اهمية كسب الحلال ومفهومه وفوائده، وطرق الحصول عليه
مفهوم كسب الحلال
إن الرزق مكتوب لكل شخص بحكمة إلهية لا دخل للإنسان فيها، ولكن ما هو مطلوب من الإنسان السعي للحصول عليه، ويقصد بهذا السعي هو الكسب الحلال، ولكن يشترط أن يكون الكسب هذا من مصادر شريعة ومن مجهود بدني أو ذهني قام به الإنسان ويستحق عليه نيل الأجر، ومن ثم فإن الكسب الحلال هي وسيلة شرعية للحصول على الرزق والمال من خلال الجهد المبذول، ولا يوجد فيه استغلال للآخرين أو اعتداء عليهم أو ظلم لهم.
اهمية الكسب الحلال في حياة المسلم
نعلم جيدًا أننا لا نستطيع أن نعيش بدون مال؛ لأن المال مصدر مهم لأجل العيش والملبس والمسكن والمشرب وغير ذلك، ولكن أهم نقطة أنه يجب على المسلم أن يتحرى الحلال والحرام في ماله حتى يبارك الله له، فالعمل الذي يجلب لك مكسب حلال فلا بد أن تحافظ عليه وتتقنه حتى لو كان مكسبة قليل، فحتمًا سوف يبارك الله في القليل، ولا تنخدع بالعمل الحرام الذي يجلب لك الكثير من المال، فتأكد أن ذلك وبال عليك في الدنيا والآخرة.
فأهمية الكسب الحلال تتمثل في الآتي:
1. الراحة النفسية والرضا والسعادة
- العيش حياة هنيئة مليئة بالسعادة والبهجة؛ لأنك اتقيت الله في مكسبك، فالله تعالى يجلب لك الراحة وتيسير الأمور.
2. المال الحلال الله يبارك فيه وإن كان قليل
- فهذا من فضله وكرمه على عباده، إذا أن المال الحلال تكون البركة فيه كبيرة،وينفق الإنسان فيما هو صالح ومفيد له، على عكس المال الحرام الذي يذهب هباء ولا يعلم الإنسان أين ضاع وكيف.
فقد قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) [الطلاق 3:2].
3. جهاد النفس على فعل الطاعات
- أيضًا تأكد أنك عندما تحرص على أن يكون مكسبك من حلال، فأنت بذلك تجاهد نفسك التي تأمرك بالسوء في سبيل رضا الله، فأعظم الجهاد هو جهاد النفس على فعل الطاعات واجتناب المعاصي، فكلما جاهدت نفسك كلما زادك الله رفعة وعزة.
4. القضاء على ظاهرة الحقد والظلم والاعتداء بين أفراد المجتمع
- كما أن الكسب الحلال يجعل المجتمع فيه البركة والحب والتعاون، ولا يوجد الظلم والاعتداء على الآخرين، فنرى اليوم الكثير من المجتمعات ساد فيها الظلم والقتل بشكل كبير بسبب المعاملات التي بها حرمانية سواء في المال أو غير ذلك.
5. يستحق مالكه الاحترام والتقدير الدائم
- كذلك الشخص الذي يسعى إلى أن يكون مكسبه حلال، فبذلك يكون في نظر الناس إنسان عظيم، وينال الاحترام والتقدير، فالذي يخشى الله في كسبه، سوف يخشاه في أمور حياته سواء الصغيرة أو الكبيرة، الظاهر أو الباطنة.
فوائد المال الحلال
هناك العديد من الفوائد الصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية التي تعود على الإنسان من كسب المال الحلال، ومن هذه الفوائد ما يلي:
- تشجيع الإنسان على العمل والجهد والأخذ بالأسباب في الرزق.
- القضاء على ظاهرة البطالة.
- الحد من الآفات الاجتماعية الناجمة عن طرق الكسب الحرام غير المشورعة.
- المساعدة على وضع الخطط وتحقيق الأهداف.
- الشعور باللذة والطمأنينة والأمان عند امتلاك للمال الحلال.
- البركة والزيادة والنمو والنماء للماء الحلال.
- رضا الله عز وجل وزيادة الخشية من لقاءه.
- عمار المجتمع وصلاح أحوال أفراده.
- الانشغال بما هو ينفع الإنسان بدلا من توافه الأمور.
طرق الكسب الحلال
اعلم جيدًا أن الرزق بيد الله تعالى، فلا أحد على وجه الأرض يستطيع أن يمنع رزقك ولا يأخذه منك، فأنت لك رب كريم وفضله واسع، فاتق الله في عملك ومالك، فاحرص على أن يكون عملك يرضي الله والسعى بكل ما في جهدك في البحث عن سبل الكسب الحلال، فهناك بعض الأمور التي يمكن أن تعينك على ذلك وهي الآتي:
- البعد عن كل طريق يفضي بك إلى الكسب الحرام، فالواجب أن تجعل الله نصب عينك وتتقيه في كل حركاتك وسكاناتك، واعلم أي فعل أو وقول يصدر منك فأنت مراقب من قبل الله عز وجل.
