ما هو حوار الحضارات وما شروطه وأهدافه
- يمكن تعريف حوار الحضارات على أنه آلية تمكن الشعوب التي تختلف في العادات والتقاليد والثقافة لإيجاد لغة مشتركة فيما بينها، لمعرفة آرائها ومشكلاتها، وإيجاد حل لهذه المشكلات وتطبيق هذه الحلول.
جدول المحتويات
ما هو حوار الحضارات؟
يعرف الحوار بين الحضارات هو قدرة المجتمعات على التشاور والتفاعل والتكيف فيما بينها، وتقبل اختلافات الشعوب والقدرة على تفهم هذا الاختلاف.
أيضًا من ضمن آليات الحوار بين الحضارات هو القدرة على التعامل مع الأفكار السياسية والدينية والثقافية بشكل أكثر تفتحًا، والهدف من هذا الحوار هو التمكن من التواصل مع الحضارات المختلفة، والاحتكاك بها.
الحوار بين الحضارات في الإسلام
يحرص المفكرون المسلمون على تأكيد أن الدين الإسلامي قائمة على مفهوم الحوار الحضاري، فهو دين يقوم على العطاء، وخصوصًا مع الغرب.
يؤمن المفكرون الإسلاميون أن أي حضارة تقوم على أسس أربعة ثابتة لا تتغير، وإن تغير شكلها عبر تغير الزمن، وهي:
- القواعد الإيمانية.
- القواعد الأخلاقية.
- القواعد الفنية والجمالية والثقافية.
- التقنيات الصناعية.
مع تشديدهم أنه لا توجد حضارة تمكن من تفهم الآخر وتقبله، واحترام اختلاف مثل الحضارة الإسلامية، والتاريخ أكبر دليل شاهد على ذلك.
وما يميز الحضارة الإسلامية أن القاعدتين الدينية والأخلاقية هم القاعدتان التي لا تتغيران مع الزمن، وإنما هي ثابتة في شكلها وجوهرها.
أما القواعد الاخرى يمكن أن تتغير وتتبدل وتؤثر وتتأثر بحضارات أخرى، أو ما تفرضه التطور الزمني.
يركز الدين الإسلامي والثقافة والفكر الإسلامي على مبدأ الإقرار والتأكيد على التنوع الحضاري، بالإضافة إلى احترام اللغات وتنوع الألسنة.
قامت الحضارة الإسلامية على العدل وعدم التمييز بين لون أو جنس أو دين أو عرق، وآمنت بمبدأ الحرية سواء الحرية الدينية أو الفكرية أو العقائدية.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المبادئ التي يتبناها الإسلام ليست نتيجة ضعف، بل إن الثقافة الإسلامية لا تغلب على أحد ولا تضعف أحداً.
ويمكن القول أن حوار الحضارات في الثقافة الإسلامية تبادل ومناقشة بين ممثلي الحضارات الأخرى من أجل التعاون في مختلف شؤون الحياة.
شروط الحوار الحضاري
مثل أي عملية إنسانية أخرى، فإن الحوار له شروط أصيلة تلتزم بها الحضارات لتجنب سوء الفهم أو المشاكل.
-
الاعتراف بالآخر:
لا يوجد أي حوار حضاري يمكن أن يقوم بين طرفين يكون فيه أحد الأطراف لا يعترف بالآخر، ولا نقصد هنا الوجود الفعلي للشخص، وإنما نقصد الاعتراف بحقوق وخصوصيات الطرف الأخرى التي لا يجوز لأحد أن يسعى لتغييرها.
أيضًا الاعتراف بأهمية مقومات بقائه، والاعتراف بحقوقه واستقلاليته، والإيمان بحق الطرف الآخر في الاختلاف.
-
التبادل الحضاري:
لكي تتمكن أي حضارة من الحوار مع حضارة أخرى أن يكون هناك تبادل حضاري فيما بينهما، بحيث يكون لكل طرف الحق في التعبير عن آرائه والتعبير عن آرائه في القضايا التي يطرحها الحوار.
إذا كان الرأي أو الموقف مخالفًا لما يعتقده الآخرون أو يفعلونه أو يدافعون عنه، فإن الحوار يتحول إلى فرض منظور أو إملاء وجهة نظر لا يستفيد منها المتحدث أو المستمع.
-
الثقافة:
من شروط نجاح أي حوار حضاري أنه يكون دائمًا ومتجددًا يطرح في كل مرة قضايا جديدة، تحيط بجوانب لم يتم طرحها من قبل، ومن ثم الاستفادة من الخبرات والمعارف بين الحضارتين.
تمكن هذه الطريقة من تمكن الطرفين في تثبيت حوار دائم، وتبادل ثقافي، ويتطور بعد ذلك نشاط بشري يميز كل حضارة عن الأخرى.
