كتابة :
آخر تحديث: 22/04/2020

أهم المعلومات حول الانتربولوجيا

الانتربولوجيا أو علم الإناسة، إحدى أهم العلوم التي تمنح عليها جائزة نوبل كل سنة، وذلك إن دل على شيء فإنه يدل على قيمتها الكبيرة في خدمتها للإنسانية. ولنتائج هذا العلم تطبيقات واسعة على مستويات متعددة ومجالات مختلفة بشكل كبير. فما هي الانتربولوجيا؟ ما فروعها؟ وأين تكمن أهميتها؟ هذا ما سنتناوله عبر ثنايا الأسطر المقبلة. قراءة ممتعة!
أهم المعلومات حول الانتربولوجيا

الانتربولوجيا

الأنثروبولوجيا هي علم الإنسان، وتهتم بدراسة كل ما يجعلنا بشرًا.

يتخذ علماء الأنثروبولوجيا نهجًا موسوعيا لفهم العديد من الجوانب المختلفة للتجربة الإنسانية، والذي يسمى المنهج الشمولي :

إنهم ينظرون إلى الماضي، من خلال علم الآثار، لمعرفة كيف عاشت الجماعات البشرية منذ مئات أو آلاف السنين والتعرف على عاداتها وتقاليدها وثقافتها. كما يدرسون ما يشكل أجسامنا البيولوجية بعلاقته مع كل ما يخص علم الوراثة، وكذلك تكوين عظامنا ونظامنا الغذائي وصحتنا كبشر.

من مجالات اشتغال علماء الأنثروبولوجيا أيضًا، نجد عقد المقارنات بين البشر مع الكائنات الحية الأخرى (في معظم الأحيان، الرئيسيات الأخرى مثل القرود والشمبانزي) لمعرفة ما هو مشترك بيننا وبينهم، وما الذي يجعلنا فريدين.

على الرغم من أن جميع البشر تقريبًا يحتاجون إلى نفس الأشياء من أجل البقاء، مثل الطعام والماء والجماعة، فإن الطرق التي يلبي بها الناس هذه الاحتياجات يمكن أن تكون مختلفة تمامًا. على سبيل المثال، يحتاج الجميع إلى تناول الطعام، لكن الناس يأكلون أطعمة مختلفة ويحصلون عليها بطرق مختلفة.

ينظر علماء الانتربولوجيا في كيفية حصول مجموعات مختلفة من الناس على الطعام وإعداده ومشاركته. فالجوع في العالم ليس مشكلة في الإنتاج، ولكن المشكلة الجوهرية تتمثل في العوائق الإجتماعية أمام التوزيع العادل للثروات الغذائية، وقد نال عالم الأنثروبولوجيا أمارتاي سين جائزة نوبل لإثباته هذا الأمر عبر دراسته لجميع مجاعات القرن العشرين.

يحاول علماء الأنثروبولوجيا أيضًا فهم كيفية تفاعل الناس في العلاقات الإجتماعية (على سبيل المثال مع العائلات والأصدقاء). ينظرون إلى الطرق المختلفة لارتداء الملابس والتواصل الإجتماعي في المجتمعات والبيئات مختلفة. يستخدم علماء الانتربولوجيا أحيانًا هذه المقارنات لفهم تصرفات وثقافة هذه الجماعة البشرية.

ويعمل أهل هذا العلم في مجالات مختلفة ومتنوعة، تقريبا في كل ماله اتصال بالكائن البشري: فهم يبحثون في الاقتصاد والصحة والتعليم والقانون والسياسة (على سبيل المثال لا الحصر).

الحقول الفرعية الأربعة

تنقسم الانتربولوجيا عمومًا إلى أربعة حقول فرعية. كل حقل من الحقول الفرعية يختص في مواضيع ويستلزم مهارات مميزة. ومع ذلك، وكل حقل فرعي يعمل وفق أطر علمية ونظرية، يستخدم منهجيات بحث واضحة، يصوغ ويختبر الفرضيات، ويطور مجموعات واسعة من البيانات في ميدانه.

علم الآثار

يتجلى دور علماء الآثار في دراسة الثقافة البشرية من خلال تحليل الأشياء التي صنعها الناس. علماء هذا التخصص يبحثون ويستكشفون بعناية أشياء من قبيل الفخار والأدوات، ويحاولون التعرف على المنازل والمعابد الدينية ومقابر الدفن من أجل التعرف على الحياة اليومية للناس في تلك الحقبة. كما يقومون بتحليل بقايا العظام والأسنان للحصول على معلومات حول النظام الغذائي والأمراض التي عانوها.

