كتابة :
آخر تحديث: 22/03/2022

معنى الصبر في القرآن الكريم وأنواعه

الكثير من الحكمة في معنى الصبر بالقرآن الكريم حيث جعل الله الجنة جزاءَ للمسلم على صبره في سبيل الله على ما يصيبه من بلاء ومِحن ابتغاء مرضاة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لذا سنتحدث في هذا المقال في موقع مفاهيم عن معنى الصبر في القرآن.
لا يقتصر معنى الصبر في القرآن على التسليم والرضا وإنما فيه من الإيمان الذي أمرنا الله بالتحلي به فقد حض الإسلام على التحلي بمكارم الأخلاق التي بعث سيدنا محمد ليتممها على المسلمين.
معنى الصبر في القرآن الكريم وأنواعه

الصبر

الصبر من الأخلاق الحميدة والصفات الإنسانية التي يجب على الإنسان أن يتحلى بها، وتكون من أخلاقه، فالدنيا إنما هي دار ابتلاء وامتحان، وتتطلب الصبر، والحياة إنما نواجه فيها المصاعب لذلك على الإنسان أن يكون صبوراً وشجاعاً لمواجهة أعباء الحياة وأزماتها:

  • الصبر في اللغة: هو المنع والحبس يقال صبر فلان عن كذا أي منع نفسه وحبسها عنه.
  • الصبر في الإسلام: فهو منع النفس عن ما لا يرضي الله وحبسها عن ما يغضبه بالقلب واللسان والجوارح، والرضا والتسليم بقضاء الله وقدره دون الاعتراض بالقلب أو اللسان أو الجوارح.

فالصبر في الإسلام يشير إلى تجلد الإنسان ورضاه بما يلقى من أقدار الخالق دون أن يشكوا فإن كان ولابد من الشكوى فلا تكون لغير الله سبحانه وتعالى، فالصبر ضد الجزع والضعف يمنح الشعور بالتماسك وان في منع الله خير وفي ابتلائه خير وفي كل قضائه حكمة يعلمها الله، فيكون الرضا بالطمأنينة والظن الحسن بالله أن منعه كان لخير عظيم، وابتلائه فيه منع لابتلاء أعظم، وإن الله لينزل بعبده الابتلاء وهو يعلم قدرته على تحمله فلا يكلف سبحانه نفساً إلا وسعها، ثم يكون الصبر من أمر العبد، إن شاء صبر ورضي بقضاء الله وفاز، وإن شاء فإن القضاء قد نزل فلا يفيد جزعه ولا يزيده إلا ظلماً لنفسه.

حكم الصبر في الإسلام

لقد حض الإسلام المسلمون على الصبر وأمر به أمراً واضحاً فيجب على المسلم أن يصبر عن كل ما ينزل من قضاء الله وقدره، وأجمع العلماء والأمة على وجوب الصبر على المسلم ووجوب التحلي به لما ورد في القرآن الكريم من آيات تدل على وجوب التحلي والنهي عن خلافه:

  • قال عز وجل في سورة آل عمران "يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون".
  • وأمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولنا في رسول الله أسوة حسنة فقال في سورة المعارج "واصبر صبراً جميل".
  • أما في السنة النبوية: فقد ورد في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرّاء شكر فكان خير له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خير له".

معنى الصبر في القرآن

ورد الكثير من ألفاظ تشير إلى الصبر وتدل عليه، وقد اتفق العلماء أن معنى الصبر بالقرآن جاء كثيراً فقد ذكر في القرآن الكريم في تسعين موضع، ومعنى الصبر بالقرآن الكريم يشير إلى خمسة معاني، وهي:

