عصبية الآباء كيف تؤثر على الأبناء؟
جدول المحتويات
عصبية الآباء كيف تؤثر على الأبناء؟
وإذا ما تأملنا الكلمات الرائعة التي قالها الدكتور ملاك جرجس في كتابه فإننا نجدها واصفة بشكل كبير لحالة الطفل بعد نوبة الغضب التي تنتاب الآباء وتأثير تلك النوبة على الأطفال.
فالأب بالنسبة للطفل هو الأمان الحقيقي، فهو رمز لهذا الأمان، فحين يتعرض الطفل لحالة من حالات الخوف الشديد تجده يتجه بشكل تلقائي نحو والديه ليحتمي في أحضانهم، فكيف هو الحال حين يكون التهديد من الشخصيات الوالدية نفسها، فأين يحتمي الطفل؟
إن تلك الحالة تجعل الطفل في حالة حيرة شديدة بل وربما نقول ارتباك شديد قد يرقى إلى الصدمة النفسية في بعض الأحيان، فالشعور بالخوف الشديد ينتج عنه آلام نفسية قاسية على الطفل لا يعرف طريقة لعلاجها، فيضطر جهازه النفسي إلى اللجوء لأساليب وحيل لمواجهة هذا الألم.
فربما وجدنا الطفل يعاني من أحلام اليقظة هروباً من الآلام النفسية أو السرحان أو عدم التركيز أو إدمان الألعاب الالكترونية، فحين يظن الآباء أن الغضب والعصبية رادعاً حاسماً للأطفال لعدم تكرار الأفعال السلبية، فإذا بالعصبية سبباً لأفعال سلبية أشد قسوة.
إشباع احتياجات الطفل الأساسية وأهميتها
- ولكي نوضح أهمية وجود وعي وتحكم أكبر في العصبية لدى الشخصيات الوالدية، نوضح تأثير تلك العصبية على إشباع حاجات الطفل النفسية والتي يجب أن يحرص كل أب وكل أم على إشباعها.
- إن الطفل في حياته بل وأي إنسان يكون لديه احتياجات للأمان ولتقدير الذات وللشعور بالنجاح والشجاعة في خوض تجارب الحياة، بل والحق في الخطأ، ولا يمكن الاكتفاء باحتياج دون الآخر.
- فلا يمكننا مثلاً الاكتفاء بالهواء دون شرب الماء, ولا يمكننا الاكتفاء بالطعام دون الهواء، فكل احتياج من الاحتياجات الإنسانية له أهميته ووقته، فعصبية الآباء قد تحل مشكلة آنية وهي فرض السيطرة الوالدية على الطفل، وإجباره على تنفيذ مهمة معينة.
- ولكن تلك العصبية ضربت في مقابل فرض السيطرة، هناك احتياج للأمان تم التضحية به، وهناك احتياج للتقدير تم التضحية به، وهناك حماية جسدية تم انتهاكها إذا رافقت العصبية ضرب الطفل.
- وتتعجب كثير من الأمهات من أن ابنها يفتقد للشجاعة، أو يتعجب بعض الآباء من أن ابنهم لا يتواصل بشكل جيد معهم ويهتم بأشياء أخرى بخلاف السؤال عنهم، ذلك لأن الطفل في سنوات عمره الأولى تعرض لأزمات تسببت في منع العديد من الاحتياجات الضرورية لنمو الشخصية نفسياً.
- هذا المنع أدى إلى عدم تمكنه من تنمية مهارات أساسية في التواصل والشعور بالآخرين وتقدير الذات وغيرها من المهارات التي تسببت العصبية في عدم نموها.
العصبية تحقق فرض سيطرة زائف
يجب على كل أب وكل أم أن يعلموا أن العصبية والغضب لا يحققون السيطرة الواعية على الطفل، بل هي سيطرة منشأها الخوف الجاهل الغير مدرك لسبب العصبية.
فمن قواعد العقاب أن يدرك الطفل سبب العقاب ويتعلمه، ويتأكد الأب من فهم الطفل لسبب العقاب وهو الحرص عليه، وهذا الفهم هو الوعي الذي يضمن تعلم الطفل للمبدأ المرات تعليمه له.
