عليه.
  • بل هو نوع آخر من الاكتئاب يسمى الاكتئاب الروحي لأن النفس القديمة للشخص تموت من أجل ولادة أخرى جديدة.
  • كما يفقد الشخص شغفه في الحياة تجاه الأمور التي كانت تسعده، ويصبح غير راغبا في الحياة.
  • ويزيد شعوره بأن هناك أمر ما قد فقده أو ضاع منه، وهي ذاته القديمة.
  • البكاء الهستيري هو أحد أعراض هذه الليلة، ويعبر الإنسان من خلاله عن مدى الحزن والألم الذي يشعر به، وهو وسيلة جيدة لتفريغ تلك المشاعر.

علامات الليلة المظلمة للروح

من أهم العلامات التي تشير أن النفس مصابة بالليلة المظلمة، وأن الحياة سوداء في عين المصاب بها، ومن أهم هذه العلامات ما يلي:

  1. الشعور بالحزن والكآبة والاكتئاب.
  2. تمنى الموت وفراق الدنيا.
  3. السخط على الحياة وطريقة المعيشة.
  4. تدنى احترام الذات وفقدان قيمة النفس.
  5. الشعور بأن الحياة مزيفة ولا يستحق العيش فيها.
  6. الشعور بالكسل والخمول والمرض والتعب وعدم الرغبة في ممارسة المهام اليومية.
  7. البعد عن الناس وعدم التحدث مع أحد.
  8. الشعور أن شيء يحدث يسير ضد مصلحة الفرد.
  9. الشعور بأزمة الهوية وعدم تقدير مكانة الفرد في الحياة.
  10. يبحث الإنسان عن أسباب لوجوده في الحياة ويقنع نفسه أنه ليس له أية أهمية في الحياة.
  11. تبحث عن إجابة حول سؤال لماذا خلق الله الشر.
  12. أصبح الاهتمام بالأشياء التي كانت تفرح أو تسعد ليس كالسابق.
  13. تعاني من كوابيس وأحلام مزعجة يخرجها عقلك الباطن عن الحياة والأفراد في منامك.
  14. تشعر بالفشل وأن أحلامك وأهدافك واقع مزيف يجب التخلي عنه تماما.

الفرق بين الليلة المظلمة والاكتئاب

قد يخلط البعض بين الإصابة بالشعور بالليلة المظلمة للروح وبين الإصابة بالاكتئاب، وذلك لأن الفرد يعاني في الليلة المظلمة بنفس أعراض الاكتئاب ولكن هناك فرق بينهما، ويتمثل فيما يلي:
الليلة المظلمة الاكتئاب
أزمة وجودية أو روحية مرض نفسي
سببها التعرف على الذات واكتشاف وجود الإنسان وماهيته في الحياة ضغوط ومشاكل وأزمات نفسية يتعرض لها الإنسان
ليست ليلة واحدة وقد تمتد لعدة شهور 6 شهور - عامين ويمكن أن تعود نوبات الاكتئاب مرة أخرى
علاجها تغيير نمط الحياة والتحرر من الأفكار السلبية تحتاج لعلاج دوائي ومعرفي سلوكي

كيفية التعامل مع الليلة المظلمة للروح؟

على كل شخص يمر بهذه الفترة العصيبة أن يدرك تماما أن الخوف الذي يشعر به هو وهم وكان موجودا بداخله منذ سنوات، ولكن عقله اللاواعي كان يخفيه عنه كنوع من أنواع الحماية، وحان الوقت للتخلص من هذا الوهم فأصبح ظاهرا للإنسان ليكشف عن نفسه، ويتبع الآتي:

1. التحرر من الوهم

  • ينتبه الشخص إلى مشكلة الوهم من أجل التحرر منه، والتخلص منه حتى يعيش حقيقته على الأرض، وهذا الخوف هو نابع من وهم الانفصال عن الله، والذي اعتقد فيه الإنسان أنه انفصل عن الله أو أن الله بعيدا عنه.

2. الهروب من الخوف والاصطدام بالواقع

  • وكان الإنسان يهرب من هذا الخوف من خلال محاولة الحصول على كل ما هو مادي ليملأ به هذا الفراغ أو يسكن به هذا الخوف، ومن ضمن هذه المسكنات الأموال والمناصب والشهادات تعليمية والعلاقات بمختلف أنواعها.
  • وعندما يصاب الإنسان بموقف أو صدمة يخسر فيها هذه الأمور، يدخل في هذه الليلة التي يموت فيها الإيجو أو الأنا المزيفة له.

3. الوعى والتركيز على الأفكار الإيجابية

  • يجب أن يكون الشخص أكثر وعيا من السابق، ويبدأ في التركيز على أفكاره ومشاعره من خلال مراقبتها لمعرفة هل تفيده في الحياة أم لا.
  • وإذا كانت لا تفيده أو أحد البرمجيات القديمة يجب أن يتخلص منها من خلال تحرير الموقف أو الصدمة.
  • والتي اكتسب فيها هذا المعتقد أو خزن فيها شعور سلبي في عقله اللاواعي.
  • فالوعي هو عبارة عن المصباح الذي يحمله الشخص في يده وينير به عقله اللاواعي أو الجزء المظلم منه،

4. التصالح مع النفس والاتصال بالله

  • حتى يتصالح معه، ويحرر ما به من معتقدات وأفكار سلبية تعيقه عن الوصول إلى حقيقته، والاتصال بالله.

