كتابة :
آخر تحديث: 15/09/2020

اضطراب الشخصية التمثيلي

اضطراب الشخصية التمثيلي، ما أصعب أن لا تستطيع أن ترى نفسك إلا من خلال كلمات الناس عنك، تتعلق بكلماتهم عنك تعلق الحياة والموت بالنسبة لك، تحب نفسك حين يمدحونك، وتكره نفسك حين يتجاهلونك.
هذا بالتحديد ما يشعر به، فهو يتعلق بشكل عاطفي جداً بما يقوله الناس عنه، وبردود أفعالهم اتجاهه، حتى أنه يشعر باكتئاب شديد إذا تجاهله الناس، وهو حاد المشاعر والطباع بشكل هيستيري، فتجده عندما يمدحه الناس يفرح بشكل هيستيري وعندما ينتقده آخرين يكتئب بشكل حاد.
اضطراب الشخصية التمثيلي

مريض اضطراب الشخصية الهستيري لا يشعر بقيمته

إن هذا المريض لا يشعر بقيمته إلا من خلال تعليقات وردود أفعال من حوله، ولا يشترط أن يكونون من أهله فقط، فربما كانوا ممن يقومون مقام الشخصيات المقربة منه.

مثل الأصدقاء أو الأحباب أو حتى الغرباء ولكن يمثلون لهذا المريض أهمية، فالأهمية لا تكون لذاته، إنه لا يرى ذاته إلا من خلالهم.

ولا يشعر إلا من خلال مشاعرهم، يهتم بنفسه حين يهتمون به، يحب نفسه حين يشعر بحبهم، يجلد ذاته حين ينتقدونه.

إنه أمر في منتهى الصعوبة، لأن صاحب تلك الحالة يكون مشتت بين أكثر من حالة في وقت واحد، ففي الوقت الذي يشعر فيه باهتمام شخص ما.

قد يكون هناك شخص آخر بعدها بدقيقة يجد الفرصة لتوجيه الانتقاد اللاذع للمريض، بينما بعد دقيقة أخرى يجد من يعطيه الثقة في عمل من الأعمال.

إنه تشتت في المشاعر والأحاسيس لا يوصف، فهو شعور شديد القسوة.

فلك أن تتخيل أن تنتقل بين كل المشاعر المتناقضة في دقائق معدودة لمجرد أن رأي شخص ما فيك له طابع معين، بينما رأي آخر له طابع آخر.

فتتلون مشاعرك بلون من يحادثك، سواء كان تحليله صادقاً أم كاذب.

لماذا أطلق عليه مسمى اضطراب تمثيلي؟

لأن مريض اضطراب الشخصية التمثيلي في سعيه لنيل رضا من حوله ومحاولة جذب عيونهم نحوه دائماً يسلك كل الطرق المنطقية والغير منطقية لتحقيق ذلك.

فربما وجدته يصرخ وربما وجدته يضحك بشكل هستيري وربما وجدته يستعرض بشكل تمثيلي مبالغ فيه أي حركة من الحركات الفجائية أمام الناظرين، إنه كالممثل في المسرح يحاول أن يرضي المتفرجين دائماً.

بين النساء أم الرجال ينتشر هذا المرض؟

تؤكد الدراسات التي أجريت في هذا الشأن على أن النساء أكثر عرضة لهذا المرض أكثر من الرجال بنسبة كبيرة جداً، ولكن الإصابة به على مستوى العالم غير منتشرة على نطاق واسع فهي لا تتعدى الثلاثة بالمائة.

صفات إيجابية تميز هذا المريض

  • مريض اضطراب الشخصية التمثيلي يتميز بصفات إيجابية تلفت الأنظار بشكل كبير، فهو مريض نشيط جدا بشكل ملحوظ، ينجز المهام المطلوبة منه بفعالية كبيرة.
  • كذلك تجده شخصية دارسة جيدة جداً لشخصية المحيطين بها، فهو مريض يعرف جيداً مميزات وعيوب وخصائص الأشخاص المتعاملين معه، وهو أمر طبيعي لأنه لن يحصل على راضهم بالشكل المناسب إلا حين يدرسهم دراسة وافية ويعرف بالتحديد الطرق التي يحقق بها هدفه من أقصر الطرق.
  • فإذا كانت الشخصية التي يتعامل معها شخصية تهتم بالجانب البصري تجد هذا المريض يهتم جداً بهذا الجانب معه، وإذا تعامل المريض مع شخصية سمعية فتجد المريض ينتقى الكلمات التي تناسب تلك الشخصية بمهارة فائقة.
  • إنها شخصية سخرت كل إمكانياتها البشرية والحسية والفكرية والإنسانية لدراسة المحيطين بها دراسة وافية دون أن تستخدم تلك الإمكانيات أو حتى جزء منها لفهم ذاتها وتأكيدها، ذلك لأن الصورة الذهنية لها عن نفسها تكون مشوهة غير مقبولة لا تستطيع النظر إليها إلا من خلال تعليقات من حولها.

