آخر تحديث: 15/06/2021
الاستغلال العاطفي .. أنواعه وكيفية التعامل معه
إن الاستغلال العاطفي من الأمور المنتشرة في العديد من الأسر بشتى مستوياتها وأنواعها، ذلك الاستغلال السلبي الذي يؤدي للعديد من الآثار المدمرة على الضحية بشكل يجعلنا نفكر في كيفية إنقاذها من هذا الاستغلال.
وهذا الاستغلال قد يكون في العمل، فتجد أن المدير يستغل من يحب عمله فيلقي عليه بأعباء العمل بشكل يفوق باقي أعضاء الفريق، وقد يكون في المنزل، فتجد الأم تلقي بأعباء المنزل والمهام الأخرى على من تعتقد أنها تحبها بشكل أكبر، ولن ترفض لها طلباً، فتلقي عليها الأعباء بشكل يفوق قدراتها.
جدول المحتويات
الاستغلال العاطفي وآثاره المدمرة
- تخيل عزيزي القارئ إنساناً يعمل دائماً لمصلحة غيره، لا يحقق أهدافه مطلقاً، بل لا يجد وقتاً لتحقيق أهدافه الشخصية، بل أن كل وقته مسخر لتلبية طلبات من يحبهم، فإن كان أباً فإن كل وقته لأولاده وأسرته، وإن كانت أماً فإن كل وقتها لابنتها وأسرتها.
- وبالمقابل، فإن الأم تنتظر من ابنتها المعاملة بالمثل، فيكون كل وقتها لأمها، تحقق الابنة كل طلبات أمها، فلا وقت للابنة لتلبية رغبات نفسها، كل وقتها مسخر لأمها.
- إن وجود مشاعر الحب والعاطفة الجميلة ليس عيباً، ولكن العيب في استغلالها بشكل يضر صاحبها، بشكل يجعل صاحبها دائماً في حالة المضحي من أجل من يحب، وينسى أن يفكر في المكاسب التي من المفترض الحصول عليها.
أنواع الاستغلال العاطفي
هناك أنواع وأشكال كثيرة لهذا الاستغلال، فهي كما ذكرنا لها أنواع كثيرة جداً، ولكن لكل نوع طريقة في علاج أثارها الجانبية، وخطوات يجب على الضحية اتخاذها لإنقاذ نفسها, ومنها الأتي:
1. استغلال عاطفي في العمل :
- يدخل الإنسان الحياة العملية وهو مفعم ومحمل بالعديد والعديد من الصور الرائعة عن العمل، وعن المكافئات المنتظرة لمن يجتهد في العمل.
- ولكن الحياة العملية مليئة بالمفاجآت والصدمات، فالترقيات لا تكون للمجتهد دائماً، فهناك ترقيات تكون لمن يملك مواصفات أخرى.
- وفي كل ذلك يجد الإنسان نفسه لا يجد طريقة للتعبير عن حبه لعمله ولمستقبله الذي يتمناه إلا بالانغماس أكثر وأكثر في العمل.
- ويجد المدير في هذا الشخص العاطفي الذي يعطي للعمل من الجهد ما يعبر به عن حبه ما يجعله يعمل أكثر وأكثر، فتجد المدير يثني عليه بالكلمات الرنانة، ولكنه في النهاية لا يمكنه مكافئته على النحو الذي يستحقه، وذلك لأن الرواتب محدودة، وأن الترقيات قراراتها ليست في يديه وحده.
- وهنا النصيحة دائماً بأن العواطف لا تترجم في العمل بشكل مطلق، فلكل مقام مقال، فالعمل عبادة، والعمل مهم.
- ولكن يجب أن يكون العمل برشد، ويجب ترشيد الجهد لكي تجد عزيزي القارئ ما تنفقه من طاقتك لأحلام أخرى في حياتك.
- فإذا كنت تجد في نفسك هذا الشخص المضحي، فتوقف الآن عن اتخاذ دور الضحية، واكتفي بدور العامل المجتهد فقط، فهناك في حياتك أهداف أخرى تحقق لك ما تتمناه وأكثر.
- وحتى إن لم تكون تعرف تلك الأهداف، عليك أن تفكر في إيجادها ولا تنفق كل طاقتك في عملك المهني، فالجانب الأسري له عليك حق، والجانب الصحي له عليك حق، والجانب الشخصي والنفسي له عليك حق، فأعط كل ذي حق حقه.
2. استغلال عاطفي في الأسرة :
- وهناك استغلال عاطفي على صور متعددة في الأسرة، فهناك حب متبادل قد يكون بين الابن وأبوه وبين الأم وأبنائها، والحب في حد ذاته أمر جميل، ولكن حين تترجم فعلياً بطرق خاطئة فيجب التوقف ومراجعة الصورة العملية لهذا الحب لكي يستمر هذا الحب بشكل صحيح.