  • بمعنى الصبر عن المكاره وحبس النفس ومنعها من الجزع في المصائب، وهي أكثر المعاني التي وردت في القرآن الكريم فقل عزو وجل "قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص" سورة إبراهيم، وقال في موضع آخر: "الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم"، قوله في سورة الأحقاف "فاصبر كما صبر اولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم"، وقال تعالى "إنا وجدناه صابراً" سورة ص، وقال" والصابرين على ما أصابهم" سورة الحج، فالأمر بالصبر هنا يدل على منع النفس من الجزع عما ينزل على الإنسان من قضاء لا يحبه.
  • كما أشار معنى الصبر في القرآن الكريم إلى الجرأة، فقال سبحانه وتعالى "ما أصبرهم على النار" أي ما أصبرهم وأجراهم على النار، وهي لغة يمنية مشهورة أوردها الكسائي أن خصمين اختصما إليه، فوجبت اليمين لأحدهما فحلف فقال له صاحبه: ما أصبرك على الله أي ما أجرأك عليه، فالجرأة هنا القيام بأعمال وهم على معرفة بأنها تقودهم إلى النار.
  • كما ورد الصبر بمعنى الصوم كما قال مجاهد في قوله عز وجل "واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين" سورة البقرة، وقال العلماء ومنه رمضان هر الصبر، فلم يرد الصبر بهذا المعنى في غير هذا الموضع.
  • كما جاء معنى الصبر بالقرآن بالرضا والتسليم لقضاء الله وحكمه وإدارة فقال عز وجل في سورة الطور: "واصبر لحكم ربك" وقال في سورة القلم" فاصبر لحكم ربك" واصبر هنا الرضا والاستسلام لحكم الله وأقداره التي تنزل على العبد.
  • وأيضاً ورد بمعنى الثبات ففي قوله عز وجل في سورة ص "أن امشوا واصبروا على آلهتكم" وفي سورة المزمل "اصبر على ما يقولون" وفي سورة الفرقان "إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها".

وورد الصبر في القرآن الكريم كالآتي:

  • وردت مادة صبر في ١٠٣ موضع، حيث وردت بصيغة الاسم في ٤١ موضع، وبصيغة الفعل في ٦٢ موضع، وبصيغة الفعل الماضي المفرد ١٩ مرة، وبصيغة جمع المذكر السالم ١٨ مرة، وبصيغة المبالغة ٤ مرات.
  • ودلالة الصبر في القرآن الكريم أغلبها يشير إلى الصبر على ما ينزل بالعباد من ابتلاءات، فعلى الإنسان أن يرضى، فكما قال الإمام أحمد بن حنبل أن الإيمان نصفه صبر والنصف الآخر شكر، فالصبر على الكثير من الأمور ومما فيه جهاد للنفس وتدريب لها على ليس كل ما تشتهيه تناوله، لذلك جعل الله جزاء الصابرين الجنة بما صبروا ورضوا وبذلوا فيه أنفسهم، ونهوا النفس فيه عن الهوى، فالنفس لا تأمر إلا بما تهوى ولو اتبع الإنسان نفسه لهلك، فالصبر جهاد نفس.

أنواع الصبر

بعد التعرف على معنى الصبر في القرآن وجب التنبيه أن الصبر لا يكون فقط على الابتلاءات، فالصبر أنواع متعددة والصبر الجميل وهو الصبر على البلاء دون الوهن والعجر والشكوى، والرضا التام والاستسلام الكامل لأمر الله وقضائه قال عز وجل في سورة لقمان "يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور"، ففي الآية يأمر لقمان ابنه بالصبر على إبلاء صبراَ جميلا لما في ذلك من حكمة، ومن أنواع الصبر:

  • الصبر المطلق: هو الصبر الغير مقيد حيث يكون الجلد من الإنسان على كل الأمور والمراد منه الطاعة المطلقة لله والتسليم بكل ما جاء به الإسلام ورب الإسلام فقال عز وجل: "والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية ويدرؤون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار" سورة الرعد.
  • الصبر على العبادات: وهي حمل النفس على الالتزام بما أمر الله والنهي عن ما نهى عنه، وعدم الانشغال عن أداء الصلوات والطاعات فقال سبحانه وتعالى "وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها" سورة طه وقال في موضع آخر" رب السموات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعباده" سورة مريم.
  • الصبر على البلاء والأذى النفسي والبدني: قال عز وجل في سورة الأحقاف "فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار".
  • الصبر في سبيل العلم: كما جاء في قصة موسى والخضر عليهما السلام، قال عز وجل "قال ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك أمراً" سورة الكهف.
  • الصبر المذموم والمكروه: لأنه في غير سبيل الله ومنه قوله عز وجل في سورة الفرقان "أن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها".
وأخيراً، معنى الصبر في القرآن كله حكمة وعظة ورضا وتسليم بقضاء الله وأقداره، وهو من حسن الإسلام للمرء والتسليم وأهم شروط الإيمان حتى ينال المسلم الجنة جزاء صبره ورضاه بما قسم الله له.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