الاحتياج للمركز والأهمية

  • هناك في علم النفس حقيقة مؤكدة من أن هناك احتياج طبيعي لأي إنسان يسمى احتياج المركز، وهو احتياج الشخص أن يكون مركز الاهتمام في لحظة من اللحظات، ويكون هو صاحب القرار القائد في موقف من المواقف.
  • وتلك المسألة طبيعية ويحاول الآباء تدريب أبنائهم عليها حتى في شكل اللعب، مثل أن يقوم الأب بجعل ابنه يتقمص دور المدير في لعبة تمثيلية، أو يجعله يختار المكان الذي سيأخذه في التنزه به، فيشعر الطفل بأنه صاحب القرار، ومركز الاهتمام في لحظة ما.
  • والكن الطفل حين يحصل على هذا الحق بشكل طبيعي لا يبقى في تلك الحالة كثيراً، فربما وجدت الطفل الطبيعي ينتقل إلى دور جديد وإلى حاجة جديدة في الحياة، كاحتياج الأمان واحتياج تحقيق الذات، وغيرها من الاحتياجات الإنسانية.
  • أما مريض اضطراب الشخصية التمثيلي لا ينتقل إلى تلبية احتياجات أخرى، بل يظل يحاول تحصيل الاحتياج لأن يكون مركز الاهتمام طوال الوقت بلا توقف، فلا ينتقل لاحتياج آخر، ويشعر بحزن شديد في حالة عدم تحقيقه لهذا الهدف لأوقات لا تنتهي.

قد يستخدم أساليب شاذة لتحقيق هدفه

  • قد تجد هذا المريض في سبيل تحقيق هدفه للفت الانتباه في صراع كبير من النفس والآخرين، فوسائله التقليدية لم تعد تفيد، وأصبح في حاجة لأساليب أصعب للفت الانتباه، إن عدم لفت انتباه الآخرين يعد بمثابة كارثة محققة لهذا المريض، ولكن ماذا يفعل؟
  • قد تجده يسرق لكي يجذب الانتباه وليس حباً في السرقة ولكن لجذب الانتباه، قد تجده يتعرى ويقوم بحركات لا تليق لكي يحقق مراده في وجود تعليقات تخصه تمتدح الجسد أو خلاف ذلك.

هذا المريض غير قادر على صنع أهدافه

  • المشكلة الكبيرة التي تواجه هذا المريض أنه لديه هدف واحد فقط يسعى لتحقيقه، وهو لفت انتباه المحيطين به، فليس في مقدوره تخيل أهداف أخرى، أو الحزن على عدم تحقيق أهداف أخرى.
  • إنه في استنزاف لكل قدراته مقابل هدف واحد لا يتغير، فهذا المريض لا يتطور في عمله، ولا يحقق أي إنجاز يذكر، فهو لا يستطيع تحمل المسئولية المستمرة، ولا يهمه النجاح في العمل على المدى الطويل طالما لا يوجد مدح يحصل عليه أثناء عمله.

هذا المريض قابل للإيحاء بشكل كبير

  • مريض اضطراب الشخصية التمثيلي إذا سمع وصف له جميل يشعر بالنشاط والحيوية، ويمكن أن تراه مستيقظاً لمدة أيام بشكل متواصل إذا امتدحه إنسان في تلك المسألة.
  • ومن الممكن أن تجده مريضاً طريح الفراش لا يقوى على الحركة لمجرد أن شخصاً آخر وصفه بهذا الوصف، إنه ينتظر الكلمات التي ستعبر عنه ثم تستجيب كل أعضاؤه لتتمثل فيما وصفه الناس به.

كيفية علاج هذا المريض

علاج هذا المريض ممكن وجائز جداً، ويتم عن طريق المتابعة مع متخصص فيقوم بعمل تدريبات سلوكية له يحاول فيها تعديل أفكاره ومعتقداته عن نفسه وعن الآخرين وعمل برنامج علاجي له يساعده على إصلاح الصورة الذهنية المشوهة عن نفسه.

ومحاولة إقناعه بأن شخصيته لا تحتاج إلى وصف الآخرين لتثبت جمالها، فهي جميلة حتى وإن لم يصفها أحد.

وأخيراً.. اضطراب الشخصية التمثيلي ليس مرضاً بلا علاج، بل له علاج بسيط، يبدأ باعتراف المريض بمرضه، ومتابعة مع مختص يقوم بعمل الخطوات العملية لتحقيق الشفاء، إن مريض هذا المرض يتعذب، ويجب أن يسعى بكل جدية لوضع نهاية لهذا العذاب.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