آخر تحديث: 20/07/2021
الأمراض النفسية والعقلية وعلاقتها بتربية الأبناء
الأمراض النفسية والعقلية لها علاقة وثيقة بتربية الأبناء، وذلك لما للأمراض النفسية من أثر كبير على سلوك الأبناء والآباء على حد سواء، بما يتحتم معه إلقاء الضوء على تلك المسألة في السطور القادمة.
فالتربية بما فيها من صراعات وتعارض في الأفكار والرغبات بين الآباء والأبناء، تنشأ بها العديد من احتمالات وجود بذور للأمراض النفسية، خاصة إذا ما كانت خطوات التربية بغير ملاحظة وفهم لسلوكيات الأبناء، وبتحليل على أسس علمية وضعها مختصون من علم النفس، فقد دأب العديد من علماء النفس على وضع العديد من الأسس التي بها يمكن تقليل فرص الإصابة بالأمراض النفسية للأبناء.
الأمراض النفسية والعقلية يمكن تقليل فرص الإصابة بها
هناك العديد من النصائح التي وضعها المختصون بعلم النفس وذلك لتقليل الإصابة بالأمراض النفسية والعقلية للأبناء, ومن تلك النصائح الهامة التي بها يمكن القول بأن ضرورية :
- الحوار المتبادل والاتصال بين أفراد الأسرة وإظهار التقدير والاهتمام يؤدي إلى بناء حائط صد ضد العديد من الأمراض النفسية.
- ولكن لا يمكن القول بأن تلك النصائح ستمنع منعاً باتاً الإصابة بالأمراض النفسية، فالأمراض النفسية من المستحيل الوقاية منها بشكل كامل، ولكن يمكن اتخاذ التدابير والاحتياطات اللازمة لحماية الأبناء منها.
- فالمرض النفسي مثله مثل أي مرض عضوي، لا يمكن أن نحقق الأمان الكامل من الإصابة بأي مرض عضوي.
- ولكننا نحاول دائماً أن نتخذ الاحتياطات مثل غسل اليدين وتطهير الملابس والابتعاد عن أماكن الإصابة والأوبئة.
حق الأبناء في التقدير والاهتمام
هناك حق من الحقوق التي يبحث عنها الأبناء والآباء بشكل كبير،ويمنع وقوع الأفراد في الآفات النفسية وهو:
- الحق في التقدير والاهتمام، فهو حق من الحقوق التي تحقق مناعة نفسية كبيرة عند تزويد الإنسان بها معنوياً.
- وتكمن أهمية هذا الاحتياج النفسي الكبير في أن الإنسان لا يستطيع العيش بدون الشعور باهتمام من حوله به، والسؤال عنه.
- حيث أن الدين الإسلامي الحنيف شجع بشكل كبير على صلة الرحم، وزيارة الأقارب وجعل لها الجزاء الكبير في الدنيا والآخرة.
- فجعل صلة الرحم من الأفعال المسببة للبركة في الدنيا، وحسن ثواب الآخرة، أما على الصعيد النفسي، فإن الزيارات المتبادلة بين الأقارب والأصدقاء تحقق العديد والعديد من الفوائد النفسية.
- فحين يظهر الأب حبه واهتمامه لابنه، ويظهر الابن اهتمامه وحبه لأباه أو أمه، فإن هذا الاهتمام يتم تحويله داخل الجدار النفسي للإنسان إلى مضادات للاكتئاب والحزن والشعور بالعزلة والوحدة.
- فالإنسان عند التعرض للأحزان والصدمات السلبية، تحدثه نفسه بأنه لم يعد شخصاً مرغوباً فيه، وأن لا أحد في الدنيا يريده، وأنه أصبح بلا قيمة تذكر.
- ولكن عندما يشعر الإنسان بأن هناك صلة من صلات المشاعر والأحاسيس تربطه بأحبابه، سواء كان في العمل أو في الأسرة الصغيرة أو في أي مكان، فإن هذا يحقق له التوازن المطلوب وقت التعرض للصدمات والأحزان.
- وهنا تجدر الإشارة إلى أهمية أن تكون كلمات الحب محملة بالمشاعر الحقيقية وليست بالمجاملات الروتينية التي لا تحدث في القلب الأثر المطلوب.
- حيث أن الإنسان في معظم الأحيان يمتاز بالذكاء العاطفي الذي يجعله يدرك الفارق المهم بين الكلمات المحملة بالمشاعر الحقيقية والكلمات التي لا تتجاوز العبارات الروتينية.
الغضب يدمر أسس التربية الصحيحة
يعد الغضب واحد من الأمراض النفسية التي تضر الفرد وتؤثر على التربية الصحيحة ومن آثره الأتي:
- هناك رغبات متعارضة بين الآباء والأبناء تحدث أثناء عملية التربية والتنشئة، تلك الرغبات التي تسبب العديد من الصراعات.
