كتابة :
آخر تحديث: 27/10/2021

كيف تتعامل مع مخاوف طفلك

كيف تتعامل مع مخاوف طفلك؟ لكي نجيب على هذا السؤال يجب في البداية أن نناقش بعض المفاهيم الخاطئة عن مفهوم الخوف وأهميته، فإن مفهوم الخوف لدى بعض المجتمعات له تصورات خاطئة تؤثر على تربية الطفل بشكل كبير.
فإن مفهوم الخوف في بعض المجتمعات يرون أنه من أهم أساليب التربية وحجر الأساس في تربية الأطفال، وبدون الخوف في معتقدهم، لن يقوم الطفل بتنفيذ أي أوامر، أو القيام بأي مهام تذكر، وهذا المفهوم الخاطئ عن الخوف له آثاره الكبيرة في تنشئة الأطفال في تلك المجتمعات، حيث أن الخوف لا يعتبر بأي حال من الأحوال حجر الأساس لأي تربية نفسية سليمة.
كيف تتعامل مع مخاوف طفلك

كيف تتعامل مع مخاوف طفلك؟

وعلماء النفس يؤكدون على أهمية وجود أمان نفسي في كافة مراحل الإنسان سواء الطفولة المبكرة منها وحتى الشيخوخة، فالأمان النفسي أحد أهم الاحتياجات التي يحتاجها الإنسان.

وأنا أرى في عينيك سؤالاً عزيزي القارئ أكاد ألمحه، نعم وهو ما العمل لكي نجبر الأطفال على تنفيذ الأوامر الصادرة إليهم؟ إذ أن الخوف من العقاب والخوف من المسائلة والخوف من بعض الأشياء يجب ترسيخه في نفسية الطفل حتى يتمكن الأب والأم من السيطرة على الطفل.

والإجابة على هذا السؤال ستكون موضوع تلك المقالة وربما بعض المقالات الأخرى المكملة لهذا الموضوع الهام، حيث أن الحوار والتواصل والمناقشة بين الطفل والشخصيات الوالدية له أثر كبير في الإجابة على هذا السؤال.

استراتيجية الحوار بدلاً من الخوف

أكاد ألمح في عينك عزيزي القارئ نظرة تعجب وعدم اهتمام بهذا العنوان، نعم، فأنت ربما تقول لنفسك الآن، ما قيمة الحوار مع الطفل العنيد؟ وما قيمة الحوار مع الطفل الغبي، وما قيمة الحوار مع الطفل الذي لا يطيع الأوامر ولا يقتنع بأي شيء.

إن التصور السلبي لهذا الأمر يمنع أي تطور إيجابي، نعم عزيزي القارئ، فطفلك ليس بغبي ولا متمرد ولا يمكن وصفه بأي صفة سلبية، لأنه ببساطة مجرد إنسان ولد وبه كل المميزات التي يملكها كل إنسان، وعدم متابعتك أنت عزيزي القارئ لطفلك وعدم مناقشتك له من البداية هو الذي جعلك تتصوره في تلك التصورات السلبية.

إن طفلك يحتاج للأمان في كل أوقاته، يحتاج للأمان حتى وهو يتحدث معك بحرية، لديه آلاف التساؤلات عن هذا العالم الذي وجد نفسه فيه، فإذا لم يجد عندك المساعدة للوصول للإجابات الشافية، ربما بحث عنها في أماكن أخرى غير آمنة.

الخوف كحالة إنسانية غير مرضية

  • الخوف بشكل عام ليس مرضاً نفسياً، فالخوف صفة يتصف بها كل إنسان، والخوف ليس صفة إنسانية فحسب، ولكنه صفة تتصف بها كل مخلوقات تعيش في هذه الحياة.
  • فأي كائن حي مهما كانت قوته، سواء كان أسداً أو صقراً أو غيره من الكائنات والحيوانات، جميعهم يشعرون بالخوف عند التعرض لأي مخاطر في البيئة.
  • ولكن تجدر الإشارة إلى أن درجة الاستجابة للمخاطر والشعور بالخوف تختلف من شخص لآخر ومن كائن لآخر، حسب الخبرة الحياتية والتركيب الجسماني ونوع الخطر الذي تواجهه الكائنات.
  • ولكن تكمن المشكلة حين يعتقد البعض أن هذا الشعور العادي الذي هو شعور طبيعي مؤقت يزول بزوال السبب، مثل انتهاء المخاطر المسببة للخوف، يعتقدون أنه يجب إشعار الطفل بهذا الخوف بشكل مستمر لضمان طاعته وضمان التزامه بالقواعد المنظمة لأنشطة الأسرة.
  • حينها قد يتحول الخوف من شعور عارض مؤقت، إلى شعور دائم لا يزول بزوال السبب، ولكن يستمر مع الطفل في معظم أوقات حياته، فبدلاً من أن يحقق الطاعة المثالية التي يتمناها الأب أو تتمناها الأم، ينتج عنها الكثير والكثير من الآثار السلبية الكبيرة.

