كتابة :
آخر تحديث: 09/10/2023

مفهوم الادراك الحسي في الفلسفة وأنواعه وشروطه وأهم عوامله

إن الادراك الحسي مأخوذ من اللفظ اللاتيني التصور والذي يعني التجميع والاستلام، وهو القيام بتنظيم المعلومات الحسية وتفسيرها. والإدراك الحسي هو عبارة عن إشارات تمر عبر الجهاز العصبي، وتعمل على تحفيز الجهاز المسؤول عن الإحساس في الجسد، وفيما يلي في موقع مفاهيم نتعرف على التعريف الفلسفي والنفسي للإدراك الحسي وأنواعه وشروطه.
مفهوم الادراك الحسي في الفلسفة وأنواعه وشروطه وأهم عوامله

معنى الإدراك لغة واصطلاحاً

  • الإدراك لغويا: هو البلوغ، أدرك الصبي أي بلغ الصبي، وبالتالي فإن الإدراك لغويا هو بلوغ أقصى الشيء ومنتهاه.
  • الإدراك اصطلاحا: أن الإدراك هي صفة من صفات الله الفعلية؛ لأن الله لا يخفى عليه شيئا في الأرض والسموات، ولكن بالنسبة للإنسان الإدراك هو "العلم بالموجودات فقط"، ولا يشمل "العلم بالمعدومات".

تعريف الادراك الحسي في الفلسفة

يعتبر الادراك الحسي بالإنجليزية: Sensory Perception هو:

  • تلقي الإشارات المعالجة، ولكن لا يشترط أن يكون التلقي سلبيا، بل يجب تعلم المتلقي هذا الإدراك، وتعتبر المدخلات الحسية.
  • هي عملية تحويل المعلومات ذات المستوى المنخفض إلى معلومات ذات مستوى أعلى، وتقوم بتخزينها في ذاكرة المتلقي وتوقعاته، وتجسد الأشياء للتعرف عليها حيث تعمل على التأثير في الإدراك.
  • ويعتمد الإدراك على الجهاز العصبي بشكل فعال، حيث يعتمد على وظائفه، ولكن غالبا يكون بلا مجهود ويكون ذاتيا، وليس ناتجاً عن الإدراك.
  • وقد جمع علم النفس مجموعة من تقنيات علم النفس القديمة حيث توجد علاقة بين الصفات الجسدية للمدخلات الحسية والإدراك الحسي.
  • حيث يقوم علم الأعصاب الحسي بدراسة الآليات العصبية التي تكون خلف الإدراك.
  • وأن أدمغة الإنسان والحيوان مبنية عن طريق نموذج معين يعالج أنواعاً كثيرة من المعلومات الحسية.
  • وتكون بعض هذه الوحدات على شكل خرائط حسية، وتترابط مع بعضها البعض، وتؤثر في بعضها البعض.

تحليل نص فلسفي شونجو الإدراك الحسي والشعور

  • اهتم شونجو في تحليلاته الفلسفية على دراسة الوظائف العليا للدماغ، وتوصل إلى الوعي أو الإدراك الحسي عند الإنسان لا يرتبط باللاهوت (صفات الله وذاته) أو آراء الفلاسفة، وإنما يعتمد على الجهاز العصبي الذي يقوم بتحويل الأفكار والصور العقلية إلى نشاط عصبي بيولوجيا وله طبيعة مادية.
  • وبالتالي توصل شونجو أن الإدراك الحسي والوعي أو أي نشاط عقلي يقوم به الإنسان مرتبط ارتباط وثيق بالجهاز العصبي الذي يحول هذه الصور إلى حقيقة مادية تتأثر بها، وتؤثر فيها خلايا الجهاز العصبي.

