امور الدنيا اربعة (شرح الحديث الشريف)
امور الدنيا اربعة
يقول رسول الله صل الله عليه وسلم: "إنما الدنيا لأربعة نفر: أي إنما حال أهلها أربعة، اثنان عاملان، واثنين تبع لهما، فالثاني تبع للأول، والرابع تبع للثالث، فالناس من امور الدنيا اربعة ولا يخرجون عن أحوال أربعة من تلك الأمور الدنيوية، لنوضح ذلك فيما يلي:
الأول: عالم غني
- "عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقا، فهذا بأفضل المنازل"، إذ يتخير الله من يرزقه المال أو من يرزقه العلم أو من يرزقه الاثنين معا، فإذا رُزق المرء العلم والمال معا كانت تلك أفضل منزلة.
- فقد حثّنا الله تعالى على العمل بالعلم، وذمّ من لا يعمل بعلمه، قال تعالى: "يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُوا۟ مَا لَا تَفْعَلُونَ"، وفي صحيح مسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: "يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى، فيجتمع إليه أهل النار فيقولون: يا فلان ما لك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه".
- إذن على العالم أن يعمل بالعلم ويسعى لتعليم العلم وإعطائه لمن يستحق، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم، وواضع العلم عند غير أهله، كمقلَّد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب"، رواه ابن ماجه في سننه.
الثاني: عالم فقير
- "وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان، فهو بنيته فأجرهما سواء"، ينفع الله بصاحب العلم أكثر مما ينفع بصاحب المال، لأن العلم ضرورة للقلب والروح، بينما المال ينفع للجسد، لذا فغذاء القلب أعظم من غذاء الجسد والبطن.
- وإذا صدقت نية العبد، فإن الله سيجزيه الجزاء والأجر كما لو فعل، لأن النوايا الصادقة لله سببا في صحة العمل للحصول على الأجر والثواب.
الثالث: غني جاهل
- "وعبد رزقه الله مالا ولم برزقه علما فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقا، فهذا بأخبث المنازل"، أي يكون من أشر خلق الله لسفاهته وعدم قدرته على حسن التصرّف في هذا المال.
- ومثالًا على هذا النوع من حالات الناس الأربعة، قارون حيث آتاه الله مالا ولم يؤته علما، ففي قوله تعالى: "إِنَّ قَٰرُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ ۖ وَآتَيْنَٰهُ مِنَ ٱلْكُنُوزِ مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ ۥ لَتَنُوٓأُ بِٱلْعُصْبَةِ أُو۟لِى ٱلْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ ۥ قَوْمُهُ ۥ لَا تَفْرَحْ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلْفَرِحِينَ وَٱبْتَغِ فِيمَآ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلْأَخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ ٱلْفَسَادَ فِى ٱلْأَرْضِ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ"، (القصص: 76-77).
الرابع: فقير جاهل
- "وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته، فوزهما سواء"، قد تكون سوء النيّة سبب في إتيان الوزر، فهذا رجلا وقع بسوء تصرفه وجهله في سوء النيّة، حيث تمنّى أن يكون له مال مثل مال رجلٍ يخبط في ماله بغير علم.
- فلا يؤدي حق الله تعالى، لذلك أتى وزرا بسبب هذه النيّة البغيضة، ولكن هذا ليس بظلم له، لأن الله تعالى علِم من نيته أنه لو أعطى مثل صاحبه لأفسد الأمر وفسق، وأيضا لأنه يأخذ بالأسباب التي تصل للعلم وترفع الجهل عن نفسه.
شرح الحديث إنما الدنيا لأربعة نفر
- روى الترمذي عن أبي كبشة الأنماري، أنه سمع رسول الله صل الله عليه وسلم يقول: "ثلاثة أقسم عليهن وأحدثكم حديثًا فاحفظه قال: ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزا، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر أو كلمة نحوها".
- وأحدثكم حديثا فاحفظوه قال: "إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقا، فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا، فهو صادق النية يقول: لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالا ولم برزقه علما، فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقا، فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول: لو أن لي مالا فيه بعمل فلان فهو بنيته فوزهما سواء"، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
- وفي هذا التقسيم توضيح لأمور الناس وأحوالهم في الدنيا، وهو من أكثر التقسيمات إبداعًا والتي لا يخرج عنها البشر أبدا، حيث قسم هو أفضل المنازل، وقسم آخر أخبث المنازل، والثاني والرابع تبع لهما كما سبق وأن شرحنا معنى الحديث في السطور السابقة أعلاه.
معنى امور الدنيا اربعة إمارة وتجارة
- قال المأمون: إن الناس في تصرفهم ومعايشهم بين أربعة أمور، من لم يكن منها كان عيالا عليها وكلّا: الإمارة، والتجارة، والزراعة، والصناعة.
- أربعة لا يستحيا من الختم عليها: المال لنفي التهمة، والجوهر لأمن البدل، والدواء للاحتياط، والطبب للصيانة.
- قال العتبي: اجتمعت الحكماء على أربع كلمات، وهي: لا تحملن على قلبك ما لا تطيق، ولا تعمل عملا ليس لك فيه منفعة، ولا تثقن بامرأة، ولا تغتر بالمال وإن كثر.
من فوائد الحديث الشريف مثل هذه الأمة مثل أربعة نفر؟
إن من فوائد الحديث الشريف إنما الدنيا لأربعة نفر تأكيد على أن الإنفاق في سبيل الله وإتيان الصدقات لها آثار عظيمة وثوابها مضاعف، وتدفع عن صاحبها البلايا والكروب والشدائد وتكفّر عنه الذنوب وتبارك في عطايا الله له، كما أن إنفاق المال في موضعه الصحيح دليل على صدق العمل الصالح وصحة إيمان العبد.
ويدل الحديث امور الدنيا اربعة الذي تم توضيحه سابقاً، على أنه تكفي النيّة حتى يتحقق هذا الجزاء، باشتراط أن يكون العبد عاجزا عن العمل، فإذا كان قادرا على العمل كله أو بعضه، فإنه يفعل ما يستطيع منه.
ما صحة الحديث إنما الدنيا لأربعة نفر؟
- الحديث صحيح، وإذا صار مع العمل الصالح فذاك أفضل.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_20884