كتابة :
آخر تحديث: 10/03/2022

الانفصال العاطفي وكيفية التعامل معه؟

يعد الانفصال العاطفي من المشكلات التي تواجه كثير من الأشخاص سواء كانوا رجالاً أو نساءً، وله آثاره الكبيرة التي تؤدي للعديد من المشكلات سواء على مستوى الفرد أو على مستوى الأسرة أو على مستوى المجتمع، كل هذا سنحاول مناقشته في موقع مفاهيم لما لهذا الموضوع من أهمية كبيرة على كافة المستويات.
ويحدث الانفصال العاطفي عادة بسبب عوامل عديدة، منها وجود صدمات أو إحباطات يمر بها الشخص يوجه فيها الاتهام لأشخاص بعينهم أنهم المتسببين فيها، وربما كان الانفصال العاطفي بسبب عدم النضوج العاطفي للإنسان، وعدم وجود ترابط بينه وبين الأشخاص الوالدية أو من يقوم بأدوارهم، أو عدم القدرة على التعبير عن المشاعر والأحاسيس.
فيظن المحيطين بأن الإنسان يعيش حياة هادئة، بينما هو في الحقيقة يعيش صراعاً قوياً داخلياً يسبب الانفصال العاطفي بينه وبين نفسه وبين كل من حوله.
الانفصال العاطفي وكيفية التعامل معه؟

ما هو الانفصال العاطفي؟

الانفصال العاطفي هو:

  • حالة من حالات اللامبالاة تصيب الإنسان تجاه أشخاصاً من المفترض أن يكون منتمياً لهم مثل الانفصال العاطفي عن الشخصيات الوالدية أو الاخوة أو الاخوات، أو الانفصال العاطفي عن زملاء العمل.
  • وهذا الانفصال يكون بسبب الآلام النفسية الكبيرة التي شعر بها الإنسان جراء علاته بتلك الشخصيات، وهنا نتحدث عن الشخصية العاطفية، حيث أن باقي أنواع الشخصيات التي تم ذكرها قد لا تبالي في أحيان كثيرة بالعواطف والمشاعر في وضعها الطبيعي.
  • ولكن باقي الشخصيات تربطهم روابط اجتماعية يحافظون عليها، فهم لا يعانون في المعتاد من الانفصال العاطفي، فالجانب العاطفي يكون ضمن اهتماماتهم ولكنه لا يمثل لهم الأولوية الأولى في التعامل مع المجتمع وأفراده.
  • فالشخصية العاطفية التي تعاني من الانفصال العاطفي تجدها على غير المعتاد منها تقوم بأفعال تدل على اليأس ولا مبالاة في تعاملها مع أفراد مجتمعها.
  • وعلمياً أن هناك مشكلة نفسية كبيرة يعاني منها الشخص الذي يعاني من الانفصال العاطفي حيث أنه من الضروري جداً أن يشعر الإنسان بالانتماء لمجتمع معين يحصل معهم على التقدير والاهتمام.
  • حيث أن هناك تجربة أجريت على الأطفال الرضع، حيث تم منعهم عن التواصل مع أمهاتهم، وتم تغذيتهم بالغذاء والماء فقط دون أي تواصل عاطفي معهم.
  • النتيجة التي حدثت للأطفال الرضع الذين تم منع أي تواصل عاطفي معهم أنهم ماتوا جميعاً لعدم وجود تقدير معنوي لهم، فالإنسان يحتاج دائماً لمجموعة رفاق يشعر معهم بالانتماء والتواصل وتبادل المشاعر والاهتمامات، وعند عدم تحقيق ذلك قد يؤدي إلى الموت في النهاية.

الانفصال العاطفي من الشخصيات النرجسية

  • في البداية يجب أن نعلم أن الانفصال العاطفي قد يكون مطلوباً في بعض الأحيان خاصة إذا ما كانت هناك بعض الشخصيات السامة نفسياً والتي تسبب الإرهاق الشديد والضرر النفسي الكبير على الإنسان، فيكون من الواجب تحقيق الانفصال العاطفي لحماية النفس من تلك الأضرار.
  • ومن الشخصيات السامة التي تسبب المتاعب الكبيرة للمتعاملين معها الشخصيات النرجسية، حيث أنها شخصيات في الدرجات المتقدمة منها تحمل الكثير من المتاعب لمن يتعامل معها، ذلك لأنها شخصية ترى نفسها في درجة أعلى من كل المتعاملين معها سواء فكرياً أو اجتماعياً، فتتعامل مع من حولها بانتقاد شديد.
  • كما أن الشخصية النرجسية تشعر دائماً بأن هناك مؤامرة تتم حولها، ويتملكها دائماً شعور بالاضطهاد وعدم الاطمئنان، هذا الشعور يسبب المتاعب الشديدة لمن يتعامل معها، الأمر الذي معه يجب أن يحقق الشخص معه الانفصال العاطفي عن الشخصية النرجسية.

