- في هذه الأبيات، يصور أبو تمام عظمة الخليفة المعتصم ونصره في معركة عمورية، ويعبر عن أن هذا الفتح تم بقوة السيف والدماء وليس فقط بقوة الدين. يبدأ بالإشارة إلى أن المعتصم ترك عمورية مستباحة، مدمرة ومشتعلة بالنيران حتى كأن الليل قد اختلط بالنهار، وأصبحت السماء مضاءة بلون اللهب والدخان.
- يصور مشهد الدمار والخراب، مشبّهًا لهب الحريق بشروق الشمس الدائم، مما يجعل المدينة تبدو وكأنها قد أصيبت بلعنة أبديّة.
- ثم يمدح المعتصم باعتباره قائداً عظيماً، يسعى للانتقام والعدل في سبيل الله، ويغذي جيشه بالنصر الذي لا يخبو. يعبر عن أن المعتصم يخوض معاركه بأسلوب يرهب الأعداء قبل وصوله بجيشه، فيسبق الخوف وصوله.
- يختم بالإشارة إلى أن المعتصم ليس فقط غازياً عظيماً، بل لديه تدبيرٌ حكيم، مستعدٌ للانتقام من الكفر، وأنه لا يخوض حرباً إلا بعد أن يبث الرعب في قلوب خصومه، ما يبرز عظمة قوته وهيبته.
لَو لَم يَقُد جَحفَلاً يَومَ الوَغى لَغَدا
مِن نَفسِهِ وَحدَها في جَحفَلٍ لَجِبِ
رَمى بِكَ اللَهُ بُرجَيها فَهَدَّمَها
وَلَو رَمى بِكَ غَيرُ اللَهِ لَم يُصِبِ
مِن بَعدِ ما أَشَّبوها واثِقينَ بِها
وَاللَهُ مِفتاحُ بابِ المَعقِلِ الأَشِبِ
وَقالَ ذو أَمرِهِم لا مَرتَعٌ صَدَدٌ
لِلسارِحينَ وَلَيسَ الوِردُ مِن كَثَبِ
أَمانِياً سَلَبَتهُم نُجحَ هاجِسِها
ظُبى السُيوفِ وَأَطرافُ القَنا السُلُبِ
إِنَّ الحِمامَينِ مِن بيضٍ وَمِن سُمُرٍ
دَلوا الحَياتَينِ مِن ماءٍ وَمِن عُشُبِ
لَبَّيتَ صَوتاً زِبَطرِيّاً هَرَقتَ لَهُ
كَأسَ الكَرى وَرُضابَ الخُرَّدِ العُرُبِ
عَداكَ حَرُّ الثُغورِ المُستَضامَةِ عَن
بَردِ الثُغورِ وَعَن سَلسالِها الحَصِبِ
أَجَبتَهُ مُعلِناً بِالسَيفِ مُنصَلِتاً
وَلَو أَجَبتَ بِغَيرِ السَيفِ لَم تُجِبِ
حَتّى تَرَكتَ عَمودَ الشِركِ مُنعَفِراً
وَلَم تُعَرِّج عَلى الأَوتادِ وَالطُنُبِ
لَمّا رَأى الحَربَ رَأيَ العَينِ توفِلِسٌ
وَالحَربُ مُشتَقَّةُ المَعنى مِنَ الحَرَبِ
غَدا يُصَرِّفُ بِالأَموالِ جِريَتَها
فَعَزَّهُ البَحرُ ذو التَيّارِ وَالحَدَبِ
هَيهاتَ زُعزِعَتِ الأَرضُ الوَقورُ بِهِ
عَن غَزوِ مُحتَسِبٍ لا غَزوِ مُكتَسِبِ
لَم يُنفِقِ الذَهَبَ المُربي بِكَثرَتِهِ
عَلى الحَصى وَبِهِ فَقرٌ إِلى الذَهَبِ
إِنَّ الأُسودَ أُسودَ الغيلِ هِمَّتُها
يَومَ الكَريهَةِ في المَسلوبِ لا السَلَبِ
وَلّى وَقَد أَلجَمَ الخَطِّيُّ مَنطِقَهُ
بِسَكتَةٍ تَحتَها الأَحشاءُ في صَخَبِ
أَحذى قَرابينُهُ صَرفَ الرَدى وَمَضى
يَحتَثُّ أَنجى مَطاياهُ مِنَ الهَرَبِ
مُوَكِّلاً بِيَفاعِ الأَرضِ يُشرِفُهُ
- ثم يصف كيف كان المعتصم محاطًا بجنوده الواثقين، ويشير إلى أن الله هو مفتاح انتصاراتهم. يتحدث عن الأماني التي سلبتهم، ويعبر عن أن سيوفهم كانت هي الوسيلة الحقيقية لتحقيق النصر. كما يُظهر صورة حية للحرب، حيث أن الموت هو مصير الأعداء الذين يواجههم المعتصم.
