كتابة :
آخر تحديث: 26/04/2023

أضرار الوحدة النفسية

إن أضرار الوحدة النفسية كثيرة ومتشعبة وتتنوع حسب الخلفية التاريخية والمرضية للشخص، سواء كانت نفسية أو عضوية. فليس هناك حد أقصى لأضرار الوحدة النفسية، فقد توصل الإنسان لحدود لا نهاية لها من الأضرار، ولكن وقبل التعرف على تلك الأضرار يجب أولاً أن نحاول التعرف على بعض مسببات الوحدة النفسية، وما هو الفارق بين الوحدة العارضة والوحدة النفسية المرضية، وما هي سبل العلاج لهذه الوحدة، في هذا المقال في موقعكم مفاهيم، تابعونا...
أضرار الوحدة النفسية

ما هي الوحدة؟

الوحدة ذلك الشعور الداخلي الذي ينتاب العديد من الأفراد ويجعلهم يرفضون التواصل مع الآخرين والاكتفاء بالجلوس مع أنفسهم، واختيار البعد والعزلة الاجتماعية أسلوب حياة، لأنهم يجدون منطقة الراحة فيها، والوحدة شعور يحتاج إليه جسم الإنسان كل فترة، حتي يستعيد توازن ونشاط جسمه وعقله وقلبه، ولكن قد يتحول إلى حالة ذهنية للمشاعر الإنسانية إلى مرض الوحدة، وذلك إذا استمر لفترة طويلة حينما ينعزل الإنسان تمامًا ويظل وحيدًا ويرفض التعامل بشكل نهائي.

أنواع الوحدة

هناك العديد من أنواع الوحدة، فإلى جانب نوعين الوحدة المؤقتة والدائمة هناك أسباب وأنواع من الأحداث التي تشكل نوعية الوحدة التي يتبناها البعض، وفي دراسة أثبتت أن الآثار الضارة للوحدة تفوق تدخين 15 سيجارة في اليوم، ومن أهم هذه الأنواع ما يلي:

  • الوحدة العاطفية: هي شعور داخلي يجعل الإنسان يشعر أنه فارغ عاطفيا، ولا يتلقى أي اهتمام عاطفي أو تعرض إلى صدمة عاطفية قد تدفعه إلى رفض الدخول في علاقة عاطفية جديدة، وحتما هذا النوع من الوحدة يؤثر على نفسية الفرد.
  • الوحدة المؤقتة: هي الرغبة في اعتزال البشر لبعض الوقت لإعادة ترتيب الأمور، وإعادة التوازن العقلي أو لتمضية فترة حزينة في حياة الإنسان نتيجة فقدان عزيز، أو التعرض لصدمة.
  • الوحدة الاجتماعية: هناك بعض الأمراض الاجتماعية التي يعاني منها الأفراد، مثل الخجل الاجتماعي والإحراج وتدني احترام الذات وعدم الثقة بالنفس، مما تجعلهم يرفضون التواصل مع الآخرين واختيار العزلة بدلا من التعرض للإحراج الاجتماعي.
  • الوحدة المزمنة: وهي التي تحدث نتيجة ظروف خارجة عن إدارة الإنسان، مثل بقاء كبار السن أطول وقت منفردا، أو السفر لمكان لا تعرف فيه أحد وتصبح وحيدا.

حب الوحدة في علم النفس

  • إن حب الوحدة قد يكون ناتج عن عدم شعور الإنسان بالراحة والأمان عند التواصل مع الآخرين، أو عدم حصوله على التوقعات المرغوبة عند البقاء مع الناس، أو خيبة الأمل من الفقد أو الحرمان أو المعاملة السيئة، وهذا ما يجعله يفضل الوحدة بدلا من التعرض للخذلان.
  • إن الوحدة في علم النفس قد تكون سبب في تعرض الأفراد للإصابة بالعديد من الأمراض، ومنها مرض القلب والسكري والتهاب المفاصل، كما تشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يعانون من الوحدة المزمنة أكثر عرضة للإصابة بمرض الزهايمر، ونقص المناعة واضطراب النوم والتوتر والقلق.

