التعبير الانفعالي والصحة النفسية
محتويات
علاقة التعبير الانفعالي بالإنسان
تدعوا كثير من القيم المنتشرة في المجتمع العربي إلى كبت الانفعالات وعدم فضحها وذلك للعديد من الاعتبارات التي يرونها ضرورية لاستقامة الحياة.
من تلك الاعتبارات التي تدعوا إلى كتبت التعبير عن الانفعالات، اعتقاد بأن فضح الانفعالات يؤدي إلى كشف الأسرار، وفهم الشخصية بسرعة للمتعاملين معها، وفهم الشخصية لبعض الشخصيات التي يجب أن تظل الشخصية غامضة بالنسبة لهم.
من تلك الشخصيات التي يستحب عدم كشف التعبير الانفعالي لهم حسب هذا الاعتقاد .. زملاء العمل .. والمنافسين في السوق .. وغيرهم.
رغم أن التعبير الانفعالي والصحة النفسية لا علاقة لهم بكشف الأسرار، وأن هناك فارق كبير بين أن يعبر الإنسان عن انفعالاته وبين التوقيت الذي يعبر فيه الإنسان عن انفعالاته،
فمن علامات الصحة النفسية التحكم في التوقيت الذي نعبر فيه عن انفعالاتنا، لأن الكبت الانفعالي يؤدي إلى اضطرابات قد تتسبب في ظهور انفعالاتنا بشكل مفاجئ بصورة غير مرغوبة.
آثار سوء التعبير الانفعالي
إن التعبير الانفعالي السليم يولد الإنسان به، ولنا أن نتأمل ملامح الطفل المبتسم وملامح الطفل الغاضب وملامح الطفل المشتاق، فهو يعبر عن انفعالاته بكل حرية، وبأي طريقة يراها، وفي الوقت الذي يريده.
ولكن ما يكتسبه الطفل من سلوكيات يتعلمها من الشخصيات الوالدية التي تقوم بتزويده بالقيم المختلفة هي التي تدعوه إلى تشكيل التعبير الانفعالي بشكل مختلف.
فكثيراً ما نسمع عبارة ـ أنت راجل ..لا تبكي ـ فهي عبارة خاطئة تماماً فالرجال يبكون أيضاً، ولا يوجد ما يمنع الرجال من البكاء.
فالرجال الذين لا يجيدون التعبير الانفعالي عن الحزن يظلون في أحزانهم باقي حياتهم ولا يستطيعون الخروج منها، وذلك لأن التفريغ الآمن للمشاعر شرط أساسي لعبورها.
التعبير الانفعالي السليم والمشاكل الزوجية
كثيراً ما نسمع في خلافات الزوجين عبارات تصف المشكلة بينهما بأن هناك مشاعر غير متبادلة بينهم، وأن أحد الأطراف لا يفهم الآخر، والسر في ذلك أن أحد الأطراف أو كلاهما لا يجيد التعبير الانفعالي الجيد عن مشاعره.
فهناك مشاعر غضب لم يتم التعبير عنها وهناك مشاعر شوق لم يتم التعبير عنها وهناك تعبير حب لم يتم التعبير عنه في وقته، فظن الطرف الآخر أن بعض الرسائل لا يفهمها الطرف الأخر.
أو أن الطرف الآخر يهملها ولا يهتم بها، والحقيقة أن الطرف الآخر لا يجيد التعبير عن انفعالاته بشكل جيد، فهو يكن مشاعر وانفعالات معينة، ولكن إما أنه يظهرها بشكل سلبي، أو أنه لا يظهرها أصلاً ظناً منه أنه لا يليق به أن يظهرها.
ولو أنه أظهرها لكان خيراً، ولكن التعبير يجب أن يكون له شروط وحدود على النحو الذي سنذكره في حينه، المهم أن يتفهم الزوجان المختلفان بأن هناك انفعالات تخص كل منهم يجب أن يتفهمها كل طرف في الآخر حتى يحكم عليه بشكل سليم.
التعبير الانفعالي والمشاكل بين الآباء والأبناء
كثير من المشاكل بين الآباء والأبناء تنشأ من سوء التعبير عن الانفعالات وعدم التعبير عنها بشكل صحي، فالأبناء في البداية يعبرون عن مشاعرهم بحرية.