معنى الإدراك الحسي في علم النفس

  • لقد وضع علم النفس تعريفاً للإدراك الحسي، ويشمل القدرات الحسية والعقلية التي يستخدمها العقل في تفسير الأشياء والأحداث من خلال ترجمة المثيرات الحسية والمشاعر والأحاسيس التي شعر بها الإنسان في موقف معين، أو حدث ما، ويتم بناء عليه تكوين معلومة أو فكرة عن هذا الشعور المعتمد على الحواس في الفهم والمعرفة والوعي بالأشياء.

معنى الإدراك الحسي في الإسلام

تتشابه الكائنات الحية كافة في الحواس التي منحها إياها الخالق عز وجل، ولكن مًيز الله الإنسان بالحاسة المميزة وهي العقل، ولما للعقل أهمية كبيرة ومميزة في جسم الإنسان أولى له أصعب مهمة وهي مهمة الوعي والإدراك وفهم الأشياء واستيعابها، ومن ثم فإن الإدراك الحسي في الإسلام هو الميزة التي تجعل الإنسان يتربع على عرش المخلوقات الكونية.

وقد جاءت العديد من آيات الذكر الحكيم التي تبرهن على أهمية الحواس في المعرفة والإدراك، ومنها ما يلي:

قولُ اللهِ تعالى: «واللهِ أخرجَكمْ منْ بطونِ أمهاتِكمْ لا تعلمونَ شيئاً، وجعلَ لكمْ السمعَ والأبصارَ والأفئدةَ ۙ لعلَّكمْ تشكرونَ» النحل 78.

«ربُّنا إنَّنا سمعنا منادياً ينادي للإيمانِ أنْ آمنوا بربِّكمْ فآمناً ۚ ربُّنا فاغفرْ لنا ذنوبَنا وكفرْ عنا سيئاتِنا، وتوفنا معَ الأبرارِ» (آل عمران 193).

«إنَّ الذينَ كفروا بآياتِنا سوفَ نصليهمْ ناراً كلما نضجتْ جلودُهمْ بدلناهمْ جلوداً غيرَها ليذوقوا العذابَ ۗ إنَّ اللهَ كانَ عزيزاً حكيماً» (النساءُ 56).

ومن ثم فإن الآيات القرانية السابق ذكرها تؤكد أن حواس الإنسان المختلفة السمع والأبصار والجلد واللمس هي مراكز الإدراك والوعي والشعور عند الإنسان.

أنواع الادراك الحسي

هناك عدة أنواع للإدراك الحسي منها الرؤية والسمع والملمس وجميعها تمثل جزءاً أساسيا من الإدراك:

الرؤية (الإدراك البصري)

  • إن الرؤية هي الحاسة البشرية الأساسية في كثير من النواحي، حيث إن الضوء يؤخذ من خلال كل عين يركز على شبكية العين حسب اتجاه الضوء.
  • وأن الخلايا الحسية الحساسة تلتقط هذا الضوء، وتقوم بمعرفة معلومات هذا الضوء من حيث كثافته ولونه واتجاهه، ثم تعالج هذا الضوء وطبيعته وحركته في الخلايا العصبية في شبكة العين قبل إرسالها إلى الدماغ.
  • يقوم العصب البصري بإرسال حوالي 15 نوعاً مختلفاً من المعلومات إلى الدماغ.

السمع (الإدراك السمعي)

  • يعتبر السمع هو القدرة على إدراك الصوت، ويكون ذلك عن طريق تحديد الاهتزازات، وتسمى الترددات التي يسمعها البشر بالترددات الصوتية.
  • ويتراوح النطاق الخاص بها بين 20 هرتز و20000 هرتز.
  • وهناك نوعان من الترددات، ترددات أعلى من الترددات الصوتية، وتسمى بالموجات فوق الصوتية، والترددات الأقل من الترددات الصوتية تسمى موجات تحت صوتية.
  • وتقوم الأذنان الخارجتان بجمع الموجات الصوتية، والأذنين الوسطتين تعمل على ضغط الصوت، والأذنين الداخلتين تقوم بإنتاج إشارات عصبية تعمل على الاستجابة للصوت.
  • وتنتقل هذه الإشارات الصوتية خلال الممر السمعي إلى القشرة السمعية الأولى داخل الفص الصدغي للدماغ، ثم تنتقل إلى القشرة المخية حتى تقوم بمعالجتها.
  • ويـأتي الصوت من مصادر عديدة واتجاهات مختلفة، وتعمل الأذنان على فصل المصادر عن بعضها وتحديد المسافات والاتجاهات وهي عملية حسابية معقدة.