أسباب الوحدة النفسية

هناك أسباب عديدة للوحدة النفسية تتنوع حسب بيئة الشخص وخبراته الاجتماعية والنفسية، وهذه الأسباب عند اكتشافها يمكن التعامل معها وتغييرها, وهناك أسباب أخرى لا يمكن للإنسان التعامل معها بمفرده ولكن يجب عليه اللجوء لمختص نفسي لكي يقوم بالمساعدة على التخلص من الوحدة النفسية المرضية، ومن هذه الأسباب ما يلي:

1. أسباب تتعلق بضغوط العمل

  • نعم فالوحدة النفسية قد تنتج من طبيعة العمل التي يقوم بها الإنسان، فالمهن التي تعتمد على بقاء الإنسان وحيداً بمفرده لساعات طويلة، تختلف اختلافاً كبيراً عن المهن التي تعتمد على التعامل مع الناس كمن يعمل في التجارة أو التسويق.
  • ولنا أن نتخيل أنساناً يبقى لوحده لثماني ساعات متواصلة كمن يعمل فرد أمن كل مهمته أن يقوم بملاحظة المكان الذي يقوم بحراسته، فكيف له الشعور بالارتياح النفسي؟
  • وهناك بعض الموظفين في مجال الأمن يقومون بالبقاء للعمل لفترات أطول للحصول على مقابل مادي أكبر، فهذا له تأثيره الهام على الإنسان.

2. عدم القدرة على التواصل مع الآخرين

  • يجد كثيرين مشكلة كبيرة في التواصل مع أنفسهم أو مع الآخرين، سواء كان مع أسرهم أو مع أصدقائهم، وذلك لعدة أسباب قد تكون بسبب الحماية الزائدة التي يعاني منها البعض في أسرهم, كذلك قد تكون هناك مشكلة في التواصل مع الأصدقاء والأقارب نتيجة عدم التعود على الخروج من دائرة الأسرة الصغيرة، فهناك أشخاص يتعاملون بطبيعية مع أسرهم، ولكن عند مقابلة الغرباء فنجدهم يفضلون العزلة، فهم في الحقيقة يختارون الوحدة النفسية لأنها أفضل من التواصل الفاشل مع الآخرين.
  • والوحدة النفسية تكون هي الخيار الأفضل لأن هناك العديد من المخاوف تجتاح الإنسان من التواصل مع المجتمع، وتلك الوحدة النفسية لها آثارها النفسية الضارة جداً.

3. الوحدة النفسية بسبب الحزن الشديد

  • هناك بعض الأشخاص كانوا في طفولة مشجعة وطبيعية، وليست بها أي مشكلة في التواصل مع الآخرين، حتى حدثت مشكلة أو بمعنى أدق صدمة نفسية لم يستطيعوا الخروج منها، فأحدثت مشكلة في التواصل مع المجتمع.
  • ومن المعروف أن الصدمة النفسية لها مراحل للخروج منها، منها مرحلة إنكار الصدمة وعدم تصديقها، ثم مرحلة الحزن الشديد، ثم مرحلة المساومة، ثم مرحلة قبول الصدمة.
  • وفي حالة عدم التعامل مع الصدمة بشكل سليم، قد يعبر الإنسان مرحلة إنكار الصدمة، ولكن لا يستطيع عبور مرحلة الحزن من آثار الصدمة فيختار الوحدة النفسية لعجزه عن التأقلم مع المجتمع الذي لا يستطيع التعامل مع تلك الأحزان.

الفرق بين الوحدة المرضية والوحدة النفسية العارضة

  • في بعض الأحيان تكون الوحدة طبيعية ولا تعد مرضاً نفسياً، ففي بعض الأديان يكون الإنسان وحيداً في قضاء بعض العبادات، فحينها لا تكون الوحدة مرضاً, كذلك شعور الإنسان بالإحباط الشديد نتيجة فقط صديق عزيز ثم اختيار العزلة والوحدة النفسية لفترة من الزمن.
  • فهذا لا يعد مرضاً ولكن شعور عارض مؤقت ينتهي أو بمعنى أدق يقل أثره بالتدريج، أما حين تكون الوحدة النفسية التي يقضيها الإنسان غير مبررة، وليست رد فعل طبيعي لحدث محزن، كالرسوب في الامتحان مثلاً أو فوات فرصة من الفرص سواء عاطفية أو مهنية، ويختارها الإنسان بشكل إرادي أو لا إرادي، فإن هذا يعني أنه في وحدة نفسية مرضية.

