شرح أبيات قصيدة سلوا صهوات الخيل يوم الوغى عنا وقصتها
كاتب قصيدة سلوا صهوات الخيل (الشاعر/ ابن عنين)
يعتبر الشاعر ابن عُنين (أبو المحاسن حمد بن نصر الله بن الحسين بن عنين الأنصاري) (٥٤٩ﻫ/١١٤٥م - ٦٣٠ﻫ/١٢٣٢م) دمشق من شعراء العصر الأيوبي، والذين تميزوا بالجرأة والقدرة على التعبير عن أفكاره ومشاعره بكل شجاعة وقوة، وتميز بقدرته على كونه لسان حال الشعب في ذم وهجاء السياسات الظالمة.وبفضل كلماته اللاذعة دخل في حروب كثيرة مع الحاكم، وخاصة صلاح الدين الأيوبي، وقد عاش مرحلة من التنقل بعيدًا عن دمشق، حتى عاد إليها بعد وفاة صلاح الدين الأيوبي، وتولى منصب هام وبدأ في قصائد المدح، ويوجد ديوان شعري واحد (ديوان شعر - ط)، بالإضافة إلى عدة قصائد شعرية، ومنها "مقراض الأعراض"، و"التاريخ العزيزي".
نبذة عن قصيدة سلوا صهوات الخيل يوم الوغى عنا
تعتبر قصيدة سلوا صهوات الخيل واحدة من أهم القصائد الشعرية التي تميز بها العصر الأيوبي، وقد تميزت قصائد الشعراء في هذه الحقبة الزمنية بالآتي:
- كثرة الاعتماد على المحسنات البديعية، من استعارات وتجانس وتشبيه وتطابق وغيرها.
- كما كان الغرض الشعري "المدح والهجاء" جليا في القصائد، ولعل قصيدة سلوا صهوات الخيل واحدة من القصائد التي تعتمد على أسلوب المدح، إذا كان الغرض المدحي يمكن اكتشاف بشكل مباشر، إذ يُمكن قراءته من اليمين إلى الشمال فيبقى المعنى ذاته ولا يتغير، أو أن يقرأ البيت من اليمين إلى الشمال فيكون مدح.
- تميز القصائد بأنها على شكل عمودي طويل، وقد اعتمد الشاعر على اللغة العربية الفصحي في كتابة قصيدته.
قصة ومناسبة قصيدة سلوا صهوات الخيل يوم الوغى عنا
رغم أن الشاعر ابن عنين تميز بكلماته اللاذعة للحاكم نتيجة للمعاملة القاسية التي تعرض لها منهم، إلا أن هذه القصيدة هي قصيدة مدح للحاكم الملك المعظم عيسى بن الملك العادل، الذي تولى الحكم بعد الملك صلاح الدين، فقد عاد الشاعر لدمشق بعد نفيه، وقد كان يعاني من الانكسار وتراكم الديون والفقر، ولما سمع عنه الملك، طلب الذهاب إليه، فلما رأه أعطاءه صرة من النقود وقال له هذه لك، ثم انصرف، وقد قام الشاعر بسد ديونه منها، ثم تولي منصب في مجلس الوزارة في حكم الملك العادل وتعرف على طريقة حكمه، وبدأ في كتابة هذه القصيدة الرائعة.
