المهنة والاضطرابات النفسية
محتويات
المهنة والاضطرابات النفسية
ولكي ندلل بشكل منطقي على العلاقة بين المهنة والنفسية، ولكي نبسط المعلومات بشكل أكبر للقارئ الكريم، فنقوم بضرب مثل بسيط على مهنة من المهن ولتكن مثلاً مهنة المعلم،
فهي مهنة يواجه فيها المعلم ضغوطاً كبيرة في التعامل مع كافة أنواع الطلاب سواء السوي منهم أو الغير سوي، ويجب أن يمتاز فيها المعلم بقوة الشخصية وفرض السيطرة على طلابه بشكل يمكنه من تحقيق رسالته العلمية.
وتلك الضغوط في مواجهة تلك الشخصيات والمواقف تجعل من سلوكيات المعلم التي يستخدمها في عمله أسلوب الفرض والمتابعة للطلاب المتعلمين منه، ولكن هذا الأسلوب يواجه مقاومة من بعض الطلاب بشكل كبير،
فتمثل تلك المقاومة ضغطاً كبيراً على نفسية المعلم، ذلك الضغط الذي إن لم يتم التعامل معه بشكل نفسي سليم، فإنه يؤدي إلى اضطرابات في شخصية المعلم نتيجة عدم تحمله ضغوط عمله.
وعندما تتأثر الصحة النفسية فهي لا تبدأ بالمرض النفسي، ولكن قد تبدأ في البداية ببعض التأثر على السلامة النفسية للمعلم، مثل الشعور بالتوتر والصداع وعدم الرغبة في العمل.
وقد تتزايد آثار الضغوط النفسية على المعلم، فتؤثر على الصورة الذهنية الموجودة لديه عن نفسه أو عن العمل أو عن التلاميذ، فتتحول لصورة ذهنية سلبية وليست إيجابية.
ففشل المعلم مثلاً في حل مشكلة من المشكلات مع طالب من طلابه أو إهانة المعلم مثلاً في الفصل أمام التلاميذ دون أن يكون هناك عقاب رادع للطالب، كأن يكون الطالب منسوباً لأحد المسئولين،
كل ذلك يؤدي في النهاية إلى ضغوط نفسية كبيرة على المعلم، تجعله عرضه للاضطرابات النفسية، وذلك في حالة عدم تعامله بشكل جيد مع الأعراض النفسية المؤقتة الناتجة من تلك الضغوط.
تأثير المهنة على السمات الشخصية
- ونستمر مع نفس المثال، فإن مهنة المعلم تكسبه بعض السمات الشخصية مثل سيطرته على أفراد أسرته، فإن بعض المعلمين يتجهون في أسلوب السيطرة الذي يستخدمونه مع طلابهم في الفصل إلى فرض نفس السيطرة على أفراد أسرته ورغبته في عدم معارضة تلك السيطرة بأي شكل من الأشكال.
- وفي ذلك مفارقة كبيرة، فإن السيطرة في الفصل هي أحد أدوات المعلم في عمله، ولكن سيطرة الأب المستمرة في البيت لها آثارها السلبية منها منع تطور نمو الأبناء في مهارة التعبير عن أنفسهم، ومنع تطور قدراتهم على اتخاذ القرار والمساهمة في الحياة بشكل سليم.
- حيث أن أحد الاحتياجات النفسية الرئيسية التي كشفتها دراسات علم النفس احتياج الإنسان إلى المركز وهو احتياج يشعر فيه المرء باحتياجه لأن يكون مركز اهتمام العائلة، ومركز قراراتها، فيتم استشارته في بعض الأمور وتنفيذ تلك الاستشارة في بعض الأحيان.
- مثل استشارته في مكان التنزه، أو استشارته في التوجه لأحد الزيارات العائلية، فإن تنفيذ تلك الاستشارة يعطي الطفل مهارة كبيرة في اتخاذ قراراته بعد ذلك.
- وكبح جماح تلك الرغبة، يؤدي إلى آثار سلبية كبيرة جداً على المعلم وعلى أسرته على حد سواء.
مهنة التجارة وآثارها النفسية
- تعد مهنة التاجر من المهن المنتشرة جداً في العديد من الأوساط، حيث أن التاجر يحاول دائماً أن ينمي تجارته، ويخفض خسارته بشكل كبير.
