آخر تحديث: 08/10/2022

شرح قصيدة البردة كعب بن زهير ولما سميت بذلك الاسم؟

إن الشعر وخاصة الشعر العربي الجاهلي حظي بمكانة كبيرة على مدار العصور فتلقى القصائد العربية إعجاب كم غفير من القُراء والمستمعين لما يتخللها من تدرج بلاغي يؤثر القلوب ويستحوذ علي العاطفة الإنسانية بالإضافة إلى تنوع أغراضها بين القصائد الحماسية ،وقصائد الغزل، وقصائد المدح، والرثاء، والهجاء وغيرها مما تهدف للحكمة، لذلك يحرص موقع مفاهيم علي بيان عراقة وعظمة الشعر العربي للقُراء, بشرح وافي عن قصيدة البردة كعب بن زهير.
شرح قصيدة البردة كعب بن زهير ولما سميت بذلك الاسم؟

أصالة الشعر العربي قديماً

قبل التحدث عن قصيدة البردة كعب بن زهير نعرض نبذة بسيطة عن الشعر العربي, إن الشعر يعرف بأنه:

  • الكلام الموزون والمقفّى الذي يتم من خلاله التعبير عن الخيال ببلاغة وإبداع فائق، كما أن الشعر القديم قد ارتبط بطباع العرب ومشاعرهم, وبذلك الشعر العربي قديما لم يكن بحاجة إلى أن يتعمق الشاعر في الحضارة وتطورها ولا أن ينخرط في بحر العلم حتى يتمكن من نظم أبياته الشعرية.
  • بداية كتابة الشعر العربي لم تعرف بوقت محدد، كما أن الشعر العربي كان بالنسبة للعرب هو الأساس لحكمهم وعلمهم وأيضا سجلاً تاريخياً لما يدور بينهم من أحداث، وهو المعيار والدليل للصواب والخطأ كما أنه كان محور حديث القوم في مجالس السمر ليلاً.
  • في بداية ظهور الشعر نظمه العرب في صورة مرسلة متحررة من القافية ومن بعدها بدأ الشعر في التطور حيث بدأ العرب بالانتقال للسجع ثم الرجز (وهو شكل شعري يتميز بغرابة الألفاظ ووحدة الموسيقي).

أغراض الشعر العربي القديم

تعددت الأغراض وقد تضمنت ما يأتي:

الوصف

  • يعد من أقدم الأغراض في الشعر العربي قديماً، حيث ارتبط الوصف بالمشاعر والأحاسيس لكونه متصلاً بالجوارح ، اعتمد الشعراء العرب قديما على الصورة المأخوذة من البيئة الطبيعية حولهم وتحويلها إلى أبيات وقصائد شعرية باستخدام التصوير والتشبيه لمساعدتهم على الوصف.
  • وأيضا ليضيف الإحساس والشعور علي الأفكار المجردة ليتبين جمال الأبيات؛ فمثلًا عندما يتحدث الشاعر عن الكرم فإنه يشبهه بالنهر المتدفق، ويستخدم وصف النسر وهو ينقض على فريسته لكي يصف لنا الشجاعة، ولقد استخدم الوصف في قصائد الغزل والمديح والفخر .

الغزل

  • هو "التصابي و والإفصاح عن المحبة بما يتضمنه من فعل وقول بين المحب ومحبوبته " وفيه وصف لمحاسن المحبوبة وخصالها الجميلة بغرض الوصال.
  • وقد ارتبط بالشعر العربي قديما به ارتباطًا وثيقًا، يعتبر الغزل من أهم الأغراض الشعرية لكونه مرتبطاً بالغريزة البشرية، وقد كثُرت أنماط الغزل إذ ضمت: غزل المحاسن ، وغزل المطالع، والغزل الماجن، وأيضا غزل الكهول.

الفخر والحماسة

  • من أغراض الشعر التي يبين لنا فيها الشاعر فخره واعتزازه بنفسه وبقومه، وهذا الغرض من الشعر ناتج عن ثقة الشاعر بنفسه وتقديره لذاته وجماعته .

