أساليب الاحتواء في وقت الأزمات
أساليب الاحتواء وكيفية تحقيقه؟
الاحتواء لا يقتصر على علاقات العاطفة بين الرجل والمرأة، ولكن يجب أن يشعر كل إنسان بالاحتواء في مناسبات عديدة، ومنها:
- يجب على الموظف أن يحصل على الاحتواء في مكان عمله، وأن يشعر بالانتماء للمؤسسة التي يعمل بها، والعميل الذي يثق بمنتج معين أو في مؤسسة معينة تقدم له خدمة من الخدمات، فهو يشعر بالاحتواء تجاه تلك المؤسسة أيضاً.
- والاحتواء لا علاقة له بالغنى والفقر، ولا بالمستوى المادي ولا بالمستوى الاجتماعي، فكل تلك المعطيات لا تمنع الشعور بالاحتواء، وإذا كان الفقر مانعاً من الشعور بالاحتواء، لرأيت الأغنياء أسعد السعداء ولهم أكبر قدر من الاحتواء.
- ولكن الحقيقة أن الأغنياء يعانون من فقد الاحتواء ربما أكثر من الفقراء، بل أن الدراسات تؤكد أن أعلى نسب الانتحار تكون في تلك الدول التي ترتفع فيها نسب الدخل للفرد لنسب قياسية.
الاحتواء على المستوى المهني
نعم عزيزي القارئ، كما ذكرنا فإن الموظف في مكان عمله يجب أن يشعر بالاحتواء، وأن المؤسسة التي يعمل بها تقدر مجهوده الذي يبذله، وأنه إذا ما أبدع في عمله سوف يحصل على المقابل من التقدير والعرفان بالجميل لهذا:
- أما حين لا ينتشر الاحتواء بين أفراد المؤسسة فيجب أن نتوقع أن هناك تقصير في جانب من الجوانب المهنية سواء من الموظف أو من المؤسسة.
- فعدم العدالة في توزيع المهام بين الموظفين يسبب الشعور بالغربة، فربما وجدنا موظفاً يتحمل الأعباء الوظيفية بقدر أكبر من باقي الزملاء، حينها يشعر الإنسان بالغربة وعدم الانتماء والاحتواء وعدم الثقة.
- وهناك خطأ آخر قد يقع فيه الموظف وهو التسرع في النتائج، فربما كان الموظف في معتقده أنه إذا ما أتقن عملاً معيناً سوف يتم ترقيته بصورة فورية، ولكنه يصيبه الإحباط حين يجد أن النتيجة مخالفة لما توقعه.
- إن الأمر لا يتعلق في تلك الجزئية بخطأ المؤسسة في التعامل مع الموظف، ولكن في وعي الموظف وتوقعاته التي بناها على أسس غير منطقية وغير مدروسة، ففي بعض الأحيان يكون الإنسان في حاجة لإعادة الدراسة للعديد من المبادئ خاصة تلك المبادئ التي لم تنجح على أرض الواقع.
الاحتواء على المستوى الأسري
على المستوى الأسري هناك العديد من العلاقات التي تختلف فيها أساليب الاحتواء والإمداد المعنوي، وتشمل:
- فالعلاقة بين الأب وابنته تختلف عن العلاقة بين الزوج وزوجته تختلف عن العلاقة بين الابن وأمه.
- فالاحتواء المطلوب بين الزوج وزوجته مثلاً يعتمد في الأساس على وجود حوار بين الزوجين، حتى وإن كان الحوار سلبياً، فوجود الحوار في حد ذاته علامة على إمكانية تحقيق الاحتواء فيما بعد.
- أما حالة الصمت الزواجي وعدم وجود حوار بين الزوجين، فهذا يعني أن الزوجين يعيشان في حياة تقليدية تماماً لا مشاعر فيها، ويحتاجان إلى التواصل والعتاب والفهم المتبادل حتى نجد الفرصة لتحقيق الاحتواء فيما بعد.
