كتابة :
آخر تحديث: 11/03/2021

مريض انفصام الشخصية.. كيف يعود للحياة الطبيعية؟

انفصام الشخصية من الأمراض التي تم عرضها في العديد من الأعمال الفنية والدرامية، ولكن مع ذلك لا يعرف عنها البعض إلا المعلومات السطحية.
هل لانفصام الشخصية علاج؟ هل لانفصام الشخصية أعراض؟ هل يمكن علاجه بشكل مبكر؟ هذه كلها أسئلة قد ترد على عقل القارئ، ولكن الأهم من ذلك هو أن المعلومات الحقيقية عن هذا المرض يجعله مرضاً ممكن العلاج ولا يعتبر نهاية العالم بالنسبة لصاحبه، وهذا ما سنحاول الوصول إليه في السطور القادمة.
مريض انفصام الشخصية.. كيف يعود للحياة الطبيعية؟

ما هو انفصام الشخصية؟

يعتبر مرض الانفصام هو نوع من أنواع الانفصال عن الواقع، ويطلق عليه البعض الآخر (التفكك العقلي).

أعراض مرض الانفصام الذي يغير الشخصية

من أهم أعراض مرض الانفصام اضطراب السلوك حيث أنه يعتبر من الأمراض التي تسبب الهلاوس السمعية والبصرية وكذلك عدم اتساق مبادئ الإنسان مع أفعاله، حيث أن يقينياته تكون في شدة التعقيد.

والسبب في ذلك هو رفض الواقع الناتج من التعامل الخاطئ مع الصدمات والعقبات التي تواجه الإنسان في حياته، حيث أن صراع المبادئ داخل الإنسان يجعله في انفصال عنها بشكل لا إرادي، خاصة إذا لم يجد ما يحسم بداخله هذا الصراع.

متى يتم اكتشاف المرض؟

يؤكد الأطباء أن اكتشاف المرض قد يكون في سن مبكرة وهو سن المراهقة حيث أن الأعراض تكون واضحة في هذا العمر.

  • وهذا لأن المريض في هذا العمر يكون عرضة أكبر للنوبات الذهانية التي تجعله يرفض الواقع ويختار أن يعيش مع الهلاوس السمعية والبصرية بشكل لا إرادي.
  • وربما كان هذا السن هو السن المناسب لظهور المرض لأن هذا السن به العديد والعديد من الصراعات النفسية الطبيعية.
  • يعيش صراعاً ما بين مرحلتي الطفولة والرجولة وصراعاً مع السلطة الوالدية من ناحية والتحرر منها من جهة أخرى.

ما هي طبيعة الهلاوس في هذا المرض؟

بداية يجب أن نتعرف على الهلاوس بشكل مبسط، فالهلاوس عبارة عن سماع أو رؤية أو الاحساس بظواهر مخالفة للواقع، وعادة ما تكون بشكل لا إرادي، ويلجأ إليها الإنسان في حالات عديدة.

  • فقد يلجأ إليها الإنسان في حالة اشتياقه لفعل معين أو حدث معين، فالإنسان الذي يشتاق مثلاً للعمل كممثل مسرحي وهو عاجز عن تحقيق تلك الأمنية، قد تهاجمه هلاوس سمعية وبصرية لشخصيات يقوم بتمثيلها وقد يسمع أيضاً تصفيق الجمهور بعد التمثيل.
  • وقد يكون الاشتياق لشخص ميت، فيحادثه المريض ويسمع صوته وقد يراه أيضاً في هلاوس سمعية وبصرية، وذلك لعجز المريض عن التغلب على الشعور بالاشتياق بأي وسيلة طبيعية.

كيف يمكن التغلب على الهلاوس والشفاء منها؟

كما ذكرنا فإن العجز عن مواجهة الواقع وعدم إيجاد حلول عملية واقعية للمشكلات وإزالة العقبات وتحقيق الأمنيات بشكل مشروع، كل ذلك يؤدي إلى اللجوء للأوهام والهلاوس وانفصام الشخصية.

  • وذلك لأن العجز النفسي له آلام شديدة جداً لا يقوى الإنسان على تحملها، تظهر في صور متنوعة، منها الأمراض العضوية والعصبية مثل آلام العظام والرعشة ولجلجة اللسان عند التحدث.
  • تلك الآلام الشديدة حين لا يجد الإنسان سبيلاً طبيعياً للشفاء منها، يلجأ العقل في اللاشعور بحيل مثل الهلاوس السمعية والبصرية بهدف التخفيف من حدة آلام العجز.
  • ولكن تلك الهلاوس السمعية والبصرية لها أضرار شديدة جداً، منها اتجاه الإنسان لتفكيك علاقاته الاجتماعية حتى بأقرب المقربين له، مثل أبوه وأمه وإخوته وأصدقاؤه المقربين، والاكتفاء بتكوين علاقة قوية جداً مع الهلاوس السمعية والبصرية، بل والثقة فيها ثقة عمياء، بحيث أنه حين يتخيل معلومة غير واقعية، يكون مصدقاً لها أكثر مما يراه بعينيه في الواقع.