- فالأم التي تنفق كل وقتها على رعاية أبنائها، هي تقوم بعمل جميل، ولكن لا تجد وقتاً لتقضيه لتلبية حاجاتها الشخصية، إنها هنا تكون واقعة تحت تأثير هذا الاستغلال من أولادها، فهم يعتمدون على أمهم في كثير من أعمال يومهم، في ترتيب غرف نومهم، في مأكلهم ومشربهم، في كثير من الأمور التي من الممكن أن يقوموا بها لأنفسهم.
- فمن الممكن أن يقوموا بغسل ملابسهم بأنفسهم، وترتيب غرفهم، بل ومن الممكن أن يقوموا بعمل الطعام لأنفسهم ولكل أفراد المنزل.
- فلماذا تقوم الأم وحدها بأدوار من الممكن أن يقوم بها كل أفراد الأسرة؟ ولماذا لا يتم تدريبهم على القيام بتلك الأعمال التي تسهم في تعليمهم الاعتماد على أنفسهم وعدم الاحتياج لأحد في المستقبل ليقوم بتلك الأعمال.
3. وقوع الأب في استغلال العاطفة :
- وقد يقع الأب أيضاً في هذا الاستغلال حين يجد أن وقته كله ينفق على أولاده ولا يجد لنفسه الوقت ليسأل نفسه أين هو وسط مهام يومه المختلفة.
- يومه مقسم بين العمل الصباحي والعمل المسائي والمساعدات المنزلية وما بقي من يومه هو للراحة لبدء يوم جديد بنفس الكيفية.
- إن حب الأب لأولاده أمر جميل، ولكن الحب هنا تم ترجمته على أنه واجب على الأب تقديم كل شيء لأولاده، حتى أنه لا يجد وقتاً لنفسه لزيارة أصدقائه وصلة رحمه وممارسة هواياته وعبادة ربه، فهل هذا هو الحب المستقيم؟ وهل هذا هو الحب الذي يبني الأسرة؟
- إن كنت تجد في نفسك هذا الأب فتوقف فوراً عن التضحية بنفسك، فبناء نفسك وقدراتك وتحقيق الراحة النفسية لك يساعد على القيام بواجباتك كأب بشكل أفضل.
- فالقيام بدور الضحية التي تعطي كل شيء يؤدي إلى انهيارك نفسياً ومعنوياً بالتدريج، بحيث لا تجد لك بعد عدة أعوام أو شهور ما تنفقه على نفسك أو زوجتك.
- فجميعكم مشغولون بتلبية طلبات الأبناء التي لن تنتهي إلا إذا تعلموا كيفية الاعتماد على أنفسهم وقضاء حاجاتهم بأنفسهم دون الاعتماد عليكم.
- فقيامك وقيام زوجتك بكافة الأعباء نيابة عن الأبناء يؤدي إلى تنشئة أبنائك بطريقة تجعلهم متواكلين غير قادرين على الاعتماد على أنفسهم وغير قادرين على اتخاذ أي قرار في مستقبلهم.
4. وقوع الابنة في استغلال عاطفتها :
- وقد تجد الابن أو الابنة نفسها محبة بشكل فائق لوالدتها، وهذا أمر محمود، ولكن العاطفة الجياشة تترجم دائماً بطريقة خاطئة، حيث أن الأم تجد نفسها تقوم بإلقاء كافة الأعباء على الابنة الكبيرة.
- حيث أنها هي التي تقوم بإعداد الطعام وترتيب المنزل ورعاية الصغار، فلا تجد الابنة نفسها تلعب دور الابنة ولكنها في الحقيقة تقوم بدور الأم البديلة.
- وبعد فترة من الوقت تجد الضحية نفسها وقد فقدت كل شيء في مقابل أنها أعطت كل شيء لمن ترعاهم، فقد دعمت والدتها الإحساس بالأمومة على حساب الإحساس بالأنوثة الطبيعية.
- فإذا كنتي عزيزتي القارئة تجدي في نفسك ملامح من تلك الفتاة فتوقفي فوراً عن إعطاء كل شيء، ودائماً ادخري لنفسك وقتاً لنفسك، ووقتاَ لربك ووقتاً لكل ما تحبينه لبناء ذاتك، فقومي بكل واجباتك تجاه الأسرة.
- ولكن واجباتك التي تحددينها أنتِ بنفسك، وليس ما تحدده لكِ رغبات الآخرين، فترتيبك لأولوياتك بنفسك أمر حاسم في تلك المسألة.
وأخيراً.. الاستغلال العاطفي له صور كثيرة، ولكن مهما كانت صوره، فيجب القضاء عليه حتى يعيش الجميع حياة سوية.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_9186
تم النسخ
لم يتم النسخ