وربما كانت الأوقات التي يعبرون فيها عن مشاعرهم غير مناسبة للآباء، مثلاً يعبر الأبناء عن غضبهم بأسلوب غير لائق، أو في وقت غير مناسب للآباء، فيحدث الصدام بدلا من أن يحدث تفريغ للانفعالات بشكل آمن.
وتكمن الخطورة هنا في أن الأبناء الذين لا يفرغون انفعالاتهم بشكل لائق في نطاق الأسر الخاصة بهم، قد يلجئون إلى تفريغ انفعالاتهم مع أشخاص آخرين غير مأمونين على ما ينتج من تلك الانفعالات من معلومات.
أو يعبرون عن انفعالاتهم بطرق سلبية واعتراضيه، كظهور العند عند الأطفال للانتقام من عدم اهتمام الآباء بانفعالاتهم.
الآثار المترتبة على عدم التعبير عن الانفعالات
هناك آثار سلبية كبيرة تنتج من عدم القدرة على التعبير عن الانفعالات بشكل جيد.
فكما ذكرنا هناك حاجة ماسة من الناحية النفسية للتفريغ الانفعالي، والتفريغ الانفعالي إن لم يكن له قنوات صحية لخروجه، قد يخرج في أشكال غير صحية على النحو الذي سنورده في السطور القادمة.
قد يلجأ الانسان الغير قادر على التعبير عن انفعالاته إلى الانعزال والوحدة، اعتقاداً منه بأنه لا يجيد التواصل مع المجتمع الذي يعيش فيه، لأنه لا يجيد التعبير عن نفسه، ولا يجيد التعبير عن انفعالاته.
وأنه لا أحد يهتم بما يشعر به، فالانعزال والعزلة لهم آثار سلبية كبيرة على الإنسان وأسرته، فالانعزال يؤدي إلى قطع العلاقات بينه وبين الأشخاص الطبيعيين.
ويتجه بعلاقاته إلى الخيال أو إلى الألعاب الالكترونية فيقضي معها أوقات طوال وهذا ليأسه من تبادل المشاعر الطبيعية مع أفراد أسرته المتواجد معها.
أو قد يحدث أن يتجه الإنسان الغير معبر عن انفعالاته بشكل صحي إلى الإدمان للهروب من المشاعر السلبية الناتجة من كبت تلك الانفعالات وعدم النجاح في التعبير عنها.
فنجد الكثير من الشباب يتجهون إلى إدمان المخدرات، وعندما تسألهم عن السر وراء ذلك نجد أنهم لا يحبون المخدر في حد ذاته ولكن يحبون التجمع مع أقرانهم وأصحابهم الذين يبادلونهم المشاعر والأحاسيس والتعبير المشترك عن مشاكلهم فيما بينهم.
التعبير عن الانفعالات وشروطه
يخطئ من يتصور أن التعبير عن الانفعالات يكون بغير شروط أو ضوابط، فهذا أمر غير منطقي، لأن التعبير عن الانفعالات يجب أن يكون في حدود عدم إيذاء الآخر وعدم تجريحه.
وعدم اتهام أي شخص بأي اتهام إلا بعد التأكد من صدق المعلومات التي تبنى عليه الانفعالات، فمشاعر الغضب والصدمة في الحبيب وغيرها من المشاعر لا يجب التعبير عنها إلا في حالة التأكد من المعلومات التي تم بناء الغضب عليها.
فكثيراً ما نسمع من يقول أنه لو كان يعلم معلومات معينة في وقت معين ما كانت ليتخذ قرارات اتخذها في وقت انفعال عبر عنه بالشكل الخاطئ في الوقت الخاطئ، فيجب أن تبنى الانفعالات على معلومات صادقة وليست مجرد شكوك أو احتمالات.
وحتى في حالة التأكد يجب أن يتم اختيار الوقت والطريقة المناسبة للتعبير عن الانفعال، فكل إنسان له وقت مناسب يمكن أن ينجح فيه التعبير عن الانفعال في حل المشكلة.
بينما إن تم التعبير عن الانفعال في وقت آخر ربما زاد الأمر تعقيداً، فالتوقيت والطريقة والأسلوب الخاص بالانفعال له أثر كبير في جدوى التعبير عن الانفعال والتعبير عنه.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_6072