كتابة :
آخر تحديث: 20/04/2022

وهم الشخصية الضعيفة وسر قوتها

وهنا أنا لا أنكر أن الإنسان به حالات من الضعف قد تنتابه في جانب من الجوانب، مثل ضعف الإيمان، وضعف العقيدة بمبدأ معين، وضعف مستوى التحصيل الدراسي، وضعف القدرة على استخدام بعض الحواس مثل ضعف الإبصار وضعف السمع، وغيرها من أنواع بعض القصور التي قد يصاب بها الإنسان في بعض الجوانب، ولكن هذا الضعف خاص بالجانب المصاب بالضعف، أما أن تكون الشخصية بكل جوانبها ضعيفة، فهذا غير جائز، لأن الإنسان في حقيقته مجموعة من القدرات الكبيرة جداً، لهذا سنتحدث في هذه المقالة وفي موقع مفاهيم عن هذا الموضوع بالتفصيل.
وهم الشخصية الضعيفة وسر قوتها

سر قوة الشخصية الضعيفة

وأنا هنا أدعو إلى تحديد الجانب المصاب بالضعف في شخصية الإنسان، وإذا ما حددناه فإننا نكون قد وصلنا لنصف طريق الشفاء، التشخيص السليم يمثل نصف طريق الشفاء، وما بقي على الإنسان إلا أن يتناول العلاج الشافي بإذن الله، والعلاج يكمن في معرفة السبب من خلال:

  • فلفظ الشخصية الضعيفة على إطلاقه دون تحديد جانب الضعف هو في حقيقته نوع من أنواع الإحباط الذي يصيب بعض الناس، وذلك لعجزهم عن علاج الجانب المصاب بالضعف في شخصيتهم، فيظنون أن الضعف صفة لصيقة بهم، وأنها جزء من شخصيتهم لا يمكنهم التخلص منها.
  • فالإنسان تم تكريمه من الله عز وجل، فالإنسان مكرم وخلقه الله على أحسن تقدير، حتى ذلك الشخص الذي نطلق عليه ظلماً الشخصية الضعيفة، إنه في الحقيقة إنسان مكرم، وضع الله فيه من روحه، وخصه بنعمة الوجود، واختاره من وسط آلاف بل ملايين الحيوانات المنوية التي تسابقت على نعمة الوجود لكنه فاز في النهاية باختيار الله له بوجوده في تلك الحياة.
  • إن خلق الإنسان في حد ذاته سر من أسرار قوة الخلق التي خلقه الله عليها، فمليارات الخلايا موجودة في جسده، تعمل في تناغم مذهل، عقله فقط يعمل بطريقة معجزة لا يقدر أقدر مهندسي العالم على إنشاء عقل مثله في التركيب والترتيب وأسلوب العمل.
  • القلب الذي يضخ الدم لجسم صاحب الشخصية الضعيفة لا يقدر على صنع مثله أقدر صانعي العالم، فأفضل مضخات العالم للمياه لا تستطيع العمل باستمرار دون توقف لعشرات السنين مثلما يحدث في قلب صاحب الشخصية الضعيفة.

من أين يأتي الضعف؟

لكل جانب من الجوانب سبباً لحدوث الضعف فيه، فقد خلق الله الدنيا في تناغم مذهل، وسن لكل عنصر من عناصر الدنيا أسلوب عمل، وسن لها القوانين التي تحافظ على قوتها بدورها في أداء مهامها في الحياة، ويحدث الضعف حين يتصرف الإنسان بعشوائية بعيداً عن القوانين التي وضعها الله لحفظ الحياة لهذا:

  • فمثلاً حين يرزق الله الزوجين بنعمة الإنجاب، ويرون في الطفل الجديد نعمة يجب أن يتم رعايتها وحمايتها بشكل فائق، فإذا بالأب والأم يقومان بعمل حماية زائدة ورعاية زائدة للطفل، بحيث يمنعانه من الحصول على تجربة الحياة باستقلال في تلك الحياة.
  • فلا يحصل الطفل على الخبرات اللازمة لحل مشكلاته بنفسه، حيث أنه تعلم أن يعتمد على أبويه في كل شيء، وعندما يكبر ويواجه التحديات بمفرده يتخبط في الحياة، ويتصرف بعشوائية، ويتم وصفه بأنه عاجز عن اتخاذ قرارات حياته، ووصفه بالشخصية الضعيفة لأنه لا يحسن حسم بعض الأمور والمواقف.
  • إنه لظلم كبير أن نمنع العلم عن إنسان ثم نطالبه بتطبيق ما لم يتعلمه في الحياة، أن نتمتع عنه نور العلم ويعيش مجبراً على طاعة والديه، ثم بعد ذلك نلومه أنه تخبط في الظلام.