إذا كان الحوار يريد من كل الناس الخضوع لنوع من الحياة البشرية وتحويل الأنماط المختلفة إلى نظام تفرضه حضارة معينة، فإن هذا سيؤدي إلى الرفض الأساسي لمبدأ الحوار.
-
الخصائص الثقافية:
الخطوة الأولى في الحفاظ على الخصائص الثقافية هي إثبات هويتها ومكوناتها، وتجدر الإشارة إلى أن الصينيون واليابانيون يتحدثون الإنجليزية بطلاقة تامة.
كانت لديهم معرفة كافية بالعلوم والتكنولوجيا الأوروبية والأمريكية وعملوا على تحسينها وكسب التفوق، لكنهم لم يبهروا الثقافة الأمريكية، ولم يقبلوها كنهج لحياتهم ولم يسمحوا أن تؤثر على حياتهم الاجتماعية أو تقاليدهم.
الاهتمام بأهمية التأثير الذي يجب أن يكون للمفكر العربي في نشر ثقافة وتراث اللغة العربية، وفي نفس الوقت الانفتاح على ثقافات الشعوب الأخرى حتى يتمكنوا من الازدهار والاستفادة من مميزات الثقافة الغربية.
أهداف الحوار الحضاري
يجب أن يقوم حوار الحضارات على مجموعة من الأهداف التي تفرضها طبيعة المجتمع البشري والتي تقتضيها نظام الحياة.
مع مراعاة أن الحوار حركة تقدمية، وقوة دافعة للنشاط البشري، وطاقة للإبداع في مختلف المجالات؛ لأنها وسيلة لإنقاذ الناس والأمم من الأخطار التي تهدد قضايا أخرى لها روابط كبيرة مع السياسة والاقتصاد والأمن والحرب والسلام، مع تزايد الخلافات وتفاقم الصراع في أمور مثل الإيمان والفكر والثقافة والحضارة.
ومن هذا المنطلق نقف على مجموعة من الأهداف التي يمكن تحقيقها في ظل حوار حقيقي وجاد بين الحضارات:
- التعارف بمعناه القرآني (يَا أَيُّهَا النَّاسُ انَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَر وأنْثَي وَ جَعَلْنَاكُمْ شُعُوبا وَ قَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا انَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَاللَّهِ أتْقَاكُمْ) كأساس أساسي لتعايش الشعوب والأمم مع بعضها البعض، وحسن النية يشمل كل ما يؤدي إلى التعاون والتعايش في مسائل العدل والأمن والسلام.
لا شك أن هذا النوع من الحوار بين الحضارات والثقافات هو قبل كل شيء نية حاسمة، لأن المجتمعات البشرية اليوم بحاجة إلى التقارب المطلق وتبادل الأفكار والثقافات في إطار التسامح والتعايش السلمي والاعتراف بالوحدة.
وهو يقوم على الاعتراف بالحق في العيش في مصالحة مع النفس والآخر، لأن المصالحة مع نفسه ومع الآخرهي جوهر التعاون والتفاهم الانسجام الذي يجب أن يكون الأساس الأساسي للعلاقة بين الدول والأمم والشعوب.
-
نشر قيم التسامح التي يتفق عليها المؤمنون.
لأن الأساس العقلاني للتسامح يكمن في رفض الحرب، والحضارات المشجعة للصراع وأي اتجاه يؤيد التمييز العنصري بين الناس.
ومع ذلك، لا يمكن فهم التسامح على أنه أحد أهداف الحوار بين الحضارات التي تؤيد الذوبان في الآخر، وإلغاء الهويات الدينية والوطنية، فالهوية هي المصير الثابت والأساسي الذي تنفصل به حضارة عن الحضارات الأخرى.
فالقومية هي تجعل الشخص مميز، وهي ما تميزه عن أي حضارة أخرى، والحوار هو مفهوم يقرّب المسافة بين الهويات المختلفة من أجل منع صراعاتها من خلال نشر قيم التسامح والتعايش بينهم، وإذا أمكن، تمهيد الطريق لهم للتعرف على بعضهم البعض والاندماج.
ومع ذلك، لا يمكن للحضارة أن تحقق السلام العالمي والتفاهم بين الناس إذا تعرضت للعوامل التي تؤدي إلى الصراع والمواجهة ليس فقط بين الثقافات والحضارات، ولكن أيضًا بين المجتمعات البشرية بكافة أنواعها وتوجهاتها عقدية وفكرية.
حوار الحضارات هو سبيل الأمم لنشر الثقافات المختلفة بين الشعوب، وتقبل الشعوب بعضهم البعض، وتقبل اختلافاتهم الدينية، والفكرية، والثقافية.
-
العدل:
من أهم الأخلاقيات التي تعد قيمة مشتركة بين الحضارات هي العدل، وهي وسيلة وهدف للحوار الحضاري.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_10284