آخر تحديث: 23/11/2020
العلاقة بين العمل والصحة النفسية
العلاقة بين العمل والصحة النفسية علاقة وثيقة تماماً، فالعمل السليم أحد علامات الصحة النفسية، والصحة النفسية لا تتم إلا بالعمل السليم.
فهذه العلاقة قد أكد عليها العديد من العلماء، حيث أكدوا على أنه يجب لكي تتحقق الصحة النفسية أن يعمل المرء العمل المناسب له، وأن يكون واعياً بصفاته النفسية والجسدية لكي يتمكن من اختيار العمل المناسب له، وأن كثيراً ما يحدث خلل في اختيار العمل المناسب لشخصية معينة، فتنتج نتيجة سلبية جداً لا تناسب القدرات الفعلية للشخص.
محتويات
العَلاقة بين العمل والصحة النفسية
- لنبدأ في فهم العلاقة بين العمل والصحة النفسية، يجب علينا أن نفهم بعض المعلومات عن نفسية الإنسان، وديناميكية تكوينها.
- فنفسية الإنسان تتكون من الأعمال التي يقوم بها الطفل لكي يكتشف العالم، فالعمل على اكتشاف العالم هو أول ما يكون النسق النفسي للإنسان.
- فالطفل حين يقوم بتجربة فتح مفتاح الكهرباء لإضاءة المكان، مقلداً الشخصيات الوالدية حين تقوم بذلك، فهو بذلك يكتشف قدراته في فهم ما حوله.
- وحين تنجح تجربة فتح المفتاح الكهربائي وحده، يكون قد اكتسب مهارة هامة في تعامله مع البيئة المحيطة، تمكنه من القيام بأعمال أخرى بعد ذلك.
- هكذا يكون العمل هو المفتاح الذي يفتح به الإنسان الطريق نحو نفسية سليمة.
الحماية الزائدة وعلاقتها بتأخر خبرات العمل
- يمتلك الطفل رغبة عارمة لاكتشاف البيئة المحيطة به، فهو في يقوم بعمل كبير في سبيل تحقيق ذلك، لكن قد تتملك الشخصيات الوالدية مخاوف زائدة على الطفل، فيمنعوه من العمل الذي يعمله لاكتشاف العالم.
- وهناك صور عديدة يمكن أن تدلل على هذا الخوف الزائد، كأن تقوم الشخصيات الوالدية بفرض اختياراتها على الطفل في أمور مختلفة.
- فهناك شكاوى من أطفال كثيرة تتضرر من قيام الشخصيات الوالدية من منعها بالقيام ببعض الأعمال العادية مثل الخروج مع أقرانهم واللعب معهم وغيرها من الأعمال التي تظهر قيود الشخصيات الوالدية على أطفالهم واضحة في بعض التصرفات.
- ومن نتائج تلك الحماية الزائدة أن ينشأ الطفل مستسلماً لحالة الخمول والكسل نتيجة منعه من العمل على اكتشاف العالم، ويحتاج الأطفال في تلك الحالة إلى إعادة تأهيل لإعادة الرغبة في العمل لهم مرة أخرى.
- وينتج عن هذا أيضاً أن تتكون صورة ذهنية سلبية عن العمل بشكل عام في عقل وقلب الإنسان، فلا يكون العمل هو السبيل لتحقيق الأهداف، ولكن يسلك الإنسان مسالك أخرى تعوضه عن تحقيق أهدافه.
- وبهذا ينشأ الإنسان في رحلة من الأمنيات التي لا يجد الطريق للعمل على تحقيقها.
أنواع الشخصيات والأعمال المناسبة لها
هناك أنواع للشخصيات لها أساليبها في رؤية البيئة المحيطة، فهناك شخصيات تعتمد على الأسلوب البصري في جمع المعلومات، وهناك شخصيات تعتمد على الأسلوب السمعي في جمع المعلومات،
وهناك شخصيات تمتاز بمهارات مختلفة تختلف باختلاف المواهب التي تنميها في البيئة التي تعيش فيها، ومن بين هذه الشخصيات هي:
الشخصية التي تعتمد على الأسلوب البصري
- هناك بعض من البشر يمتاز بذاكرة قوية جداً في استرجاع الصور، وهو يمتاز بقوة الملاحظة بشكل واضح، حتى أن الألعاب التي يرشحها في أوقات فراغه تكون في كشف التناقضات بين بعض الصور المتشابهة.
- تلك الشخصيات يمكن أن ترشح للأعمال التي تحتاج لقوة ملاحظة كبيرة، مثل مصمم الجرافيك أو مهندس معماري وغيرها من الأعمال التي تعتمد على رؤية الفراغات.
الشخصية التي تعتمد على الأسلوب اللغوي
- تلك الشخصية لديها ذاكرة تمكنها من جمع حصيلة لغوية فائقة عن غيرها، فهي قادرة على ملاحظة الكلمات والتمييز بين معانيها.