المديح

  • يقوم المديح علي الثناء لصفات وأفعال أشخاص أحياء وهو ما يناقض الهجاء.
  • ومن القيم التي أظهرها المدح إغاثة الملهوف والشجاعة وحماية الجار والحلم والحزم وسعة الصدر والوفاء بالذمم.

الهجاء

  • وهو استخدام الشتائم في الشعر بإلقاء الضوء على عيوب الخصم وذمه والتشهير به ماديا ومعنويا ويُبنى هذا الغرض على مشاعر الكره والغضب والنفور.
  • كما يوجد أغراض أخرى كالرثاء والحكمة والصعلكة.

من هو كعب بن زهير صاحب قصيدة البردة كعب بن زهير؟

بالحديث عن الشعر العربي لا يمكننا أن نغفل عن أحد أهم وأبرز شعراءه الذي برزت قصائده في الجاهلية وبعد دخوله الإسلام أيضا:

  • هو الشاعر كعب بن زهير شاعر مخضرم وقد عاش في عصرين مختلفين وهما ما قبل الإسلام وصدر الإسلام.
  • واشتهر في الجاهلية عندما هجا النبي وأساء في شعره لنساء المسلمين وهو ما جعل دمه مهدور.
  • ولكنه قد أسلم لاحقا وأنشد لاميته الشهيرة وعفا النبي عنه وخلع بردته ووضعها على كعب.
  • وكان كعب قد تلقن الشعر عن أبيه مثله في ذلك كأخيه بجير .

شرح قصيدة البردة كعب بن زهير

قصيدة البردة تعد واحدة من أشهر القصائد التي قيلت في مدح الرسول - صلى الله عليه وسلم - لمحاولة الاعتذار إليه وقد سُميت بالبردة لأنه -صلّى الله عليه وسلم - خلع بردته وأعطاها لكعب، قد أفتتح كعب القصيدة كعادة شعراء الجاهلية بمقدمة طللية بذكرهم المحبوب فقد بدأها ب "بانت سعاد اليوم"، شرح قصيدة البردة كعب بن زهير:

  • في البداية بدأ كعب قصيدته كعادة العرب في أشعارهم بوصف المرأة التي يحبها فجاء يوصف مواضع الجمال من سعاد فقوامها يشبه الغزال وفمها كريح المسك والعبق ، وهو في بعده عنها كالأسير

بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُجزَ مَكبولُ

  • ثم تابع كعب قصيدته بالانتقال للغرض الرئيسي منها وهو الاعتذار من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن قام الرسول بهدر دمه راجياً بأبياته أن يعفو النبي عنه موضحاً بأن كل ما سمعه النبي عليه ما هو إلا شائعات من الوشاة

أُنبِئتُ أَنَّ رَسولَ اللَهِ أَوعَدَني وَالعَفُوُ عِندَ رَسولِ اللَهِ مَأمولُ مَهلاً هَداكَ الَّذي أَعطاكَ نافِلَةَ ال قُرآنِ فيها مَواعيظٌ وَتَفصيلُ لا تَأَخُذَنّي بِأَقوالِ الوُشاةِ وَلَم أُذِنب وَلَو كَثُرَت عَنّي الأَقاويلُ

  • وبعدها أخد كعب يصف حالته للرسول - صلى الله عليه وسلم - ويبين شدة الموقف الذي وقع فيه، واختار لذلك الوصف الفيل فهو يعد أشد الحيوانات وأكثرها ثباتًا ولو كان الفيل في مثل موقفه لأصبح يرتعد من شدة خوفه، فلا أمان لشخص إلا لمن يقوم النبي بإعطائه الأمان ، وقد كان ابن كعب ينعم بالأمان ويذهب في الفيافي بالظلام ولكن كان ذلك قبل أن يقوم النبي بهدر دمه وذلك كله من جراء الوشاة.

