حكم الصلاة في المسجد وثمراته
صلاة الجماعة
إن الصلاة هي عبارة عن صلة بين العبد وربه، وهي فريضة ربانية عظيمة من فرائض المسلمين، فبها يعرف الإنسان ربه وبها يتضرع إليه ويشكوا مابه من حزن، أو دعوة في صلاته، فالصلاة هي الركن الثاني بعد الشهادتين، وإن أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلح سائر عمله، لهذا يجب على المسلم أن يحرص على المحافظة على أدائها في أوقاتها ومع الجماعات في المسجد.
ولهيبة الصلاة وعظم شأنها، فقد عظم الله تبارك وتعالى أجر أدائها في الجماعة وفي المساجد أكبر وأكثر من أدائها منفردا، قال تعالى (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ).
وجاء في تفسير الإمام القرطبي في هذه الآية قوله "أنّ كلمة حافظوا خطابٌ لجمع الأمة المسلمة، وهي تأمرهم أن يحافظوا على الصلاة في وقتها وشروطها، وتشمل المحافظةُ المداومةَ على الأمر والمواظبة عليه"
حرض النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين على حضور الجمعة والجماعات وذلك ظاهر في قوله صلى الله عليه وسلم (من تطهّرَ في بيتِه ثم مشى إلى بيتٍ من بيوتِ اللهِ، ليقضي فريضةً من فرائضِ اللهِ، كانت خطوَتاهُ إحداهما تحطُّ خطيئةً، والأخرى ترفعُ درجةً).
حكم الصّلاة في المساجد
إن من بين الأمور التي اختلف فيها العلماء في الشريعة الإسلامية، قضية الصلاة في المسجد، فمن العلماء من قال بوجوبها على كل فرد مسلم عاقل يسمع نداء الصلاة، وهذا ما يطلق عليه الوجوب بالتعيين، حيث أنه إن تركها ولم يخرج لأدائها مع المسلمين فإنه يأثم.
ويرجع هذا القول إلى جماعة من الحنفية مع أغلبية الحنابلة، وقد استدلوا على قولهم هذا بالأحاديث الصحيحة الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنها قوله عليه الصّلاة والسّلام: "وَالّذي نَفْسي بيدَهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بحَطَبٍ فيحتطب، ثُمَّ آمُرُ بالصَّلاةِ فَيُؤدَّنُ لهَا، ثُمَّ آمُرُ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفُ إلى رجَالٍ " لا يَشْهَدُنَ الصَّلاة " فأُحَرِّقُ عَلَيهِمْ بُيُوتَهُمْ، وَالّذي نَفْسي بيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنّهُ يَجِدُ عَرْقاً سَمِيناً أَوْ مِرْمَامتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ" مُتّفقٌ عَلَيْهِ وَاللّفْظُ للْبُخَاريِّ.
إضافة إلى إستدلالهم بحديث النّبي عليه الصّلاة والسّلام يوم أتاه رجلٌ أعمى يستأذنه في أن يصلّي في بيته فأذن له، ثمّ لما همّ الرّجل بالرّجوع نادى عليه النّبي، وقال له: أتسمع النّداء، فلبّي إذن.
ومن علماء المسلمين من ينحوا منحى آخر فيما يخص الصلاة في المسجد، فيقول إنما هي فرض كفاية والذي تبنون هذا القول هم الشافعية، ومن الأمور التي يستدلون بها على ذلك تفضيل دوام النبي صلى الله عليه وسلم بتذكير الصحابة رضوان الله عليهم بفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ، بماقدره سبعة وعشرون درجة، وقد إستنبط العلماء من ذلك جواز صلاة في الفرد ولو لم يصلي في المسجد، لكن منهم من خص صلاة الجماعة بمن يقرب المسجد وأنه لا عذر له بترك صلاة الجماعة.
الآثار الطيبة للصلاة في المسجد
لصلاة الجماعة قيم محمودة طيبة وآثار كريمة جمة، على مستوى الفرد والمجتمع، إن المسلم بذهابه للمسجد يكتب له الأجر المضاعف، لمساهمته في تعمير بيت الله والحرص على تكثير سواد المصلين خاصة والأمة عامة.
إضافة إلى أن خطوات المسلم إلى المسجد ترفع درجاته وتكفر سيئاته، كما أن الحبيب المصطفى قد بشرهم من فوق سبع سماوات فقال عليه الصّلاة والسّلام "بشر المشّائين إلى المساجد في الظّلمات بالنّور التّام يوم".
ذلك بالنسبة لثمرة الصلاة في المسجد على الفرد، أما على مستوى المجتمع الإسلامي فبها يتحقق التعاون والتكتفل بين المسلمين كبيرهم وصغيرهم، فإن مواعيد الصلاة بالنسبة للمسلمين بمثابة إجتماع يومي يتواصو فيه بينهم بالخير والحق، كما يسعون في الخير بينهم وتفقد المساكين والمحتاجين من المسلمين، مما يدفعهم لجمع تبرعاتهم والصدقات لهم والحث على ذلك.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_2804