- المحافظة على الاستغفار والتوبة والإنابة إلى الله، كل هذا ييسر لك الأمور، فاعلم أن الاستغفار هو مفتاح الأرزاق والدليل على ذلك قوله تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) [نوح 12:10].
- المواظبة على صلوات الفريضة والنوافل وقيام الليل، فأنت بذلك تحمي نفسك من الوقوع في الكسب الحرام؛ لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.
- الافتقار إلى الله والدعاء في كل لحظة أن يسير لك طريق الخير، ويرزقك الرزق الطيب الحلال ويكفيك شر الحرام.
- الثقة والتوكل على الله هما سلاحان تستطيع بهم أن تملك الدنيا وما فيها، فالإنسان الذي يعلم يقينًا أن الله يدبرها، فكل ما عليه أن يسعى ويجتهد ويعلق قلبه بالله، فحتمًا سوف يراضيه ويرزقه الكسب الحلال.
كسب الحلال في الاسلام
هناك العديد من النصوص الشرعية من الكتاب والسنة، تؤكد فيها فضل الكسب الحلال وهي الآتي:
- ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [الجمعة: 10]
- ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: 15].
- ﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [سبأ : 10 - 11].
- قوله صلى الله عليه وسلم: ((ما أَكَل أحدٌ طعامًا قطُّ خيرًا مِن أن يأكُل مِن عَمَلِ يَدِه، وإنَّ نبيَّ اللهِ داودَ عليه السلام كان يأكُل مِن عَمَلِ يَدِه))؛ رواه البخاري.
- وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: ((لأنْ يحتَطِبَ أحدُكم على ظهره، خيرٌ مِن أن يَسأل أحدًا فيُعطيه أو يمنعه))؛ رواه البخاري.
- وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: ((لأنْ يأخُذ أحدُكم أَحْبُلَهُ، ثم يأتي الجبَل، فيأتي بحزمة مِن حطب على ظهره فيبيعها، فيكفَّ اللهُ بها وجهَه - خيرٌ له مِن أنْ يَسأل الناسَ؛ أعطَوْه أو منعوه))؛ رواه البخاري.
- وَعَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضيَ اللهُ عَنْهُ، إِنَّ نَاساً مِنَ الأَنْصار، سَألُوا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَأعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَألُوهُ فَأعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَألُوهُ فَأعْطَاهُمْ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ، فَقالَ: «مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ وَمَا أعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وَأوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ». متفق عليه.
أقسام الناس في قضية الكسب والعمل
تجدر الإشارة إلى أن الناس في مسألة العمل كسب المال انقسموا إلى أربعة أقسام وهي الآتي:
القسم الأول
- فهم الذين فهموا مسألة التوكل على الله فهمًا خاطئًا حيث ألزموا القعود وعدم السعي والبحث عن سبل العيش، وبذلك خالفوا ما أمروا به، وأصبحوا عالة على المجتمع، فيجب أن علينا نأخذ بالأسباب ونجتهد ونسعى ونبحث، ولكن قلوبنا متعلقة بالله فهو رب الأسباب ونتوكل عليه.
القسم الثاني
- فهؤلاء ممن سعوا وبحثوا على سبل الكسب سواء حلال أو حرام فأفرطوا في ذلك، فكان الذي يشغلهم فقط هو أن يجمعوا المال الكثير حتى يعيشوا ويتمتعوا، ولا ينشغلون بقضية أن المال الحرام يتلوث به المطعم والملبس والمشرب، بل ويحملوا الذنوب والآثام.
القسم الثالث
- فهم الذين راعوا أن يكون مكسبهم حلال، ولكن شغلتهم الدنيا والكسب فيها، فقصروا في أداء الطاعات والعبادات، فبذلك خسروا دنياهم وأخراهم، فقال تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} [الشورى:20].
القسم الرابع
- فهؤلاء الذين بذلوا جهدهم وسعوا وسلكوا كل الطرق التي تجلب لهم الكسب الحلال، وكان همهم هو فقط رضا الرحمن، فأدوا حقه عليهم وأنفقوا في سبيل الله، ولأنهم يعلمون أن هذا المال ليس ملكهم فهو ملكه سبحانه وتعالى، وهؤلاء قال الله عنهم: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} [الحج:24].
ضوابط اكتساب المال
هناك بعض الضوابط التي يجب أن نراعيها في مسألة كسب المال وهي الآتي:
- يجب عدم اكتساب المال بدون عمل يقابله.
- كذلك عدم جواز اكتساب المال الذي يكون عوضًا لما يضر.
- أيضًا مراعاة أن لا يكون اكتساب المال عن طريق شيء محرم.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_15120