الطريق إلى تحقيق اكتشاف القوة الكامنة

نعم عزيزي القارئ، ما من إنسان خلقه الله ضعيفاً، ما من إنسان خلقه الله بغير قدرة على الاختيار وتحمل المسؤولية، ما من بشر خلقه الله إلا وقد خلقه الله على أحسن تقويم، ولكن العشوائية التي قد ينشأ فيها البعض من جهل وتأخر في التربية وتحصيل المعلومات وكيفية الوعي والإدراك والتربية العقلية والعقائدية هي التي تمنع تلك القدرات الكبيرة من الظهور، ويمكن اكتشاف قوتك من خلال:

  • وما من سبيل إلا اليقين من وجود تلك القوة الكامنة وتحفيزها على الظهور، وتهيئة البيئة المناسبة لظهورها في الحياة، وهذا هو دورك أنت، لا تصدق أنك شخصية ضعيفة، بل أكمل الجملة، ضعيفة في التعامل مع الشخصيات السامة، إذا عليك تحصيل المعلومات التي منعت من الحصول عليها في الوقت المناسب في صغرك، وإذا ما حصلتها الآن وتدربت عليها ستكتشف مكامن قوتك.
  • ضعيف في التحصيل الدراسي، فإذا ما استدركت ما فاتك من معلومات عن الذاكرة قصيرة المدى والذاكرة طويلة المدى، وفهمت الطريقة التي يمكنك بها قراءة المعلومات بطريقة تفهمها، ستحصل على المعلومة المفقودة وتتدرب عليها وتحصل على مفاتيح قوتك الكامنة داخلك.

لا تسمع للأقوال المحبطة

في طريق تعويضك لما فاتك من علم وتدريب، لا تسمع للأقوال المحبطة التي تصفك بالضعف وقلة الحيلة، فكل الرسل والأنبياء نالوا من أقوامهم أقسى الأقوال المحبطة، ولكن تلك الأقوال لم تعبر من الآذان إلى الأذهان، بل كان في عقولهم ما هو أهم من الأقوال العشوائية، كان يمدهم الله بمدد علم نوراني من لدنه يغنيهم عن سماع ما يقال عنهم من الناس لهذا:

  • أنت أيضاً عندما تسير في طريق تدربك وتعلمك وسؤال أهل الخبرة، فقط الذين تثق في آرائهم، عليك أن تنحي جانباً الأقوال المحبطة التي لا تستند لعلم ولا فهم، مثل وصف الشخصية بالضعف دون تحديد الجانب الضعيف فيه لتقويته.
  • واعلم أن الضعف صفة إيجابية وليست سلبية، ولم يخلقها الله في الإنسان ليذل بها أو يحتقر ذاته بها أو يسمح للناس بإهانته بها، بل أن الضعف له وظيفة مهمة جداً وهي شعور الإنسان بنقصه ليكمله وبجهله ليتعلم، فالشعور بالنقص شرط من شروط النمو، والذي لا يشعر بما ينقصه لا يحاول إكماله.
  • فالضعف والنقص جزء من رحلة التعلم والارتقاء، فإذا لم تشعر بالضعف في مجال معين، لن يكون لك الشغف والحافز لكي تكمله.
  • كما أن الضعف له دور كبير في الجانب العقائدي في عبادة الله، حيث أن هذا الضعف يدفع الإنسان للجوء لله وطلب العون من الله عز وجل، ليمد الله السائلين بعطاياه التي تحقق لهم القوة.

ضعف الشخصية المطلق .. وهم

  • وهنا أكرر مرة أخرى قبل نهاية تلك المقالة، أن القول بضعف الشخصية على النحو الذي يفهمه البعض من أنه لصيق بالشخصية لا يمكن التخلص منه، وأنه قدر ضعفاء الشخصية أن يعيشوا ضعفاء الشخصية بقدرات قليلة لا حول لهم ولا قوة باقي حياتهم.
  • أن هناك أشخاص قدرهم أن يعيشوا بلا قوة كامنة داخلهم تمكنهم من تغيير مواقفهم في الحياة .. كل ذلك كذب ليس له أساس.
وختاما... فضعف الشخصية المطلق وهم لا صحة له، حيث أن كل ذرة من ذرات جسد من يطلقون عليه ضعيف الشخصية تصرخ وتقول أنها قوية ومخلوقة على أحسن تقويم، وما على الإنسان الذي يمتلكها إلا تعلم كيفية استغلال تلك القوى ليتمكن من إخراجها للنور.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