الملاحظة والوعي وعلاقته بالاحتواء
إن الملاحظة والوعي وعدم التكبر على النتائج لهم أكبر الأثر على نجاح الاحتواء والفهم المتبادل بين الشخصيات، من خلال الآتي:
- فعلى مستوى الأسرة مثلاً، ملاحظة الأب لابنته وما ترتديه من ملابس وما تختاره من مشتريات له أكبر الأثر في فهم الأب لابنته ويزيد من احتمالية احتواء الأب لابنته بتلبية احتياجاتها التي فهمها من سلوكياتها التي راقبها الأب.
- ولكن إذا ما انشغل الأب مثلاً بالعمل الصباحي والعمل المسائي، وأصبح المنزل مجرد مكان للنوم فقط دون أدنى تفكير في تصرفات أولاده ومعتقداتهم التي يحصلونها في الحياة، سيجد في النهاية أن الاحتواء قد تم ولكن من أشخاص آخرين لأولاده وحينها سيعاني من عدم انتماء أبنائه له.
الاحتواء أثمن من أي شيء
- نعم عزيزي القارئ، فمن يضحي بوقته من أجل فهم أحبابه واحتوائهم لا يعد فقيراً حتى وإن كان يملك من المال القليل، فقد امتلك قلوب أحبابه وفهمهم ورعايتهم.
- وكم من الأغنياء يمتلكون المال ولكن يبحثون عمن يحتويهم ويشعرهم بالتقدير والاهتمام والرعاية، ويتجهون إلى المخدرات لتسكين الآلام النفسية الرهيبة التي يشعرون بها نتيجة عدم الاحتواء والاهتمام من ذويهم.
- وهذا لا يعني أن من يتقن الاحتواء يجب أن يكون فقيراً، فهذا لا يؤدي إلى النتيجة التي نرجو إيصالها، ولكن يعني أن يعلم كل إنسان أن الثمن الذي يدفعه أو يضحي به ليس مالاً مدفوعاً دائماً، فهناك بعض النعم التي أعطاها الله لعباده ولا تقدر بثمن، ورعايتها أيضاً بما تستحق لا تقدر بثمن أيضاً.
لماذا نفشل في الاحتواء؟
نفشل في الاحتواء لأسباب عديدة، منها ما يتعلق بتصرفاتنا وسلوكياتنا، ومنها ما يتعلق باختياراتنا، ومنها ما يتعلق بالآخرين.
- أما ما يتعلق بتصرفاتنا، فربما وقعنا في خطأ إرسال الرسائل الخاطئة لمن حولنا، فمثلاً حين نهرب من حل المشكلات ولا نحاول فهم أسبابها، مثلاً حين يفشل الابن في النجاح في الامتحان التعليمي، ربما اتجه الأب إلى عقاب الابن، ولكنه بذلك قد اختار الهروب من المشكلة وليس حلها.
- ولكن حين يراقب تصرفات الابن، وحين يتذكر الأب كيف كان يتصرف هو مع الابن، وحين يسأل الأصدقاء عن حال ابنه، ويجمع المعلومات الصادقة عن الابن، حينها ربما بذل بعض المجهود، استهلك بعض الوقت الزائد، إلا أنه في النهاية سيعلم الأسباب التي أدت إلى وصول الابن لهذه المشكلة.
- بحيث أنه حين يجلس الأب مع الابن يجد المعلومات التي تساعده على إيصال معاني الأمن والأمان والمحبة والتقدير لابنه رغم فشله في الامتحان، إلا أن هذا الفشل لم ينل أبداً من المحبة والثقة.
التحكم في الأحداث للوصول للاحتواء المطلوب
- نعم عزيزي القارئ، حين تقرأ عنوان تلك المقالة ربما قفزت في مخيلتك العديد من الأحداث التي تسوقها لك أفكارك كمبرر لعدم تحقيق الاحتواء في محيطك الأسري والمهني والشخصي، ولكن الحقيقة أن نفس الأحداث التي تظنها سبباً لعدم الاحتواء، قد تكون دافعاً لتحقيق الاحتواء.
- فالدنيا ليست جنة نحياها بلا اختبارات أو عراقيل، بل أن تلك التحديات تعتبر هي المحفز الأساسي لتحقيق الاحتواء وإلا إذا ما كان الاحتواء سهلاً يسيراً لما وجدنا أزواجاً منفصلين أو أبناءً منتحرين من فرط التفريط في مشاعرهم وشعورهم بالغربة.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_16843