اللمس (الإدراك الشعوري اللمسي)

  • إن الإدراك اللمسي هو التعرف على الأشياء عن طريق اللمس، وأن الأداة الفعلية للمس هي اليدان وعن طريق الجلد واستيعاب الشيء الملموس والانحناءات والحواف وغيرها.
  • ويمكن لبعض الأشخاص تحديد الأشياء ثلاثية الأبعاد عن طريق اللمس، ويكون ذلك عن طريق لمس السطح الخارجي للشيء أو الإمساك به، وهناك ارتباط بين حركة الجسد والإدراك اللمسي.

شروط حدوث الإدراك

هناك شرط ينبغي أن تتوافر حتى يحدث الإدراك ومنها:

  • أن يوجد شيء مثير، أن يشعر الشخص بهذا المثير، حيث يكشف الإحساس عن وجوده، أن يتعرف الشخص على المثير، ويكون له معنى معين.
  • أن يستجيب الشخص لهذا المثير عن طريق تجاربه السابقة فيعرف خواصه، ومثال على ذلك عند سماع الشخص لجهاز إنذار يدل ذلك على وجود خطر معين، فيكون على معلمه بهذا الأمر، فيقوم بالهرب أو الاختباء.

الفرق بين الإدراك الحسي والإدراك العقلي

هناك فروقات بين الإدراك الحسي والعقلي تتمثل في:

الإدراك الحسي

  • إن الإدراك الحسي عبارة عن مجموعة من الاستجابات للمنبهات الحسية التي تصدر عن المثيرات الخارجية، وتقوم الأعصاب الحسية باستقبال هذه المثيرات في الأعضاء الحسية.
  • وتتم هذه العملية عن طريق تحفيز الأعضاء الحسية، حيث تعمل على ترجمتها وتفسيرها من خلال الخبرات السابقة التي توجد في الذاكرة سابقا.
  • إن عملية الإدراك الحسية هي عملية عقلية معقدة ترتبط بعدة أشياء منها عملية التذكر والوعي واللغة والتخيل وغيرها من الأشياء.إن الإدراك الحسي هو الشعور بالأشياء المختلفة كالأشياء المادية والعلاقات المختلفة التي تحتوي على مثيرات مادية.
  • وأن الإحساس هو عملية نقل الشعور الأول عن طريق أعضاء الحس من خلال الأعصاب الحسية إلى الدماغ، لأن تلك المنبهات تعمل على تفعيل عملية الإدراك الحسية.

الإدراك العقلي

  • يعتبر الإدراك العقلي هو إدراك الحقائق والمفاهيم العامة كمفاهيم الحياة والمنطق، وهو من عمل الدماغ وعقل الإنسان، وأن العقل هو ما يميز الإنسان عن باقي الكائنات الأخرى.
  • وأن العقل هو المسؤول عن تكون المفاهيم المختلفة في جوانب الحياة، والتي تبعد كل البعد عن العوامل الحسية المادية.
  • إن الإدراك العقلي هو الحس الباطني وهو عبارة عن وجدانيات داخلية، وتكون عن طريق المحسوسات المادية التي هي من أدوات النفس.
  • إن الإدراك العقلي هو عملية عقلية تعمل على استخراج المعاني المختلفة من الصور التي ينتجها الإدراك الحسي.