كيف يمكن التعرف على درجة الخوف لدى الطفل؟

يمكن التعرف على درجة الخوف لدى الطفل من خلال مقارنته باستجابة الأطفال في مثل سنة.

  • فإذا كانت استجابة الأطفال في مثل سنة والخبرات الحياتية مماثلة لاستجابة طفلك فإن درجة الخوف لدى طفلك تكون طبيعية، أما إذا كانت استجابة طفلك لتلك المخاوف أكثر بكثير من الأطفال في نفس سنه، فإن هذا يعد مؤشراً على وجود مشكلة نفسية مؤدية لدرجة خوف غير عادية.
  • فالطفل صاحب سن الخمس سنوات ويخشى النوم في الظلام، فربما كان هذا أمراً طبيعياً، أما إذا كان هناك فزعاً شديداً من النوم في الظلام يتملك الطفل في سن متقدمة فإن هذا يعد مؤشراً يجب الالتفات له.

هل هناك انعدام للخوف نهائياً؟

  • قد يسعى بعض الآباء إلى تشجيع أبنائهم بشكل مستمر للقضاء على الخوف نهائياً، فهل هذا ممكن وهل هذا يعد أمراً إيجابياً أم سلبياً؟
  • ولكن علماء النفس يؤكدون على أن القضاء على الشعور بالخوف نهائياً لا يعد أمراً إيجابياً من الزاوية النفسية.
  • فكما ذكرنا أن الشعور بالخوف أمر طبيعي لدى الإنسان ويجب أن يشعر به أي إنسان عند الشعور بالخطر، وعدم الشعور بالخوف أمام الأخطار يعد أمراً من الأمور السلبية جداً.
  • حيث أن عدم الشعور بالخوف نهائياً يؤدي لتعريض الإنسان لمشكلات لا نهاية لها.
  • ويرجع الخبراء النفسيين عدم الشعور بالخوف نهائياً إلى عيوب في الإدراك والاتصال بالواقع، حيث أن عدم الخوف يعد من الأمور التي تشير إلى عدم الشعور بالبيئة المحيطة.

الخوف من الكلاب والحيوانات

هناك بعض الأطفال يخافون من الحيوانات بشكل عام ومن الكلاب بشكل خاص، وهذا الخوف يعد مفهوماً إذا ما كانت هناك حادثة نعلمها تعرض لها الطفل.

حيث أن الخبرات التي يتعرض لها الطفل في مراحله الأولى يختزنها في اللاشعور وتظهر في صورة استجابات حسية لما تعكس الصورة الذهنية المخزنة في اللاشعور.

ولكن هناك بعض الأطفال يخافون من الحيوانات دون دراية من الشخصيات الوالدية عن سبب هذا الخوف.

وهنا نؤكد دائماً على أهمية التواصل بين الطفل وأسرته حتى يتمكن الوالدان من التعامل المبكر مع أي مشكلة نفسية قبل تطورها.

فالتعامل المبكر مع تلك المخاوف يساعد بشكل كبير على تحقيق الشفاء النفسي بشكل أسرع بكثير من الكشف المتأخر عن الحالة المرضية.

الحماية الزائدة وعلاقتها بالخوف

هناك بعض الآباء والأمهات يتجهون في تربيتهم لأبنائهم وبناتهم إلى حمايتهم من مخاطر الحياة بشكل مبالغ فيه، فيقومون بعمل كل الواجبات التي من المفترض أن يقوم بها الطفل بنفسه.

فنجد أن الأب أو الأم يقومان باختيار ملابس أبنائهم وكذلك اختيار أصدقائهم، واختيار نوعية الدراسة التي يدرسونها.

وتلك النوعية من التربية تسبب نقص كبير في التفاعل مع الحياة للطفل بما ينتج عنه خوف شديد من أي تفاعل بسيط مع مواقف الحياة.

ولنا أن نتخيل طفلاً لم يخرج إلا بصحبة والديه ولم يقم باختيار ملابسه فكيف له أن يقوم بمسؤولياته في المستقبل؟

إن الخوف من المسؤولية في تلك الحالة أمر وارد جداً، وعدم تحمل بعض النتائج السلبية من تحمل بعض تلك المسئوليات أمر وارد أيضاً.

ويجب على كل أب وكل أم أن يوازنوا بين تدريب ابنهم على تحمل المسئولية وبين رعايته، فيجب على الأب والأم أن يقوموا بمساعدة الطفل على تعلم الاختيار وليس الاختيار بدلاً منه.

وأخيراً ..فإن الإجابة على سؤال كيف تتعامل مع مخاوف طفلك؟ أمر لا يمكن أن تتسع له بعض السطور ولكن حاولنا أن نلقي الضوء على بعض النقاط للمساعدة على الوصول للإجابة المناسبة.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