قصيدة سلوا صهَوات الخيل يوم الوغى عنا
سلوا صهواتِ الخيلِ يومَ الوغى عنا
إذا جهلتْ آياتُنا والقنا اللدنا
غداةٌ لقيناً دونَ دمياطَ جحفلاً
منْ الرومِ لا يحصى يقيناً ولا ظناً
قدْ اتفقوا رأياً وعزماً وهمةً
وديناً، وإنْ كانوا قدْ اختلفوا لسنا
تداعوا بأنصارِ الصليبِ فأقبلتْ
جموعٌ كأنَّ الموجَ كانَ لهمْ سفناً
عليهمْ منْ الماذي كلُّ مفاضةٍ
دلاصٌ كقرنِ الشمسِ قدْ أحكمتْ وضَنا
وأطمعُهمْ فينا غرورٌ فأرقلوا
إلينا سراعاً بالجيادِ وأرقلنا
فما برحتُ سمرُ الرماحِ تنوشُهمْ
بأطرافِها، حتى استجاروا بنا منا
سقيناهمْ كأساً نفتْ عنهمْ الكرى
وكيفَ ينامُ الليلُ منْ عدمِ آلامنا؟
لقدْ صبروا صبراً جميلاً ودافعوا
طويلاً فما أجدى دفاعٌ ولا أغنى
لقوا الموتَ منْ زرقِ الأسنةِ أحمرًا
فألقوا بأيديهمْ إلينا فأحسنا
وما برحَ الإحسانُ منا سجيةً
توارثَها عنْ صيدِ آبائِنا الأبنا
منحْنا بقاياهمْ حياةً جديدةً
فعاشوا بأعناقٍ مقلدةٍ منا
ولوْ ملكوا لمْ يأتلوا في دمائِنا
ولوغاً ولكنّا ملكنا فأسجحنا
وقدْ جربونا قبلها في وقائعِ
تعلمَ غمرَ القومِ منا بها الطعنا
فكمْ منْ مليكٍ قدْ شددنا إسارَهُ!
وكمْ منْ أسيرٌ منْ شقا الأسرِ أطلقنا!
أسودُ وغى لولا قراعُ سيوفنا
لما ركبوا قيداً، ولا سكنوا سجناً
وكمْ يومٍ حرٍّ ما لقينا هجيرَهُ
بسترِ وقرٍ ما طلبنا لهُ كنا
فإنَّ نعيمَ الملكِ في شظفِ الشقا
ينالُ وحلوُ العزِّ منْ مرة يجنى
يسيرُ بنا منْ آلِ أيوبَ ماجد
أبي عزمَهُ أنْ يستقرَّ بهِ مغنىً
كريم الثنا عارٌ منْ العارِ باسل
جميلُ المحيا كاملُ الحسن والحسنى
لعمرُكَ ما آياتُ عيسى خفيةٌ
هيَ الشمسُ للأقصى سناءٌ وللأدنى
سرى نحوَ دمياطَ بكلِّ سميذع
نجيب يرى وردَ الوغى الموردَ الأهنا
فأجلى علوجَ الرومِ عنها وأفرحتْ
قلوبُ رجالٍ حالفتْ بعدَها الحزنا
وطهرَها منْ رجسِهمْ بحسامِهِ
همامٌ يرى كسبَ الثنا المغنمِ الأسنى
مآثرُ مجدٍ خلدتْها سيوفُهُ
لها نبأٌ يفنى الزمانُ، ولا يفنى
وقدْ عرفتْ أسيافَنا ورقابَهمْ
مواقعُها فيها، فإنْ عاودوا عدْنا
شرح أبيات قصيدة سلوا صهوات الخيل
"سلوا صهواتِ الخيلِ يومَ الوغى عنا":
- تعبر عن دعوة إلى استخدام قوة الخيول في يوم المعركة، حيث ترمز الخيول إلى القوة والسرعة في المواجهة.
"إذا جهلتْ آياتُنا والقنا اللدنا":
- يبدو أنها تشير إلى أن المعارك تجري عندما يتجاهل العدو عظمة الشعب وقوته، ويُظهر أهمية فهم العدو لعظمة الآخرين.
"غداةٌ لقيناً دونَ دمياطَ جحفلاً":
- تُشير إلى موقع المعركة أو الاشتباك، حيث يُذكر اسم مكان محدد هو "دمياط"، وتشير إلى أن المواجهة حدثت في الصباح.
"منْ الرومِ لا يحصى يقيناً ولا ظناً":
- تُشير إلى العدو الذين هم من الروم، وتوضح أن قوتهم لا تُحصى، سواء باليقين أو التخمين.