عوامل عملية الإدراك

إن عملية الإدراك هي من العمليات المعقدة التي تؤثر بها عدة عوامل داخلية وخارجية، وقام العلماء بتقسيم هذه العوامل إلى عوامل داخلية ذاتية وعوامل خارجية بيئية، وتتمثل في:

أولا: العوامل الداخلية الذاتية للإدراك الحسي

الذاكرة:

  • حيث يعرف الإنسان المثيرات والأشياء إلى تعرض لها في السابق عن طريق ذاكرته وخبراته السابقة، وتكون عملية الإدراك للأشياء السابقة أسهل من المثيرات الجديدة التي لم يتعرض لها الإنسان في السابق.

اتجاهات الأفراد:

  • حيث إن اتجاهات وميول وثقافة الفرد ومعتقداته تؤثر بشكل كبير في تعامله مع المؤثرات ومع الموضوعات الخارجية.

الأمراض العضوية والاضطرابات النفسية:

  • حيث يتأثر الإدراك البصري عن الأشخاص المصابين بأمراض بصرية كعمى الألوان وضعف النظر أو العوامل الخارجية الأخرى التي تؤثر في عملية الإدراك.

ثانيا: العوامل الخارجية للإدراك الحسي

  • هناك عوامل خارجية عديدة تؤثر في عملية الإدراك بشكل عام مثل شدة تأثير المثيرات وعوامل التشابه الموجودة بين المثيرات وبعضها البعض حسب الحجم والسرعة والتشتت، ومدى القدرة على استيفاء المعلومات المطلوبة.

أهمية الإدراك الحسي في علم النفس

قد علمنا أن الإدراك الحسي هو عملية ذاتية يقوم بها الشخص لفهم نفسه والآخرين عن طريق تفسير المعلومات والبيانات الحسية، ويقوم الإدراك على خلق تجربة للفرد لكي يتصرف داخل بيئته، وتتمثل أهمية الإدراك في علم النفس فيما يلي:

  • إن الإدراك مهم جدا في معرفة سلوك البشر وكيفية تعاملهم مع الأزمات المختلفة ومعرفة كيف يرى الأشخاص الأمور وكيف يشعر بها.ومن الممكن التعرف على سلوك الأفراد والتنبؤ بسلوكهم في الظروف المختلفة من خلال فهم تصورهم للبيئة المحيطة بهم.
  • إن الإدراك الحسي ذا أهمية لمن يريد تجنب الأخطاء مع الأشخاص المختلفين، وخصوصا في بيئة العمل، فكل منهم يرى الأشياء بمنظوره الخاص به، فيجب على الأشخاص معرفة وفهم تصورات من حولهم بشكل صحيح.
  • إن الإدراك مهم جدا للتكيف مع الأشخاص المحيطين بالفرد، ويعمل على اكتساب منظور جديد للأشياء.

ما العلاقة بين الإدراك الحسي والشعور؟

  • إن العلاقة بين الإدراك الحسي هي علاقة تكاملية، إذ لا يحدث الوعي أو الإدراك بالحواس أو المواقف أو الأشياء دون الشعور بقيمة الذات ومكانتها، ومن ثم كلما كان الإنسان أكثر وعيا بذاته، كلما أكثر وعياً وإدراكاً بالأشياء.
  • ومن ثم، فإن مع اختفاء الشعور بالذات يختفي إدراك الإنسان للأشياء، على سبيل المثال إذا تعرض الإنسان للإغماء، ولم يستوعب أن يوجد وكيف حدث له ذلك، لم يجد إدراكاً للأشياء التي حدث أو ستحدث خلال مدة إغمائه، ومن هنا يختفي الإدراك مع موت الإنسان.
فإن الادراك الحسي ذا أهمية كبيرة في الحياة للتعرف على الأشياء المحيطة بنا ولرؤية الأمور بشكل أفضل واتخاذ القرارات المناسبة.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