شرح أبيات قصيدة صوت صفير البلبل مكتوبة كاملة وقصتها
كلمات قصيدة صوت صفير البلبل
يبدأ الشاعر الأصمعي حديثه في القصيدة عن وصف تأثره بصوت ذلك البلبل الذي أثار في نفسه لواعج الأسى والحزن والشوق للمحبوبة حتى صار قلبه ثملًا كالسكران، وكأن صوت ذلك البلبل قد أثار في نفس الشاعر ما كان قد نسيه من حب المحبوبة.
صَوْتُ صَفيرِ البُلْبُلِ
هَيَّجَ قَلْبِيَ الثَمِلِ
المَاءُ وَالزَّهْرُ مَعَاً
مَعَ زَهرِ لَحْظِ المُقَلِ
وَأَنْتَ يَاسَيِّدَ لِي
وَسَيِّدِي وَمَوْلَى لِي
فَكَمْ فَكَمْ تَيَّمَنِي
غُزَيِّلٌ عَقَيْقَلي
قَطَّفْتُ مِنْ وَجْنَتِهِ
مِنْ لَثْمِ وَرْدِ الخَجَلِ
فَقَالَ بَسْ بَسْبَسْتَنِي
فَلَمْ يَجُد بالقُبَلِ
فَقَالَ لاَ لاَ لاَ ثم لاَ لاَ لاَ
وَقَدْ غَدَا مُهَرْوِلِ
وَالخُودُ مَالَتْ طَرَبَاً
مِنْ فِعْلِ هَذَا الرَّجُلِ
فَوَلْوَلَتْ وَوَلْوَلَتُ
وَلي وَلي يَاوَيْلَ لِي
فَقُلْتُ لا تُوَلْوِلِي
وَبَيِّنِي اللُؤْلُؤَ لَي
لَمَّا رَأَتْهُ أَشْمَطَا
يُرِيدُ غَيْرَ القُبَلِ
وَبَعْدَهُ لاَيَكْتَفِي
إلاَّ بِطِيْبِ الوَصْلَ لِي
قَالَتْ لَهُ حِيْنَ كَذَا
انْهَضْ وَجِدْ بِالنَّقَلِ
وَفِتْيَةٍ سَقَوْنَنِي
قَهْوَةً كَالعَسَلَ لِي
شَمَمْتُهَا بِأَنْفِي
أَزْكَى مِنَ القَرَنْفُلِ
فِي وَسْطِ بُسْتَانٍ حُلِي
بالزَّهْرِ وَالسُرُورُ لِي
وَالعُودُ دَنْ دَنْدَنَ لِي
وَالطَّبْلُ طَبْ طَبَّلَ لِي
طَب طَبِ طَب طَبِ
طَب طَب طَبَ لي
وَالسَّقْفُ قَدْ سَقْسَقَ لِي
وَالرَّقْصُ قَدْ طَبْطَبَ لِي
شَوَى شَوَى وَشَاهِشُ
عَلَى وَرَقْ سَفَرجَلِ
وَغَرَّدَ القَمْرُ يَصِيحُ
مِنْ مَلَلٍ فِي مَلَلِ
فَلَوْ تَرَانِي رَاكِباً
عَلَى حِمَارٍ أَهْزَلِ
يَمْشِي عَلَى ثَلاثَةٍ
كَمَشْيَةِ العَرَنْجِلِ
وَالنَّاسُ تَرْجِمْ جَمَلِي
فِي السُوقِ بالقُلْقُلَلِ
وَالكُلُّ كَعْكَعْ كَعِكَعْ
خَلْفِي وَمِنْ حُوَيْلَلِي
لكِنْ مَشَيتُ هَارِبا
مِنْ خَشْيَةِ العَقَنْقِلِي
إِلَى لِقَاءِ مَلِكٍ
مُعَظَّمٍ مُبَجَّلِ
يَأْمُرُلِي بِخِلْعَةٍ
حَمْرَاءُ كَالدَّمْ دَمَلِي
أَجُرُّ فِيهَا مَاشِياً
مُبَغْدِدَاً للذيَّلِ
أَنَا الأَدِيْبُ الأَلْمَعِي
مِنْ حَيِّ أَرْضِ المُوْصِلِ
نَظَمْتُ قِطَعاً زُخْرِفَتْ
يَعْجَزُ عَنْهَا الأَدْبُ لِي
أَقُولُ فِي مَطْلَعِهَا
صَوْتُ صَفيرِ البُلْبُلِ
- ختم الأصمعي قصيدته بأبيات فخر يسطرها لنفسه، فيقول أنا الشاعر الذكي اللامع (الألمعي) كالنجم في السماء، وقد كتبتُ قصيدة غاية في الجمال، وقد ابتدأتها بصوت صفير البليل.