أما في حالة عدم فهم الطفل لسبب العقاب، فربما وضع الطفل أسباباً من عنده لهذا العقاب تسبب العديد والعديد من المشاكل النفسية طوال عمر الطفل، مثل أن والده يعاقبه لأنه يكرهه ولا يحبه، أو لأنه يفضل أخوه عليه، ويكبر الطفل وهو معتقد بصدق هذا السبب الزائف.
فالعصبية لا تمكن الأب والأم من شرح سبب العقاب بشكل سليم، كما أن الخوف والارتباك الذي يكون عليه الطفل لا تمكنه من التركيز والاستيعاب للمعلومات التي يود الأب أو الأم إيصالها له.
فيتجه الطفل إلى طاعة الأب وطاعة الأم بدافع الخوف فقط دون فهم، هذا الشعور الذي سرعان ما يزول ليكرر الطفل نفس الخطأ السلبي مرة أخرى دون وعي، وربما كرره ليشعر بحريته بعيداً عن السلطة الأبوية، وربما كرره بدافع الانتقام من أبويه.
تعبير الطفل عن غضبه ضرورة نفسية
هناك بعض الآباء والأمهات يتجهون إلى منع أطفالهم من التعبير عن غضبهم ويعتبرونها نوع من سوء التربية وسوء الخلق، رغم أن تعبير الطفل عن عضبه ضرورة نفسية حتى لا يحدث كبت نفسي يسبب العديد من المشكلات بعد ذلك.
إن إتاحة الفرصة للطفل لكي يثور في بعض الأوقات يسمح لنا بفهم العديد من الخفايا النفسية التي لم يظهرها الطفل في وقت نشأتها في نفسه، حيث أن تلك الأفكار تنبت وتكبر في نفس الطفل دون أن يتحدث عنها في البداية.
ولكن حين نتيح الفرصة للطفل أن يتحدث عنها ولو بصورة غاضبة فذلك يفتح المجال على مصرعيه للشخصيات الوالدية لرؤية كافة جوانب الطفل الداخلية ليتعاملوا معها بفهم ووعي.
وفي كل الأحوال لا يجب أن تقابل الشخصيات الوالدية عصبية الطفل بعصبية مثلها، ولكن يجب أن يقوموا باحتواء غضبه قدر المستطاع وفهم السبب الحقيقي وراء غضبه.
القيود الصارمة لا تصنع طفلاً مكتشفاً لذاته
- يجب أن يدرك كل أب أن القيود الصارمة لا تصنع طفلاً قادراً على اكتشاف الحلول لمشكلات الحياة، بل تصنع منه طفلاً مقلداً لما يطلبه من أبويه، وهذه الشخصية يدفع الآباء والأمهات ثمنها غالياً في المستقبل.
- حيث يجد الأب وتجد الأم أبناؤهم غير قادرين على اتخاذ أي قرار من قرارات حياتهم، وربما وجدوهم مطيعين لزوجاتهم على حساب علاقتهم بهم.
- كما أن الآباء والأمهات يظلون يحملون هم حل مشكلات أبنائهم حتى في سنوات أعمارهم المتقدمة، وذلك لأن الأبناء لم يتعودوا على اكتشاف المشكلات وتحليلها وحلها من الصغر.
خطأ الطفل حق من حقوقه
نعم تلك هي الحقيقة التي يجب أن يفهمها الجميع، أن الخطأ والتجريب حق من حقوق الطفل التي يجب أن يدافع عنها كل أب وكل أم، حتى وإن تكرر الخطأ من أجل التعلم فهذا لا يعني أن نسلب حق الطفل في التعلم والخطأ حتى يصل للصواب.
إن وقوع الطفل في الخطأ ليست مشكلة كبرى وليست كارثة مروعة، ولكنها مرحلة طبيعية يجب أن يمر بها كل إنسان حتى يصل للنجاح، ولن تجد عزيزي القارئ أي ناجح في الدنيا لم يمر بمرحلة التجريب والخطأ.
فلا تحاول أن تجعل ابنك في صورة مثالية دائماً، لأنهم بشر وليسوا ملائكة، ولكنهم بشر يخطئون ويصيبون ويعدلون من أساليب تفكيرهم بعد ذلك.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_12650