5. الخروج للطبيعة

  • من أكثر الأمور التي يجب القيام بها خلال تلك الفترة، فالتأمل بالطبيعة من أكثر الأشياء التي تصفي ذهن الشخص، وتجعله في حال أفضل.

6. ممارسة بعض تمارين الاسترخاء

  • مثل التأمل واليوغا، أو ممارسة رياضة خفيفة مثل المشي بشكل يومي، لأن الخيال هو أحد طرق العلاج النفسي للصدمات، والتحرر من المشاعر السلبية.

7. تجنب شرب الكافيين

  • قدر المستطاع، لأن ذلك يمنعه من النوم أو يصيبه بالأرق، والذي هو فعلا مصابا به جراء مروره بهذه الليلة.

8. تناول أعشاب مهدئة

  • حتى يستطيع الشخص أن ينام، وتبدأ خلاياه تتجدد استعدادا لاستقبال نسخته الجديدة.

9. التحرر من المشاعر السلبية والمعتقدات

  • والتي تكون مخزنة في خلايا الشخص وجيناته، يجعل هذه الخلايا تموت ليحل محلها خلايا أخرى جديدة.

10. تناول طعام صحي

  • خالي من أي مواد صناعية أو دهون ضارة، حتى لا تزيد من الآلام النفسية للشخص نتيجة تأثيرها على مستوى هرمونات السعادة والاسترخاء بالجسم.

ماذا بعد الصحوة الروحية؟

تحدث الصحوة الروحية بعد تعرف وتقدير الإنسان بقيمة النفس وأن وجوده في الحياة ليس عبثا، وإنما خلق لأهداف كثيرة في الحياة،وعادة ما تبدأ الصحوة الروحية بعد مرور أيام أو شهور أو سنوات تختلف من شخص لأخر من الليلة المظلمة للنفس ومن أهم معالمها ما يلي:

  1. تبدأ عودة الروح من جديد بعد الليلة المظلمة وبعد الانفصال عن الأشياء والأشخاص للنفس ويكتشف الإنسان ذاته ووجود في الحياة.
  2. تزيد طموحات وأفكار وأهداف الفرد ويصبح مقبلا على الحياة كأنه خلق من جديد.
  3. تصبح أكثر اجتماعية وتعاطفا مع الأشخاص المحيطين.
  4. يصبح الحدس العقلي والعاطفي للفرد أقوى وأكثر تركيزا.
  5. تزيد ثقة الإنسان في نفسه ولا يبالي للضغوط والمشاكل التي تقابله في الحياة.
  6. الإدراك الكامل لقيمة السعادة في الحياة.
  7. اكتشاف أسلوب حياة جديد مقبل على العيش فيها بحب.
  8. تصبح أكثر انسجام مع الذات( الأنا) وتتقبلها كما هي.

اليقظة الروحية في الإسلام

من المعروف أن النفس أمرة بالسوء وقد يخطأ الإنسان، وفي المقابل قد وضع الإسلام أمر يجعل الناس يترجعون عن هذه الأخطاء من خلال الشعور بالذنب والتوبة، والتوبة هنا محلها القلب، لذا نبدأ التوبة من شعور الإنسان واليقظة الروحية بقيمة ما يفعله والندم عليه ثم التوبة.

عن الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري ـ رضي الله عنه ـ: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قد أفلح من اخلص قلبه للإيمان، وجعل قلبه سليما، ولسانه صادقا، ونفسه مطمئنة، وخليقته مستقيمة، وجعل اذنه مستمعة، وعينه ناظرة، وقلبه واعيا».

  • إن اليقظة الروحية في الإسلام تساعد الإنسان على التحرر من الأخطاء والرضا بالقضاء والقدر والتعاون وحب الخير للآخرين وتقبل الذات والنفس والرضا بالعيش والإيمان بدور الإنسان في الحياة.
  • إن الشعور بالإيمان والتوبة واليقظة الروحية يجعل الإنسان يبعد عن ارتكاب المعاصي ويسعى لفعل الخيرات، رغم أن النفس قد تقود الفرد للخطأ لكن الله تواب رحيم.

عن الصحابي الجليل أبي موسى عبدالله بن قيس الأشعري ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أن الله تعالى يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها».

في النهاية نستنتج من معرفة ما هي الليلة المظلمة للنفس أنها أمر جيد للشخص، وعلى من يمر بهذه الليلة ويشعر أنه ضائع وتائه أن يعتبر نفسه من المحظوظين، فالله لن يختاره لهذا الأمر الأليم والقاسي إلا إذا كانت لديه القدرة والقوة الكافية لمواجهته، حتى يصبح في حال أفضل مما كان عليه، فهي عملية تطهير روحي تنقل الشخص لمستوى وعي أفضل، وتجعله متصلا أكثر بذاته وبالله.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ

المراجع