- يستمر الشاعر في تصوير شجاعة المعتصم ويشير إلى أنه استجاب لنداء الحرب بشجاعة، مُعلنًا استعداده للقتال بالسيف. يعبر عن مدى خطورة الحرب، حيث كانت تهدد الجميع، ويصف كيف كان المعتصم عازمًا على هدم معاقل الشرك دون أن يلتفت إلى أي عوائق.
- وفي النهاية، يُظهر كيف أن المعتصم كان مستعدًا تمامًا للقتال وحقق النصر، مما جعله رمزًا للقوة والشجاعة في أذهان الناس. تُعبر الأبيات بشكل مجمل عن البطولة والفخر بالنصر الذي حققه المعتصم في معركة عمورية، حيث يُظهر الشاعر كيف أن الإيمان والقدرة العسكرية هما مفتاحا الانتصار.
مُوَكِّلاً بِيَفاعِ الأَرضِ يُشرِفُهُ
مِن خِفَّةِ الخَوفِ لا مِن خِفَّةِ الطَرَبِ
إِن يَعدُ مِن حَرِّها عَدوَ الظَليمِ فَقَد
أَوسَعتَ جاحِمَها مِن كَثرَةِ الحَطَبِ
تِسعونَ أَلفاً كَآسادِ الشَرى نَضِجَت
جُلودُهُم قَبلَ نُضجِ التينِ وَالعِنَبِ
يا رُبَّ حَوباءَ حينَ اِجتُثَّ دابِرُهُم
طابَت وَلَو ضُمِّخَت بِالمِسكِ لَم تَطِبِ
وَمُغضَبٍ رَجَعَت بيضُ السُيوفِ بِهِ
حَيَّ الرِضا مِن رَداهُم مَيِّتَ الغَضَبِ
وَالحَربُ قائِمَةٌ في مَأزِقٍ لَجِجٍ
تَجثو القِيامُ بِهِ صُغراً عَلى الرُكَبِ
كَم نيلَ تَحتَ سَناها مِن سَنا قَمَرٍ
وَتَحتَ عارِضِها مِن عارِضٍ شَنِبِكَم
كانَ في قَطعِ أَسبابِ الرِقابِ بِها
إِلى المُخَدَّرَةِ العَذراءِ مِن سَبَبِ
كَم أَحرَزَت قُضُبُ الهِندِيِّ مُصلَتَةً
تَهتَزُّ مِن قُضُبٍ تَهتَزُّ في كُثُبِ
بيضٌ إِذا اِنتُضِيَت مِن حُجبِها رَجَعَت
أَحَقَّ بِالبيضِ أَتراباً مِنَ الحُجُبِ
خَليفَةَ اللَهِ جازى اللَهُ سَعيَكَ عَن
جُرثومَةِ الدِينِ وَالإِسلامِ وَالحَسَبِ
بَصُرتَ بِالراحَةِ الكُبرى فَلَم تَرَها
تُنالُ إِلّا عَلى جِسرٍ مِنَ التَعَبِ
إِن كانَ بَينَ لاتي نُصِرتَ بِها
وَبَينَ أَيّامِ بَدرٍ
صُروفِ الدَهرِ مِن رَحِمٍ
مَوصولَةٍ أَو ذِمامٍ غَيرِ مُنقَضِبِ
فَبَينَ أَيّامِكَ الأَقرَبُ النَسَبِ
أَبقَت بَني الأَصفَرِ المِمراضِ كَاِسمِهِمُ
صُفرَ الوُجوهِ وَجَلَّت أَوجُهَ العَرَبِ
- في هذه الأبيات، يستمر أبو تمام في مدح الخليفة المعتصم ويبرز شجاعته وقيادته الحكيمة في المعارك. يبدأ الشاعر بتصوير المعتصم كقائد حكيم يوكل إلى الأرض وجنوده، مشيرًا إلى تماسكهم في مواجهة الخوف. يعبر عن استعدادهم للتصدي لأعدائهم الذين يبدون كوحوش ضخمة، حيث يشير إلى أن المعتصم وفّر لهم القوة اللازمة لمواجهة الأعداء، ونجح في تحويل الخوف إلى حماسة وشجاعة.
- ثم يتحدث عن المعركة ويصف أجواءها، مشيرًا إلى أن الحرب كانت في ذروتها، وأن المحاربين كانوا يقاتلون بكل شجاعة. يتناول الشاعر أيضًا الفخر الذي يشعر به المعتصم وجنوده، حيث يرى أن سيوفهم هي تجسيد للقوة والعزيمة، وأنهم مستعدون دائمًا للحرب.