آثار الاستجابة للهلاوس

ومن أهم آثار الاستجابة لتلك الهلاوس السمعية والبصرية أنها قد تتطور إلى أمراض ذهانية، مثل انفصام الشخصية، حيث أن تلك الهلاوس غير مأمونة العواقب، ولا نستطيع التحكم في المعلومات التي قد يسمعها المريض في تلك الهلاوس، فقد تأمره بالقتل، أو الانتحار، أو السرقة، أو خلاف ذلك.

كما أنها تؤدي إلى تفكك العلاقات الأسرية بشكل كبير جداً، وليس العلاقات الأسرية فقط ولكن العلاقات الخاصة بالعمل أيضاً فهي تتأثر بشدة بشكل قد يؤدي إلى ترك العمل والاكتفاء بالحياة مع الهلاوس.

الطريق للشفاء من الهلاوس السمعية والبصرية

أول هذا الطريق هو إيجاد تغيير حقيقي في واقع المريض، وإقناعه بأن المستحيلات الواقعية لم تعد مستحيلة، فبإمكان الإنسان الذي يشتاق للعمل كممثل مسرحي أن يقوم بالالتحاق بتدريب في ورشة تمثيل، وفي إمكان الإنسان إرسال الخير والدعاء للأموات ووصول الصدقات لهم، وبذلك قد يقتنع بأن الاشتياق للأموات لا يعد شيئاً يخجل منه المريض.

إن هذا الأمر قد لا يكون سبباً رئيسياً في الشفاء الكامل من مرض انفصام الشخصية، ولكن هو بداية الطريق للشفاء مع تطبيق البرنامج العلاجي الذي يضعه الطبيب المختص.

عدم القدرة على التفكير في الحاضر والمستقبل

  • من الأعراض المهمة التي يصاب بها مريض انفصام الشخصية، عدم قدرته على إدراك الواقع، وعدم قدرته على توقع المستقبل، وذلك لأن وعيه وإدراكه متأثر بدرجة كبيرة جداً بالهلاوس السمعية والبصرية التي يعيش فيها.
  • فهو في الحقيقة لا يتخذ أي قرار في حياته، بل يكتفي بأن يحاور العالم الخاص الذي كونه في تلك الهلاوس، فهي في الحقيقة أكثر إمتاعاً له وأكثر أهمية.
  • حيث أن الواقع بالنسبة للمريض أمر يجب الهروب منه، فلا داعي لمتابعته أو اتخاذ أي قرار فيه، فهو في الحقيقة لا يعنيه الفشل في العمل أو الفشل في تكوين أسرة، ذلك لأن هناك اهتمامات أخرى في الخيال تؤثر فيه بشكل أكبر.

مريض انفصام الشخصية وعلاقته بتحقيق الأهداف

مريض انفصام الشخصية في الحقيقة لا يريد تحقيق أي هدف من أهداف في الحياة، فهو لا إرادة له، ولا أحلام واقعية.

  • هناك أساليب كثيرة يمكن تحفيز مريض انفصام الشخصية وتشجيعه للدخول للواقع مرة أخرى، وذلك بصنع اختيارات جديدة له.
  • تلك الاختيارات الواقعية الجديدة قد تكون في تكوين صداقات جديدة واعية بجوانب مرضه، وتكوين مشاريع يومية رائعة تحقق له النجاح النسبي، مثل النجاح في الأهداف المحدودة، كالنجاح في تحقيق رحلة ترفيهية، أو النجاح في حل مشكلة أسرية، فالنجاح الواقعي البسيط يشجع المريض للدخول في الواقع بشكل أكبر وعدم الاكتفاء بالنجاح البسيط.

هل مريض الانفصام قادر على تكوين علاقات عاطفية؟

الإجابة على هذا السؤال تتوقف على التاريخ المرضي للمريض مع هذا المرض، فإذا كان المريض قد بدأ طريق العلاج مبكراً فإن الأعراض الخاصة بالمرض تكون في أقل معدلاتها عندما يصل المريض لسن الزواج، وحين تكون الأعراض تحت السيطرة، فلا مانع أبداً من الارتباط العاطفي.

ففي النهاية المريض النفسي لا يعد وصمة عار، ولكنه مرض مثل أي مرض يمكن السيطرة عليه والتغلب عليه والتعامل مع أعراضه بشكل سليم.

فالتعامل الصحيح مع أعراض هذا المرض يؤدي إلى النجاح في الوصول لحياة أكثر واقعية وطبيعية للمريض، فيمكنه أن يحقق كل طموحاته.

وأخيراً.. فإن الاكتشاف المبكر لمرض انفصام الشخصية وسرعة علاجه يؤدي إلى السيطرة على أعراضه والنجاح في الحياة بشكل فعال وحاسم.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