- وكذلك لديها قدرة فائقة على التعبير عن نفسها بكلمات مناسبة قد لا يقدر عليها صاحب الذاكرة البصرية التي تعتمد على رؤية الصور وليس جمع الكلمات، فيجد صاحب الذاكرة البصرية صعوبة في التعبير عن مشاعره.
- ومن الأعمال التي يمكن أن تناسب صاحب الذاكرة اللغوية الأعمال التي تحتاج إلى الإلقاء مثل العمل كمعلم في الفصل، أو مذيع أو ممثل.
أهمية وجود العَلاقة بين العمل والصحة النفسية
- هناك ضرورة ملحة يجب أن يلاحظها أي صاحب شركة أو أي مدير عند إدارته للموظفين، تلك الضرورة هي أن تكون بيئة العمل مناسبة وصحية من جانب الصحة النفسية.
- والبيئة المناسبة للصحة النفسية لها شروط يجب توافرها لكي ينجح المدير أو صاحب الشركة في استثمار طاقات الموظفين للخروج لأعلى إنتاجية منهم.
- ففي البيئة التنافسية بين الشركات وبعضها البعض قد تتشابه المنتجات وطريقة تصنيعها وطريقة الترويج لها في الأسواق، وقد تتشابه أيضاً الخدمات المقدمة من الجهات المختلفة، ولكن الفارق الذي يحقق النجاح بين شركة وأخرى هو وجود بيئة عمل مناسبة تساعد على الإبداع واستثمار الطاقات البشرية داخل الشركة.
- فهناك بيئة عمل لا تساعد على الابتكار، وبيئة عمل أخرى تساعد على الابتكار، وبين هذا وذاك فروق كبيرة في طريقة التعامل مع الموظفين وطريقة إدارة العمل بشكل عام.
علامات وجود مشاكل في الصحة النفسية بالعمل
- نعم فهناك علامات يمكن لأي دارس لبيئة العمل ملاحظتها من الوهلة الأولى عند قراءة ردود فعل الموظفين.
- أولى تلك العلامات انتشار فكرة أن المكافئة لن تكون عادلة مهما قدمت من خدمات لعملك.
- فعند رؤيتك للموظف وهو لا يقدم أفضل ما عنده، ولكن يقوم بالعمل بشكل روتيني، وينتظر بفارغ الصبر وقت الانصراف لكي يرحل عن الشركة، فإن هذا يدل على أنه لا يؤمن بأن الشركة ستكافئه على نشاطه أو أفكاره.
- وهنا يجب على صاحب العمل أن يتابع بدقة نشاط الموظفين بشكل عادل، وينظر بعين الاعتبار لمن يقدم الخدمات الحقيقية، ويكافئه، فهذا يعطي حافزاً كبيراً على الإنتاج ويحسن من الصحة النفسية للموظف المجتهد.
- هناك أهمية كبيرة لمعرفة الفروق الفردية بين الموظفين، فناك موظف يمتاز بالأعمال المكتبية، وموظف آخر يمتاز بالأعمال اليدوية، وآخر يمتاز بالمقابلات الرسمية والاتصال بالآخرين، فيجب على صاحب العمل أن لا يقيس نشاط موظفيه بمقياس واحد، كأن يقيس نشاطهم المكتبي فقط، أو يقيس نشاطهم في الاتصال بالآخرين فقط، ولكن يجب عليه أن ينظر بعين الاعتبار للفروق الفردية التي قد تظهر بين كل منهم، ويكلف كل موظف بما يمتاز به عن غيره.
- فتوزيع الأعمال بوعي بالمميزات الشخصية لكل موظف عن الآخر لها دور كبير في تقليل الخلافات والأفكار السلبية بعقول وقلوب الموظفين، ويجعل الموظف قادراً على لعب دوراً أكبر في المهام المكلف بها داخل الشركة.
التعامل بحكمة مع المشكلات بين الموظفين
- ليس من الحكمة أن يتعامل صاحب الشركة مع مشكلات الموظفين بنوع واحد من التعامل، فنجد البعض يتعامل مع المشكلات باللين المستمر، وآخر يتعامل مع المشكلات بالشدة القاسية، معتقداً أن الشدة هي السبيل الوحيد لنجاح العمل.
- ولكن الحكمة في التعامل مع المشكلات يحتم على صاحب الشركة أن يكون واعياً بتفاصيل كل مشكلة على حدى، وأن يكون مدركاً للتصرف المناسب لكل مشكلة.
وأخيراً ... فإن العلاقة بين العمل والصحة النفسية علاقة وثيقة جداً فالعمل الناجح هو أهم علامات الصحة النفسة، والعمل المقصود هو العمل بمفهومه الشامل، العمل في الوظيفة والأسرة ومع النفس.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_6390
تم النسخ
لم يتم النسخ