- يستعرض الشاعر منجزات المعتصم، متحدثًا عن الانتصارات التي حققها في معارك سابقة، مثل معركة بدر، وكيف ساهمت تلك الانتصارات في تعزيز مكانته ومكانة الإسلام. يعكس أبو تمام أيضًا كيف أن الأيام التي خاضها المعتصم كانت متصلة بشكل وثيق بتراث العرب وتاريخهم.
- ختامًا، يشير إلى تفوق المعتصم على الأعداء، وينبه إلى أن الذين لم يتمكنوا من الانتصار عليه هم في حالة من الذل والمهانة. تظهر الأبيات بشكل عام قوة المعتصم كقائد عسكري حكيم ونجاحه في حماية الإسلام ورفع رايته، مما يجعله رمزًا للفخر والبطولة في عيون المسلمين.
الصور البلاغية في قصيدة المتنبي السيف اصدق انباء من الكتب
تحتوي القصيدة على العديد من الصور البلاغية، منها الاستعارة، والتشبيه، والكناية، والصور التعبيرية، وإليك تحليل بعض الأبيات:
1. الاستعارة:
- "السَيفُ أَصدَقُ أَنباءً مِنَ الكُتُبِ": هنا نجد استعارة، حيث يربط الشاعر بين السيف (كأداة قتال) وبين نقل الحقائق، مما يشير إلى أن القوة (التي يمثلها السيف) أصدق في نقل الحقائق من الكلمات المكتوبة.
2. التشبيه:
- "بيضُ الصَفائِحِ لا سودُ الصَحائِفِ في": يمكن اعتبار هذه العبارة تشبيهًا ضمنيًا، حيث يقارن الشاعر بين قوة الصفائح البيضاء (السيوف) وضعف الصحائف السوداء (الكتب)، مما يعني أن السيوف تمثل القوة والفعل، بينما الصحائف تمثل الكلام والنظريات.
3. الكناية:
- "حَدِّهِ الحَدُّ بَينَ الجِدِّ وَاللَعِبِ": تعبير "حَدِّهِ" كناية عن القتال، حيث يتحدث عن الحدود التي تفصل بين الجدية في القتال واللهو، مما يشير إلى أهمية السيف في التمييز بين الأمور الجادة والمزاح.
4. الصور التعبيرية:
- "بيضُ الصَفائِحِ": تعبير تشكيلي يدل على القوة والسطوع، مما يوحي بأن السيوف تلمع وتبدو رائعة.
- "جَلاءُ الشَكِّ وَالرِيَبِ": يعبر عن الفكرة بأن السيوف تزيل الشكوك والريب، مما يعطي صورة قوية عن القوة التي تمتلكها.
5. التعظيم:
- "السبع الأسود": تعبير يشير إلى القوة والهيبة، حيث يرمز إلى الشجاعة.
6. التضاد:
- "بيضُ الصَفائِحِ لا سودُ الصَحائِفِ": هنا نجد تضادًا بين "بيض" و"سود"، مما يعزز الفكرة بأن القوة (السيف) تتفوق على المعرفة (الكتب).
إعراب قصيدة السيف أصدق أنباء من الكتب
إليك إعراب الأبيات:
السَيفُ أَصدَقُ أَنباءً مِنَ الكُتُبِ
- السَيفُ: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
- أَصدَقُ: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، و"أ" حرف استفهام أو أداة نفي حسب السياق، لكن هنا بمعنى أنه مفعول به أول.
- أَنباءً: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
- مِنَ: حرف جر.
- الكُتُبِ: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره، والجار والمجرور متعلقان بـ"أَصدَقُ".
في حَدِّهِ الحَدُّ بَينَ الجِدِّ وَاللَعِبِ
- في: حرف جر.
- حَدِّهِ: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره، والجار والمجرور متعلقان بـ"أَصدَقُ".
- الحَدُّ: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
- بينَ: ظرف مكان، متعلق بـ"حَدّ".
- الجِدِّ: اسم مجرور بعد "بين" وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
- وَ: حرف عطف.
- اللَعِبِ: اسم مجرور بعد "بين" وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
بيضُ الصَفائِحِ لا سودُ الصَحائِفِ في
- بيضُ: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
- الصَفائِحِ: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
- لا: نافية.
- سودُ: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
- الصَحائِفِ: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره
مُتونِهِنَّ جَلاءُ الشَكِّ وَالرِيَبِ
- في: حرف جر.
- مُتونِهِنَّ: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره، والجار والمجرور متعلقان بـ"جَلاءُ".
- جَلاءُ: اسم مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
- الشَكِّ: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
- وَ: حرف عطف.
- الرِيَبِ: اسم مجرور بعد "و" وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.