أضرار الوحدة النفسية

هناك أضرار يمكن أن تؤدي لها الوحدة النفسية، ومنها:

  • قد يلجأ الشخص الحزين المصدوم للانتحار في بعض الأحيان حين لا يجد سبيل للتعبير عن حزنه بشكل إيجابي.
  • كما أن الوحدة النفسية قد تؤدي إلى عادات سلبية شديدة الخطورة مثل الإدمان على تناول الخمر أو المخدرات أو خلاف ذلك، أو إدمان مشاهدة الأفلام الإباحية، أو إدمان ممارسة العادة السرية.

علاج الوحدة النفسية

إن علاج الوحدة النفسية يختلف باختلاف مسببات الوحدة النفسية، فهناك اختلافاً إذا ما كانت الوحدة النفسية بسبب الصدمة النفسية، أو بسبب ضغوط العمل وتتمثل طرق العلاج في:

الاختلاط والتعامل مع الآخرين

  • وفي كل الأحوال فإن الإنسان يجب أن يقاوم هذا الشعور بتفضيل الوحدة النفسية والبعد عن الاندماج في المجتمع، فرغم أن هناك بعض المخاوف قد تتحقق مثل مقابلة شخصية سلبية، فإن تلك المقابلة ليست نهاية المطاف، فاحتمالات مقابلة الأصدقاء المقربين احتمال وارد أيضاً بشدة ويستحق المجازفة.

إجراء زيارات عائلية وممارسة الهوايات المفضلة

  • فمن الممكن أن يقوم الإنسان بعمل زيارات للشخصيات المقربة له، أو الانضمام لأنشطة رياضية تضمن اجتماع بعض الأفراد لقضاء وقت معين, أو أن يقوم الإنسان باستغلال الأوقات الأخرى الخارجة عن وقت العمل في علاقات اجتماعية بناءة.

إقامة علاقات اجتماعية والتخلص من الشحنات السلبية

  • ويجب التنويه على أن البقاء بعيداً عن الناس في العمل ليس هو النوع الوحيد من ضغوط العمل الذي يسبب الوحدة النفسية.
  • فحين يكون العمل مشحوناً بالانفعالات السلبية، وفي حالة عدم وجود طريقة آمنة لتفريغ تلك الشحنة السلبية، فإن ذلك يؤدي إلى نوع من أنواع الإحباط الذي يؤدي إلى الوحدة النفسية، فالإنسان حينها يكون في حالة لا تستطيع أي اجتماعات مجتمعية إخراجه من تلك الحالة، فيفضل أن يظل وحيداً في مشكلته بعيداً عن الناس.

التعبير عن المشاعر بحرية تامة وعدم كبت المشاعر

  • إذا كانت الوحدة النفسية ناتجة عن البقاء في الحزن الشديد كمرحة من مراحل الصدمة النفسية وعدم التعامل معها بشكل سليم، فإن الحل هو التعبير عن هذا الحزن وتقديره وعدم الوقوف أمامه، فقد تكون الصدمة قديمة، كخداع من حبيب أو عدم توقع فعل سلبي من شخصية والدية.
  • فيجب ترك صاحب الصدمة يعبر عن أحزانه كيفما يشاء، وبكل الصور، وذلك حتى يتمكن من التعبير عن حزنه وعبوره إلى مرحلة المساومة، وهي مرحلة يقبل فيها المصدوم بعض أجزاء الصدمة ولا يقبل البعض الآخر، وأنها رغم أنها مرحلة لم يصل فيها الإنسان للشفاء، إلا أنها مرحلة مهمة جداً للوصول للشفاء الكامل وهي مرحلة قبول الصدمة والتعامل مع الحياة بشكل طبيعي.

اللجوء إلى طبيب نفسي مختص

  • كذلك فإن هناك بعض الحالات تحتاج إلى اللجوء لمختص نفسي لعلاج الحالة النفسية، وذلك بدراسة التاريخ المرضي النفسي والعضوي للمريض، ووضع برنامج علاجي متخصص يخضع له المريض ليحقق له الشفاء.

السعي نحو تحقيق الأهداف والتطلع للمستقبل

  • وفي كل الأحوال يجب على الإنسان السعي لتحقيق الأهداف الاجتماعية والشخصية وعدم الاستسلام لحالة الميل للوحدة والعزلة، وذلك لأن تحقيق الذات وتحقيق الأمنيات لا يتحقق إلا بالاحتكاك بالمجتمع سواء كان هذا الاحتكاك سلبياً أو إيجابياً.