- ولكن المشكلة الأساسية لدى مهنة التاجر في الضغوط النفسية الكبيرة جداً التي يواجها في الصراعات التنافسية داخل السوق التجاري الذي يعمل به.
- فإن الصراعات التنافسية منها ما هو طبيعي ومنها ما هو خارج عن المألوف، فهناك منافسة في الأسعار، ومنافسة في المنتجات، ومنافسة في كسب ثقة العملاء.
- كل تلك المنافسات تعد طبيعية، ولكن هناك طرق غير مشروعة قد يواجها التاجر مثل محاولة سرقة أي من ممتلكاته وغيرها من المخاطر التي تمثل ضغطاً نفسياً كبيراً على التاجر وتجعله عرضه للعديد من الاضطرابات النفسية منها مثلاً عدم الثقة في الناس بسهولة، وعدم الثقة في النفس في حالة فشله في مواجهة أحد المشكلات.
- وهناك ضغوط نفسية كبيرة يقع فيها التاجر وهي فشل تجارته ثم محاولة البدء من جديد، فهناك العديد من التجار حاولوا الانتحار بسبب خسارتهم لتجارتهم بشكل مفاجئ.
تأثير مهنة التاجر على السمات الشخصية
- من التأثيرات المهمة لمهنة التجارة على شخصية التاجر هي نظرته المادية لبعض الأمور المعنوية، فهو قد يقيس بعض الأمور التي لا تقدر بثمن نظرة المكسب والخسارة، مثل نظرته لمن يتقدم لخطبة ابنته مثلاً بمقياس الغنى والفقر المادي، بينما لا يرى أهمية بنفس القدر للسمات الشخصية الأخلاقية أو الاجتماعية.
- وهناك بعض التجار الذين يدخل حب المال لقلوبهم فلا ينفقون بعض اموالهم على الضروريات التي يحتاجها أفراد أسرته، ويفضلون أن يقومون باستثمار كل أموالهم في التجارة بغرض تنميتها.
- وأكيد أن تلك السمات تؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية للتاجر وعلى أسرته، فإن الاختلال النفسي له أعراض كثيرة تتأثر بالمهنة التي يمتهنها الإنسان.
اختيار المهنة الغير مناسبة وعلاقتها بالصحة النفسية
- ومن مسببات الاضطرابات النفسية اختيار مهنة لا تناسب الشخص والاستمرار فيها وعدم الإقدام على تغييرها.
- فهناك العديد من الشخصيات التي لم تتطور لديهم مهارات اتخاذ القرار لأسباب عديدة، لا يملكون الشجاعة النفسية على تغيير المهنة التي لا تناسبهم، لتخوفهم من عواقب التغيير.
- وهنا نجد العديد من الأشخاص يقومون بأعمال لا تناسبهم، فالرجل المناسب يكون في المكان غير المناسب، حينها تكون المشاكل النفسية كبيرة جداً، لأن الضغوط النفسية المستمرة على الإنسان تكون بشكل مستمر ولا ينقطع، فلا يجد الإنسان سبيلاً للخروج من تلك الضغوط إلا بأسباب خارجية، مثل الخروج على المعاش أو الرفد، حينها فقط يقدم الإنسان على تغيير مهنته الغير مناسبة.
ما هو السبيل لعلاج الاضطرابات النفسية؟
- هناك بعض الاضطرابات النفسية التي يحتاج فيها الإنسان إلى العرض على مختص، وخاصة إذا كانت الأحداث قديمة وينكر الإنسان تأثيرها.
- فيحتاج الإنسان إلى مختص لمعرفة الأسباب الحقيقية لتلك الاضطرابات والتاريخ المرضي والتاريخ المهني، ذلك حتى يكتشف المختص العلاقة السببية بين المهنة والمرض النفسي.
- ولكن هناك بعض المحاولات التي يمكن لصاحب المشكلة أن يقوم بها لتحقيق التبصرة بالمشكلة، فالاستبصار النفسي أحد أهم عوامل الشفاء النفسي، وفي حالة استبصار المريض بمشكلته فإنه يكون قد قطع شوطاً هاماً في سبيل الشفاء النفسي وتحقيق السلامة النفسية.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_6389