آخر تحديث: 07/03/2023
معنى غفر له ما تقدم من ذنبه
غفر له ما تقدم من ذنبه من هدي السنة النبوية المطهرة، فمن مِنْا لا يرغب في أن يغفر له الله جميع ذنوبه ويتقبل منه صالح الأعمال، لذا فإن قول غفر له ما تقدم من ذنبه يحثّ على الإسراع في التوبة والاستغفار والدعاء لله عز وجل والتقرُّب منه بالطاعات وفعل الخيرات، حتى تنال الغفران ودخول الجنة، ومن خلال موقع مفاهيم سنتعرف على معنى هذا الحديث ومصداقيته وكيف يمكن محو الذنوب والمعاصي والابتعاد عن المنكرات، فلنتابع.
شرح حديث النبي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر
- إن القرآن الكريم لم يترك شيئا إلا وتحدث عنه، وذلك من باب الحرص على أن تكون حياة الإنسان في وجه العموم في معيّة الله دون غيره، فيما أن السنة النبوية لها نصيبٌا كبير في جعل حياة المرء المسلم على الطريق الصحيح.
- أما بالنسبة لما يتعلق بموضوعنا اليوم وهو مغفرة سابق الذنوب سنجد أن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة اجتمعا على أن هناك فرص كثيرة يمكن للمرء المسلم أن يغتنمها للتقرُّب إلى الله للتخلص من الذنوب والمعاصي ليغفر له جميع ذنوبه.
- فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له جميع الذنوب الذي ارتكبها"، لذا فإن غفران الذنوب لا تأتي إلا بالاجتهاد في إحياء ليلة القدر وأيام رمضان وغيرها من الأيام المباركة التي ذكرها الله تعالى، كما أن هذا الحديث يؤكد على أن مبدأ غفران جميع الذنوب يشمل كافة الذنوب سواء الصغائر منها أو الكبائر.
- فيما أن غفران صغائر الذنوب تتم بالأعمال الصالحة والصلاة والعبادات، بينما الكبائر لا تُغفر إلا بالتوبة الصادقة وشروط وضوابط حتى يتحقق الغفران مثل الندم على ما بدى من أفعال موبقة، والعزم على ألا يعود إلى ارتكاب نفس الذنب، وقيام المرء برد المظالم إلى أهلها، وطلب العفو ممن أساء إليهم.
- وجاء في قول الإمام النووي أن الغفران يتعلق بالذنوب الصغيرة، حيث تم الجزّم بأنه يجوز تخفيف الذنوب الكبيرة ما لم يصادف صغائرها، وكذا عند الإمام النسائي.
صحة حديث غفر له ما تقدم من ذنبه
جاء في هدي السنة النبوية بعض أحاديث توضح الأعمال التي تدخل في باب تكفير الذنوب عن فاعلها، حيث ورد منها الآتي:
- من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه. (متفق عليه)، كما ورد حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه من صام رمضان أيضا إيمانا واحتساب تغفر له ذنوبه السابقة.
- كذلك ليلة القدر قد ذكر رسول الله أن من قامها تغفر ذنوبه.
- من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلَّى ركعتين لا يحدث فيها نفسه، غفر له ما تقدم من ذنبه. (متفق عليه)
- إذا قال الإمام: "سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، فانه وافق قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه. (متفق عليه)
- إذا أمّن الإمام، فأمّنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه. (متفق عليه)
- من أكل طعامًا فقال الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقني من غير حول مني ولا قوة، غفر له ما تقدم من ذنبه. (متفق عليه)
- من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه. (متفق عليه)
- وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر. (متفق عليه)
- إذن المراد في هذه الأحاديث النبوية هو أن صغائر الذنوب ليست بالأمر الصعب، لكن كبائر الذنوب هي التي لا يُكفّرها إلا التوبة النصوح.
معنى غفر له ما تقدم من ذنبه
- إن ما ورد من أحاديث حول من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه تفتح له أبواب الجنة الثمانية يكسب مائة حسنة، لم يكن القصد هنا بكبائر الذنوب بل الصغائر منها.
- إذ أن الذنوب الكبيرة تتطلب شروط يجب القيام بها لتصح ويتحقق المراد ألا وهو الغفران، فجاءت الأقاويل حول القصد من مغفرة الذنوب عندما قال القاضي عياض في تحفة الأحوذي: "هذا المذكور في الحديث من غفر الذنوب ما لم يؤت كبيرة، هو مذهب أهل السنة، وأن الكبائر إنما يكفّرها التوبة أو رحمة الله تعالى وفضله.
- وقال القارئ في المرقاة: إن الكبيرة لا يكفّرها الصلاة والصوم وكذا الحج، وإنما يكفّرها التوبة الصحيحة لا غيرها، نقل ابن عبد البر الإجماع عليه بعد ما حكى في تمهيده عن بعض معاصريه أن الكبائر لا يكفّرها غير التوبة، ثم قال: إنه لا يضر مع الإيمان ذنب، وهو مذهب باطل بإجماع الأمة.
- وقال الشيخ محمد طاهر في مجمع البحار: "لابد في حقوق الناس من القصاص ولو صغيرة وفي الكبائر من التوبة، ثم ورد وعد المغفرة في الصلوات الخمس والجمعة ورمضان، فإذا تكرر يغفر بأولها الصغائر وبالبواقي يخفف عن الكبائر وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة يرفع بها الدرجات".
- لذلك فإن أكبر أسباب الغفران على وجه العموم هو التوبة النصوح، فجاء في قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الْذَّينَ آمَنُوا تُوبُوا إلىَ الله تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفَّرَ عَنكُمْ سَيَّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحتِهَا الْأَنْهَارُ".
- وجاء عن أبي مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له"، رواه ابن ماجه وحسنه ابن حجر.
أعمال لها أجر غفران الذنب
هناك من الأحاديث الصحيحة التي ورد فيها عن الأعمال الصالحة التي يمكن القول بأنها تصب في صالح العبد المسلم فيما يتعلق بحديث مغفرة الذنوب، وهذه الأعمال منها ما يصح ولا يصح، فمن الأحاديث الصحيحة على سبيل المثال لا الحصر:
- من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره.
- ما من مسلم يتوضأ فيُسبغ الوضوء، ثم يقوم في صلاته، فيعلم ما يقول إلا انفتل، وهو كيوم ولدته أمه.
- عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن رب العزة تعالى قال: "أذنب عبدٌ ذنبًا فقال: أي رب! اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب! اغفر لي ذنبي، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك"، قال عبدُ الأعلى: لا أدري أقال في الثالثة أو الرابعة اعمل ما شئت".
- ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: "بلى يا رسول الله! قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطأ إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، وليس في حديث شعبة ذكر الرباط، وفي حديث مالك ثنتين فذلكم الرباط، فذلكم الرباط".
هكذا انتهى بتوضيحنا ما القصد من الحديث، إذ أن صغائر الذنوب كما سبق القول يمكن أن تغفر بالأعمال الصالحة، بينما الكبائر لابد لها من توبة مشروطة، وقد ورد العديد من الأحاديث الصحيحة التي تؤكد على صحة المعنى حول غفر له ما تقدم من ذنبه تشتمل على الاستغفار، الصلاة على النبي بقلبٍ مخلص، إعادة المرضى، الصدقات، إخراج الزكاة، وغيرها.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_18994
تم النسخ
لم يتم النسخ