لَقَد أَقومُ مَقاماً لَو يَقومُ بِهِ أَرى وَأَسمَعُ ما لَو يَسمَعُ الفيلُ لَظَلَّ يُرعَدُ إِلّا أَن يَكونَ لَهُ مِنَ الرَسولِ بِإِذنِ اللَهِ تَنويلُ ما زلت أَقتَطِعُ البَيداءَ مُدَّرِعاً جُنحَ الظَلامِ وَثَوبُ اللَيلِ مَسبولُ حَتّى وَضَعتُ يَميني لا أُنازِعُهُ في كَفِّ ذي نَقِماتٍ قيلُهُ القيلُ

  • وانتقل لوصف هيبة الرسول بأنه كالأسد وأكبر فيهابه الجميع ولا يجرؤ أحد أن يقدم على سؤاله

لَذاكَ أَهَيبُ عِندي إِذ أُكَلِّمُهُ وَقيلَ إِنَّكَ مَسبورٌ وَمَسؤولُ مِن ضَيغَمٍ مِن ضِراءَ الأُسدِ مُخدِرَةً بِبَطنِ عَثَّرَ غيلٌ دونَهُ غيلُ يَغدو فَيَلحَمُ ضِرغامَين عَيشُهُما لَحمٌ مِنَ القَومِ مَعفورٌ خَراذيلُ

  • ثم بدأ كعب بالمدح الصريح للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ويُخبره بأنه كالسيف المصنوع من الهند وذلك لشدة جماله، ثم يسترسل بالحديث عن دعوة الرسول عندما هاجر مع أصحابه وكانوا خير الرجال ثابتين في الحرب أشداء في القتال .

إِنَّ الرَسولَ لَسَيفٌ يُستَضاءُ بِهِ مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللَهِ مَسلولُ في عُصبَةٍ مِن قُرَيشٍ قالَ قائِلُهُم بِبَطنِ مَكَّةَ لَمّا أَسَلَموا زولوا زَالوا فَمازالَ أَنكاسٌ وَلا كُشُفٌ عِندَ اللِقاءِ وَلا ميلٌ مَعازيلُ

  • وهنا يكمل كعب قصيدته في وصف الصحابة رضوان الله عليهم، ويصفهم قائلا أنهم أصحاب الهمة كالجبل الأشم فهم لا يهابون المعارك ويمشون إلي المعارك مشية الوقاء ولا تكن لهم فرحة إلا إذا نالوا من أعدائهم ولا يخافون حتى لو العدو منهم، ولا يفرون خوفا من الرماح بل يتلقونها في نحورهم بكل عِزه وشجاعة فهم أصحاب الرفعة لا يولون ظهورهم للحرب أبدا.

شُمُّ العَرانينِ أَبطالٌ لَبوسُهُمُ مِن نَسجِ داوُدَ في الهَيجا سَرابيلُ بيضٌ سَوابِغُ قَد شُكَّت لَها حَلَقٌ كَأَنَّها حَلَقُ القَفعاءِ مَجدولُ يَمشون مَشيَ الجِمالِ الزُهرِ يَعصِمُهُم ضَربٌ إِذا عَرَّدَ السودُ التَنابيلُ لا يَفرَحونَ إِذا نالَت رِماحُهُمُ قَوماً وَلَيسوا مَجازيعاً إِذا نيلوا لا يَقَعُ الطَعنُ إِلّا في نُحورِهِمُ ما إِن لَهُم عَن حِياضِ المَوتِ تَهليلُ.

وبذلك انتهينا من سرد أهم المعلومات عن الشعر العربي قديما، قمنا أيضا بتسليط الضوء على أغراض الشعر العربي، بالإضافة إلى شرح قصيدة البردة كعب بن زهير، مع ذكر جزء من السيرة الذاتية للشاعر.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ

المراجع

ذات صلة من مقال

شرح قصيدة البردة كعب بن زهير ولما سميت بذلك الاسم؟