يجمع علماء الآثار أيضا بقايا النباتات والحيوانات والأتربة من الأماكن التي عاش فيها الناس من أجل فهم كيفية استخدامهم لها ودراسة التغيرات التي حصلت على بيئاتهم الطبيعية. يبدأ النطاق الزمني للبحث الأثري مع أقدم أسلاف الإنسان منذ ملايين السنين ويمتد طوال التاريخ حتى يومنا هذا، مثله مثل سائر مجالات الأنثروبولوجيا الأخرى،

الأنثروبولوجيا البيولوجية

يسعى علماء الأنثروبولوجيا البيولوجية إلى فهم كيفية تكيف البشر مع البيئات المختلفة، ويهتمون بشكل أساسي بمعرفة الأسباب الكامنة وراء إصابتهم بالأمراض والوفاة، وكذا فهم كيف تطور البشر مقارنة بالحيوانات الأخرى. حيث يدرسون البشر سواء الأحياء منهم أو الأموات، ويعقدون المقارنات بينهم وبين الرئيسيات الأخرى مثل القرود والقردة، وأسلاف الإنسان (الأحافير).

علاوة على هذا كله فإنهم يحاولون الدمج بين علم الأحياء والثقافة معًا لتشكيل تصور واضح عن جماعة أو حضارة ما. و يقع أيضا في نطاق إهتماماتهم شرح أوجه التشابه والإختلافات الموجودة بين البشر في جميع أنحاء العالم.

من خلال هذه الدراسات، أظهر علماء الأنثروبولوجيا البيولوجية أنه على الرغم من إختلاف البشر في بيولوجياتهم وسلوكاتهم، إلا أن الدائرة الأوسع منها يبقى مشتركا وموحدا، سواءا بين شعوب الشمال أوالجنوب، بين البيض أوالسود إلخ.. كلهم على صعيد واحد.

الأنثروبولوجيا الإجتماعية-الثقافية

يستكشف علماء الأنثروبولوجيا الإجتماعية والثقافية ما يعتقده أهل مجتمع أو جماعة معينة مهمًا وجوهريا في معتقداتهم، وماهية القواعد التي وضعوها، سواء الأخلاقية أو القانونية لتنظيم علاقاتهم وكيفية التفاعل مع بعضهم البعض.

في كثير من الأحيان، حتى داخل دولة أو مجتمع واحد، قد يختلف الناس اختلافا جوهريا في أسلوب التواصل أو اللهجة، أو ارتداء الملابس أو تناول الطعام أو التعامل مع الآخرين إلخ..

يريد علماء الأنثروبولوجيا فهم كيفية إختلاف المجتمعات وفي الوقت نفسه إدراك ما هو مشترك بينها. وعبر الخبرات والتجارب المتراكمة في هذا العلم، فقد أوضح العلماء بأن أفضل طريقة للتعلم عن الشعوب والثقافات المتنوعة، هي قضاء الوقت في العيش بينهم.

حيث يتيح لهم ذلك تحصيل أفضل مستوى من الإدراك والاستيعاب للممارسات والتنظيمات الإجتماعية والثقافية المتنوعة لتلك الجماعة أو تلك الحضارة المحددة، وكل تقدم في المعرفة التي يكتسبونها يمكن أن تثري الفهم الإنساني على مستوى أوسع.

الأنثروبولوجيا اللغوية

يتميز تخصص علماء الأنثروبولوجيا اللغوية في دراسة السبل والوسائط المختلفة التي يتواصل عبرها الناس في مختلف أنحاء العالم، وفي فهم وتحليل كيفية إرتباط اللغة بمنظورنا للعالم من حولنا وأيضا بكيفية إرتباطنا ببعضنا البعض.

وهذا طبعا يعني تحليل كيفية عمل اللغات، وتغيراتها عبر الزمن. كيفية نشوئها واستخدامها وأيضا إكتسابها منذ الطفولة المبكرة.

بالنسبة لعلماء الأنثروبولوجيا اللغوية، فإن اللغة والتواصل هي مفاتيح الإجابة عن سؤال: كيف يصنع المجتمع والثقافة؟

الأنثروبولوجيا التطبيقية أو العملية

يعمل علماء الأنثروبولوجيا التطبيقية على حل مشاكل العالم الحقيقي باستخدام الأساليب والأفكار الأنثروبولوجية. فعلى سبيل المثال، قد يعملون في المجتمعات المحلية للمساعدة في حل المشاكل المتعلقة بالصحة أو التعليم أو البيئة.