الفرق بين الاستقلال العاطفي والانفصال العاطفي

هناك فارق كبير بين الاستقلال العاطفي وبين الانفصال العاطفي، ويتمثل الاختلاف فيما يلي:

الاستقلال العاطفي يعني:

  • أن يكون الإنسان مستقلاً في مشاعره فلا يربطها بالمحيطين به، فلا يربط فرحته بفرحتهم، ولا أحزانهم بحزنه، وهذا لا يعني عدم وجود مشاركة وجدانية بين أفراد العائلة الواحدة، فالمشاركة الوجدانية وتبادل مشاعر المواساة والمساندة أمر واجب.
  • ولكن المقصود هنا هو الاعتماد الكامل على الأشخاص المحيطين بالإنسان، فلا يشعر بالاطمئنان إلا في وجودهم، ولا ينجح في أعماله إلا في وجودهم، بحيث أنه يفشل في غيابهم ولا يستطيع القيام بواجباته الحياتية العادية.
  • هنا يجب على الإنسان أن يحقق الاستقلال العاطفي، ولكن مع وجود روابط تربطه بمن حوله، روابط من المشاعر والأحاسيس الإيجابية، فهذا الاستقلال علامة مهمة جداً على النضوج العاطفي والنفسي.
  • فكثير من الناس يربطون شعورهم بالسعادة بل وشعورهم بتقدير أنفسهم لذواتهم برضا الآخرين، فإذا ما رضى الآخرين رضوا عن أنفسهم، وإن لم يرض الآخرين لم يرضوا عن أنفسهم، وتجدهم يقضون الساعات الطويلة من أوقاتهم يفكرون في ردود أفعال المحيطين بهم وأقوالهم تجاههم.

أما الانفصال العاطفي:

  • فهو مختلف تماماً عن الاستقلال العاطفي، فالانفصال العاطفي يعني أن الإنسان أصبح لا يبالي بمن حوله ولا يشاركهم في أحزانهم ولا مشاعرهم.
  • ولا تربطه بمن حوله أية روابط أو انتماءات، فلا توجد مشاركة وجدانية حقيقية تربطه بينهم، وإن حدثت فإنها مجاملات شكلية لا مشاعر فيها ولا أحاسيس.

الانفصال العاطفي بعد الصدمات العاطفية

لا يتساوى الناس في شعورهم بالصدمات العاطفية، فليس كل الناس يملكون نفس ردود الأفعال تجاه الصدمات العاطفية، ولكنها تختلف بحسب درجة ارتباط عواطف الإنسان بذاته، ويتمثل ذلك في الآتي:

  • فهناك بعض الأشخاص هم عاطفيين بشكل كبير، بخلاف أشخاص آخرون يميلون نحو الجانب الفكري والتحليلي، وأشخاص آخرون يميلون نحو الجانب العملي والتنفيذي.
  • فالشخص الفكري قد يتأثر أكثر بالصدمات الفكرية والنقاشات بينما يكون أقل تأثراً بالصدمات العاطفية، والشخص العملي قد يتأثر الصدمات التنفيذية في الحياة مثل صدمات العمل ولا يتأثر بالصدمات العاطفية بنفس الدرجة.
  • بينما الشخص العاطفي فهو في الحقيقة يتأثر بشدة بالصدمة العاطفية ويراها سبباً كافياً للاكتئاب والحزن الشديد، وقد يقدم على الانتحار لمجرد أن شخصاً يحبه خذله ولم يكن على المستوى الذي يتوقعه حبيبه منه.

كيف يتم التعامل مع الانفصال العاطفي؟

كما ذكرنا فإن الانفصال العاطفي لا يعد ظاهرة سلبية في كل الأحيان، فإنه في الواقع يعد واجباً على المرء القيام به خاصة في حالة وجود شخصيات سامة تسبب الضرر لصاحبها، فيكون الانفصال العاطفي بمثابة الحماية الواجبة التي يقوم بها الإنسان لحماية نفسه من تلك الأضرار، ولكن الجانب السلبي منه يتمثل فيما يلي:

  • الانفصال العاطفي يكمن في هذا الانفصال عن أي مشاعر متبادلة مع أي فرد من أفراد المجتمع المحيط، فيعيش الإنسان منعزلاً عن أحبائه مكتفياً بالانزواء والانعزال بعيداً عنهم.
  • ففي تلك الحالة يعد الانفصال العاطفي أحد العوامل السلبية التي يجب مناقشتها مع صاحبها لمعرفة سبب هذا الانفصال، وقد يحتاج الإنسان لعرض حالته على المختصين إذا ما اقترن الانفصال العاطفي واللامبالاة بأعراض أخرى مثل الاكتئاب الحاد أو الوسواس القهري أو خلاف ذلك من الأمراض النفسية.
  • وقد يحدث الانفصال العاطفي بين الأب وابنه أو الزوج وزوجته أو بين الأخ وأخته وفي هذه الحالة يكون من الضروري جداً اتخاذ خطوات تجاه معرفة السبب نحو هذا الانفصال، فالشعور بالظلم وسوء الفهم وعدم وجود لغة مشتركة قد يؤدي إلى هذه الحالة، ويمكن علاجها إذا ما كشفنا عن أسبابها الحقيقية.
وختاماً... فإن الانفصال العاطفي له عوامل عديدة ولكن على الإنسان أن يكون متصلاً بأحبابه على الدوام واصلاً لرحمه بدون انقطاع.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