"قدْ اتفقوا رأياً وعزماً وهمةً":
- تُبرز التناغم والاتفاق بين أفراد المجتمع أو الجيش، حيث يجتمعون فيما بينهم في الرأي والعزم والهمة لمواجهة التحديات.
"وديناً، وإن كانوا قد اختلفوا لسنا":
- تعبر هذه البيت عن التمسك بالدين والعقيدة رغم اختلاف الأفكار والآراء، وتظهر التماسك والوحدة في وجه التحديات.
"تداعوا بأنصار الصليب فأقبلت":
- يشير إلى دعوة الأعداء (الذين اتخذوا الصليب رمزًا لدينهم) للقتال، واستعداد الشعب لمواجهتهم.
"جموعٌ كأن الموج كان لهم سفناً":
- يصف الكثيرون الذين قدموا للهجوم بأنهم كأمواج البحر، كما لو كان لديهم سفن، مما يظهر قوة وعدد القوات القادمة.
"عليهم من الماذي كل مفاضةٍ دلاصٌ":
- تشير إلى أن الأعداء يتعرضون للهجوم والمقاومة بكل قوة وصلابة.
"كقرن الشمس قد أحكمت وضنا":
- يستخدم صورة قرن الشمس للإشارة إلى السيف، مظهرًا قوة وفتك السيوف.
"وأطمعهم فينا غرورٌ فأرقلوا":
- يُظهر استهتار الأعداء وغرورهم، وكيف تم التغلب عليهم.
"سقيناهم كأساً نفت عنهم الكرى":
- يشير إلى أنه تم تسوية الخلافات أو تقديم السلام بعد النصر، وأنه تم إزالة الكروه أو الحقد.
"لقد صبروا صبراً جميلاً ودافعوا":
- يمدح في صبر الأعداء وشجاعتهم في المواجهة.
"أسود وغى لولا قراع سيوفنا":
- يشير إلى أن الأسلحة والقوة العسكرية هي التي حافظت على السيادة وصمود الشعب.
"لما ركبوا قيدًا، ولا سكنوا سجنًا":
- تعبر هذه البيت عن قوة العزم والارتفاع الروحي حتى في وجه التحديات والمصاعب، وعدم الاستسلام للقيود أو السجون.
"وكم يومٍ حرٍّ ما لقينا هجيرَهُ":
- تشير إلى أنهم كانوا يواجهون تحديات ومواجهات صعبة لعدة أيام في جو حار وجاف.
"بسترِ وقرٍ ما طلبنا له كنا":
- يظهر استعدادهم للتحمل والتضحية دون البحث عن الراحة أو السكنى الفاخر.
"فإنَّ نعيمَ الملكِ في شظفِ الشقا":
- يُظهر أن الحياة الفاخرة والنجاح الحقيقي يأتيان من خلال تحمل الصعاب والتحديات.
"ينالُ وحلوُ العزِّ من مرة يجنى":
- يعكس فكرة أن العزة والنجاح يأتيان بصبر وتحمل للمشاق.
"يسيرُ بنا من آلِ أيوبَ ماجد":
- يشير إلى القائد أو الزعيم الذي يأتي من أسرة مرموقة (آل أيوب)، ويصفه بالشرف والجود.
"لعمرك ما آياتُ عيسى خفيةٌ":
- يُظهر أن عظمة الشعب أمر واضح ولا يمكن إخفاؤه، مستخدمًا مقارنة بآيات عيسى (عليه السلام) كرمز للوضوح.
"سرى نحوَ دمياطَ بكلِّ سميذع":
- يشير إلى استعداد الزعيم للمغامرة والهجوم نحو مدينة دمياط.
"نجيب يرى وردَ الوغى الموردَ الأهنا":
- يُظهر أن الزعيم يراقب معركة الوغى (القتال) ويستعرض فعاليتها، مشبهًا إياها بورد الوغى (زهرة المعركة).
"فأجلى علوجَ الرومِ عنها وأفرحتْ":
- تشير إلى نجاح الزعيم في دفع هجمات الروم وفرحة الشعب بالنصر.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_20868