كما أنك قد تجدهم في المتاحف والحدائق الوطنية. أو قد يشتغلون لحساب الحكومات المحلية أو الولائية أو الفيدرالية أو المنظمات غير الربحية. في حين قد يعمل آخرون في القطاع الاقتصادي وريادة الأعمال، مثل متاجر البيع بالتجزئة أو شركات البرمجيات والتكنولوجيا العملاقة، وأحيانا قد تجدهم في أماكن لن تتصور قط أن يكون لهم يد فيه.

وقد أظهرت وظائف علماء الأنثروبولوجيا التطبيقية نموًا قويًا في الماضي القريب، مع توفر المزيد والمزيد من الفرص، وتزايد الطلب على المهارات القيمة التي يمتلكونها.

الأنثروبولوجيا حول العالم

يعمل أهل هذ العلم على توفير مزيد من الفرص لتحقيق فهم أفضل للكائن البشري، ورغم أن هذا العلم قد أثبت جدارته عبر نتائجه الثورية وإضافاته الكبيرة للساحة العلمية، في تقاطعاتها المختلفة مع العلوم الأخرى، إلا أنه لم يبلغ ذروته. ولا يزال أمامه الكثير لاكتشافه والتنقيب عنه.

يكفينا أن التنقيب في الأهرامات المصرية لا زال مستمرا، وأسرار الحضارة الفرعونية داخلها لم يتم كشفها على نحو مرض، رغم القرون الطويلة الممتدة التي عمل العلماء على دراستها، وهذا الأمر ذاته في مناطق أخرى مختلفة حول العالم، بل وهناك حضارات حية ليومنا هذا لا يعرف عنها إلا أقل القليل رغم أننا في كوكب أصبح قرية صغيرة كما يقال عادة.

ولهذا فعلماء الأنثروبولوجيا من جميع أنحاء العالم يحاولون الاشتغال والتنسيق معًا من خلال المنظمات الدولية لمحاولة فهم المزيد عن حياتنا كبشر.مثل المجلس العالمي لجمعيات الأنثروبولوجيا، وهو شبكة من المنظمات والجمعيات الدولية والوطنية التي تهدف إلى تعزيز التواصل والتعاون في جميع أنحاء العالم بين أهل هذا العلم.

وظائف عالم الانثربولوجيا

كما سبق وأن ذكرنا، يشتغل علماء الانتربولوجيا في عدد من القطاعات المختلفة، من الكليات والجامعات إلى الوكالات الحكومية والمنظمات غير الحكومية والشركات والخدمات الصحية والإنسانية.

داخل أسوار الجامعات، يقومون بتدريس الأنثروبولوجيا الجامعية والدراسات العليا، ويقدمون الكثير من الدورات لفائدة أقسام أخرى من تخصصات مختلفة، إضافة إلى المدارس المهنية مثل مؤسسات إدارة الأعمال والتعليم والتصميم والصحة العامة. يساهم علماء الأنثروبولوجيا أيضا بشكل كبير في مجالات متعددة التخصصات مثل الدراسات الدولية والدراسات العرقية والجنسانية، عبر العمل في مراكز البحث الأكاديمي.

خارج الجامعة، يعمل علماء الأنثروبولوجيا في الوكالات الحكومية والشركات الخاصة والمنظمات المجتمعية والمتاحف ومعاهد البحوث المستقلة والمنظمات الخدمية ووسائل الإعلام، وآخرون يعملون كمستشارين مستقلين وفرق بحثية لوكالات مثل مراكز السيطرة على الأمراض مثل اليونسكو ومنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي.

يعمل أكثر من نصف علماء الأنثروبولوجيا الآن في مؤسسات خارج أسوار الجامعة. قد يشمل عملهم بناء شراكات بحثية، وتقييم الاحتياجات الاقتصادية، وتقييم السياسات، وتطوير برامج تعليمية جديدة، وتسجيل تاريخ مجتمعي غير معروف، وتوفير الخدمات الصحية، وغيرها من الأنشطة ذات الصلة بالمجتمع الإنساني.

هذه إذن كانت أبرز المعلومات حول علم الانثروبولوجيا، ورغم أهمية هذا العلم فإن أمما قليلة هي التي ترتاده، وهي غالبا الأمم الأقوى الآن على المستوى الدولي، في حين يشهد هذا العلم ضعفا وهشاشة كبيرة لدى الدول المتخلفة ودول العالم الثالث.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