من الذي قال قصيدة صوت صفير البلبل؟
- قصيدة صفير البلبل كتبها أَبُو سَعِيدْ عَبْدِ اَلْمَلِكْ بْنْ قَرِيبٍ بْنْ عَبْدِ اَلْمَلِكْ بْنْ عَلِي بْنْ أَصْمَعْ اَلْبَاهِلِي اَلْبَصَرِيَّ المَعروف بَالْأَصَمَعِي الذي يعتبر أحد أئمة العلم باللغة والشعر والبلدان.
- الشاعر الأصمعي هو شاعر عربي عراقي الجنسية ولد وتوفي في البصرة، وقد تلقى علمه ومعرفته الحكيمة من التجول والانتقال من مكان لأخر في المراعي والبوادي بحثا وشوقا للمعرفة.
- وقد استغل مهاراته الشعرية في كسب الرزق من مدح الملوك والخلفاء من خلال إبداعاته الشعرية وكانوا يعطونه الهدايا والمكافآت نظير شعره المميز المبدع.
- كان الرشيد يلقبه ب (شيطان الشعر). وقال الأخفش: ما رأينا أحداً أعلم بالشعر من الأصمعي، بينما قال أبو الطيب اللغوي في حقه: كان أتقن القوم لغةً، وأعلمهم بالشعر، وأحضرهم حفظاً.
- كان الأصمعي يقول: أحفظ عشرة آلاف أرجوزة، وللمستشرق الألماني وليم أهلورد كتاب سماه (الأصمعيات) جمع فيه بعض القصائد التي تفرد الأصمعي بروايتها.
ما هي قصة قصيدة صوت صفير البلبل؟
حيلة الخليفة
- يحكى أن قصيدة صوت صفير البلبل أحرج بها الأصمعي الخليفة العباسي أبا جعفر المنصور، والذي كان يقال عنه أنه كان شديد البخل وكان يأبى أن يكون سخيا وكريمًا مع الشعراء عكس ما نهج عليه الخلفاء من قبله، حيث كانوا ينفقون أموال وعطايا على الشعراء.
- ومن ذكاء الخليفة وحيلته أن اعتمد على ملكة الحفظ التي كان يمتاز بها حيث يمكنه حفظ أي قصيدة تتلى على مسامعه من أول مرة، إضافة إلى غلامه هو الآخر الذي يمكنه حفظ القصيدة عن ظهر قلب عند سماعها مرتين. وحتى لا يقال عنه أن بخيل، أعلن الخليفة أن الشعراء الذي يؤتونه بقصيدة كتبوها بأنفسهم ولم يسمع بها من قبل ستكون مكافأته وزن القصيدة ذهبا.
فشل الشعراء في الحصول على المكافأة
- الإعلان أشعل حماسة الشعراء وشرعوا في نسج القصائد والوقوف بباب المنصور، إلا أن الخليفة كان يستمع باهتمام لأولئك الشعراء ثم يصدمهم بقوله: لقد سمعت تلك القصيدة من قبل ولأثبت لك ذلك سأتلوها على مسامعك، وقبل أن يستفيق الشاعر من دهشته كونه ألَّف هذه القصيدة حديثاً ينادي الخليفة لغلامه كي يردد القصيدة من بعده ولمزيد من الإثبات تأتي الجارية لتكون الحجة الأخيرة الدامغة، فيعود الشاعر خاوي الوفاض دون ذهب.
دكاء الأصمعي
- وعندما تكرر الأمر مع العديد من الشعراء، أدرك شاعر نبيه أن في الأمر حيلة ما، ويحكى أن ذاك الشاعر ما هو إلا عبد الملك بن قريب الملقَّب بالأصمعي.
- تنكر الأصمعي بزي أعرابي، ووضع لثاماً على وجهه، فقد كان آنذاك معروفاً في بلاط الخلافة، وكان قد أعد قصيدة غريبة وفريدة من نوعها، اختار لأبياتها مفردات غير مألوفة وصاغها بطريقة تجعلها صعبة الحفظ من المرة الأولى.