- تلك الصراعات التي تحدث بين الآباء والأبناء هناك ما ينتهي فيها بنهايات صحيحة، يتفهم كل طرف حقيقة موقف الطرف الآخر، فيخرج كل طرف وهو محتفظ بالمحبة والألفة لنفسه ولأسرته.
- وهناك في تلك الصراعات من يخرج منها خاسراً لمحبته لنفسه أو محبته للشخصيات الوالدية، وذلك نتيجة سوء التفاهم وسوء التواصل الذي يحدث في الصراع.
- وما من سبيل لتلافي النتائج السلبية لهذا الصراع، إلا بتلاقي أطراف الصراع وفهمهم لموقف الطرف الآخر بشكل صحيح.
- فالتواصل بين أفراد الأسرة الواحدة من أهم الأركان التي يجب الحفاظ عليها بعد كل صراع، وقد يتأثر هذا التواصل قليلاً نتيجة حدة بعض المشكلات.
- ولكن يجب التعامل بحكمة مع تلك الصراعات، فيتم الحفاظ على خيط رفيع يعود منه الإنسان للاتصال بالشخصيات الوالدية لعرض ما بهم من أفكار متعارضة يمكن الوصول لأرض مشتركة فيما بينها.
- لذا يؤكد خبراء النفس على أن هناك فارق كبير بين الغضب المدمر وبين الرفض الحاسم، فهناك طرق متعددة لإظهار رفض طلب الأبناء، بدون أن يكون هذا الرفض مصحوباً بتدمير للأبناء أو تدمير لشعورهم بتقديرهم لأنفسهم.
- أما الغضب الذي يدمر فيه الإنسان نفسه ومن حوله، فهو في الحقيقة خسائره أكبر كثيراً مما يعتقد البعض، حيث أنه في لحظات الغضب قد يتلفظ الآباء أو الأبناء بعبارات سلبية قاسية، قد تبقى أثرها السيء لعشرات السنين، ولا يمكن محوها، حتى مع الاعتذار.
بين رحلة التعليم والتربية خلاف مستمر
أحيانا يكون التعارض بين الأسرة والمؤسسة التعليمية واحد من أسباب الأمراض النفسية لدي الأفراد حيث يؤدي إلى :
- هناك دائماً صراع بين الآباء والأبناء بسبب التعليم، ففي حين يرى الأبناء أن التعليم أصبح من الأمور التي يمكن الاستغناء عنها، حيث أن من حصلوا على شهادات جامعية لم يحققوا أي إنجاز في حياتهم.
- فأصحاب الشهادات الجامعية يعلقون شهاداتهم على الجدران، بينما يرى لآباء أن التعليم أهمية قصوى، وأن الأبناء لا يقدرون للأمر قدره الحقيقي.
- وترتيب أولويات الأبناء يضع دائماً المرح واللعب والتعرف على الحياة الخارجية أولوية أولى، فالخروج مع الأصدقاء والمرح، والذهاب لأماكن جديدة هو الذي يعطي المعلومات الحقيقية وليس المعلومات الأكاديمية القديمة التي لا تنفع في شيء من وجهة نظرهم.
- هنا نجد العديد والعديد من عبارات التوبيخ، والاتهامات المتبادلة، تلك الاتهامات التي قد تصل في النهاية إلى أن يهرب الأبناء من المنزل، متخذين من الأصدقاء ما يعوضهم عن الأسرة.
- ولكن هيهات هيات أن يعوض الأصدقاء الدور الجوهري للأسرة، حيث أنه مع أول صدمة من الصدمات التي يجدها الابن مع الأصدقاء، يجد نفسه محتاجاً للأمان الذي فقده حين ترك المنزل وأسرته الحقيقية.
- والحل دائماً في استمرار الحوار، واستمرار تقريب وجهات النظر، حتى تتم التربية بشكل سليم.
- قل لا يحدث التغيير السريع مع الحوار، وقد يحتاج النقاش لشهور طويلة، ولكن مع استمرار النقاش هناك العديد من المبادئ التي تترسخ وتعمق الشعور بالانتماء للذات والأسرة بشكل يحقق السلامة النفسية والعقلية لكل أفراد الأسرة.
وأخيراً ... الأمراض النفسية والعقلية من الأمور التي تحتاج في نقاشها إلى آلاف الكلمات، ولكننا حولنا في تلك المقالة إلقاء الضوء على أهمية وجود ثقافة نفسية حقيقية لدى الأبناء والآباء على حد سواء.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_9647
تم النسخ
لم يتم النسخ