أنواع النفس في القرآن ومنهجية إصلاحها
ما هي النفس وانواعها؟
قبل الحديث عن أنواع النفس، نشير في البداية إلى أهم المواضع التي ذكرت فيها النفس في القرآن الكريم، من بينها:
- قال تعالى: "سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون".
- وقوله تعالى في سورة الأنبياء: "كل نفس ذائقة الموت".
- كما قال تعالى في سورة البقرة: "واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئا".
وبالتالي تعرف النفس على أنها الجانب المسؤول عن سلوكيات الإنسان وأفكاره وكذلك نزواته وانفعالاته واخلاقياته وتوجهات سواء الخير منها أو الشر، وهي ما تحرك تلك الأمور، بدليل قوله تعالى في سورة الشمس: "ونفس وما سواها • فألهمها فجورها وتقواها • قد أفلح من زكاها • وقد خاب من دساها".
أما الفرق بين النفس والروح، أن الروح على عكس النفس هي الجزء المسؤول عن بدن الإنسان الذي يؤدي وظائفه الحيوية، وبالتالي مع زوال الروح تتعطل وظائف أعضاء الإنسان جميعها.
أنواع النفس في القرآن الكريم
في ما يلي نشير إلى كم عدد أنواع النفس في القران الكريم؟ والتي أشار على وجود ثلاثة أنواع، وهي:
النفس الأمارة بالسوء
- النفس الأمارة بالسوء هي النفس التي تدفع صاحبها إلى مخالطة المعاصي، وتزين له الشهوات ليقع في المهلكات بسببها.
- هي من اسوأ الأنفس التي يتصف بها الآدميين.
- ذكر الله تعالى مثلها في القرآن الكريم على لسان امرأة العزيز، قال تعالى: "إن النفس لأمارة بالسوء إلا من رحم ربي".
النفس اللوامة
- هي كل نفس تترنح ما بين فعل الخير والشر، تارة تغلب شهواتها وتارة أخرى تسقط في المعاصي والخطايا، حتى يستحضر صاحبها الحسرة والملامة والخوف بعد كل ذنب، حتى يسارع بالتوبة والرجوع إلى الله تعالى.
- تلك النفس طيبة وليست خبيثة، لأنها ترجع دائماً إلى طريق الحق، ولا تتصف بالتحدي والإصرار.
- قال تعالى في سورة القيامة: "ولا أقسم بالنفس اللوامة".
النوع الثالث النفس المطمئنة
- ما هي النفس المطمئنة في الاسلام؟ هي كل نفس موحدة رضيت بالله رباً والإسلام ديناً لها، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، حتى بلغت كمال الإيمان حتى ارتقت إلى مدارج العرفان.
- تلك النفس مطمئنة، لأنها اطمئنت بوعد الله لها ورغبت فيما عند المولى عز وجل دون سواه.
- قال تعالى في سورة الفجر: "يا أيتها النفس المطمئنة • ارجعي إلى ربك راضية مرضية".
تقلبات الأنفس في القرآن الكريم
ضرب لنا القرآن الكريم، العديد من النماذج التي تدل على أنواع النفس، وتقلبات الأمم حتى ارتبط مصيرهم بما كسبت أنفسهم من الخير أو الشر، ومن تلك النماذج:
قصة إخوة يوسف عليه السلام
- في البداية شرعوا في الكيد لأخيهم يوسف وآذوا أباهم يعقوب، وعندما أدركوا خطأهم تابوا وأصلحوا حتى قبل الله توبتهم.
- قال تعالى في سورة يوسف: "قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين • قال سوف استغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم".
امرأة العزيز
- بعد أن سعت نحو إغواء يوسف عليه السلام والإيقاع به في المعصية، تابت وندمت واعترفت بذنبها، حتى صلح حالها بعد ذلك واستقامت سريرتها وسيرتها.
- قال تعالى: "ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين • وما ابرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا من رحم ربي إن ربي غفور رحيم".
قصة قوم يونس
- بعد أن يأس سيدنا يونس من إيمان قوة به، فارقهم وأخبرهم أن الله سينزل بهم العذاب في ثلاثة أيام، فعندما نزل بهم العذاب أخذوا يدعون الله ويبكون حتى علم توبتهم وصدقهم وتاب عليهم.
- قال فيهم الله تعالى: "فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين".
سحرة فرعون
- لم يعلنوا عن توبتهم إلا حين تكشفت لهم عظمة الله، ثم تحولوا من كونهم أعوانا لفرعون في ظلمه وطغيانه إلى الإيمان بما جاء به موسى، وهو الحق فاخترق الإيمان قلوبهم وتبين صديقهم.
- قال تعالى: "وقالوا آمنا برب العالمين • رب موسى وهارون".
الأقوام الأولى مع أنبيائهم
- الأمم الأولى وكافة الأفراد الذين أصروا على الكفر والفساد ولم يغيروا أنفسهم، مثل قوم لوط وفرعون وشعيب والنمرود وأصحاب الجنتين، جميعهم أذاقهم الله تعالى سوء العذاب والعاقبة.
- قال تعالى: "ذلك بأن الله لم يك نغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم".
أحوال النفس وتقلباتها
في ضوء معرفة أنواع النفس، يمكننا تأمل أحوال النفس والتقلبات التي تحدث لها كما ذكر في القرآن، نجد أنها على ثلاثة أنواع:
- هناك من تتغير أنفسهم من الفساد إلى الصلاح، وتكون لهم العاقبة الحسنة.
- هناك من تتغير حالهم من الصلاح إلى الفساد وهؤلاء مصيرهم السوء في الدنيا والآخرة.
- بينما هناك نفوس أصرت على الكفر والعصيان فكان عاقبتها الخسران والسوء.
منهجية إصلاح الأنفس
كما ذكر في القرآن الكريم هناك خطوات منهجية يمكن الاستعانة بها لصلاح النفوس والفوز بالعاقبة الحسنة:
- القراءة وطلب العلم، حيث أراد الله تغير تغيير نفس العرب من الفساد وأمرهم بالقراءة بتزكية نفوسهم وتعديل طبائعها، قال تعالى: "اقرأ باسم ربك الذي خلق".
- فهم الوجود والمصير، حتى يطلع الإنسان على مسؤولياته في الدنيا ومصيره بعد الموت، قال تعالى: "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا"، وبالتالي الهدف من وجودنا هو عبادة الله وتعمير الكون بالصلاح والعدل، والمصير بعد الموت، هو الجزاء والحساب على الحسنات والسيئات وما يليه من النعيم أو العذاب.
- تقوية صلتنا بالله تعالى، من خلال الحفاظ على الطاعات والابتعاد عن المحرمات وطاعة الله فهو السبيل الوحيد لاطمئنان القلوب وسكينتها، قال تعالى: "الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب".
- تربية النفس على الفضائل والأخلاق، قال تعالى: "قد أفلح من زكاها • وقد خاب من دساها".
- الصبر عند الشدائد والابتلاءات، قال تعالى: "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب".
- التحلي بالحلم والمرونة لمواجهة الواقع والأقدار، قال تعالى: "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون".
- الحرص على التفاؤل وتجنب القنوط من رحمة الله، قال تعالى: "يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون".
- مراجعة سيرة الأنبياء والصالحين، قال تعالى: "لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب".
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_20810