إحراج الأصمعي للخليفة بقصيدة صوت صفير البلبل
- ولأن القصيدة بكلماته المعقدة وصياغتها الصعبة صعبة الحفظ من المرة الأولى، لم يستطع لا الخليفة ولا غلامه ولا جاريته حفظها، فقال الخليفة للأصمعي أحضر ما كتبتها عليه لنزنه ونعطيك وزنه ذهبًا. فأخبره أنَّه ورث من أبيه عمود رخام لا يحمله إلا عشرة من الجند وقد كتبها عليه، فأحضروه فوزن صندوق ذهب، فشكَّ الخليفة أنَّه الأصمعي، فطلب منه أن يزيل لثامه فأزاله فإذ به الأصمعي، فقال له: أتفعل هذا بخليفة المسلمين؟
فقال له الأصمعي قد قطعت رزق الشعراء بفعلك هذا، فطلب منه الخليفة إعادة المال، فاشترط الأصمعي مقابل إعادة المال أن يعطي الخليفة للشعراء مقابل ما كتبوه، فقال له: لك ما تريد.
شرح قصيدة صوت صفير البلبل
هذه شرح أبيات قصيدة صوت صفير البلبل هي أيضًا جزء من قصيدة للشاعر الأصمعي، وتستمر في التعبير عن مشاعر متنوعة، وإليك شرحًا لأفكارها ومعانيها:
هل كاتب القصيدة هو فعلا الأصمعي؟
يحكى كثيرا بأن صوت صفير البلبل قصيدة تنتسب للأصمعي الذي لقبه هارون الرشيد بـ"شيطان الشعر"، لكن على ما يبدو هناك الكثير من الروايات التي تشكك في ذلك معتقدين أنه ليس بصاحب القصيدة
- أصحاب هذه الرواية يعللون تشكيكهم بأن القصيدة لا تخلو من الركاكة اللغوية وغياب الوزن وهما أمران لا يمكن نسبهما لشاعر مثل الأصمعي، زد على ذلك، أن الأصمعي وحسب ما يحكيه التاريخ كان من ندماء الخليفة هارون الرشيد لكن لم يذكر أنه كان من جلساء المنصور.
- كما أن هناك فئة تشكك في ذلك باعتبار أنه لو حصل بالفعل هذا اللقاء بين المنصور والأصمعي فعلى الأغلب كان ذلك في بدايات شباب الأصمعي، لكن سيرة الشاعر تبين أنه في تلك المرحلة كان يحصّل العلم ويجمع الأخبار ويلتقي الأعراب ولم يتصل بعد بأحد من الأمراء والخلفاء.
- ورغم كل ذلك، تبقى شهرة القصيدة واسمها لصيقا بالشاعر الأصمعي جيلا بعد جيل رغم تشكيك الكثيرين وقوا القول بأن الخليفة هو بنفسه من أنشدها.
كم عدد أبيات قصيدة الأصمعي؟
- الأَصْمَعِيّـَات كتاب لأبي سعيد عبد الملك بن قُرَيْب الأصمعي المعروف بالأصمعي، وهي مجموعة شعرية تحتوي على مختارات من الشعر الجاهلي والمخضرم والإسلامي.
- الكتاب يضم اثنتين وسبعين قصيدة في 1163 بيتاً لواحد وستين شاعراً، سار الأصمعي على نهج المفضليات بالاهتمام بالشعر الجاهلي. وعدد المقطعات عنده كبير، وأطول قصائد الأصمعيات لم تتجاوز أربعة وأربعين بيتاً، بينما كانت أطول القصائد في المفضليات تتألف من 108 أبيات.
- تُعتبر الأصمعيات المجموعة الشعرية الثانية بعد المفضليات وتعدّ متممة لها، وقد أُطلق عليها هذا الاسم من قبل تلاميذ الأصمعي، شأنها شأن المفضليات قَبْلَها، تمييزاً لها عن المفضليات، ومع ذلك وقع اختلاط بينهما وحدث التداخل بين بعض أشعارهما، وقد قام الورَّاقون في أحيان كثيرة بجمع المفضليات والأصمعيات في كتاب مخطوط واحد فالتبس الأمر على بعضهم فاعتبرت قصائد من المفضليات على أنها أصمعيات.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_20626