سلبيات وإيجابيات الوحدة

الوحدة والعزلة من الأمور التي إذا زادت عن حدها انقلبت إلى ضدها، ورغم الفوائد التي يمكن للفرد الحصول عليها من العزلة، ألا أن هناك أيضًا سلبيات كثيرة، وهذا ما نتعرف عليه، ويتمثل فيما يلي:

أضرار العزلة الاجتماعية أو الوحدة على الإنسان

هناك العديد من السلبيات التي تعود على الفرد من الشعور بالوحدة والبقاء وحيدا، ومن هذه الأضرار التي تنجم عن العزلة الاجتماعية ما يلي:

  • تؤدي الوحدة إلى الإصابة بالعديد من الأمراض النفسية، مثل الاكتئاب والتوتر والقلق والشعور بالخوف من التعامل مع الآخرين.
  • ينتج عن الوحدة الشعور بالآلام العاطفية التي يفوق تأثيرها تأثير الآلام الجسدية، وبالتالي تؤثر على حياة الإنسان وعلى الحالة المزاجية بالسلب.
  • الكسل والخمول والإصابة بالأمراض المزمنة نتيجة التأثر والتفكير في الأحداث المؤلمة بشكل أكبر.
  • مشاكل في التذكر والاستيعاب والفهم والشعور بالتشتت مع أول تواصل مع الآخرين بعد الوحدة.

فوائد الوحدة

رغم أن الوحدة بصفة عامة تجعل الأشخاص ينعزلون عن العالم المحيط، ألا أن هناك العديد من الفوائد التي تعود على الإنسان،عندما يكون وحيد، ومن هذه الفوائد ما يلي:

  • الشعور بالراحة والاستقلالية والتأمل والتفكر في الأمور بهدوء.
  • يمنح للفرد مزيد من الإنتاجية وتحقيق الأهداف.
  • إعادة التوازن وتصفية الذهن من الشوائب.
  • يجعل الإنسان أكثر قدرة على التميز والإبداع.
  • تساعد على حل المشكلات.
  • تسمح بمزيد من أوقات الفراغ الذي يتيح للفرد ممارسة هواياته المفضلة.
  • تساعد على التحرر من الأفكار السلبية التي تأتي من التواصل مع الآخرين.
  • تساعد الوحدة على تعزيز الثقة بالنفس، وتعزيز احترام الذات.
  • زيادة تقدير الآخرين لك.

الأسئلة التي يطرحها الآخرون

هناك العديد من التساؤلات التي يطرحها الأفراد عن أضرار الوحدة النفسية، ومن أهم هذه الأسئلة ما يلي:

كيف تتخلص من الوحدة والاكتئاب؟

الوحدة صعبة ومؤلمة، وهناك العديد من طرق الخروج من الوحدة والتخلص منها والعيش بشكل طبيعي، ومن هذه الطرق للتخلص من الوحدة ما يلي:

  • المشاركة في أنشطة مفيدة ( الهوايات - الأعمال التطوعية - الاتصال الفعال ومشاركتهم في اهتمامات مشتركة بينكم).
  • الحزن والبكاء أمر وارد لا تجعله يطول، وأعطي لكل حالة نفسية وقتها ثم أنتهي منها.
  • تقدير الذات وزيادة الثقة بالنفس واحترام الآخرين.
  • ممارسة تمارين التأمل واليوجا والتحدث مع النفس عما يشغلها والتخلص من المشاعر السلبية بشكل مستمر.
  • تناول طعام صحي متوازن وممارسة الرياضة والنوم بشكل كافي.
  • محاولة تقوية العلاقات الاجتماعية القائمة وإيجاد علاقات جديدة.
  • لا تنعزل عن العالم وشارك الآخرين واسعى لتحقيق أحلامك وأهدافك.
وأخيراً..فإن أضرار الوحدة النفسية أضرار لا يمكن حصرها في سطور، ولكن تختلف من شخص لآخر، ومن مجتمع لآخر، ومهما اختلفت أشكال تلك الأضرار، فإنها في النهاية أضرار لا تنتهي إلا بنهاية الوحدة النفسية والخروج منها إلى تفاعل بناء مع المجتمع.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